العنصرية الزبالة ..


قد وضعت على صفحتي صورة لثلاثة حاويات للنفايات في الأمس بسابقة لم افعلها من قبل، لأن القمامة العنصرية في الوطن العربي اصبحت اشكال و انواع و وصلت الى درجات لا تطاق إطلاقا، و أول هذه الحاويات :
"حاوية نفايات العنصرية الدينية" : فمما لا شك به أنها من أقذر انواع القمامة إذ توهم من يعاني منها بأنه مميز عن سائر البشر بسبب دينه أو مذهبه الديني...و كأن التابع لدين معين يصبح له ميزة فوقية عن سائر البشر فيبدأ بالتميز بين البشر بناءا على الدين و المذهب مما يبدأ بخلق مناخ غير مستقر بالمجتمع إذ سيتبع هذا التميز رد فعل من الطرف الآخر قد ينحسر بسجال ديني أو مذهبي...و مع الأسف هذا سينعكس على الخارطة الديمغرافية إذ التعامل مع افراد المجتمع سيجعل ابناء المذاهب أو الأديان يتقوقعون حول بعض في بقعة جغرافية معينة سعيا وراء التكتل و الترابط الذي سيؤمن لهم الإستقرار أو الآمان بدلا من طلب هذا الأمر من المجتمع و الدولة و الأمن أو الشرطة في البلد...

مع كل أسف قمامة العنصرية الدينية تضعف من ترابط المجتمع الذي يشهد هذا الأمر فبدلا من الإنطلاق نحو مجتمع متراص البنية مفعم بالفكر الإيجابي الذي يعتمد حقوق المواطنة و الإنسانية كقاعدة للتعامل مع بعض نرى هنا فكر فقير يدفع عناصر المجتمع للإلتفاف حول العنصرية و ينعزل الى تكتلات اجتماعية أصغر من حجم المجتمع ككل مما قد يولد نزاعات داخل المجتمع ستؤدي الى حروب فكرية ... و قد ينعكس هذا الأمر على الحياة السياسية إذ سيخلق ساسة مهتمين بالدفاع عن حقوق الاقليات مقابل الأكثرية بالمجتمع و هذا بحقيقة الأمر هو نوع من أنواع الحروب السياسية، فعاجلا أم آجلا سيفرز كراسي نيابية تصنف بحسب الدين بدلا من مسميات أجتماعية ارقى من عنصرية الدين...و أحزاب سياسية تعنى بجمع أتباعها تحت مظلة مسميات دينية مما سيجعل الحياة السياسية تنحصر بحركات سياسية دينية مع كل أسف...فبهذا ستتأسس الدول استنادا الى عناصر بيئية ديينة مما سيمهد الى نع الزبالة الثانية...

"حاوية نفايات العنصرية الطائفية" : في حقيقة الأمر هي و العنصرية الدينية وجهان لنفس العملة، فبنية المجتمع تعتمد المذهب الطائفي إن كان سياسيا أو دينيا بدل من حقوق المواطنة، و قد يكون لابناء مذهب أو مذاهب معينة في بلد ما امتيازات افضل من ابناء سائر المذاهب...فالمجتمع يعتمد على التفرقة و على سبيل المثال لا الحصر بين سنة و شيعي و درزي و علوي ألخ...بين كاثوليك و بروتستنت و لاتين و موارنة و متجددين و معمدانين و انجيلين الخ...بين اتباع حزب سياسي مُعَيًنْ يعتمد في اغلبية اعضاءه على ابناء طائفة معينة و بين حزب آخر يعتمد تكوين طائفي آخر كإنطلاق للعمل السياسي...و هذه التفرقة مثلها مثل العنصرية تنعكس على التكيون الديمغرافي بالمجتمع إذ قد نرى سكن المدن يتأسس بناءا على التكتلات الطائفية بدلا من الدينية التي تكون أشمل...فمثلا بدل من أن تكون الأحياء السكنية مؤسسة بناءا على مسيحي مسلم يهودي ستكون البنية مفتتة بصورة أشد و أدق لتتكون حول (المذاهب المسيحية) كاثوليك لاتين موارنة متجددين و بروتستنت ألخ...(المذاهب المسلمة و مذاهب آخرى) سنة و شيعة و علوين و دروز و صائبة و الايزيدية و السلفية...و كما أسلفت سنرى هذه التفتتات القوية تشكل عناصر العمل السياسي إذ سيحمل السياسين هذا الفكر الطائفي معهم الى معترك عملهم في الدولة و النيابة و الى الحكومة، فنحن لا نرى مجتمع يمتلك فكر ناضج ينطلق من الإنسانية و حقوق المواطنة ليشكل حياته السياسية...بل نفس مواطنين المجتمع هم في صراع ليؤمنوا سلامهم و سلام أولادهم و ليؤمنوا حقوق ابناءهم..و هذه المجتمعات و الدول التي تعتمد هذا التكيون الإجتماعية كالعنصرية الدينية مجتمعات ضعيفة جدا يمكن انهيارها بأي وقت تتوسع بها الصراعات الطائفية؟؟؟؟ فالمجتمع في تفتت كلي و بذلك تتكون هوية سياسية للدولة ضعيفة جدا و غالبا ما ينعكس هذا الامر بصورة سلبية على جيش الدولة و الأمن الداخلي فيها إذ تفتقر هذه الدولة الى رؤية دولة ديمقراطية متزنة العناصر السياسية و الأمنية...و أكبر مثال على هذا الأمر حدث في الربيع العربي مع عدة دول عربية انهارت كليا بسبب تكيون المجتمع و الدولة الطائفية؟؟؟؟

"حاوية نفايات العنصرية العرقية" : و التاريخ يفيض بأمثلة على هذا النوع من العنصرية قبل ميثاق الأمم المتحدة الذي انهى الإمبريالية القذرة من الحوار الدولي بين بلدان العالم، فأكبر حملات همجية شنتها البلدان على بعض قبل عهد ميثاق الأمم المتحدة كانت بإسم العنصرية العرقية مع كل أسف...سيادة البيض على السود في أكثر من بلد حول العالم...أو سيادة دول متقدمة و التي ابتدأت حملاتها في القرون الوسطى و لغاية أوائل قرن العشرين السالف على بعض الدول الأفريقية و العربية و الآسوية الأقل قدرة بإسم انها متحضرة أكثر منهم...فتأتي هذه الإمبريالية لتحاول محو ثقافة الشعب المُسْتَعْمَرْ و استبداله بسيادة و ثقافة الدولة المستعمرة...أو حتى لغايات سياسية مثل استعمار الدولة العثمانية للمنطقة العربية و قهر العرب و المسيحيين بشتى الوسائل القذرة و الرجعية حينها، و لا بد لنا عند هذه النقطة التوقف مع هتلر بالحرب العالمية الثانية فكان يؤمن بسيادة عرقه على باقي جنس البشر...مما دفعه لشن حملات عسكرية لقهر باقي بلدان العالم و أخضاعها لسيطرة ابناء جنسه، بل كان العالم يتم تقاسم اجزاء واسعة منه بين ثلاثة بلدان فقط في عهد الحرب العالمية الثانية و التي هي ايطاليا و ألمانيا و اليابان؟؟؟ و الجميع يتذكر لولا تدخل المارد الأمريكي حينها لكانت هذه الدول الديكتاتورية العنصرية تملكت قارات بأكملها لتخضعها لسياستها المريضة و الامبريالتها المعوقة...فرأى العالم عهد الأمم المتحدة بعد هذه الحرب الضروس ليتأسس الحوار الدولي على أسس محترمة أكثر من الإمبريالية و العنصرية القذرة و الحروب المدمرة و الذي فتح المجال لتبادل ثقافي ارقى بين شعوب الارض...

أكاد لا افهم ماذا حل بالمنطقة العربية، فرياح التعصب و العنصرية الدينية فعليا أصبحت لا تطاق. أصبح الدين و المذهب هو أساس الحوار الإجتماعي و السياسي في المجتمعات بدل من الإنسانية برؤيتها الشاملة التي تستوعب ديانات البشر جميعها و التي تفتح المجال لتكاتف عناصر المجتمع بصورة فعالة و أقوى من العنصرية و المذهبية و الطائفية...ديانة مفردها لن تكون مكون فعال في عملية النشاط السياسي بالمنطقة العربية أذا ارادت استعادة استقرارها مرة ثانية و نشاطها الديمقراطي فالديمقراطية ستكون ناقصة بعهد دولة تنطلق من ديانة المواطن بدل من الإعتراف بحقوق الإنسان و حاجته و حقوقه الكاملة...لذلك سقطت دولة الإسلام السياسي بأكثر من بلد عربي و انهارات مكوناتها حتى لتستبدلها الحروب و الدمار...فالأمم المتحدة سعت لتعطي الإنسانية حقوقها بكل دياناتها و احتياجاتها الإنسانية لذلك اوصت كل الدول بإعطاء الإنسانية حقها بصرف النظر عن ديانة الفرد لأن لعالمنا تنوع فكري و ديني و ثقافي و عرقي يجب أن يحترم لتتوقف عهود الحروب العنصرية بكافة اشكالها و أوجهها...لتسود مفاهيم الإنسانية التي تسعى ليستقر الفرد في المجتمع بصرف النظر عن دينه او انتمائه السياسي...سعت الأمم المتحدة لإعطاء الفرد حقه في المجتمع إستنادا لمعطيات تشمل كل حقوقه ليعيش عيشة كريمة في بلده بدل من الإنطلاق من الدين الذي لا يميز إلى أتباعه فقط و بدل من الإنطلاق من العرق أو بدل من الإنطلاق من الطائفة...شملت كلمة إنسان تحت مظلتها لتوصي البلدان كافة بضرورة احترام حقوق الفرد و الإنسان بالمجتمع لتنهي عهود من الظلم لتنتعش قيم الترابط بين كافة شعوب الأرض و ليصبح الحوار الدولي منظم أكثر و ليتأسس السلام بين كافة حضارات و شعوب الأرض و ليفهم ابناء بلدان العالم بأن اتباع جنس البشر يؤمنون بأكثر من دين و ينتمون لأكر من ثقافة و حضارة فإستمرار هذه الصراعات كان سيكون مؤلم و غير منصف لباقي ابناء شعوب العالم الأقل قدرة و امكانية...كانت ثقافة العنصرية ستحول العالم الى غابة من الصراعات شعارها البقاء للاقوى بخلاف ما تطلبه و تفرضه الأمم المتحدة التي تؤمن بحقوق عادلة تنصف بها جميع جنس البشر بصرف النظر عن ديانتهم أو ثقافة حضارتهم او لون جلدهم أو عرقهم....اصبحت العدالة بين ايدينا...فلماذا العنصرية الزبالة الآن في الوطن العربي؟؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات