الحقّ في حياديّة الإنترنت: عدالةٌ رقميّةٌ غائبة في العالم العربيّ
مع تسارع التحوّل الرقميّ في العالم، أصبح من الطبيعي أن تُطرَح قضايا مثل الخصوصيّة الرقميّة وحماية البيانات وحريّة التعبير عبر الإنترنت، غير أنّ هناك حقّاً رقميّاً أساسيّاً ما يزال غائباً عن النقاش العام في منطقتنا العربيّة، بل وربما غير معروف للكثيرين ألا وهو الحقّ في الحياد الشبكيّ أو حياديّة الإنترنت، هذا الحقّ الذي يُشكّل ركيزةً أساسيّةً لتحقيق العدالة والمساواة في الفضاء الرقميّ.
يقوم الحقّ في حياديّة الإنترنت على فكرةٍ بسيطة وعادلة، وهي أن تُعامل جميع البيانات والمواقع الإلكترونيّة والتطبيقات على شبكة الإنترنت على قدم المساواة من قِبل مزوّدي خدمات الإنترنت، دون تمييزٍ أو تفضيلٍ أو إبطاءٍ أو حجب. بمعنى آخر، أن يكون المستخدم قادراً على الوصول إلى أيّ محتوى يُريده، بالسرعة والجودة نفسها، دون أن يُفرض عليه ما يُشاهد أو يستخدم بناءً على مصالح تجاريّة أو سياسيّة.
إنّ هذا الحقّ ليس تقنيّاً فقط، بل هو حقّ إنسانيٌّ رقميّ يضمن حريّة الوصول إلى المعلومة، ويحمي المستخدم من التوجيه القسريّ في اختياراته على الإنترنت، ويُعزّز حريّة التعبير، ويكفل العدالة في المنافسة الرقميّة.
في الواقع، هناك بعض الخدمات التي يُقدّمها مزوّدو خدمات الإنترنت ويعتقد المستخدم أنّها مزايا وتصبّ في مصلحته، إلّا أنّه يُمكن تصنيفها على أنّها ممارسات خادعة تتعارض مع الحقّ في حياديّة الإنترنت. ومن الأمثلة الشائعة على هذه الممارسات في منطقتنا ما يُعرف بالتصفّح المجانيّ (Zero Rating)، حيث تُتيح بعض شركات الاتصالات استخدام تطبيقات مُحدّدة، مثل فيسبوك أو واتساب، بشكلٍ مجانيّ، أيّ دون أن تُحتسب من حزمة الإنترنت. وعلى الرغم من أنّ هذه العروض تبدو جذّابة ظاهريّاً، إلّا أنّها تُميّز المحتوى بشكلٍ غير عادل، وتُوجّه المُستخدمين نحو تطبيقات مُعيّنة على حسابِ أُخرى، وتُضعف قدرة المواقع الصغيرة والمنصّات المستقلّة على المنافسة. فإذا كان الدخول إلى فيسبوك مجانيّاً، بينما يتطلّب استخدام موقع إخباريّ أو منصّة تعليميّة خصماً من الرصيد أو حزمة الإنترنت، فإنّنا أمام واقعٍ رقميّ غير متكافئ يُقيّد حريّة الاختيار ويُقصي المحتوى البديل.
وفي هذا السياق يبرز مفهوم "تأثير الحديقة المُسوّرة" الذي يُعتبر أحد النتائج المباشرة لغياب الحياد الشبكيّ أو حياديّة الإنترنت، وهذا المفهوم يُطلق على البيئة الرقميّة التي تُنشئها شركات الاتصالات أو التطبيقات الكبرى حين تُوفّر للمستخدم خدمات أو محتوى مُحدّد داخل إطارٍ مُغلق، دون أن تُتيح له حريّة الوصول إلى محتوى آخر إلا بشروطٍ أو تكاليفٍ إضافيّة. وهذا أشبه بحصار المُستخدم داخل بيئة رقميّة مُغلقة تُتيح له استخدام خدمات مُحدّدة، وتُعيق وصوله لخدمات أخرى، وبهذا يتحوّل الإنترنت من فضاءٍ حُرّ إلى مساحةٍ خاضعةٍ للرقابة التجاريّة والتقنيّة، تنعكس سلباً على التنوّع الرقميّ، وتُكرّس هيمنة الشركات الكبرى.
في الاتحاد الأوروبيّ، يُعتبر الحياد الشبكيّ مبدأ قانونيّاً، فقد أصدرت محكمة العدل الأوروبيّة حكماً يمنع الشركات من إعطاء أولويّة مجانيّة لتطبيقات مُعيّنة، واعتبرته خرقاً صريحاً للحياد الشبكيّ.
في المقابل، لا توجد في معظم الدول العربيّة أطر تشريعيّة واضحة لحماية هذا الحقّ، ولا رقابة حقيقيّة على ممارسات شركات الاتصالات في هذا السياق. وهذا يفتح الباب أمام هيمنة منصّات رقميّة مُحدّدة، وتوجيه سلوك المستخدمين بما يتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان الرقميّة.
في عصرٍ يُبنى على المعلومات، لا يُمكن الحديث عن حريّة رقميّة حقيقيّة دون ضمان حياديّة الشبكة أو الإنترنت، فاختيارات المُستخدمين يجب أن تُبنى على وعي وحريّة، لا على عروضٍ تجاريّة. وإنّ الاعتراف بهذا الحقّ في السياسات الرقميّة، وتضمينه في التشريعات الوطنيّة، هو خطوةٌ أساسيّة نحو فضاءٍ رقميّ أكثر عدالة، فالحياد الشبكيّ ليس ترفاً تنظيميّاً، بل هو حقّ رقميّ أصيل يرتبط بحقوق الإنسان في العصر الحديث، ويُعبّر عن قيم الشفافيّة والمساواة والحريّة.
مع تسارع التحوّل الرقميّ في العالم، أصبح من الطبيعي أن تُطرَح قضايا مثل الخصوصيّة الرقميّة وحماية البيانات وحريّة التعبير عبر الإنترنت، غير أنّ هناك حقّاً رقميّاً أساسيّاً ما يزال غائباً عن النقاش العام في منطقتنا العربيّة، بل وربما غير معروف للكثيرين ألا وهو الحقّ في الحياد الشبكيّ أو حياديّة الإنترنت، هذا الحقّ الذي يُشكّل ركيزةً أساسيّةً لتحقيق العدالة والمساواة في الفضاء الرقميّ.
يقوم الحقّ في حياديّة الإنترنت على فكرةٍ بسيطة وعادلة، وهي أن تُعامل جميع البيانات والمواقع الإلكترونيّة والتطبيقات على شبكة الإنترنت على قدم المساواة من قِبل مزوّدي خدمات الإنترنت، دون تمييزٍ أو تفضيلٍ أو إبطاءٍ أو حجب. بمعنى آخر، أن يكون المستخدم قادراً على الوصول إلى أيّ محتوى يُريده، بالسرعة والجودة نفسها، دون أن يُفرض عليه ما يُشاهد أو يستخدم بناءً على مصالح تجاريّة أو سياسيّة.
إنّ هذا الحقّ ليس تقنيّاً فقط، بل هو حقّ إنسانيٌّ رقميّ يضمن حريّة الوصول إلى المعلومة، ويحمي المستخدم من التوجيه القسريّ في اختياراته على الإنترنت، ويُعزّز حريّة التعبير، ويكفل العدالة في المنافسة الرقميّة.
في الواقع، هناك بعض الخدمات التي يُقدّمها مزوّدو خدمات الإنترنت ويعتقد المستخدم أنّها مزايا وتصبّ في مصلحته، إلّا أنّه يُمكن تصنيفها على أنّها ممارسات خادعة تتعارض مع الحقّ في حياديّة الإنترنت. ومن الأمثلة الشائعة على هذه الممارسات في منطقتنا ما يُعرف بالتصفّح المجانيّ (Zero Rating)، حيث تُتيح بعض شركات الاتصالات استخدام تطبيقات مُحدّدة، مثل فيسبوك أو واتساب، بشكلٍ مجانيّ، أيّ دون أن تُحتسب من حزمة الإنترنت. وعلى الرغم من أنّ هذه العروض تبدو جذّابة ظاهريّاً، إلّا أنّها تُميّز المحتوى بشكلٍ غير عادل، وتُوجّه المُستخدمين نحو تطبيقات مُعيّنة على حسابِ أُخرى، وتُضعف قدرة المواقع الصغيرة والمنصّات المستقلّة على المنافسة. فإذا كان الدخول إلى فيسبوك مجانيّاً، بينما يتطلّب استخدام موقع إخباريّ أو منصّة تعليميّة خصماً من الرصيد أو حزمة الإنترنت، فإنّنا أمام واقعٍ رقميّ غير متكافئ يُقيّد حريّة الاختيار ويُقصي المحتوى البديل.
وفي هذا السياق يبرز مفهوم "تأثير الحديقة المُسوّرة" الذي يُعتبر أحد النتائج المباشرة لغياب الحياد الشبكيّ أو حياديّة الإنترنت، وهذا المفهوم يُطلق على البيئة الرقميّة التي تُنشئها شركات الاتصالات أو التطبيقات الكبرى حين تُوفّر للمستخدم خدمات أو محتوى مُحدّد داخل إطارٍ مُغلق، دون أن تُتيح له حريّة الوصول إلى محتوى آخر إلا بشروطٍ أو تكاليفٍ إضافيّة. وهذا أشبه بحصار المُستخدم داخل بيئة رقميّة مُغلقة تُتيح له استخدام خدمات مُحدّدة، وتُعيق وصوله لخدمات أخرى، وبهذا يتحوّل الإنترنت من فضاءٍ حُرّ إلى مساحةٍ خاضعةٍ للرقابة التجاريّة والتقنيّة، تنعكس سلباً على التنوّع الرقميّ، وتُكرّس هيمنة الشركات الكبرى.
في الاتحاد الأوروبيّ، يُعتبر الحياد الشبكيّ مبدأ قانونيّاً، فقد أصدرت محكمة العدل الأوروبيّة حكماً يمنع الشركات من إعطاء أولويّة مجانيّة لتطبيقات مُعيّنة، واعتبرته خرقاً صريحاً للحياد الشبكيّ.
في المقابل، لا توجد في معظم الدول العربيّة أطر تشريعيّة واضحة لحماية هذا الحقّ، ولا رقابة حقيقيّة على ممارسات شركات الاتصالات في هذا السياق. وهذا يفتح الباب أمام هيمنة منصّات رقميّة مُحدّدة، وتوجيه سلوك المستخدمين بما يتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان الرقميّة.
في عصرٍ يُبنى على المعلومات، لا يُمكن الحديث عن حريّة رقميّة حقيقيّة دون ضمان حياديّة الشبكة أو الإنترنت، فاختيارات المُستخدمين يجب أن تُبنى على وعي وحريّة، لا على عروضٍ تجاريّة. وإنّ الاعتراف بهذا الحقّ في السياسات الرقميّة، وتضمينه في التشريعات الوطنيّة، هو خطوةٌ أساسيّة نحو فضاءٍ رقميّ أكثر عدالة، فالحياد الشبكيّ ليس ترفاً تنظيميّاً، بل هو حقّ رقميّ أصيل يرتبط بحقوق الإنسان في العصر الحديث، ويُعبّر عن قيم الشفافيّة والمساواة والحريّة.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |