جدار غزة .. سلاح صهيوني لمواجهة أنفاق المقاومة


جراسا -

يهدر الاحتلال الإسرائيلي مليارات الشواكل كل عام من ميزانيته لتهدئة حالة الذعر التي يعيشها؛ بسبب قضية الأنفاق التي تحفرها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة باتجاه المستوطنات، وتنفذ منها عمليات مقاومة فردية وجماعية، عشوائية ومنظمة، الأمر الذي جعل المستوطنين يتهمون قطاع الأمن الصهيوني بالعجز عن صد أو تحجيم هذه الهجمات، فما كان من الاحتلال إلا أن يهدر المليارات في محاولة لتأمين مستوطناته غير الشرعية.

المشروع الأضخم في تاريخ الاحتلال

نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية تقريرًا عن شروع سلطات الاحتلال في بناء سور على طول السياج الفاصل على امتداد حدود قطاع غزة. وما يميز هذا الجدار عن مثيله في الضفة الغربية أنه سيكون فوق الأرض كما تحتها، في مسعى لمنع الفلسطينيين من حفر أنفاق تحت السور كما يفعلون الآن تحت السياج الفاصل، وهو المشروع الذي تم اقتراحه لأول مرة من الجيش الإسرائيلي في أعقاب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، والتي استخدمت خلالها المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس هذه الأنفاق لشن هجمات على المستوطنات وصلت إلى قلب تل أبيب، وبعد انتهاء الحرب اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقين هجوميين يمتدان إلى داخل الأراضي المحتلة من قطاع غزة، حيث تم اكتشاف أحدهما في شهر إبريل، ووصل عمقه إلى حوالي 100 قدم تحت الأرض، وامتد إلى عشرات الأمتار داخل الأراضي الإسرائيلية من قطاع غزة.

وقال رئيس الأركان الإسرائيلي، جلعات ازنكوت، إن المشروع هو الأضخم في تاريخ الجيش، حيث سيبلغ طول السور حوالي 60 كم على طول الخط الزائل مع قطاع غزة، وستكون هذه المنظومة هي الثالثة التي يتم بناؤها على طول الخط الزائل مع غزة، حيث تم بناء محور “هوبراس أ” في عام 1990 بعد اتفاقية أوسلو، والمنظومة الثانية هي “هوبراس ب” التي بنيت بعد اتخاذ قرار الانفصال عن قطاع غزة، وفي كلتا المرحلتين السابقتين لم يكن هناك هدف لمواجهة الأنفاق، فيما قال الناطق العسكري إن المشروع سيكون سورًا عملاقًا ومن عدة طبقات فوق الأرض وتحتها، وسيشكل فخًّا قاتلًا لمن يحاول حفر نفق من الجانب الفلسطيني.

ميزانية الاحتلال

تصل التكلفة الإجمالية للمشروع إلى حوالي 2.7 مليار شيكل (900 مليون دولار)، وقد تم رصد ستمائة مليون شيكل حتى الآن للمشروع. وعلى الرغم من تأكيد وزارتي الجيش والمالية أنه لا عوائق أمام توفير الكلفة، إلا أنه من المؤكد أن المشروع الصهيوني الجديد الذي يسعى إلى تطويق قطاع غزة سوف يؤثر على الميزانية الإسرائيلية بشكل مباشر، خاصة أنه غير مدرج في الموازنة العامة لسنتي 2017 و2018، الأمر الذي دفع بعض المراقبين والمعنيين بالشأن الصهيوني للقول بأن المشروع مُعرض للتوقف فجأة؛ نظرًا لعدم وجود توضيح من الحكومة حول كيفية تمويل الجدار.

فقد أقرّت الحكومة الإسرائيلية في أغسطس الماضي الميزانية العامة للعامين المقبلين بعد نقاشات مطولة استمرت لـ21 ساعة متواصلة، حيث بلغت ميزانية 2017 مبلغ 454 مليار شيكل، أي حوالي 115 مليار دولار، وميزانية 2018 بلغت 463.6 مليار شيكل، أي حوالي 117 مليار دولار، وتميزت ميزانية هذين العامين خلافًا عن الأعوام السابقة بأنها تُخصص ميزانية كبيرة للتعليم والرفاه الاجتماعي على حساب ميزانية الدفاع، الأمر الذي شكل صراعًا وأزمة بين وزارات الدفاع والتعليم والصحة والرفاه الاجتماعي على وجه الخصوص.

في ذات الإطار قالت صحيفة “هآرتس” العبرية إن مشكلات مالية تعترض طريق الجدار الذي ينوي الاحتلال الصهيوني تشييده حول قطاع غزة. وجاء على لسان المحلل العسكري في الصحيفة، عاموس هرئيل، أنه جرى حتى الآن رصد مبلغ 600 مليون شيكل، نصفها من حكومة الاحتلال، والنصف الآخر من ميزانية وزارة الحرب، وذلك من أصل مبلغ 2.7 مليار شيكل، وهي الميزانية المقدرة للمشروع، وذكر أنه لم يتم الاتفاق حتى الآن على آلية دفع المبلغ بين وزارتي الحرب والمالية؛ ما يهدد بتأخير البدء في المشروع أو عدم استكماله.

هل يحقق الجدار أهداف الاحتلال؟

بعد إهدار كل هذه الأموال في محاولة حفظ أمن قطعان المستوطنين الصهاينة، يأتي السؤال الأهم: هل ينجح هذا المشروع الأضخم في التاريخ الصهيوني في الحد من قدرة المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن حقوق شعبها وأرضها؟ الإجابة قد تكشفها الأيام بشكل وافٍ بعد إنهاء الكيان الصهيوني المشروع، إن لم يتوقف بسبب الموازنة، لكن في الوقت نفسه رأى بعض المراقبين أن فصائل المقاومة لن تستسلم بسهولة لهذا المخطط الصهيوني، وستبذل جهودًا كبيرة من أجل الحفاظ على شبكة الأنفاق التي تعد بمثابة كنزها الاستراتيجي الذي سعت للحفاظ عليه على مدار الزمن، فيما قلل العقيد المتقاعد، يوسي لنغوسكي، الذي شغل حتى عام 2005 منصب مستشار قائد الأركان لشؤون الأنفاق، من تأثير السور المزمع تشييده حول قطاع غزة على الأنفاق الهجومية القادمة منه، قائلًا إنه سيكون بالإمكان تجاوز هذا العائق، وأضاف أن سورًا كهذا سيشكل عائقًا، ولكن يمكن تجاوزه، وتابع الضابط الصهيوني المتقاعد: أخشى من أننا نتحدث عن مشروع ضخم ظاهريًّا وفاشل في جوهره.

فشل المنظومة الأمنية الصهيونية

المشروع الصهيوني الأخير يكشف مدى فشل المنظومة الأمنية للاحتلال بوجه عام في مواجهة قضية الأنفاق، التي باتت موضع جدل داخل دولة الكيان، دون أن تتمكن الحكومة الصهيونية من إيجاد طريقة لوقف ما تسميه خطر الأنفاق، فعلى الرغم من إجراء الجيش الصهيوني العديد من أعمال التجريف والحفر على طول الشريط الحدودي الفاصل مع قطاع غزة والكيان، بحثًا عن الأنفاق، إلا أن عدد الأنفاق التي اكتشفها حتى الآن لا تساوي نقطة في بحر الشبكة التي أعدتها فصائل المقاومة تحت الأرض للدفاع عن أراضيها.

في النهاية بعد أن عجزت القوانين الإسرائيلية المجحفة التي يصدرها الكنيست الصهيوني من وقت إلى آخر عن تحجيم أو تخويف الفلسطينيين من عواقب الهجمات على الأهداف الإسرائيلية، وبعد أن فشلت القوات الأمنية التي أصبحت منتشرة بشكل كبير في كافة أنحاء الأراضي المحتله في وقف عمليات الطعن والدهس التي تنفذها المقاومة في قلب المستوطنات، تسعى إسرائيل إلى إيجاد حل تكنولوجي وملموس للأنفاق العابرة للحدود منذ أكثر من عقد من الزمن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات