المسالك الدونية في الحكومات


المسالك الدونية  و مدونة سلوكية

 الاعلام انقسم تاريخيا في الاردن بين مدرستين ، الاولى قادها عدنان ابو عودة ، الرائد في المخابرات العامة و الذي تولى منصب وزير الاعلام ، و هو

تاريخيا الذي دخل الى مبنى الاذاعة و التلفزيون في السبعينيات وتسلم المفاتيح من مديرها انذاك منير الرفاعي ، و هو والد وزير الاعلام الذي حاول ان يؤسس لمدرسة اخرى في حكومات القرن الحالي، و لكن لم يسمح له او عثر و تعثر ..!!!. و فيما بينهما كانت الليبرالية التى اجادتها ليلى شرف و ابدعها ناصر جوده  و المحافظة التى اطلقها هاني الخصاونة وسنها ابراهيم عز الدين. اما مدرسة صلاح ابو زيد فهي مقال اخر و زمن اخر و فكر مختلف بدأت و انتهت بشخصه وحده و عبقريته.

 

و مدرسة ابو عوده هي ربط الاعلام بالامن ، فيما كانت تصريحات الدكتور طالب الرفاعي ان يفك الارتباط بين الاعلام و الامن ، و هي تصريحات جديرة بأن يعاد قرأتها ، لانها بقيت تصريحات.

 

هناك وزراء ربطوا الامن بهم  و قادوا الاعلام و الامن معا ، و اخرين ارتبطوا بالامن وتبعوه .

 

اليوم ، و في عهد حكومة دولة سمير الرفاعي ، القادم من "امريكا الهارفريدية " و يعاونه فريق كان معه او بعده في جامعة هارفرد يحمل فكرا من المفترض ان يكون مع الحريات و الانفتاح ، خصوصا و أن الرسالة الملكية في هذا الاتجاه واضحه و سليمة و حادة و جادة ، و لولا ايماني العميق بالتوجيهات الملكية و مصداقيتها و اهميتها في تطوير العقل و البنيان لما سمحت لنفسي ان أكتب ، خصوصا ان الملك اعلن "ان الحرية سقفها السماء و انه " لن يسجن صحفي " و ان الامل مع جيل الابداع الفكري ، و بالتالي اراد ان يقدم نموذجا غير مسبوق ، و ادوات غير متقاطعة مع المصالح الفردية ، و سبل لا يشوبها اخلاقيات "مد اليد " و "الكتابة حسب "الدفع" و اراد ان يحرر النفس من سيطرة الخوف ، و من التقيد الاعمى لفئة غير مثقفة ، غير متابعة للتطور الكوني ، غير ملزمة بنجاحات "الاردن اولا " ، همها الا يصدر همسا في اي اتجاه دون رقابتها و هيمنتها و محاسبتها للانفاس.

 

هذا الزمن انتهى عرفا ، قتل بالانترنت ، دفن بالسماوات المفتوحة ، اغتيل برصاصة رسائل الهاتف ، و لد على يد الملك عبد الله الثاني.

 

مدرسة ابو عودة ، وحسب محاضرة له هي التى ساهمت في تاسيس صحف محلية و خارجية ، و ادخال شراكات ، وتعيين رؤوساء تحرير و بعدها استلامهم مناصب وزارية في حكومات مختلفة ، و مدرسة الرفاعي كانت تطالب بأن يكون الاعلام بمنأى عن كل هذا وذاك ، و ان يترك الاعلام و سفينته تبحر في الاتجاه التى تريد. كل من المدرستين لهما ايجابيات و سلبيات.

 

الاولى  ترى ان الوظيفة الاعلامية عليها ان تتبع الشكل المطلوب و تتقيد به ، اي ان تكون محاطة بسياج وداخل صندوق حدوده معروفة ، و الثانية كانت ترى ان الشكل الاعلامي يتبع الوظيفة و بالتالي تتمدد و تكبر و تتحرك في كل الاتجاهات كما تشاء .

 

 البعض كان يرى في مدرسة الاعلام يتبع الامن "طبيعة الخنق " و الشق الاخر كان يرى في مدرسة فك الارتباط الامني "طبيعة الخلق" . اما الليبرالية و المحافظة في حكومات متتابعة فقد كانت مدارس تأرجحت بين الصناديق و خارجها ، و لكنهما ساهما في نقلة نوعية من المفترض في دولة مثل الاردن ان تدرس و ان تكون مجالا رحبا للحديث عنهما و حولهما دون خوف او وجل او تقييد او محاسبة .

 

الاردن دوما كان يأتي بالنماذج ، و يقدم التجارب ، وكان ينقل عنه ، و اليوم من خلال حكومة الرفاعي ، من خلال مدونة سلوك ، من خلال الحديث عن ميثاق شرف ، من خلال قانون ينظم الاعلام الالكتروني ،من خلال مجالات عدة لا بد ان تكون المشاركة اوسع ، و الحديث و التفاوض و النقد و التاييد معهما و ضدهما هي الاساس ، و ان يكون على بساط البحث تلك التجارب، و لعل من اهمها كيف اسست  الصحف ، و منها جريدة الدستور ، دورها و بداياتها و الى اين وصلت ، كيف اسست الرأي و دورها و توجداها ، العرب اليوم ، الغد ، الاسبوعيات و النشرات الدورية .

 

 ان كل من تلك الجرائد لها قصة ، لها تاريخ ، لها نجاحات ،بها عمالقة ، لها وزراء ، لها اصحاب ، و لها ارتباطات .

 

هذه الصحف بحاجة الى دراسة هادفة  ومتزنة و حرة ، وان تعلن للجميع بشفافية في تاريخ الاعلام ، و ما ينطبق على الصحف يأتي الى الاعلام الحكومي المتمثل في الاذاعة و التلفزيون ، و كيف تمت التعيينات او الاختيارات للمسؤوليين و اسباب رفض العديد لتولى المناصب في بعض من المؤسسات الاعلامية ، كتابة الافتتاحيات ، كتاب الاعمدة و غيرها هي من مفاتيح فهم الاعلام الضرورية قبل الحديث عن صحفي في حكومة يجمع الوظيفة و الصحافة جمع تقصيري قبل السفر ..!!.

 

 لم يعد مقبولا ان يتم التحدث عن سلوكيات تحكم صحفييون دون الخوض في سلوكيات الصحف ..و ليس من النزاهة الحديث عن حريات و اخلاقيات و مدونات في الوقت الذي يقرر البعض تحويل المجرى الاعلامي الى" مسالك دونية " للمنع و الحجب و قتل الابداع و غيرها بأسم النظم و التعليمات .

هناك مختصون لسرقة "افكار خلاقة " و تدويرها و تعميمها لتخرج " بلا اخلاق " .

 

الضمان الحقيقي للتقدم ، للابداع ، لتحقيق الرؤى الملكية هو الفكر الحر ، هو الفكر غير المقيد ، هو الفكر القادر على الابحار مع و بدون الامن ، لان الامن اولا واخيرا هو في مصلحة الوطن ، هو شريك في النجاح ، لا كما يصور له ، ولا كما يقفز عنه ، و لا كما يحلو للبعض التهجم عليه .

الاعلام في كل دول العالم له صاحب ، و الصاحب في ارتباط في الاغلب  مع " الامن " المتعلم ، المثقف ، المتابع ، المتطور ، القادر على المساهمة و المشاركة في صنع مستقبل مشرق .

 

سقط الاعلام المبرمج عرفيا ، و الاعلام التابع ، و الاعلام البوقي ، و الاعلام الكاتم ، و الاعلام المدفوع ، الاعلام الماسخ  و غيره  من النماذج الساقطه ، و نجح الاعلام صاحب الذهنية الرقمية ، العاصفة بالقفز خلف اسوار الفصوص العقلية ، المرتبطة بالكترونات الوطن ، اي كان هذا الوطن ،محلي او عالمي ،  الاعلام الحيادي و الموضوعي سواء رياضي او سياسي او اقتصادي ...ألخ .

 

 اليوم الاعلام في مواجهة العالمية ، لا  المحلية ، هو اعلام النمط السريع لا المشفر ، سقط اعلام " المسلوق" الجاهز لكل وجبة حكومية .

المطلوب تدريب القدرات العقلية الاعلامية في  التفكير و التفاعلات و التخطيط و الاحاسيس و تشكيل منظومة تناغم عالمية اعلامية بعيده عن قيود و رغبات "مسلكية دونية " و ارسالات و اشارات قمعية تحت اي مسمى .

 

الظاهرة الفوقية في التعامل مع الاعلام و الاعلاميين من الحكومات و استقبال الخواطر تقتل الذكاء الوجداني الاعلامي و تؤدي الى اتلاف العلاقة التناسبية بين الرؤي الملكية و التنفيذ الحكومي .

 

العهد الجديد في كتاب التكليف ضمان لمجتمع متطور و اعلام سقفه السماء يسعى لدعم الطاقات الابداعية و التميز .

 

aftoukan@hotmail.com



تعليقات القراء

حسام البطيخي
الله وحده قادر على كل ظالم
31-12-2009 09:51 AM
خريويش الطوز كلانا
الموضوع ابسط من هيك وممكن ينصاغ بكلمة وحدة ..عصابات ...
31-12-2009 12:24 PM
صدى
و كأن صنع القرار بيد أشخاص في الأردن!!!!!!!!!
31-12-2009 02:11 PM
AHMAD
شيخ و الله الدكتور عبدالفتاح
31-12-2009 11:41 PM
ميسرة زريقات
مقال جميل للكاتب طوقان .. نحن لا تقول ان هذه المدرسة افضل من تلك او غيرها ولكن لكل زمن مدرسة تناسبه وتتماشى مع متطلباته .. ولكل مدرسه فضائلهاوبصماتها المهمه على مسيرة التقدم. نحن الان امام تجارب وخبرات كافية تؤهلنا الى صياغة مدرسة حديثة متقدمة تحترم وتخاطب العقل البشري الذي صاغ كل هذه المدارس .. نريد اعلامنا يخاطب عقولنا ولا يستخف بها. نريد اعلاما يصيغة ويوجهه افراد مثقفون ومخلصون لمسيرة التقدم ومصلحة البلد والارتقاء به الى التقدم . نريد اعلاما يقول لنا هذا الرجل فاسد ومختلس وهذا الرجل امين ومخلص ليكرم الامين ويعاقب الفاسد وليعلم الناس اصحاب العقول الحقيقة بحلوها ومرها .. يوجد ايطا تجارب دول سبقتنا في مجال الاعلام وفي مجالات الاصلاح المتعددة , يمكن الاستفاده من خبرات هذه الدول وحتى طلب المساعدة منها اذا لزم (يعني بدناش مكابرة ونظرية ابو العريف).

ولتتذكر كل الصحف والمواقع التي تشكل هيكل الاعلام المقروء ان الشعب يتابع وان الحقيقة ستظهر يوما ما وسيعلم الجميع من الذي ساهم في مسيرة البلد ومن الذي حاول الاساءة .. يجب على كل الصحف والمواقع ان تتنافس في ايصال الحقيقة للناس حتى يكسبون ثقة الناس وتقديرهم ..
01-01-2010 01:20 PM
الفقر كلانا يا بشر
انا لا ادري ان كنت تريد ان تقول...
02-01-2010 04:10 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات