كلاسيكو الدم ..


ايهاب سلامة - في الوقت الذي يباد فيه اهلنا في مدينة حلب السورية، ويذبح فيها النساء والاطفال والشيوخ، وتفجر فيها المساجد والمدارس والمستشفيات والمنازل على رؤوس ساكنيها، ينتفض ابناء الامة من اقصاها لادناها مع مباراة كرة قدم بين فريقين اسبانيين.. وتخلو شوارع العواصم العربية من ناسها ومركباتها، وينبطح رجاﻻتنا أمام شاشات التلفاز، في مشهد لم يسجل التاريخ البشري كما انحطاطه ..

وفي اللحظة التي تدك فيها الصواريخ اعناق الاطفال في حلب، ويموت فيه اهلنا في مدن سورية وعراقية وعربية واسلامية من الجوع والعطش.. ولا يجدوا حتى الماء الآسن ليشربوه، ويأكلوا من جيف الحيوانات النافقة، فيما ترفل امتهم بالنفط والمليارات المكدسة في بنوك البلدان التي تقصف ذات المدن العربية بطائراتها وصواريخها .. يكون المواطن العربي قد وصل الى مرحلة من السقوط الاخلاقي محال أن يكون دونها مرحلة..

حين تستحوذ لعبة رياضية يتراكض فيها 22 رجلاً خلف كرة جلدية، على انتباه وتفاعل الشعوب العربية من محيطها لخليجها، ولا تلتفت ذات الشعوب وتنفعل قهرًا وغضباً على ابناء جلدتهم الذين ترتكب بحقهم مجازر لم يشهد التاريخ مثلها يوماً.. تسقط القيم والمبادىء التي تتغنى بها الشعوب كذباً، تحت قدم رضيع سوري تفجّر رأسه لحظة تسجيل هدف في مرمى برشلونة، فانتفضت جماهير الغفلة العربية انفعالاً، ولم تنتفض على سقوط امتهم، تكون قراءة الفاتحة على جثامين هذه الشعوب الميتة قد حلّت..أو ربما حرّمت !

حين يتكدس الشباب العربي في الكوفي شوبات، والنوادي، والمقاهي، ولا تجد موطأ قدم وسط حشودهم، وهم يتابعون مباراة "كلاسيكو" ريال مدريد وبرشلونة، وتتفاعل الملايين العربية على مواقع التواصل بشيبها وشبانها وشبيباتها، منقسمين بين هذا الفريق وذاك، تاركين الدماء العربية تراق خلف ضمائرهم دون ان تحرك نخوتهم المرحومة قيد ذرة، تلعن دماء الاطفال العربية حينها أمتهم، وتختصم مع كبيرها وصغيرها أمام ربها يوم لا مفر من غضبه وانتقامه ..

الصمت على اراقة الدماء العربية جريمة اكبر من ارتكابها، والساكت على ابادة حلب، متواطىء وشريك في الجريمة، والذي لم تأخذه الحمية على اعراض اخواته السوريات والعراقيات، سيخرس على الجرائم ذاتها لو ارتكبت في بلده ومدينته !



تعليقات القراء

الــمـثــنــى
صارت أجلّ أمورنا و حياتنا هذا الزمن ما عاد يشغلنا سواها في الخفاء و العلن
و اللاعب المقدام تصنع رجلُه مجدَ الوطن
عجبا لهؤلاء الشباب و إنهم أهل الشيم أيسجل التاريخ أنّا أمةٌٌ مستهترة
شهدت سقوط بلادها و عيونهت فوق الكرة

( منقول )
03-12-2016 09:50 PM
رؤوف1
اجمل مقالة في جراسا نيوز ..
03-12-2016 10:27 PM
شكرا جراسا
جرااااااااااااااااااسا كل الاحترام للاستاذ ايهاب ولجراسا الشريفة واخر القلاع الاعلامية في هذه الامة الساقطة
03-12-2016 11:54 PM
اين الفائدة ؟؟؟
نغسي أعرف فائدة واحدة فقط استفاد منها من بتابع تلك المباريات أغلب المتابعين للأسف مثل المثل القائل ( تباهت القرعة بشعر بنت أختها )
04-12-2016 07:30 AM
ضربة معلم
اللهم اهدي شباب وشابات المسلمين يا الله
04-12-2016 09:39 AM
رياض
جزاك الله خيرا استاذ ايهاب وكل الشكر لجراسا
04-12-2016 02:26 PM
ام راس يابس
مقالة جميلة
انا أرى ان الشعوب باتت مخنوقة وما العيب إن رفهت عن نفسها قليلا لكن دون تخطي حدود المعقول
لو أتيحت الفرصة لهذه الجماهير العربية الفرصة لرأيتها على الحدود.. لكن ما باليد حيلة
04-12-2016 11:52 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات