أجل يا سميح المعايطة ، الوطن يستحق غضبتك لأجله


السهل الممتنع في الوطنية لا يتعارض مع السهل الممتنع في السياسة ، لأن الوطنية الحقة واضحة وعناصرها أولية بسيطة وليست مركبة ومعقدة ، لذلك نجد أن الذي يخرج من بين صفوف الشعب ومن قراهم وأريافهم وباديتهم ليكون على ثغر من ثغور الوطن نجده لا يستطيع أن ينفصم عن وطنيته السهلة الممتنعة على التقليد ، والاختبار الحقيقي عندما يكون هذا الثغر الذي يحرسه مكاناً ظاهره مخملي وباطنه شرس مزروع بالألغام ! السياسة بالنسبة للأردني القادم لها من شرف حراثة الأرض ، ومن عطر حبر الصحافة هي إخلاص و تضحية وفن الممكن لما يحقق مصلحة الوطن ، لذا تجد سياسته سهلة ممتنعة كما هي وطنيته .

هذه هي حكاية الأردني المخلص عندما يجد أن الثغر الذي يحرسه من ثغور الوطن ثغراً سياسياً من الدرجة الأولى ، سيحارب ويصالح فقط من أجل الوطن ، وهذه هي حكاية سميح المعايطة .

كان يقود معاركه على صفحات الصحف ، ولم يكن إلا ( حصة ) المواطن ؛ لأنه ببساطة مواطن يشبه أغلبية المواطنين بمعاناتهم وألمهم ، لذلك كان نقده شديداً عندما يكتب عن تقصير المسؤول ولو كان من صنف ( أقوى نوع ) ، وكان أيضاً يركز على ما هو جميل في وطننا وشعبنا ، ففي يوم لفت انتباهه أن الأردني يحب المقلوبة وقلاية البندورة ، ولكن أصبحت تكلفة إنجازهما مرهقة لدخله المحدود ، فلم يخجل أن يكتب عن ذلك ويحسب للحكومة تكلفة كل مادة تحتاجها مقلوبة الزهرة وتكلفتها الإجمالية ، ووضع هذه الحقيقة أمام الحكومة ليقول لها أن دور الوطني الاهتمام بالوطن ابتداءً من لقمة المواطن و مروراً بكشف المتغول على خلق الله مستخدماً سلطته أسوأ استخدام وانتهاءً بالتصدي للمؤامرات الخارجية والداخلية التي تمس الوطن الحبيب .

سميح المعايطة المواطن يشبهنا ، فعندما ننظر إليه نشعر أن هناك من هو منا موجود في سدة السلطة ولو كمستشار هناك ، نشعر أن لنا نَفَسٌ في الدوار الرابع ، فنطمئن ؛ لأننا نعرف أن زخرف السلطة زاد من التصاقه فينا ولم يسلخه عنا .

هناك البعض يعتقد أن الشعب والحكومة فريقان ، وفريقان متخاصمان ، و حسب هذه النظرية المتخلفة يتم النظر إلى المعايطة أنه انتقل من صفوف الشعب إلى صفوف الخصم أي الحكومة ، فيفسر كل كلمة وكل ضحكة وكل تكشيرة منه على أنها من أجل الحكومة وضد الشعب ، لذلك هل استطاع سميح المعايطة الذي كان يدافع عن المواطن من تجبر الحكومات أن يواصل دفاعه عن هذا المواطن بعد أن أصبح جزءاً من الحكومة بشكل من الأشكال ؟ نعم استطاع ذلك وبكفاءة ؛ لأنه يؤمن أن الشعب والحكومة فريق واحد و الجميع يعمل تحت سقف الولاء للوطن مهما حدث من اتفاق أو اختلاف ، وكثير من القرارات المرغوبة نشم فيها رائحة المعايطة الوطنية ، ونعتقد أنه أوصى بها واقترحها ضمن قدرته كمستشار لرئيس الحكومة ، مثل إلغاء مراجعة مديرية المتابعة والتفتيش لمن يسجل نفسه في الجداول الانتخابية ، ولكن السؤال هو أليس من واجب المعايطة الوطني أن يدافع عن الوطن عندما يتطاول عليه البعض ؟ أليس من حقه ذلك بصفته مواطنا أولاًً وليس بصفته مسؤولاً ؟ ألا يكون ذلك واجباً مضاعفاً عليه بسبب حمله للصفتين مواطناً ومسؤولاً ؟ وعندما يمارس حقه في دفاعه عن وطنه كمواطن وواجبه في دفاعه عن وطنه كمسؤول هل من حق البعض أن يفسر ذلك أن المعايطة همه الدفاع عن الحكومة وقراراتها فقط ؟، رغم أنه ليس عيباً أن يدافع عمن هو جزء منه، الوطن للجميع ليس للحكومة فقط وليس للمعارضة.

أريد أن أطرح للنقاش ما حدث في ندوة ( حوار مفتوح حول قانون الانتخابات البرلمانية ) بتاريخ 23/6/2010 ، الندوة التي كان ضيوفها الأستاذ سميح المعايطة و أحد الأخوة و لا أذكر أسمه الكريم هنا حتى لا يكون ذكره دعاية انتخابية له كونه مرشحاً للنيابة ، أعتقد أن نقاش قانون الانتخابات الآن هو كاللعب بعد انتهاء المباراة ؛ لأنه الآن يجب مناقشة الخطوات الإجرائية للوصول إلى انتخابات تنال رضى الأغلبية من العامة والنخبة ، و لا ننسى أنه مهما كان قانون الانتخابات فالمرشحين هم أنفسهم ، لذلك الكرة في ملعب الناخبين لاختيار الأفضل من بينهم للوصول لمجلس قوي ، والوقت المناسب لنقاش قانون الانتخابات هو بعد تحقيق مجلس نيابي قوي على أرض الواقع ولن يستطيع أحد أن يمنع الحق الدستوري لهذا المجلس من أن يعدّل أو يأتي بقانون مناسب كما يريد .

قام الضيف الذي كان يتشارك مع المعايطة الندوة - وهو بالمناسبة كان نائباً و سيكون أحد المرشحين لمجلس النواب - بامتداح ليبيا في أنها ليس لديها دستور وقارنها بسويسرا وأن ديموقراطيتهما متشابهة ، ليبيا و سويسرا ! ( أخشى أن ليبيا نفسها لا تصدق ذلك ) ويفتخر أنه قام بامتداح ذلك أمام الرئيس الليبي !! وبنفس الوقت ينتقد وبحدة الدستور الأردني ، و يطالب بتعديله ، و خصوصاً ما يتعلق بصلاحيات الملك ، ناسياً ومتناسياً أن جميع الأردنيون يثقون بملوكنا الهاشميين أكثر بكثير من ثقتهم بالحكومات وبمجالس الأمة ، ونذكر جميعاً كيف أن جميع الشعب الأردني استغاث بالملك ليخلصه من المجلس النيابي السابق ، ولو أن الدستور لا يسمح بذلك لكان هذا المجلس والكثير من الحكومات لا زالت عبئاً على كاهلنا ، لأن الملك هو ميزان العدل والإنصاف في الأردن ، و يجب أن تكون مؤسسة العرش التي يتفيأ ظلها الأردنيون فوق مستوى النقاشات و خط أحمر لا يقترب منه أحد ؛ لأن مؤسسة العرش هي الملاذ الحقيقي لجميع الأردنيين عندما تتغول عليهم حكومة أو مجلس شعب أو أي سلطة أخرى ، لذا يجب ألا يعتبر نفسه بطلاً هذا الذي تمادى على الدستور الأردني وعلى مؤسسة العرش، وبنفس الوقت يفتخر بديموقراطية ليبيا برغم إقراره أنه ليس لديهم دستور ! على الأقل نحن لدينا دستور يشهد له الجميع أنه من أفضل الدساتير في العالم ، واصل هذا الضيف دعايته الانتخابية لنفسه مستغلاً الندوة ووجود بعض الشباب الحاضرين ، معتبراً أن حديثه عن صلاحيات الملك في الدستور دعاية انتخابية له ، ومعتبراً أن تطاوله على الأجهزة الأمنية شجاعة حينما يقول أنهم لا يطلبونه مهما تحدّث بل يطلبونكم أنتم أيها الشباب! ويحاول أن يجعل من هذه الأجهزة الأمنية التي تحمي الوطن مجالاً للاستهزاء والضحك ، فلم أعلم أي رسالة أراد هذا المرشح إيصالها لشباب الوطن بتفاخره وتصويره لنفسه وكأنه فوق القانون لا ترغب و لا تستطيع الأجهزة الأمنية الاقتراب منه ؟! هل هكذا نعلم أبناءنا احترام الدستور واحترام الأجهزة الأمنية التي هي جزء من مؤسسات الوطن الموكول لها حمايته من الخارج والداخل ؟!


نحن مع أن يطرح الشباب رأيهم بحرية كاملة ولكن هناك أدبيات للطرح وللحوار ، و لا تصل الأمور أن يشبه أحدهم الحكومة بحكومة احتلال ، وبإباحة بيع الصوت بحجة أن الحكومة رفعت الأسعار والناس بحاجة للمال بأي طريقة ؟! إذن من هذا المنطلق أصبح من حق المواطن أن يصبح جاسوساً من أجل المال ، وأن يسرق وأن يفعل كل الموبقات بحجة أن الحكومة رفعت الأسعار ، فمن يبيع صوته فهو كالمرأة التي تأكل بثدييها ونسي أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها !


هذا ما كان يحدث بالندوة من تطاول على الدستور وعلى أفضل مواد الدستور التي تحمي الشعب بما فيها من صلاحيات للملك ، وذم بديموقراطيتنا ومدح بديموقراطية ليبيا توأم سويسرا حسب رأي المرشح ، وتطاول من بعض الحضور على الحكومة وعلى بعض الوزراء بالاسم ، ولا أعلم ما علاقة هذا بالحديث عن الانتخابات النيابية ؟!

بماذا تكلم سميح المعايطة ؟ قال أن لا أحد يتحدث عن نزاهة الانتخابات وشفافيتها إلا بعد إجرائها ، وهذا صحيح ، وأن الحكم المسبق أن الانتخابات مزورة حكم غير منطقي ، والأهم أنه تحدث بمنطق جميل عن أن الأردن
دولة مؤسسات ومؤسسة مجلس النواب واحدة منها يجب أن لا نفقد الثقة بها ولو فقدنا الثقة بالنواب لأن الأشخاص يأتون ويذهبون أما المجلس كمؤسسة دستورية فهو قائم واحترامه واجب وطني .
وبعد أن انحرف الحديث المنحرف منذ بداية الندوة أكثر، وأصبح الحديث قصفاً بالوطن وبالدستور بحجة الديموقراطية ، الآن ماذا يفعل سميح المعايطة المواطن الذي يسمع الإهانات والتطاول على الوطن من بعض أبناء الوطن ؟ وماذا يفعل سميح المعايطة المسؤول والناطق الرسمي للانتخابات النيابية ؛ إذا سكت كمواطن فسكوته كفر بالوطن وبعشق الوطن ، وإذا سكت كمسؤول فستكون خيانةً لواجباته تجاه الجهة التي يمثلها في تلك اللحظة وهي الحكومة التي يتم إهانتها وإهانة أجهزة الوطن الأمنية ؟ كعادة الأردني الأصيل ، لم يسكت وغضب ووضح أسباب غضبه ، وانتفض لوطنه ولحقه بالدفاع عنه وقرر الخروج من مكان يتم الاستهتار فيه بالوطن والجرأة عليه وعلى دستوره وحكومته .


أجل أجل يا سميح المعايطة الوطن يستحق غضبتك لأجله ، إذا لم يظهر الغضب في هذه المواقف ولأجل أقدس ما في الدنيا وطننا الأردني المظلوم من أبنائه متى سيكون الغضب ؟! ، نحن الشعب الأردني مع غضبتك ، ولو يعلم من كانوا في ذلك المكان أنه غَضِبَ لغضبك ستة ملايين أردني يعلمون لماذا غضبت ويعلمون أنك على حق بغضبتك من أجلنا ، من أجل الأردن .
sameeh_nws@yahoo.com



تعليقات القراء

ابن جلا
تحية - أشكر الاستاذ سميح العجارمة - أقول لا يقيم الرجال الا الرجال - و أحيي الاستاذ سميح المعايطة الرجل ذات المعدن الطيب ، المحب للوطن و المواطن - و بصدق الانتماء اقولها يكقينا الهاشمين نبراسا و دستورا - ابن جلا
27-06-2010 09:54 PM
الأميرة
حضرة الكاتب الكريم ، أحسنت القول ، لأنه فعلا لا يقدر الرجال إلا الرجال ، فنحن جميعا شعبا وحكومة يجب أن نكون جهة واحدة في وطننا الواحد ، وليس علينا أن نسمح بالتطاول على وطننا ودستورنا الذي يعتبر هوية لنا في كل مكان ، ولا أن نترك الساحة لمن لا يجيدون أدنى فنون الحوار ليكون صوتهم أعلى من صوت الحق ، تحية للأردني سميح المعايطة الذي ترك له بين الناس من يشهد على صدق انتمائه وأنه لا يكيل بمكيالين ، وتحية احترام وتقدير للكاتب وقلمه.
27-06-2010 10:09 PM
الأميرة
حضرة الكاتب الكريم ، أحسنت القول ، لأنه فعلا لا يقدر الرجال إلا الرجال ، فنحن جميعا شعبا وحكومة يجب أن نكون جهة واحدة في وطننا الواحد ، وليس علينا أن نسمح بالتطاول على وطننا ودستورنا الذي يعتبر هوية لنا في كل مكان ، ولا أن نترك الساحة لمن لا يجيدون أدنى فنون الحوار ليكون صوتهم أعلى من صوت الحق ، تحية للأردني سميح المعايطة الذي ترك له بين الناس من يشهد على صدق انتمائه وأنه لا يكيل بمكيالين ، وتحية احترام وتقدير للكاتب وقلمه.
27-06-2010 10:09 PM
امل العموش
كل الشكر والتقدير للكاتب ونحن نعرف من هو سميح المعايطة الذي خرج من رحم هذا الوطن والجنوب لم ينجب الا الاوفياء سلمت لنا اخي سميح المعايطة
28-06-2010 03:55 PM
عمر شاهين
والله كان الله في عون الاجهزة الامنية واشكر طول بالهم فاحيانا لا يفرق بعضنا بين الوقاحة وبين النقد وبدل ان تكون الحرية سدا واقيا فتتحول الى تمادي للاسف لا يفرق البعض بين الثوابت اليت نعرف ان بشها خطر لا يمكن غلقه او تفريقه او تمزيقه وبين الحركات التي اعتدنا على نقد مدها وجزرها ارجو ان نعطي صورة على ويعنا وان نتذكر فضل الاردن والا نقطع اشجار النخيل في واحته فكلنا استظلينا تحته
29-06-2010 02:18 AM
بدون طعم
مقالك هالمرة بدون طعم استاذ سميح
14-07-2010 12:46 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات