حزب الجبهة يصلب بني رشيد على أعمدة الحكومة


يختلف الاعتراف المحلي في الأردن عن الاعتراف العربي، فجميع التقييمات التي نمارسها لديها حسابات شخصية وجغرافية تختلف ، عن التقييم الفعلي لنتاج الشخصية السياسية في الخارج، فهناك حتى لو دخلت عوامل الواسطة بنسبة قليلة إلا أن الفرصة الثانية لن تكون سهلة المنال، وهذا ينطبق على من اختارته الحكومة من رجالها، أو ما حاولت المعارضة صناعتها.

اليوم ابعد زكي بني رشيد عن منصب الأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي، بعد أن استقال قبل أسابيع اثر جدل على طريقة الانتخاب ، بعد صراع الحمائم والصقور في الجبهة،في اكبر تفسخ تاريخي ، بينهم وان حل إداريا إلا انه تجذر سياسيا في داخل الحزب وسينعكس عليهم في الانتخابات القادمة، في ظل خلاف مصلحي أكثر ما يكون بنيوي، ولانتقال معظم رجال الجبهة والحزب من جهة المعارضة إلى البحث عن رضا الحكومة وأجهزتها الظاهرة والخفية، لتضع الجبهة نفسها في طاولة مستديرة أمام شعب بدأ يقتنع أن الإخوان المسلمين ليسو حركة مكتملة الرسالة إنما حركة شعبية هدفها الوحيد العيش على عواطف الناس الدينية وبساطتها ، والخطابات الحماسية التي لا تقدم حلا فعليا، واستغلال البؤس السياسي للشعب والادعاء أن حامليه.

فالإخوان تحالفوا مع الحكومة للقضاء على زكي بني رشيد وتحجيمه وإنهاء دوره، وهذا تنافى مع النقاء الحزبي والإخلاص في التضحية للمبادئ ، و يا ليت الذين يتوجهون للتصويت بشكل أعمى يقتنعون بالتغيرات التي دكت هذا الحزب، وجعلته حزبا إسلاميا يسعى لان يكون حزب حاكم، لديه سطوة الشيخ الخطيب والسياسي الذي يركب سيارة حمراء وزارية أو نيابية وكلاهما لا يلتقيان إن حاولنا رج شعارات هذا وذلك.وهذا ليس تحريض ضد الحكومة بقدر سؤال عن خطاب الحزب الذي يدعيه.

شيوخ الحزب التمسوا تغييب واضمحلال أمام كريزما زكي بني رشيد الذي سطع نجمه عربيا، ومحليا، وصارت تصريحاته وحضوره يطغى على أي حضور لغيره تخطت كريزما ليث شبيلات نفسه، ووجد أساتذة الإخوان أن الجماعة والحزب فقط ما سيقوله بني رشيد، فأصبح التضييق يلاحق وجوده وحضوره ويدعي الرموز أن بني شريد يتحدث لوحده. ومن يراجع كل تصريحات الشيخ يجد أنه تكلم بما تتطلبه المرحلة السياسية وما يتوجب على حزبه المعارض أن يقوله، ولكن في زمن شيوخ ومعارضين يريدون أن يكونوا ضمن تقسيم معارض مرضي عنه ويطلب تصريح بما سيعارضه فسيصبح رشيد مرفوض منهم.

أما الحكومة فبعد جهد كبير قدمته للتخلص من صورة "المعارض المرجع الشعبوي " أو صاحب الصدى الكبير وغير الباحث عن كرسي وزاري، جاء بني رشيد ليغطي هذا النقص ، وكان تاريخه يظهر صلابته ، وقوته ، وعدم تقسيم نفسه جغرافيا، وما بين القوى ورفضه بأن يسكب بقالب حكومي ، كان على الحكومة تحطيمه قبل أن يصعد نجمه، فسعى كتاب التدخل السريع القيام بهذا الواجب، إلا أن نجمه استمر بالصعود، دون أن تؤثر ضده حملات التشويش ، وتصيد التصريحات ومحاولة تهويلها بل وصناعة صدام شعبي ضده، أو تهويل" شره الحماسي" وبأنه يستمد قوته من حماس.

ومع الضعف الحالي للجبهة وظهور إخوان حكومة شبه جيل الخمسينات، كان من السهولة صناعة فسخ في الحزب بقيادة رموز سموا بالحمائم، بمصطلح لا يركب نهائيا مع ما يدعونه، وكانت قضايا المكاتب الخارجية، والانتماءات مع حماس، ومن يصدق أن أخواني لا يتفاعل مع حركة حماس ويتبنى مشروعها وأفكارها.

لم أجد ما يثير الحكومة أو الإخوان أو الجبهة من تصريحات زكي بني رشيد أو دوره، سوى أن الجماعة والحركة، أرادت صلب الرجل على أعمدة الحكومة ، كما سعت لإتمام هذا في عهد البخيت قبل أن يتلقوا صفعة انتخابية، كبيرة، وحينما جاءوا بإسحاق الفرحان وتوسلوا إعادة جمعية المركز الإسلامي، لم يحدوا سوى الأبواب وهي توصد في وجهوهم.

والسؤال هنا كيف سيثق الشعب،حينما تنتشر إشاعة أن بني رشيد مقابل 13 كرسي إخواني، وهل سيكون شعار الإسلام هو الحل، بعد أصبح سياسيا التخلص من بني رشيد هو الحل، وكان بعض أفراد الإخوان يخطبون في أذان الناس البسطاء ، حتى إذا اقترب المنصب تخلو عن الجماعة وتوجهوا للصحف الرسمية ليأخذوا أقلام المناصرة الحكومية، أما اليوم فنشهد الدور الجماعي لهذا المشهد.

واترك للمواطن بأن يتيقن بعمق لما يحدث ويتذكر أن الإسلام هو للجميع وحله ليس عبر البرلمان، إنما بالتصحيح والالتزام بالمبادئ وليس برواتب خيالية في المستشفى الإسلامي وجمعية المركز وتقسيم المسلم أخواني أو غير أخواني ، والاستفراد بخطابات المعارضة. ولا نتمنى أن تتحول الجبهة تدريجيا إلى حزب موالي يهمه فقط حصد كراسي البرلمان.

حينما شاهدت الأسماء التي تفوقت بالاصوات على بني رشيد بالمكتب التنفيذي حللت في نفسي شيفرة تحالفات الجبهة في العقدين الأخيرين، خاصة في البرلمان فقد تفوق عليه أسماء اضعف حضوريا منه بكثير، و وان تغير الاتجاه من تحرير قبة الأقصى إلى قبة البرلمان، أيقن لما يظهر إسحاق الفرحان ورحيل الغرايبة في شاشة التلفزيون الأردني، بينما يحرم قطيعا على زميلهم بني رشيد ، ولكن تأكيدا لفقرتي الأولى فإن المعترف به شعبيا وعربيا هو زكي بني رشيد الذي يقنع العالم إنه خطاب واقعي شفاف صادق دون تورية ، ويقر بأن مشروعه هو في حماس فلسطينية ، في محور المقاومة عربيا، في المعارضة الاقتصادية والاجتماعية محليا.

وقد اختلف كثيرا مع خطابات بني رشيد أو اتفق ولكنه النموذج الواقعي في نظري لمن يريد أن يضع نفسه مرشدا، وزكي بني رشيد بنظري الممثل المهم للقضية الفلسطينية، ومع احترامي للأمين العام الجديد حمزة منصور، إلا ان زجه خدعة له ووضعه في خندق أطول منه، وهذا يعرفه من تابع الحراك السياسي الأردني، في الفترة الأخيرة فزكي بني رشيد كان يمثل رؤية شعب بلا تجزيئ بالنسبة لفلسطين ومثال للوحدة الرافضة للمشروع الصهيوني أما منصور فستكون نظرية التجزيئ في التعامل مع القضية .

لا يوجد اعتدال وحمائيمية ، حينما تحاصر غزة، ويسقط العراق، ويسلب الأقصى ويعلن الصهاينة نية تهجيرهم، وتستبد الحكومة محليا ، وتتفرد بسياستها الاقتصادية على حساب المواطن الفقير، ونسمع عن تدخلات وزارية في مؤسسات لم تنقذ وتنتشر الخصخصة والاستبداد السياسي .
Omar_shaheen78@yahoo.com


 



تعليقات القراء

سميح العجارمة
المشكلة يا عمر هي بإختلاط الصفة العالمية بالصفة القطرية ؛ الحركة الإسلامية وأقصد بها الإسلام السياسي ، هي حركة عالمية وليست حركة قطرية يمكن حصرها بحدود وطن معين ، وهذه هي معضلة الحركات الآيدولوجية أنها تأخذ صفة العموم العالمي ويصعب تقليصها بداخل الخاص الوطني ، والأخوان المسلمين في الأردن ينطبق عليهم ذلك ، وأكبر معاناتهم هي إختلاط صفة تنظيمهم العالمية كما أراد لها حسن البنا بصفة خصوصية القطر الأردني كما أرادت لها الدولة الأردنية من خلال إتفاق ضمني منذ الخمسينات بين الحكم الأردني وبين التنظيم بأن يبقى هو التنظيم الوحيد المسموح له بالعمل علناً وظاهرياً تحت صفة جمعية وضمنياً تحت صفة تنظيم ديني سياسي ولكن لا يرقى لمرتبة حزب ، وهذا حدث منذ منتصف الخمسينات لغاية 1989 ، و خلال هذه السنوات الطويلة حاولت الحماعة أن تظهر بمظهر المستقل عن إمتدادها الخارجي أو أن لا تظهر بأنها إمتداد طبيعي لتنظيم عالمي ، و مع ذلك لم تنجح بهذا الهدف إلى أن جاء العلامة المرحوم أحمد قطيش الأزايدة و حلّ هذه المعضلة نهائياً وذلك بأن تبقى جماعة الأخوان المسلمين على ما هي عليه والإبتعاد عن الخوض بالسياسة الرسمية الأ{دنية ذات الخصوصية الوطنية وأن تتصرف هذه الجماعة بما يمليه عليها دورها العقائدي العالمي بأن تأخذ جانب التدخل بالسياسة العامة فقط للأردن والدول العربية والأسلامية وذلك فقط بأصدار البيانات والتأييد والإعتراض بما يخص الداخل الأردني ، أما السياسة ذات الخصوصية بالداخل الأردني من ترشيح للإنتخابات المختلفة أو المشاركة في الحكومات و غير ذلك مما هو خاص بالوطن الأردني فقد قام المرحوم أحمد قطيش الأزيادة بتأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي ليكون الذراع القوي الذي لا يستطيع أحد أن يتهمه بأنه مرتبط بالخارج كما هي جماعة الأخوان المسلمين فهو مرخص كحزب وليس كجمعية ويخضع لقانون الأحزاب الأردني ، أريد أن أصل لنقطة مهمة أن للأخوان المسلمين دور عربي وعالمي لذلك طبيعة شخصية زكي رشيد الجدلية مناسبة لأن تقود الجماعة من هذا المنظور على شرط أن يكون دورهم داخل الأردن كجمعية فقط أما خارج الأردن فهم أحرار ؛ وذلك لأنه يفترض أن الذراع السياسي الشرعي للحركة الإسلامية الأردنية هو حزب جبهة العمل الإسلامي والذي يجب أن يقوده شخصيات غير صدامية وليست جدلية مثل عبد اللطيف عربيات أو حمزة منصور أو من هو بأسلوبهم المناسب للروح والخصوصية الأردنية . وأعتذر للأطالة يا أستاذ عمر فأنت دائماً تثير مواضيع بالغة الأهمية . شكراً لك .
27-06-2010 10:32 PM
قلم ساخر...USA...
ماذا كنت ستقول وتكتب لو كنت تعيش في العراق؟كلهم يصلون، ويصومون، ويقرؤون القرآن، ويتعبدون، ويتضرعون، ومع ذلك لا تشعر بأي تغيير نوعي في السلوك والحياة ولا تشعر بذلك القدر الكافي والمطلوب من الراحة والاطمئنان والتقدم والنجاح الوطني وتحقيق الإنجازات بل نسب الفقر والبطالة والفساد والأمية بتزايد وارتفاع وكل الحمد والشكر لله، والأزمات في ارتفاع حاد كما الأسعار والانسداد العام في مجالات الحياة كافة. ولا تحس بأي أمن ولا أمان ولا سلام داخلي ولا اطمئنان وراحة مع أي من هؤلاء، ولا تقدر أن تعيش في مدنهم وبينهم إلا والوسواس الخناس يضرب دماغك صباح مساء من انفجار محتمل، ونيران كامنة تحت الرماد، وكوارث قادمة لا محال، ونفوس متوثبة ومتأهبة للثأر والانتقام، فلا أمن ولا أمان ولا تقدم ولا إنتاج ولا أمل البتة في عواصم ومدن الإيمان. كلهم يصومون ويصلّون ويقرؤون القرآن ويتمسحون بالورع والتقوى والإيمان، والحمد لله، ولكن النتيجة كانت صفراً على الدوام وعلى كل المستويات، ولم يتقدموا ولا خطوة واحدة أو قيد أنملة إلى الأمام. إذ أن ثمة فجوة وهوة كبيرة وخطيرة بين الصورة والأصل، وبما لا يقاس، ورغم كل مظاهر الورع والدروشة والبهللة والإيمان، ومعظم دول الإيمان هي دول مهددة بأمنها واستقرارها، ودول فاشلة بامتياز، وكل الحمد والشكر لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
28-06-2010 07:09 AM
بحكي الصحيح...USA...
والله فعلا انك ???? بكل شىء ولا تعرف شىء عن بني رشيد
28-06-2010 07:12 AM
موضوعى بحكي الصحيح...USA...
جماعة زكي بني رشيد تراهم كلما ابتعدوا خطوة عن الأردن أو باتوا ليلة خارجها، لعنوها وأهلها، كأنّ الأردن كائن غريب عنهم، لا يحسّون بطعم الراحة ولا بالأمان إلا خارج الأردن لا وطنية لهم ولا علاقة لهم بالوطن، ،
28-06-2010 07:25 AM
احلام
لا يوجد اعتدال وحمائيمية ، حينما تحاصر غزة، ويسقط العراق، ويسلب الأقصى ويعلن الصهاينة نية تهجيرهم، وتستبد الحكومة محليا ، وتتفرد بسياستها الاقتصادية على حساب المواطن الفقير، ونسمع عن تدخلات وزارية في مؤسسات لم تنقذ وتنتشر الخصخصة والاستبداد السياسي ..... ؟؟؟؟؟ لخصت كل الحكاية العربية

شكرا عمر شاهين

29-06-2010 12:38 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات