لو طفتم العالم شرقا وغربا فلا اعتقد بانكم ستجدون من يحمل عواطف جياشة تجاه قضايا الامة كالشعب الاردني, فليس من المناسب في كل هزة او كل معترك تطل علينا الافواه الباسمة الباحثة عن المراكز والعقود الاستثمارية والسمعة والصيت على ظهر الاردن وشعبه ومرتكزاته .

فليس من المناسب القول بان من ينادي بوطنيته ومن ينادي بالحفاظ على فلسطين من التهويد ينعت بانه عدو الوحدة الوطنية , فلتذهب الوحدة الوطنية الى الجحيم اذا كانت ستتحقق على حساب دماء الشهداء, ودماء من ابلوا بلاء حسنا في الذود عن حمى الوطن, ليقف على منابرهم وشواهد قبورهم اليوم من ينادي بالهدوء ازاء قضايا هامة على الصعيد الاردني , فهيبة الوطن اهم من العواطف الخادعة والمخادعة , ومن اراد ان يقاتل بنا كأردنيين عليه ان يتلمس يداه , لأننا لسنا سيفا ليقطع به رؤوس الغير, ولسنا ترسا ليختبئوا خلفنا المحاربين.

فالاردن كان ولا زال وفيا لامته ولاشقائه من اقصى الغرب الى اقصى الشرق , ولكنه يرفض ان يكون اداة مسيسة يتخادع الجميع به خلف الوطنية وكانها عقال يلبس , فاذا كان البعض يعتبرها عقال العز لانها تخدم مصالحه, فنحن نعتبرها عقال الذل لانها ستطيح ببلادنا تحت المسميات التي لا نجدها الا في الاردن.

فالشعب الاردني لم ينادي يوما بطرد فلان او علان , ولم يطالب يوما بطرد الاردني من اصل فلسطيني ولن يطالب بطرد الشركسي ولا الكردي ولا الافغاني , بل انه يطالب بتقنين منح الجنسيات خوفا على تلاشي الجنس الاردني , ومنعا لتهويد فلسطين على ايدي ابنائه, فهل في ذلك حرام شرعا ايتها النقابات ؟ وايها المتباكون على حقوق الانسان ؟ ام هو الحلال بعينه لمن يتقي الله ويدعي بانه يرفع شعار لا اله الا الله محمد رسول الله؟,.

فالاوطان لم تكن يوما ارقاما وطنية ولا جنسيات مؤقته , ولا جوازات سفر للاعتياش, ولا اماكن للهو السياسي, بل الاوطان تراب وشرف وعِرض , وهذه كلها يدافع عنها بالدماء وبالروح لا بالشعارت والمهاترات, فكفانا تنديدات اثقلت هـّم الاردن , كما عمقت جراح فلسطين.

فأهمية هذا المقال تنبع من اهمية الخطورة التي اطلقتها الادارة الامريكية قبل اشهر بضرورة تجنيس الفلسطينيين في الدول العربية , ويقصدون هنا لبنان سوريا لكونها من اكثر الدول العربية التي بها تجمعات فلسطينية ولكنها ترفض رفضا باتا منح جنسيتها للفلسطينيين , الامر الذي سيولد ضغوطات على الاردن لقبول فلسطينيوا سوريا ولبنان وهنا الخطر الاكبر.

نقول للنقابات المهنية وللاحزاب ذات القرار القادم لها من الخارج , لا نريد لمواجهة هذا الخطر فتنة داخلية جديدة , ولا نريد للعسكر ان يتكلموا لانهم اذا تكلموا فان الجنسية الاردنية ستصبح لدى البعض كمن يبحث عن نقطة ماء في محيط هائج ومائج يراها امامه ولا يستطيع تحديدها والوصول اليها.

فنحن اليوم بامس الحاجة الى وطنيتكم التي لطالما تغنيتم بها , ورفعتم لها شعار التحدي, نريد منكم ندوات ومؤتمرات ومسيرات تبين لنا الهوية الاردنية والهوية الفلسطينية , تبين لنا الطريق القويم لتحرير فلسطين, فالوطن البديل لم يعد نكتة كما يراها البعض , ولم يعد خرافة كما يدعي البعض الاخر .

انها حقيقة ملموسة نراها ولا يمكن ان نكذبها , فهي اليوم لم تعد مخططات في ارشيف اليهود وخزائن الامريكان , بل هي امر حتمي علينا وقفه , وليبدأ النضال لوقفه من مجمعكم التاريخي الذي لطالما انتصر لكل قضايا الامة العربية والاسلامية , وغاب عن قضايا الوطن الحساسة, وان حضر فانه يرفع شعارات بالية لتحرير فلسطين عبر إتلاف ومقاطعة الصادرات والبضائع الاسرائيلية, والتي سرعان ما تغزو الاسواق الاردنية وبعلم النقابات بعد ان تاتي مرة اخرى , مصدرة من دول مجاورة , ليلتهمونها على موائدهم بشراهة .

فالتعبير اليوم عن عشق الاردن والانتماء الحقيقي لارضه وناسه, يتطلب مواقف حازمة بعيدة عن المكاسب الشخصية , فالاردني المنتمي للاردن تراه اذا تغرب اربعين عاما واكثر فانه يبني بيتا له في الاردن , لانه يرى بان الاردن هو الام والاب والبنت والارض والعرض , لا نريد بيننا من ينتمي لنا فقط بحمله للجواز , ولا نريد اردنة بارقام وطنية فقط .

نريد من الان اظهار الهوية الاردنية وتعريفها تعريفا مانعا شاملا جازما , فهل الاردني هو ذا الاصول الشرق اردنية ؟ , وهل الاردني هو من يحمل رقما وطنيا ؟ , وهل الاردني هو من يعلن الولاء للنظام؟ , ام الاردني هو من يكون انتمائه للاردن ترابا؟.

ان الهوية الاردنية ضائعة , وهناك من لا يريد لها ان تظهر تمهيدا لقدوم استحقاقات قادمة يطبل لها ويرقص على انغامها اتباع النقابات المهنية.

فاذا كانت النقابات وطنية الحس , فلماذا لا تعمل على اطلاق مسيرات غاضبة تنطلق من مجمعها , نصرة لفلسطين بوقف المنادة لمنح الجنسية لمن لا يحملها من اصحاب البطاقات الصفراء التي تتيح العيش لهم في فلسطين , واصدار بيان يعتبر كل من ينادي بذلك خائن للاردن , قبل ان يكون خائنا لفلسطين.

وقفة للتأمل" تغنيت بأسم العرب والعرب مني – وإن جاروا عليّ ومهجتي

ولا فرق عندي بين عيسى واحمد _ ولا فرق عندي بين حيفا واربد ".

Quraan1964@yahoo.com