ملامح رؤية الحُسين في منتدى "تواصل 2025": خارطةُ طريقٍ لحقوق الإنسان في العصر الرقميّ
د. عُريب هاني المومني
في كلمته خلال افتتاح منتدى "تواصل 2025"، رسم سموّ وليّ العهد الأمير الحُسين بن عبد الله الثاني ملامحَ واضحةً لرؤيةٍ مُتكاملةٍ لمستقبل الأردن، مُستنداً إلى مُرتكَزين أساسيين هُما الإنسان والتكنولوجيا. هذه الرؤية تعكسُ إدراكاً عميقاً لأهميّة إدماج منظومة حقوق الإنسان ضمن مشروع التحوّل الرقميّ، وإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن في العصر الرقميّ، كما كانت هذه الرؤية إعلاناً واضحاً بأنّ التكنولوجيا يجب أن تكون في خدمة حقوق الإنسان، لا أن تحلّ محلّها أو تنتهكها.
ففي لحظة يُنظر فيها إلى التكنولوجيا بوصفها أداةً مُهيمنة على حياة البشر، يُعيد وليّ العهد توجيه البوصلة نحو مركزيّة الإنسان. فحين تحدّث عن الطالب الذي يستخدم الذكاء الاصطناعيّ لتطوير معرفته، والمواطن الذي يتلقّى خدمة صحيّة عن بُعد، لم يكن يصف مشهداً تقنيّاً بقدر ما كان يُؤكّد على جوهرٍ إنسانيّ: التكنولوجيا يجب أن تكون وسيلةً لخدمة الإنسان، لا أداةً لتحييده أو إقصائه.
وما تطرّق له الحُسين يُمكن فهمه ضمناً على أنّه الحقّ في الوصول إلى التكنولوجيا، وهو من الحقوق الناشئة في العصر الرقميّ، وفي الأمثلة التي طرحها كان الحُسين يضع نموذجاً يجب تعميمه لا أن يكون استثناءً. فالعدالة الرقميّة تتطلّب ألّا يُترك أحد خلف الركب، لا بسبب الجغرافيا ولا الوضع الاقتصاديّ ولا أيّ سببٍ آخر.
هذا الطرح ينسجم تماماً مع ما نصّت عليه المواثيق الدوليّة، كالعهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، الذي يقرّ بحقّ كلّ إنسانٍ في التعليم، وفي التمتّع بمنافع التقدّم العلميّ وتطبيقاته. وكذلك يعكس حرصاً على ضمان الحقّ في الصحة، وخصوصاً في المناطق النائية. فالتكنولوجيا حين تُوظّف بشكلٍ عادلٍ، تُصبح أداةً لردم الفجوات، لا لتوسيعها. ومن هنا، فإنّ رؤية الحُسين تضع أساساً لفهمٍ جديد للتقدّم، لا يُقاس فقط بالسرعة الرقميّة، بل بمدى احترام الحقوق والعدالة والمساواة.
كما أكّد وليّ العهد على ضرورة إشراك الشباب في صناعة القرار وصياغة المستقبل الرقميّ، واعتبر أنّ الحوارات لم تعُد تُدار في الغرف المغلقة، بل على المنصّات الرقميّة. وهذه إشارة واضحة إلى تطوّر مفهوم المشاركة السياسيّة في العصر الرقميّ، وضرورة تحديث أدوات التفاعل السياسيّ، وتعزيز حريّة التعبير، وضمان الحقّ في التنظيم والمساءلة عبر وسائل التكنولوجيا، وهو ما ضمنته العديد من المواثيق الدوليّة وفي مقدّمتها العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة. فرهان الحُسين الذي يطرحه على الشباب لا يقومُ فقط على طاقاتهم، بل على فهمهم العميق للتكنولوجيا كلغةِ العصر.
أمّا إشارة سمّوه إلى إمكانيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ في دعم اتّخاذ القرار وتقييم السياسات، فإنّه يفتح الباب أمام شكلٍ جديدٍ من الشفافيّة والمُساءلة الرقميّة. فالحوكمة المبنيّة على البيانات يُمكن أن تكون أداةً فعّالة لتعزيز حقوق الإنسان، شريطة أن تخضع لرقابة قانونيّة وأخلاقيّة، وأن تُستخدم لخدمة المواطن لا لمراقبته.
إنّ كلمة سموّ وليّ العهد لم تكن فقط خطاباً تحفيزيّاً، بل إعلان نوايا لعقدٍ اجتماعيّ رقميّ جديد، يقوم على تمكين الإنسان، وتعزيز حقوقه، وتوظيف التكنولوجيا كوسيلةٍ للنهضة الشاملة، وأنّ تحويل هذه الرؤية إلى واقع يتطلّب شراكةً بين الدولة والمجتمع، واستثماراً في المعرفة، وتشريعات تُنظّم الفضاء الرقميّ دون أن تُقيّد الحريّات، وهي تأكيدٌ على أنّ حقوق الإنسان يجب أن تُصان وتُعزّز في كلّ مرحلةٍ من مراحل التحوّل الرقميّ.
ملامحُ رؤية الحُسين 2025 هي خارطة طريق حقيقيّة نحو أردن رقميّ عادل، يُوازن بين التطوّر التكنولوجيّ وصون الكرامة الإنسانيّة، ويُؤمن بأنّ التقدّم لا يُقاس بما تملكه من أدوات، بل بكيفيّة استخدامك لها لخدمة الإنسان.
د. عُريب هاني المومني
د. عُريب هاني المومني
في كلمته خلال افتتاح منتدى "تواصل 2025"، رسم سموّ وليّ العهد الأمير الحُسين بن عبد الله الثاني ملامحَ واضحةً لرؤيةٍ مُتكاملةٍ لمستقبل الأردن، مُستنداً إلى مُرتكَزين أساسيين هُما الإنسان والتكنولوجيا. هذه الرؤية تعكسُ إدراكاً عميقاً لأهميّة إدماج منظومة حقوق الإنسان ضمن مشروع التحوّل الرقميّ، وإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن في العصر الرقميّ، كما كانت هذه الرؤية إعلاناً واضحاً بأنّ التكنولوجيا يجب أن تكون في خدمة حقوق الإنسان، لا أن تحلّ محلّها أو تنتهكها.
ففي لحظة يُنظر فيها إلى التكنولوجيا بوصفها أداةً مُهيمنة على حياة البشر، يُعيد وليّ العهد توجيه البوصلة نحو مركزيّة الإنسان. فحين تحدّث عن الطالب الذي يستخدم الذكاء الاصطناعيّ لتطوير معرفته، والمواطن الذي يتلقّى خدمة صحيّة عن بُعد، لم يكن يصف مشهداً تقنيّاً بقدر ما كان يُؤكّد على جوهرٍ إنسانيّ: التكنولوجيا يجب أن تكون وسيلةً لخدمة الإنسان، لا أداةً لتحييده أو إقصائه.
وما تطرّق له الحُسين يُمكن فهمه ضمناً على أنّه الحقّ في الوصول إلى التكنولوجيا، وهو من الحقوق الناشئة في العصر الرقميّ، وفي الأمثلة التي طرحها كان الحُسين يضع نموذجاً يجب تعميمه لا أن يكون استثناءً. فالعدالة الرقميّة تتطلّب ألّا يُترك أحد خلف الركب، لا بسبب الجغرافيا ولا الوضع الاقتصاديّ ولا أيّ سببٍ آخر.
هذا الطرح ينسجم تماماً مع ما نصّت عليه المواثيق الدوليّة، كالعهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، الذي يقرّ بحقّ كلّ إنسانٍ في التعليم، وفي التمتّع بمنافع التقدّم العلميّ وتطبيقاته. وكذلك يعكس حرصاً على ضمان الحقّ في الصحة، وخصوصاً في المناطق النائية. فالتكنولوجيا حين تُوظّف بشكلٍ عادلٍ، تُصبح أداةً لردم الفجوات، لا لتوسيعها. ومن هنا، فإنّ رؤية الحُسين تضع أساساً لفهمٍ جديد للتقدّم، لا يُقاس فقط بالسرعة الرقميّة، بل بمدى احترام الحقوق والعدالة والمساواة.
كما أكّد وليّ العهد على ضرورة إشراك الشباب في صناعة القرار وصياغة المستقبل الرقميّ، واعتبر أنّ الحوارات لم تعُد تُدار في الغرف المغلقة، بل على المنصّات الرقميّة. وهذه إشارة واضحة إلى تطوّر مفهوم المشاركة السياسيّة في العصر الرقميّ، وضرورة تحديث أدوات التفاعل السياسيّ، وتعزيز حريّة التعبير، وضمان الحقّ في التنظيم والمساءلة عبر وسائل التكنولوجيا، وهو ما ضمنته العديد من المواثيق الدوليّة وفي مقدّمتها العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة. فرهان الحُسين الذي يطرحه على الشباب لا يقومُ فقط على طاقاتهم، بل على فهمهم العميق للتكنولوجيا كلغةِ العصر.
أمّا إشارة سمّوه إلى إمكانيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ في دعم اتّخاذ القرار وتقييم السياسات، فإنّه يفتح الباب أمام شكلٍ جديدٍ من الشفافيّة والمُساءلة الرقميّة. فالحوكمة المبنيّة على البيانات يُمكن أن تكون أداةً فعّالة لتعزيز حقوق الإنسان، شريطة أن تخضع لرقابة قانونيّة وأخلاقيّة، وأن تُستخدم لخدمة المواطن لا لمراقبته.
إنّ كلمة سموّ وليّ العهد لم تكن فقط خطاباً تحفيزيّاً، بل إعلان نوايا لعقدٍ اجتماعيّ رقميّ جديد، يقوم على تمكين الإنسان، وتعزيز حقوقه، وتوظيف التكنولوجيا كوسيلةٍ للنهضة الشاملة، وأنّ تحويل هذه الرؤية إلى واقع يتطلّب شراكةً بين الدولة والمجتمع، واستثماراً في المعرفة، وتشريعات تُنظّم الفضاء الرقميّ دون أن تُقيّد الحريّات، وهي تأكيدٌ على أنّ حقوق الإنسان يجب أن تُصان وتُعزّز في كلّ مرحلةٍ من مراحل التحوّل الرقميّ.
ملامحُ رؤية الحُسين 2025 هي خارطة طريق حقيقيّة نحو أردن رقميّ عادل، يُوازن بين التطوّر التكنولوجيّ وصون الكرامة الإنسانيّة، ويُؤمن بأنّ التقدّم لا يُقاس بما تملكه من أدوات، بل بكيفيّة استخدامك لها لخدمة الإنسان.
د. عُريب هاني المومني
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |