مستقبل مظلم ينتظر الأمة


تواجه الأمة بجميع مكوناتها و أنظمتها وضعاً مأساوياً غير مسبوق في تاريخها . و باتت الأنظمة الرسمية تتخبط في مساراتها ، و تتصرف بعصبيات لا تجلب لها غير الكوارث و المآسي .

و إذا نظرنا إلى الأوضاع العربية القائمة فإننا لا نجد دولة واحدة تعيش منفصلة عن غيرها في أمن واستقرار . فباتت جميع الدول و الشعوب مهددة من الداخل قبل الخارج ، و أصحت تفتقد وحدة شعبها مما قد يؤدي مستقبلاً إلى اقتتال طوائفها بعضها بعضاً . أما الأحوال الحياتية و المعيشية و الخدمية ، فلا يوجد أي مظهر يدلُّ على تأمينها للمواطن ، فالبطالة و الفقر هما المدخل للقوى التكفيرية الارهابية يقابل ذلك عجز الدول في إحداث تنمية حقيقية قادرة على تأمين حاجات المواطن ، وتأمين مستقبل يكفل له حياة حرة كريمة .

لقد ساهمت الأنظمة العربية القائمة في ما وصلت إليه الأمة من انحدار وصل إلى حد الهاوية ، فهي المسؤولة عن المأساة التي تعيشها الأجيال العربية . فلا يستثنى من هذا الوضع أي نظام ، بل الجميع مساهمون و مسؤولون ، بطرق مباشرة وغير مباشرة .

لقد ظل إيمان المواطنين بالأنظمة قائماً على أنها ستنقل البلاد بالتطوير الاقتصادي و الإدارة الفعالة ، وخلق الحياة الحرة الكريمة للجميع، دون شعور بضغط يقيد حرياتهم . وظل الجيل الواعي من المثقفين الشباب ينتظر دوره للوصول إلى المواقع المسؤولة ليساهم بنهضة بلاده ،ولكن الأبواب ظلت موصدة في وجهه من الجيل القديم الذي ساهم في تدهور الوضع القائم ، و عرقل مسيرة الاصلاح . كما عجزت الحكومات العربية عن وضع برامج التصحيح الاقتصادي ، و خطط تنمية شاملة للمجتمعات ،فتجمعت الثروات في أيدي فئة صغيرة ، و شاع الفقر و تضخمت البطالة ، و تعمقت الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع .

أما على الصعيد السياسي فلم تسمح الأنظمة القائمة ولم تشجع القوى السياسية على النشاط في أوساط المجتمع ، كما عجزت القيادات السياسية التقليدية عن استيعاب المتغيرات السياسية و الاجتماعية في المجتمعات العربية ، مما خلق حالة من الفراغ السياسي ، الذي استغلته القوى التكفيرية و الارهابية ، و كانت نتيجة ذلك شيوع هذا الفكر في أوساط الشباب في معظم الأقطار العربية الذي بات يهدد أمن و استقرار الجميع .

أما القضية المركزية قضية فلسطين التي كانت محور نضال الأمة ، فقد أضحت في مؤخرة الاهتمامات العربية ، بل نشاهد اليوم أن بعض الأنظمة يدعو بشكل علني و بوقاحة متناهية إلى بناء علاقات مع العدو الصهيوني لمواجهة خطر المد الشيعي الإيراني المزعوم ، فلم تعد " إسرائيل " دولة مغتصبة لفلسطين ، بل دولة جارة مسالمة .

وهكذا ، أصبح هذا الزمن الرديء هو المسيطر على واقع أُمتنا دون أن نرى أي ضوء في آخر النفق المظلم يبعث على الأمل . لقد كان يحدونا التفاؤل في شهر رمضان الكريم أن نسمع بعض الحكام العرب يعلن عن مبادرة للقاء عربي لإنهاء الأوضاع الشاذة للأمة ، و الانطلاق إلى إعادة بناء الكيان العربي ، للتصدي للخطر الداهم الذي يستهدف الجميع ، وبات يتمدد بأخطاره و نكباته لطمس و تدمير كل ما يواجه من بشر و حجر . ليلاقي مبادرة الرئيس الروسي الذي دعا إلى بناء حلف تشارك به سوريا و الأردن و السعودية و تركيا لمواجهة خطر داعش الارهابي و غيره من المنظمات الارهابية .

إن الوضع المأساوي للأمة العربية اليوم لا يمكن تغييره أو النهوض به إلا من خلال توحيد الكلمة تحت مظلة العروبة الجامعة لشعوب الأمة . فقد برهنت الأحداث على أن ما وصلنا إليه من شيوع الأفكار المتطرفة القائمة على المذهبية و الطائفية و القطرية ، سببه فقدان الأمة لهويتها الحقيقية ، و تقسيمها إلى شيع و مذاهب متقاتلة .

إن المضمون القومي التقدمي للعروبة و إن الهوية العربية الجامعة التي تؤمن بوحدة الأمة بمختلف مكوناتها الطائفية و المذهبية التي تنصهر في بوتقة العروبة ، هو الذي يضمن الأمة و يحصنها من الانقسام و التشتت.

لقد أصبحت المتغيرات و الأزمات التي تداهم الأمة ، تفرض علينا أن لا نترك الأوضاع على حالها . بل تستوجب العمل على إزالة الجور و الظلم المحيط بالأمة التي وصلت إلى واقع بائس ينبئ عن مستقبل مظلم.

كما أثبتت التطورات الحالية و السابقة وما تواجهه شعوب المنطقة من مؤامرات أن لا مستقبل لمتفرج أو متقاعس ، وأن ليس أمام شعوبنا إلا المقاومة ، فهي وحدها الكفيلة باستنهاض الشعوب و توحيدها لمواجهة الأخطار و التهديدات . و أصبح الآن هو هدفنا جميعاً حماية الوطن قبل كل شيء وفوق كل شيء .

النائب
حسن عجاج عبيدات
12 تموز 2015



تعليقات القراء

علي المعادله
سعادة النائب حسن عجاج تحيه الك وشكراعلى ماذكرت لكن خطر ايران اصبح يهدد الامه العربيه اكثر من اسرائيل وانا هنا لا اقصد ان نتعامل مع اسرائيل وننسى القضيه الفلسطينيه لكن ايران صارت تهدد بالسعوديه والاردن
12-07-2015 04:54 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات