من الذي فينا رحل عن الآخر؟!


كانت عمان تغتسل تحت سماء الله
وكنا معها نركض تحت المطر
شيوخاً واطفالاً، نساء وصبايا،
جنوداً، وعمالاً، شعراء ومستمعين،
ولا نكاد نميّز بين دمع تمطره عيون
ومطر تذرفه سماء.
لم يكن في وسعنا أن نقول شيئاً
ولم يكن في وسعنا أن نفعل شيئاً
تبادلنا النظرات دون ان يرى أحدنا الآخر
وفي لحظة صعبة رأيناك تقف على رؤوس اصابعك
كي تلقي نظرتك الاخيرة على حبيبتك عمان
وحبيبتك القدس وحبيبتك بغداد
وحبيبتك دمشق، وحبيباتك الاخريات،
وقبل ان ترفع يديك مودعا تركناك هنا
ومضينا نحن.
وفي صوت واحد مثل بكاء كمان سألناك،
الى اين يا سيدنا ويا سيد قلوبنا؟
أجبت أم لم تجب لم نعرف
فقد صرنا بعدك بلا عيون وبلا آذان
(2)
أي فصل سيبدأ بعد أن انتهت فصولك؟
كيف لنا أن نحاول النظر نحو صورتك المعلقة على جدراننا
فلا نجد إطارها ونجد صورتك في حجم الجدار
كيف نصدق انك لم تعد تتحدث الينا
وانك لم تعد تستمع الينا،
وأنك لم تعد تقود عربتك في شوارعنا وأزقتنا
وانك لم تعد تتوقف لتشرب كوب شاي من اباريقنا
وانك لم تعد تمر على بيوتنا
وتنظر من نوافذنا
حتى اذا رأيت طفلاً بلا غطاء غطيته في هدوء
أو كهلاً بلا عكاز اسندته الى كتفك
وأماً بلا فرح واسيتها واخرجت منديلك من جيبك
لتمسح دموعها وتمسح احزانها.
في ذلك اليوم السابع من شباط
أدخلتنا قلبك وصدرك وعينيك ثم ارتحلت
كأن رحيلك مثل أي رحيل
وكأن غيابك مثل أي غياب
وكأن كل ما منحتنا في حياتك من الفرح
يمكن ان يبقى لنا ساعة واحدة
لحظة يجيء حزننا على رحيلك الموجع
(3)
كنت تدير قرص هاتفك لتتحدث الى واحد منا
فاذ بنا جميعا نتلقى مكالمتك الهاتفية
وكنت تسأل عن احوال مريض فينا
فيشعر كل المرضى ان الدواء الذي انتظروه قد وصل
جئت الينا في الرابع عشر من تشرين الثاني
من عام الف وتسعمائة وخمسة وثلاثين
ورحلت عنا والينا في السابع من شباط
من عام الف وتسعمائة وتسعة وتسعين
كم كانت الصحبة قصيرة والرحلة قصيرة والرحيل موجعا.
حاولنا دائما ان نحمل معك هذا الوطن الطيب الجميل
ثم اكتشفنا يوم رحيلك انك كنت تحمل على كتفيك
الوطن وأهله ودفئه ومتاعبه وأحلامه
كانت المعادلة صعبة، وجعلناها بما لم نستطع ان نعطيك
أكثر صعوبة واكثر تعبا واكثر ثقلا
وصارت المعادلة موجعة اذ لم نكن نصدق
أنك ستغيب يوما عنا.
وها أنت غبت وها نحن غائبون
(4)
لم نرك يا سيدنا منذ عشرة اعوام
واشعر اليوم ان كل حصتي من الفرح والامن والطمأنينة
قد نلتها وانت هنا وقبل ان تمضي الى الله،
وصاياك في عقلي وقلبي، وكلماتك على ورقي وفي حبري
ورسائلك تحيط بي حتى لا اسقط او اجبن او اساوم.
دفئك ملء صدري وبيتي، وصوتك لم يغب ولن يغيب عني
ها دروسك تملأ كتبي ودفاتري، وعشقك للوطن والناس
والشيوخ والعجائز والاطفال والجنود والضباط
يرسم طريقي في حاضري كما في أمسي،
وفي غيابك كما في حضورك.
فكيف يا سيدي أخون امانة حملتني اياها رسالة عمر
او اخذل وطنا اعرف مثل الجميع كم اعطيته
من ايامك ونهاراتك ولياليك وساعاتك
وصحوك الطويل ونومك القليل ساهرا على ابوابنا ونوافذنا
كيف اخذل وطنا لم تخذله او اخذل اناسا لم تخذلهم
كيف انسى ما علمتني او اصحو على غير ما تركت في القلب
والعقل والورق والحبر
عليك سلام الله ولك رحمته وطمأنينته وجنته
ايها الراحل فينا والمقيم فينا
عليك السلام كله، ومنا الاعتذار كله
فليس في لغتنا ما يسعفنا ان نقول اكثر.
 



تعليقات القراء

حسين علي حسين المحارمه
أبدعت ايها الكاتب المحترم ، فالمشاعر الصادقه تدخل الى القلب بدون استئذان وقد دخلت مشاعرك ، ولكن عزائنا بجلالة الراحل جسدا الخالد انجازا وشواهد هو بجلالة الملك عبدالله الثاني الذي سار على الطريق كأبدع ما يكون حادي الركب وقائد المسيره لأن من شابه اباه فما ظلم ، رحم الله الحسين واطال لنا بعمر عبدالله ابن الحسين ملكا وقائدا وحبيبا .
08-02-2010 01:19 PM
نايف النوافعه /مليح االبلاد الاشد فقرا
السيد محادين دموع المطر ام دموع الفقر سيدي زرعو الفقر فينا وعشتا غرباء بغداد ال حرار





























السيد محادين لنا الله والفقر بعد البكاء سيدي زرعو الفقر فينا وانجب صمت حتى عشنا غرباء في االاوطان بغداد بكت الاحرار مرات حكومات صنعتها الظروف بلدي وقصه ولعبة ابني هل تعلم تنام وتاكل خبز الظرائب وكتاب هاجرو ا امبراطورية القلم الى مربد الحكومات وانا ابحث عن وعاء الامل دوما مفقود لك الله يابغداد ياقلعة الشموخ سماؤك وارضك تمطر فر حا للاحرار تحت الارض




10-02-2010 06:28 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات