مستشار عرفات لـ"جراسا" : الخلاف بين حماس وفتح ليس فلسطينيا ( الجزء الثاني)

بسام ابو شريف المستشار السابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات

جراسا -

مراسلنا في رام الله  - نهاد الطويل  - خاص  - أكد بسام أبو شريف المستشار السابق للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وذلك في الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته معه "جراسا" ، أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة باتت حقيقة وان على القيادة الفلسطينية ان تعي وتستوعب ذلك انسجاما مع تطلعات الشارع.

أبو شريف – القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – يشترط توفر قيادة جامعة وحدوية لهذه الانتفاضة وتتحمل مسؤولية استيعاب هذه الحقائق وتحريك الشارع شعبيا ضد الاحتلال وضد سرقة أرضنا و إقامة المستوطنات ولتكن شعاراتها :" نريد حريتنا  نريد دولتنا ... ليرحل الاحتلال ".

واليكم النص الكامل للحوار :

س- الانتفاضة الثالثة وقعت كما حذرتم مرارا في ظل انسداد الأفق السياسي واستمرار العدوان الإسرائيلي والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية؟

ج: نعم الانتفاضة الثالثة وقعت كما اشرت وهي امتداد لمفردات القاموس العالمي للثورات للتخلص من الظلم والاحتلال وسحق حرية الإنسان ومحاولات استعباده،لا يوجد لدي أدنى شك بأن الفلسطينيين سوف يدافعون عن أنفسهم وشجرهم وأملاكهم لأن هذا هو دفاعهم عن الوطن والحياة والبقاء.

إذ لا يعقل أن يعتبر شعب من الشعوب ( وما بالك بالشعب الفلسطيني ... شعب الثوار ) أن العبودية والخضوع للاستعمار هو خيار يمكن أن يفكر فيه ، لا خيار أمام الشعب الفلسطيني في وجه الهجمة الصهيونية المتصاعدة والمتسارعة لطرد الشعب الفلسطيني من أرض وإقامة الكيان : دولة من النهر إلى البحر ... دولة عنصرية توسعية ... دولة تقوم على سرقة أرض شعب آخر وتهجير أصحاب الأرض والدرع والزرع : لا خيار أمامه سوى التصدي لهذه الهجمة لأنها تعني الدفاع عن النفس ، الدفاع عن البقاء ، الدفاع عن الحياة ، الدفاع عن الوطن، لا خيار أمام الشعب الفلسطيني إلا أن يناضل من أجل انتزاع حريته التي سلبت منه ، وأن يناضل من أجل إعادة فلسطين إلى جسم الأمة العربية التي ينتمي إليها .

إن الدفاع عن النفس على أرض فلسطين يبدأ في كل بيت وعند كل شجرة وعلى مدخل كل قرية وعلى أبواب كل بلدة وعند مداخل كل مدينة . الشعب الفلسطيني لم يسعى للحرب ولا للقتال ، لكنه تعرض للاحتلال والإذلال والبطش والمجازر والإرهاب الذي ارتكبه صهاينة متطرفون وهمج لا ينتمون للحضارة الإنسانية .

هذا الاحتلال واستمرار الهجمة التوسعية الاستيطانية بقوة السلاح من قبل أغراب همجيون لا أخلاق لهم ولا قيم ، يفترض ويفرض على كل إنسان ينتمي لمجتمع إنساني حضاري أن يدافع عن قيم هذا المجتمع وأفراده ووجوده وبقائه ميزان القوى مختل لصالح العدو الهمجي ولكن هذا لا يعني أن الطرف الأضعف وضحية الاعتداء غير قادر على الدفاع عن نفسه وإلحاق الهزيمة بالآلة الهوجاء التي تحاول دفنه.المقاومة هي الدفاع عن النفس ..المقاومة هي الدفاع عن الحياة ..المقاومة هي الدفاع عن البقاء ..

شعبنا يواجه عصابات من الهمجيين الرازحين تحت فكر غيبي لا ينتمي لهذا العصر ، ويضللون الرأي في أوساطهم وأوساط الغرب بادعاءات لا قيمة لها ، بل تثير السخرية والاشمئزاز وهؤلاء علينا مواجهتهم بثورتنا على الظلم والإذلال والاستغلال . يجب علينا أن نفهمهم أن حقنا في الحياة حق مقدس ، وحقنا في أرضنا لا تنازل عنه وأن حقنا في الدفاع عن النفس معركة مشروعة لنا كما هي مشروعة للشعوب التي تتعرض للغزوات الهمجية والاستعمارية . عندما يثور الشعب تبدأ عملية التراكم .التراكم هو القانون الذي سيحكم تحرك الشعب الفلسطيني المقبل تماما كما تنتقل الحرارة من ذرة ماء إلى ذرة أخرى وتتراكم لتصل إلى حد تحول الماء إلى بخار .

نعم ثار المرجل الفلسطيني في وجه الغزاة .. فالأوضاع الاقتصادية سيئة غاية في السوء والسبب الرئيسي هو الاحتلال .

قد يكون الوضع الاقتصادي وصل إلى هذا الحد من السوء لأن جشع البعض ، تجارا وأغنياء ومحتكرين متحالفين مع بعض المسئولين ، زادوا من التأثير المدمر للاحتلال على وضع الفلسطيني الاقتصادي والاجتماعي .تفاقم هذا الوضع سيحرك الناس لأن الجوع كافر ومن الضروري هنا أن يعلم المحتجون أن السبب المركزي في مصيبتهم هو الاحتلال ... الاحتلال ... الاحتلال .

وهذا سيعني بالضرورة أن تتحول المظاهرات والاعتصام والاجتماعات في كل أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة ، إلى احتجاجات جوهرها الوضع الاقتصادي ويافطتها المطالبة برحيل الاحتلال .

مثل هذا التحرك يمكن أن يبدأ غدا أو الليلة ، شريطة توفر قيادة تتحمل مسؤولية استيعاب هذه الحقائق وتحريك الشارع شعبيا ضد الاحتلال وضد سرقة أرضنا وضد إقامة المستوطنات ولتكن شعاراتها :" نريد حريتنا ... نريد دولتنا ... ليرحل الاحتلال ".

أن استمرار هذا التحرك دون توقف سوف يعني بالضرورة مقاطعة شاملة للاحتلال وبضائعه ومسؤولية. وسيعني رغم أنف الجميع بداية تحرك العالم مرة أخرى للشرق الأوسط وقضيته المركزية فلسطين ، لأنهم يحاولون أن يحولوا قضايا الشرق الأوسط إلى معارك جانبية تبعد الضوء أو تطفئه تماما عما يفعل الاحتلال في أرض فلسطين .يطفئ الضوء عن عمليات التهجير للفلسطينيين ، عن تمدد إسرائيل لتصبح دولة بين البحر و النهر وعن التهام الأرض الفلسطينية قطعة قطعة وتهويد القدس تهويدا كاملا وهدم أولى القبلتين وثالث الحرمين وكنيسة القيامة وكنيسة المهد.

التراكم في التحرك الشعبي هذا سوف يؤدي إلى نتيجتين .. النتيجة الأولى : هي أن الفلسطينيين سيكونون في حالة عصيان وطني شامل في وجه الاحتلال. وسيعني أيضا أن تفقد سلطات الاحتلال أعصابها وتبدأ بحرب على العصيان وهذا سيؤجج مرة أخرى الصراع بين الحق والباطل . وسوف يحرك مؤيدو الحق في المجتمعات العالمية لنصرة الشعب الفلسطيني وسوف يحرك دولا تدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الى التحرك أيضا .

ان مثل هذا التحرك يحتاج مرة أخرى إلى قيادة متمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن نفسه ، وليس قيادة تستخدم قوى الأمن ضد الشعب وتعترض هي على معارك الدفاع عن النفس .ان كل قرية من قرى الضفة الغربية مطالبة الآن قبل الغد ، مطالبة ان تشكل لجان دفاع عن البشر والشجر في وجه المستوطنين الهمج .

إذا اعتدوا على امرأة أو رجل أو طفل ، فلا تدر له خدك الأيسر بل أثخنه ضربا .

بعد فترة لن يتجرأ مستوطن همجي جبان للاعتداء على فلسطينية امرأة أو طفلة أو على شجرة . هذا ما يجب أن يكون وما أتوقع أن يحدث.

ج - هل تتوقعون ولادة ربيع فلسطيني على الطريقة العربية في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من ظروف اقتصادية وسياسية ومعيشية صعبة ..؟

س: يجب أن لا نسمي أي تحرك شعبي فلسطيني ربيعا ، فنحن لم نتوقف عن التحرك في مقاومة الاحتلال .أما اذا كان المقصود أن يثور الشعب الفلسطيني على حكامه فأنا أعتقد أنه هنالك قضايا جوهرية سيتصادم فيها موقف الحركة الشعبية الفلسطينية مع موقف حكامها قد تكون في بعض المواقف السياسية أو في خرق الحكام للقوانين أو تهميش دور القضاء وتحويله الى جهاز موظفين أو المركزية المطلقة التي يتصرف بها الحكام هذه الأيام رغم أنهم افتعلوا المعارك مع الرئيس ياسر عرفات ضد ما سموه بمركزية ياسر عرفات .

فالأمور تصل أحيانا إلى حد معاملة توقيع جواز سفر أو توظيف أو إقالة أو شراء سيارة أو حتى تصليح سيارة ، قد يثور الشعب على هذه المركزة ولكن أعود وأقول فورا أن التحرك الشعبي الفلسطيني هو تحرك مقاوم للاحتلال ويجب أن يبقى هكذا فمقاومة الاحتلال سوف ترفع درجات الحرارة في شتائنا القادم ومع ارتفاع درجات الحرارة قد يصاب البعض " بنزلات صدرية حادة".

س - المصالحة الفلسطينية / في ظل التراشق والاتهامات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس حول من يتحمل المسؤولية في تعطيلها ... / من الذي يعطل المصالحة برأيكم ؟

ج:لا أستطيع أن أسمي الخلاف القائم بين حماس وفتح خلافا فلسطينيا ، بل هو خلاف بين فتح وحماس أي خلاف بين تنظيمين فلسطينيين كبيرين مهما كان، ومهما كان حجمهما كبيرا فانه لا يتجاوز 5_10 % من الفلسطينيين والمصالحة بينهما تعني مصالحة بين تنظيمين وليس مصالحة بين الفلسطينيين .

الفلسطينيون لهم ولاء واحد هو ولائهم لوطنهم ولحريتهم واستقلالهم .

الفلسطينيون يؤيدون هذا التنظيم أو ذاك بالمقدار الذي يعتقدون أن هذا التنظيم أو ذاك يخدم قضيته فلسطين وحرية فلسطين واستقلال فلسطين .

المقياس لدى الشعب الفلسطيني هو دائما المقياس الوطني والأخلاقي والسلوكي والقانوني والنضالي لأي تنظيم للأسف وضع التنظيمات الفلسطينية جميعها أصبح وضعا مهزوزا لدى الشعب الفلسطيني واختلفت المقاييس التي يحكم بها المواطن الفلسطيني على تنظيم ما بسبب تعدد السلبيات التي ترافق عمل هذا التنظيم أو ذاك .

وبما أن فتح وحماس تتوليان حتى الآن السلطة من كل نواحيها في قطاع غزة والضفة الغربية ، فان السلبيات بأكملها والناجمة عن مسلكيات سلبية وسياسات فاشلة ومخالفات قانونية وأزمات اقتصادية تحمل مسؤوليتها لحماس في قطاع غزة ولفتح في الضفة .

ومن الطبيعي أن تتحمل مؤسسة الرئاسة الفلسطينية مسؤولية كل السلبيات بما في ذلك سلبية وضعها غير القانوني وغير الشرعي بعد أن تجاوزت المدد القانونية المسموح بها دستوريا لتبقى سلطة . فبغياب الانتخابات يشعر المواطن الفلسطيني بأنه ضحية تلاعب التنظيمين الحاكمين .

والأخطر من هذا أن المواطن الفلسطيني يشعر بالملموس أنه لم يعد هنالك في فلسطين مرجعية شرعية وقانونية عادلة وذات مصداقية .

خرق القانون من قبل كبار المسؤولين أصبح أمر فيه نظر ويتكرر يوميا .

يشعر المواطن أن المؤسسة القضائية غير فاعلة ولا تختلف عن أي دائرة مترهلة من دوائر الحكومة،وأن القضاء وهو سلطة من المفترض أن تكون مستقلة ومراقبة لعمل السلطتين التنفيذية والتشريعية ، لا دور لها إطلاقا سوى تنفيذ أوامر السلطة التنفيذية وتحديدا الرئاسية ، فاذا غاب القضاء وغاب التشريع .. ماذا يبقى للمواطن سوى مزاجية فرد واحد يتحكم بكل الامور .

ولا شك أن المصالحة التي بحثت أكثر من مرة بين فتح وحماس تتعرقل باستمرار لأن كل طرف يحاول أن يجر الأمور لمصلحته كتنظيم .وأدى هذا الى سحق المصلحة العامة تحت أقدام مصلحة التنظيمين .واذا كان مطلوب مني أن أقترح مخرجا فأنا أضع التحدي في وجه التنظيمين الكبيرين مقاومة الاحتلال عبر مقاومة الاستيطان والتهويد والتمدد التوسعي الاسرائيلي .

هذا هو البرنامج الوحيد الذي يمكن لأي تنظيم أن يكسب ود الجماهير من خلاله .وفي هذا الاطار أدعو شباب فتح الوطنيين الخلص وشباب حماس الوطنيين الخلص ، ليجدوا أرضا مشتركة مع الشباب الوطني التابعين لتنظيمات أخرى كالجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب والمستقلين ، لوضع برنامج وطني لمقاومة الاحتلال بهبة شعبية عارمة وتنفيذ ذلك فورا .ان خوض غمار هذه الهبة سوف تصهر كافة المصالح الجانبية والفئوية وتعيد القضية المركزية (( حرية فلسطين )) الى مكانها الطبيعي .ان لم يعرف قادة التنظيمين الكبيرين رأي الشعب الفلسطيني فيما يدور فهذه مصيبة ، وا كانوا يعرفون ولا يبالون فهذه مصيبة أكبر .

لقد مل الفلسطينيون من ابعاد قضيتهم المركزية وهي ازالة الاحتلال الى اسفل سلم أولويات المسؤولين ، ومل الفلسطينيون حشرهم في زاوية ضيقة كي لا يفكروا الا بكيف لا يقطع مصدر رزقهم أو راتبهم .أو كيف يحصل على دواء أو علاج أو تعليم .مل الفلسطينيون الخوف من قول الحقيقة في ظل فاعدة غير سليمة يرسي مفعولها الآن وهي :"اسكت حتى لا تفصل من العمل "ان وضعا كهذا يحمل في طياته مخاطر الانفجار والانفجار الذي أقصد لن يكون في وجه الاحتلال بل قد يشتت ولا يجمع .

ان جسور الثقة بين التنظيمين الكبيرين مقطوعة منذ زمن ومع كل يوم تتباعد الشقة ، ففي الضفة يطارد الأمن حماس تطبيقا للاتفاقات الأمنية مع إسرائيل ، وفي غزة يلعب الأمن دور الشرطي لمنع مقاومة الاحتلال تحت شعار الحفاظ على وقف إطلاق النار ويقوم الطرفان باعتقال أفراد من الطرف الآخر منتهكين بذلك الحقوق الانسانية والشرعية والمشروعة للتعبير عن الرأي .

هذا الوضع إذا استمر سينعكس سلبا على التنظيمين من ناحية وعلى مجمل النضال التحرري الفلسطيني وعلى الشعب الفلسطيني .

ومما يزيد من وطأة هذا الاحتمال عدم وجود طريق ثالث أمام الشعب الفلسطيني وهنا لا بد من إلقاء اللوم على التنظيمات الأخرى خاصة حزب الشعب والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وجبهة التحرير العربية وعلى كافة الشخصيات الوطنية ذات التأثير في الرأي العام الفلسطيني ، فالتنظيمات تخضع للرئاسة ولا تريد إغضابها .

والرئاسة فتحاوية في الضفة بينما حماس هي من تحكم بالفعل غزة حمساوية ولا يريدون إغضابها في غزة ، فهي تنظيمات تقف على حبال واهية قد تقطع في أية لحظة.

أما اللجنة التنفيذية فحدث عنها ولا تسل ،نسمع عن اجتماعات لها وقرارات تتخذها ومواقف . فمن تمثل اللجنة التنفيذية ؟ تنظيمات ورقية لا تملك سوى لوائح أسماء قديمة تقبض أموالا على أساسها وهي غير موجودة أو تنظيمات لا تستطيع أن تعبر عن رأيها بصراحة خوفا من اغضاب رئيس اللجنة التنفيذية الذي قد ينكل باللوائح وبالمصروف المالي أو أعضاء لا يمونون على أصوات أكثر من عدد أفراد عائلتهم ان لم نقل أقل .

ونحن على استعداد أن نتحدث عن هذا الأمر بالاسم وباللائحة لنرى هذا العضو أو ذاك من يمثل وكم شخص يمثل. إن اللجنة التنفيذية الحالية هي محصلة لموازين أكل الدهر عليها وشرب .ورقعت اللجنة التنفيذية أكثر من مرة ، لكن النتيجة هي (لن يصلح العطار ما أفسد الدهر ).

إن شعبنا وقضيتنا أرقى من هذا بكثير ويتطلبان قيادة فذة تمتلك الجرأة والمعرفة والقدرة على المبادرة وإشهار سيف الحق وإعلاء قضيتنا في كل العالم مرة أخرى لأنها قضية حق وعدل.

س: المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي متوقفة ... من بحاجة أكثر الى هذه المفاوضات الفلسطينيين أم الإسرائيليين /وهل يوجد مشروع سياسي يلوح في الأفق حسب قراءاتكم ..؟

ج: أما عن المفاوضات فنحن لم نعد بحاجة لما يسمى مفاوضات . لأنها ليست مفاوضات بل هي مضيعة للوقت ومنعا للهبة الشعبية وذر للرماد في العيون .

إذا كنا نحن نريد السلام وهم لا يريدونه فما الفائدة من التعويل على المفاوضات . للأسف بعض القيادات التي انغمست بالمفاوضات ، أصبحت ترى في المفاوضات هدفا وليس نتيجة المفاوضات المفاوضات ولو على خازوق " أمر يجب أن يتوقف .

... لنتحدث بصراحة

لقد خططت دولة الكيان عبر مفاوضات غير بناءة لتحويل مسؤولية الأمن والنظافة والسير وكناسة الشوارع وتوزيع الوقود و..و.. للأجهزة الأمنية بدلا من سلطة الاحتلال .فارتاحت اسرائيل وأصبحت تسير الأجهزة الفلسطينية لتنفيذ مآرب وقرارات الحاكم العسكري للضفة الغربية . وأسوق مثلا :كانت اسرائيل كسلطة احتلال مضطرة لنشر أربعة آلاف شرطي وجندي ورجل أمن سري في محافظة بيت لحم . استبدلتهم بأربعة آلاف من رجال الأمن والشرطة وكل الأسماء التي تعرفون من الفلسطينيين التابعين للسلطة والتي تدفع السلطة رواتبهم .وماذا يفعل هؤلاء ؟

ينفذون ما تقرره إسرائيل عبر وسيط فلسطيني هو السلطة وإذا أردت أن نفصل أكثر ، اسأل رجل أمن ( مكافح للشغب ) لماذا يحمل الهراوة والقناع والسلاح ؟هل لديه صلاحية حماية الفلسطينيين من المستوطنين المسلحين .؟؟ هل يمكنه أن يدافع بسلاحه عن امرأة فلسطينية يعتدي عليها مستوطنون صهاينة ؟

الجواب هو حتما لدى وزير الداخلية الفلسطيني كما هو لدى رجل الأمن ممنوع استخدام السلاح ضد الإسرائيلي حتى وان كان يذبح طفلك أمام عينيك .

أعطي مثلا آخر : قادة المنظمات الفلسطينية الذين ساروا "مرة " على رأس مظاهرة تطالب بالتحرر والتحرير وزوال الاحتلال تحولوا إلى أهداف لرجال الأمن الفلسطينيين الذين انهالوا على المتظاهرين بالعصي ، لأن التعليمات الإسرائيلية هي التي تفرض ذلك لقد بحثت لجنة إسرائيلية رفيعة ومنها باراك مع الأمريكان : كيف ستتصرف إسرائيل إذا وصل "الربيع العربي" لشوارع الضفة وتحركت مظاهرات نحو المعابر .

هل نطلق النار كان سؤال "إسرائيل" ؟

كان جواب الأمريكيين بالحرف :"عليكم أن تعطوا صلاحية للأمن الفلسطيني ليطلق هو النار على مثل هذه المسيرات !!

هذا الكلام دقيق وأكيد وأنا مسئول عن كل حرف أقوله .عندها أمر أبو مازن بتحاشي الوصول للمعابر والصدام مع الحواجز الإسرائيلية ( راجعوا ذلك في أرشيفكم )!!

نعود لنقول أن الخطوة المتلازمة للحراك الشعبي هو أن يتحول الأمن الفلسطيني إلى أمن يحمي الفلسطينيين لا أمن يحمي الإسرائيلي ويمنع الفلسطيني من المطالبة بالحرية والاستقلال .عندما تحضر الشارع لنهوض متدرج بمظاهرات عارمة يشارك فيها العالم ويدعمها الشارع الفرنسي والبريطاني والايطالي والاسكندينافي والأمريكي والعالمي.

هنا تبدأ دولة الاحتلال على الأقل " في التخفيف من تسارع العدوان والاعتداء وابتلاع الأرض وتهويد الأقصى .

لا مفاوضات دون ضمان حضور روسيا وأوروبا وأمريكا ومصر والأردن وعلى أساس 242 وحل الدولتين .خيارنا هو المقاومة وليس الاستسلام المتدرج .إن تفعيل هذه الرؤية هي الشيء الذي يجب أن يبدأ قبل تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة .ويجب أن يستمر سواء اتخذت الجمعية العمومية قرارا أم أجلت اتخاذ القرار

فـ"إسرائيل" رمت منذ زمن بعيد قرار 242 في سلة المهملات فماذا فعل العالم وماذا فعل مجلس الأمن الذي صوت على هذا القرار بالاجتماع . مضت 45 عاما على مهلة تطبيق القرار لنرى مزيدا من الاحتلال والضم .متى نفهم ؟؟متى نستوعب ؟؟متى لا نلدغ مئة مرة من نفس الجحر ؟؟

س: هل اغفلت القيادة الفلسطينية حركة الشعوب لتأييد حقوقنا الفلسطينية؟

ج: يجب أن تدرك السلطة أن حركة الشعوب لتأييد حقوقنا هي أهم الأسلحة التي نملكها .. فلماذا نعطل هذا السلاح منذ سنوات .. لماذا لا يبذل الجهد اللازم لتأجيج الدعم العالمي لحقوقنا ؟ وهذا يرعب إسرائيل التي تعتمد على مواقف الدول الغربية الرسمية وهي مواقف خاضعة للنفوذ الصهيوني .من حقنا أن نسأل الرئيس أبو مازن .. لماذا يعطل هذا السلاح ؟لدينا تنظيمات نقابية عريقة كالاتحاد العام لطلاب فلسطين والذي يضم عشرات الآلاف من الطلبة الجامعيين المنتشرين في كل أنحاء العالم .ولدينا الاتحاد العام لعمال فلسطين وهو تنظيم نقابي عريق ويتمتع بعلاقات دولية عتية .ولدينا اتحادات الشباب والمحامين والأطباء والصيادلة والمعلمين والمرأة و ... و... هذا هو جيشنا الحقيقي .. فلماذا يعطل دوره ؟؟

إن هذا السؤال يحمل في طياته ادانة لعدم التفعيل .واذا كانت قيادات هذه الاتحادات هي التي لا تتحرك فأين المحاسبة ؟ .. واذا كانت السلطة هي السبب فأين المحاسبة ؟لأن الخاسر هو شعبنا وقضيتنا يجب أن ننفض عن نقاباتنا هذا الجو المترهل . لقد تحولت النقابات الى مؤسسات يوظف فيها النقابيون ويذهبون لمكاتبهم يوميا ونسوا الدور الأساسي الذي عليهم أن يلعبوه : أي أن يحركوا النقابات المماثلة في كل مكان لدعم نضال شعبنا من أجل الحرية وانتزاع حقوقه . هذا هو بند رئيسي لا بد من معالجته فورا . نحن نطرح هذا الأمر ليس للاتهام أو الادانة .(( نحن نطرح تفعيل الدور العالمي والاقليمي للنقابات ليتحرك الرأي العام نصرة لنضالنا ))واذا كانت قيادات هذه النقابات قد تحولت الى بيروقراطية مكتبية فأنا أناشد قواعد هذه النقابات بأن تتحرك .نقاباتنا لا تضم من هم على أرض الضفة وغزة فقط بل تضم كل الفلسطينيين من ذوي التخصص في كل مكان في تنظيم من التنظيمات النقابية .فروع اتحاد الطلاب والعمال والمعلمين والمرأة والمحامين و.... موجودة في أكثر من بلد وهي تغطي رقعة انتشار الفلسطينيين خارج وداخل الأرض المحتلة .الاتحاد العام لطلبة فلسطين كان يرفع علم فلسطين وقضية فلسطين قبل انشاء م.ت.ف وحتى الآن مقر الاتحاد في القاهرة مسجل باسم ياسر عرفات الذي إستأجره في بداية العمل النقابي الطلابي الفلسطيني .أين دور الاتحادات ؟اين الاتحادات ؟كانوا يحولون هذه الاتحادات الى جيوش تدافع عن الشعب والقضية .لنسأل الذين قادوا من قبل .. هل هذا هو دور الاتحادات ؟السلطة تقف وكأنها عاجزة والسبب الانتقائية الفاشلة التي تمارسها .

لنأخذ مثلا :

اتحاد طلاب فلسطين .هنالك قيادات سابقة ما زالت تتمتع بقدرات وطاقات حيوية . لتلتقي هذه القيادات وتضع استراتيجية تحرك عشرات الآلاف من الطلبة الجامعيين في الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا ودول سوفيتية ودول عربية . وتسألني من هم هؤلاء :أذكر لك بعضهم :محمد صبيح مثلا ، وتيسير قبعة مثل آخر _ توفيق الطيراوي ، ناصر لاقدوة _ صادق الشافعي ، خضر شحادة الخ ...لقد استشهد عدد كبير من هؤلاء الطليعيين الذين صنعوا هذا الاتحاد ومنهم : هاني الحسن ، هايل عبد الحميد ، لطف غنطوس ، الخ ... وكذلك الأمر بالنسبة للعمال والمرأة والمحامين والأطباء والصيادلة و ....

ان تحريك النقابات وتفعيلها بروح ثورية بعيدة عن البيروقراطية الوظيفية والمكتبية ، سوف يحيل هذا الكم الضخم الى جيش يحارب من أجل حريتنا واستقلالنا . قلائل هم الذين يعلمون أن مئات الملايين في أمريكا اللاتينية على استعداد للالتزام ببرنامج تحرك شعبي سياسي لدعمنا .ومئات الملايين في الهند والباكستان وايران والدول الاسلامية .. وكذلك افريقيا .

ان تحرك الملايين لنصرتنا نصرة الحرية وحقوق الانسان ، سوف يحاصر اسرائيل.وهذا ما عناه محمود درويش بقوله " حاصر حصارك يا أخي ". أنا اتهم السلطة بالتقصير الخطير  وليس القصد هنا الادانة من أجل الادانة ، بل القصد أن ندفع نحو تحرك فاعل يدعم نضالنا ويدعم تحركا كالذي يقوم به أبو مازن في الأمم المتحدة  وسأعطي مثلا آخر :اذا شكلت هيئة استشارية عليا للتحرك الشعبي العالمي بامكان هذه الهيئة ، وضع برنامج تدعو من خلاله هيئات دولية طلابية وعمالية ولجان المرأة ومحامين وأطباء وصيادلة ولعقد مؤتمراتها أو مهرجاناتها أو تجمعات ثقافية في فلسطين . وأن يرتب لهذه المجاميع زيارة للحائط العنصري الاستيطاني وللمخيمات وللمستشفيات وللقرى حيث تقطع الأشجار و....ان مثل هذا التحرك سوف يغطى اعلاميا على أوسع نطاق في كل الدول فلماذا لا تقوم به ؟

برأيي أن السبب هو ترهل الكادر وتحويله الى بيروقراطية وظيفية وتحوله الى التفكير بمصالح ضيقة وليس بمصلحة الوطن انني اقترح على رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض ، أن يتيح المجال لتشكيل هيئة عليا للعمل الشعبي العالمي تضم كتابا وصحفيين وطلاب ونساء وعمال .... وأن تشكل من خبراء في هذا المجال .

واذا أردنا أن أسماء محددة فنحن قادرون على ذلك اذا طلب منا .بهذه الوسيلة الفاعلة سنخرج من نفق الصراع على المصالح التنظيمية والفئوية ونبدأ بالعمل للقضية الوطنية .

هذه الهيئة العليا يمكن أن يوضع لها نظام داخلي وبرنامج عمل وخطة تحرك عملي .وأنا على يقين أنها ستحدث نقلة هامة في تحريك الرأي العام الدولي لصالح النضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال . لننفض عن كاهلنا الترهل والبيروقراطية الوظيفية ولنكتسب مجددا روحا نضالية وقادرة أن تحرك العالم ، فالعالم لا يتحرك اذا ترهل صاحب القضية ولم يهتم بدعم العالم له .

وانا اقترح على الدكتور سلام فياض أن يعطي هذا الأمر اهتماما لأنه سيساعد في نهاية الأمر في حل جزء من المصاعب الاقتصادية التي يعاني شعبنا منها . فعلى سبيل المثال : لنا في اتحاد عمال ايطاليا علاقات وصداقات مبدأية وتاريخية وأذكر ان عمال ايطاليا كانوا يخصصون تبرعات للشعب الفلسطيني بملايين الدولارات سنويا .

ومهما اختلفت الظروف فإن الهيئة العليا للتحرك الشعبي العلامي ، ستكون قادرة على الاتفاق مع نقابات عمال ايطاليا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الصناعية على تمويل مشاريع عملية تقترحها عليهم في إطار البنية التحتية والصناعات الحقيقية والصناعات التجميعية .ناهيك عن النقابات الزراعية التي تذهب مساعدتها للفلسطينيين دون ملاحظة بسبب توزعها وبسبب عدم مركزية هذا التوجه.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات