فلسطينيان يحملان وثائق سورية سجلا طفلهما باسم عائلة أردنية


جراسا -

ضمت الأم طفلها البالغ من العمر عامين بقوة إلى صدرها ما إن طرقت مسامعها عبارة: "ليس هناك ما يثبت أنه ابنك"، إذ أثار ذعرها حقيقة أنهما سجلا طفليهما باسم عائلة أردنية من أصول فلسطينية، فيما خيّم صمت عميق على الزوج انتهى بتوجيهه اللوم إلى نفسه وزوجه قائلا: "الغلط أنو خلفنا".

الزوجان ثلاثينيان فلسطينيان يحملان وثائق سورية ولجآ إلى الأردن مطلع عام 2012 في وقت كانت السلطات الأردنية تغض الطرف عن دخول الفلسطينيين الفارين من القتال في سورية إلى أراضيها، قبل أن تمنع في أبريل/نيسان من نفس العام دخولهم، وتعتمد في يناير/كانون الثاني 2013، بشكل رسمي، سياسية عدم قبولهم.

أثارت تلك السياسة ذُعرَ الفلسطينيين، سواء الطامحين منهم للجوء إلى الأردن، أو من لجؤوا إليها فعلاً، فالقادمون خافوا من المنع وتحايلوا عليه في كثير من الأحيان، والواصلون خافوا من الإعادة القسرية."

وتوثق منظمات دولية لحالات منعت فيها السلطات الأردنية الفلسطينيين من دخول أراضيها ولآخرين دخلوا بوثائق سورية مزورة وواصلوا إخفاء هويتهم، وهم اليوم ينخرطون في مجتمعات اللجوء السوري، كما توثق المنظمات إعادة السلطات الأردنية عشرات الفلسطينيين قسراً إلى سورية حيث قتل بعضهم هناك.

ويعيش الزوجان منذ لجوئهما الخوف من إعادتهما قسراً، الأمر الذي بلغ ذروته بعدما حملت الزوجة، كما يقول الزوج.

وأضاف أنه "من يوم ما وصلنا الأردن ونحنا خايفين، بأي لحظة ممكن يتم قذفنا - مصطلح دارج بين اللاجئين يفيد بالإعادة القسرية - لهيك ضلينا حذرين أنه حد يعرف أنه إحنا فلسطينية، ما بنطلع إلا للضرورة، ما بنتعامل مع الناس، قليل اللي بيعرفونا، قليل جداً (..) عنا هون معارف أردنيين، أردنيون أصلهم فلسطيني بيساعدونا".

خلال أشهر الحمل، أطلع الزوجان معارف أردنيين من أصول فلسطينية على مخاوفهما، يقول الزوج "خبرونا أنه ما في داعي للخوف واللي كاتبه ربنا راح يصير".

لكن مع تكرار الأخبار عن طرد فلسطينيين سوريين وحالة الذعر التي كانت تسببها للزوجين عرض رب الأسرة الأردنية على الزوجين أن يسجلا الطفل عند ولادته باسمه واسم زوجته.

بعد تردد متبادل، ورفض أولي للفكرة من قبل الزوجين الفلسطينيين، وضعت الأم طفلها في أحد المستشفيات الحكومية التي دخلتها بهوية السيدة الأردنية وحضور زوجها على اعتباره والد الطفل المنتظر، وبذلك أصبح الطفل أردنياً. يعتقدان أنهما بذلك وفرا الحماية لطفلهما "لو قذفونا، لو شو ما صار معنا ما في خطر على الولد (..) في النهاية الأوضاع في سورية راح تروق (..) إبنا عايش معنا همه سجلوا باسمهم مو حتى ياخذوه همه عارفين ظروفنا وساعدونا، وراح يجي يوم نسجله باسمنا"؛ يقول والد الطفل.

في ظل واقع قانوني شائك ومعقد، وأخطار تتهدد فلسطينيي سورية في الأردن، لم يكن الزوجان وحدهما من خالفا القوانين الأردنيين، بل أقدم غيرهم على مخالفة القوانين، أو التحايل عليها، معتقدين أنهم بذلك يحافظون على وجودهم.

لم يجد الشاب الأردني فراس (اسم مستعار) حلاً سوى التحايل على القانون ليتزوج فتاة عشرينية من فلسطينيي سورية، بعدما لجأت إلى الأردن عام 2013 برفقة أسرتها التي دخلت باستخدام وثائق سورية مزورة.

عقد الشاب قرانه على الفتاة بعقد عرفي، حتى لا يضطر كونها غير أردنية إلى الحصول على موافقة من وزارة الداخلية على عقد القران.

يقول "خشينا أن يتم التحقيق حول كيفية دخولها إلى الأردن". ولاحقاً، وثق الشاب زواجه في المحكمة الشرعية، والتي تكفلت بمتابعة إجراءات الحصول على موافقة الداخلية بعدما أخبرهم "دخلت بزوجتي".

كذلك يعيش الفلسطيني السوري علاء، منتحلاً شخصية مواطن أردني يحمل بطاقته الشخصية، يقول علاء "صديقي الأردني أعطاني هويته أستخدمها لو وقفتني الشرطة، الهوية تلفانة والصورة مش واضحة (..) أنا مستأجر بيت عنده، بيعرف وضعي وأنه لو انصبت ممكن أنقذف".

ويشكل حمل اللاجئ الفلسطيني الهوية الأردنية جريمة يعاقب عليها قانون الأحوال المدنية بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات بحق حاملها وصاحبها. غير أن علاء وغيره ممن خالفوا القانون الأردني ينعمون بأمان مؤقت، إذ يخشون ضبطهم، فيما سيكون مصيرهم الإبعاد، بعد قضاء العقوبة، بحسب ما يتيح القانون الأردني للسلطات في التعامل مع غير الأردنيين.العربي 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات