نَعِي فَاضِلَة/جَامِعَةُ الدُوَلُ العَربِيَّةُ


آل فقيدة الأمة العربية من المحيط إلى الخليج ،وأبناء الفقيدة مندوبي الأنظمة العربية ،ينعون إليكم بمزيد من الحسرة والألم ،فقيدتهم الغالية ،التي وافاها الأجل عنْ شَيخُوخةٍ مُبكرةٍ ،غًشِيتْهَا كمَا غَشِيتْ النّعجَةِ المرحُومةِ دُولِّلي .
ونعلمُكم أنّه لنْ يصَابَ أحدٌ بحالةٍ مِن الحزنِ ،ولنْ يُدْعَى أحدٌ للمُشارِكَة في تأبِينِها ولا حتّى لزيارةِ بيتِ العزاءِ .
ولنْ يُغضِبَنِي لو أنّ إعلانَ نعِي الجامعةِ العربيّةِ قدْ ذُكِرَ مِن ضِمنِ حَسناتِها ، وأنَّها قضَتْ سنواتِ عُمرِها في أعمالِ البِرِّ والتقوى ،فسوفَ أعتبرُ ذلكَ نُكتةً سَمِجَةً، تَحمّلنا مِثلَها الكثيرَ ،لأنَّ جميعَ موتانا ،اعتبارًا مِن السماسرةِ ،وانتهاءً بالخونةِ ،كُلُّهم بدونِ استثناءٍ قضَوا أعمارَهم المديدةَ في أعمالِ البِرِّ والتقوَى .
النكتةُ أو الكذبةُ في التاريخِ العربِيِّ ،لا تستحقُّ فعلاً أنْ تبقَى على قيدِ الحياةِ، وبالتالي فإنَّ غِيابَها عن الساحةِ ،هو أصدقُ مِن بقائِها على قيدِ الحياةِ ،وبالتالي فإنَّ موتَها أفضلُ ألفَ مرةٍ مِن استمرارِها ،ونسيانُ مواقفِها ،هو عزاءً لكلِّ مِنّا على مًمارساتِها ،التي لمْ تُسهِمْ إلّا في زيادةِ التشرذمِ العربِيّ ،وجعلَتْ علاقاتِنا أكثرَ بعدًا وتمزقًا.
لقدْ كشفَ العدوانُ "الثلاثي" على حلب ،الغطاءَ عنْها ،فبدَتْ سوءَتُها وعورتُها على حقيقتِها ،هشّةً واهنةً كبيتِ العنكبوتِ ،لا تقومُ على أساس.
ينخرُ الفسادُ في أساسِها ،فلمْ تنتصرْ يومًا لقضايا أمّتِها العربيَّةِ ،ولمْ تُحرِّكْ نوائبُ الدّهرِ وصرْخاتِ الثكالَى واليتامَى ،الصادحة بأنين الثكالى والمكلومين ومئات الآلاف من اليتامى والأرامل في "حلب الشهباء" شعرةً واحدةً مِن جسدِها المشلولِ ،فباتَتْ ذليلةً عاجزةً ساكنةً كمياهِ البحرِ المَيّتِ ،وطَفِقتْ تخصفُ مِن ورقِ الاستجداءِ والتوسلِ ،لتواريَ سوءَتَها ،ولتداريَ عَجزِها ودُونيّتِها.
وحدَها "حلب" ما زالتْ تصارعُ دهرَها الغاشمَ ،الذي رمَاها بقاصمةِ عصابة الإجرام – هولاكو سوريا وثعلب روسيا وزمرةَ الدجلِ والشعوذَةِ في إيرانَ - فنزلُوا عليْها نزولَ البلاءِ ،وفشتْ دباباتُهم ومدافعُهم وطائراتُهم فشوّ الطاعونِ.
وحدَها "حلب" تواجهُ طوفانَ القتلة ،الذي يمتدُّ ويتّسعُ ،يحملُ الموتَ والدمارَ ،يأتي على الأرض والإنسان ،يجتثُ كلَّ شيء مِن أصولِهِ ،أمَّا نحنُ فقدْ حجزْنَا في مقاعدِ المتفرجِين لا نملكُ لهُ دفعًا ،نشاهدُ آخرَ فصولِ الجريمةِ.
وحدَها "حلب" وقفتْ يتيمةً ،تتحدّى دباباتِ وطائراتِ وصواريخِ الثعلبِ بوتين ،ودمية روسيا وإيران هولاكو العصر ،فيما تختبِئُ الجامعةُ العربيةُ ،ومِن ورائِها أنظمةٌ كاملةٌ بجميعِ اكسسواراتها: جيوشٍ، وأجهزةٍ أمنيةٍ ،ووسائلِ إعلامٍ ،ووظائفَ ومناصبَ ،وسجّادٍ أحمرَ ،خلفَ افتتاحياتِ الصحفِ ونشراتِ الأخبارِ ،نعم ،لقدْ أذلَّتهُم موسكو وطهران.
إنَّ الفُحشَ الإجرامِيّ ،الذي يجري على الملأ بأيدٍ قذرةٍ ،تحملُ عبءَ هذا الإثمِ التاريخِيّ مِن أحفادِ "عبد الله بن سبأ اليهودي" بحقِّ إخوانِنا على أرضِ "حلب العز والصمود" ليكونَ وصْمَةَ عارٍ في جَبينِ الإنسانِيّةِ.
كتبْ ستِيفِنْ رُوزْنفِلد في الواشِنطن بوستْ يَنعَي على العربِ والمسلمين خِذْلانُهم لإخوانِهم على أرض بيت المقدس ،الذين يُذبَحُونَ ذبحَ الخرافِ ويقولُ :(لمْ نرَ لهذهِ الأخُوّةِ الإسلاميةِ المزعومةِ أثرًا يُذكَرُ ,وإلى هذهِ الّلحظةِ ما زالتْ المذابحُ مستمرةٌ ،والقتلُ والطردُ والاغتصابُ يجري ،وعلى الجانبِ العربِيِّ لمْ نرَ إلا الشجبَ والتصريحاتِ بلْ إنّ مِن بين الدولِ العربيّةِ والإسلامِيّةِ مَن وجدنَاهُ يبيعُ بترولِه لإسرائيلَ.
ثمّ في سُخريَةٍ وقحةٍ يقولُ :كانَ هناكَ كلبٌ ولكنّا لمْ نَسْمعْهُ ينبحُ ليدفعَ الذئبَ عنْ غنمِهِ ،ولا شكَّ أنَّ الِنمْرَ العربيّ والإسلامِيّ الذي صوَرَتْهُ لنا الصحافةَ الغربيّةَ في الماضِي لمْ يَكنْ سِوى قطةٍ أليفةٍ تموءُ .إلى هذهِ الدرجةِ بلغتْ الشماتةُ.
لِمَنْ نَشـــــــكُو مَآسِينَا ومَنْ يُصغِي لِشكوَانَا وَيُجدِينَا
أنشكًو مَوتَنا ذلُاً لِوالِينَا وَهلْ مَوتٌ سَيُحْيِينَا
قَطيعٌ نَحنُ والجزَّارُ راعِينَا وَمَنْسِيُّونَ نَمشِي فِي أراضِينَا
ونَحمِلُ نَعْشِــنَا قَصْرَاً بأيدِينَا ونُعرِبُ عنْ تعازِينَا لنَا فينَــا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات