الحمود مخاطبا أوباما في يوم السلام العالمي : نثق في التزامكم بتغيير آلية تعاطي إدارتكم مع قضايا المنطقة


جراسا -

بعث الدكتور نصير شاهر الحمود المدير الإقليمي لمنظمة "أمسام" - المراقب الدائم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بخطاب مفتوح لرئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما حثه فيها على المضي قدما في ترجمة شعار "التغيير" الذي تعهد به في خطاب تسلمه زمام الرئاسة مطلع العام الجاري، والذي يشتمل على كيفية تعاطي إدارته مع قضايا المنطقة العربية والعالم الإسلامي برمته.

وأكد الحمود في خطاب تزامن مع حلول يوم السلام العالمي الذي يصادف الحادي والعشرين من أيلول، على أن شريحة واسعة من أبناء العالمين العربي والإسلامي يثقون في التغيير الذي يرنو لتحقيقه الرئيس أوباما، بيد أن كثير من هؤلاء لا زالوا يئنون تحت وطأة التهميش والحرمان، من جراء أخطاء لم يكن لهم يد في حدوثها.

وقال أيضا "إن سعي إسرائيل للحفاظ على قدراتها النووية يتنافى مع المساعي الرامية لتحقيق التعايش والاستقرار"، حيث أبدى الحمود ثقته العالية في الرئيس الرابع والأربعين "لنزع فتيل أزمة قد تحصل في المستقبل"، من خلال اتخاذ خطوات عملية بهذا الصدد.

وفي هذا السياق، ذكّر الحمود بجدور الثقافة العربية والإسلامية التي تأبى إلا أن تحافظ على ارض الإسلام ومقدساته وحرمة أراضيه، فمنذ احتلال فلسطين قبل ما يزيد على 6 عقود ترافق ذلك مع حصول انتهاكات أخذت تجد رسوخا في ذهنية العربي والمسلم، حين تمخض عنها شعور بالظلم وفقدان أسس العدالة.

وأكد الحمود على الآثار النفسية والموضوعية بالغة التعقيد التي خلقها الصراع العربي الإسرائيلي على المنطقة وشعوبها، وما لحق ذلك من مآس حقيقية وضياع مستقبل كثيرين من أبناء المنطقة، وهو ما يتطلب إيجاد تسوية عادلة وشاملة لهذا الصراع، بما يمكن الدول من تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة ترفع من إمكانيات وقدرات شعوبهم .

وأيد الحمود إيمان الرئيس الأميركي بأهمية ابتعاد مختلف الأطراف المعنية عن المواقف المتناقضة، إذا أردنا تقبّل مبادئ الديمقراطية، وهو ما يتطلب حث الخطى لبناء سياسات وبرامج تضمن استفادة الجميع منها على أسس من الثقة والطمأنينة.
وأثنى الحمود على الشجاعة التي أبداها الرئيس أوباما من خلال قراره بالانسحاب من العراق والتي بات يعيش فيه 5 ملايين يتيم يعانون قسوة محزنة وظروفا معيشية لا تنم عن مقدار بلد عظيم زاخر بالإمكانيات الاقتصادية والتراث الحضاري الذي غذى البشرية بأصول الكتابة، حيث ابتكر السومريون قواعد الكتابة المسمارية قبل الآف السنين ليقدموها للإنسانية كأساس لإطلاق العنان لمنجزاتهم.

وقال " نود اتخاذ القرارات ذاتها حيال أفغانستان".

وجاء الحمود على ذكر الآمال التي يعلقها أبناء المنطقة على تعهدات الرئيس أوباما والتزاماته بالقول " شعوب منطقتنا تعلق آمالا كبيرة عليكم، لأن تلك التعهدات التي أطلقتموها قد بعثت برسائل يمكن ترجمتها كونها وسيلة لمعالجة الوضع الإنساني المتردي الذي بلغته بعض الدول العربية والإسلامية نتيجة تعرضها لسياسات خارجية سابقة تذرعت بمحاربة الإرهاب".

وفيما يلي ترجمة للنص الأصلي باللغة الانجليزية والذي تناقلته مئات وكالات الأنباء والمواقع الالكترونية العالمية ويمكن الإطلاع على تفاصيل الخطاب المفتوح باللغة الانجليزية عبر أحد الروابط الوارد أدناه:

http://www.pressreleasepoint.com/dr-naseer-open-letter-world-peace-day

فخامة الرئيس أوباما،

اسمح لي ابتداءً، أن أهنئكم على نهجكم الدؤوب والمتوازن والشمولي نحو تحقيق مزيد من الانجازات لشعاركم "نعم يمكننا ذلك"، وكعربي مسلم معني بالقضايا العربية، أكتب إليكم هذه الرسالة المفتوحة - كما سبق وأن كتبت لكم رسالتين بمناسبة انتصاركم التاريخي بالانتخابات الأميركية ويوم تنصيبكم كرئيس رابع وأربعين للولايات المتحدة الأميركية ، حيث أعربت لكم فيهما عن آمال وتمنيات وتطلعات شعوب منطقتنا المنتظرة منكم سعيا لتحقيق التغيير الذي عبرنا عن التزامنا به– وبهذه الرسالة أيضا ردا لسياقات محددة وردت بخطابكم التاريخي في القاهرة الذي وجهتموه إلى العالم الإسلامي، وكذلك لمضمون رسالتك الأخيرة لنا في بداية شهر رمضان المبارك. وحيث أن ما تبذلونه من جهود لبناء الجسر الذي طال انتظاره بين الإسلام والغرب -وخصوصا بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي– هي جهود تبدو مخلصة وصادقة، أعبر لكم عن اعتقادي الراسخ بإمكانية نجاحكم بهذا الصدد.
 
يحتفل اليوم المجتمع الدولي باليوم العالمي للسلام، وتستحق هذه المناسبة برأيي المتواضع التفكير في الواجب الواقع على عاتقنا باتجاه السلام العالمي. السيد الرئيس، إشارة لتعهدكم والتزامكم بنزع السلاح النووي ومنع انتشاره، أود التأكيد على ضرورة التطبيق الفوري والشامل. فمخاطر كارثة نووية تهدد بإبادة ملايين البشر والبيئة من حولنا، والعالم العربي بأي حال من الأحوال لا يمكن فصله عن هذه المخاطر التي تنذر بوقوع كارثة عالمية، والعالم العربي أيضا على شفا سباق تسلح نووي، والذي يهدد إمكانية تحقيق السلام والاستقرار. وفي الوقت الذي يقع به مسلمي المنطقة تحت ضغط هائل نتيجة عدم الاستقرار والصراعات والمعاناة، فأنهم يجدون أنفسهم في موقف لا مفر منه للتهرب من قناعتهم وثقتهم بالاعتماد على مقررات الديمقراطية. والسبب وراء سعيي للتواصل معكم، هو إسماعكم أصوات شعوب منطقتنا التي لا زالت تعاني عقودا من الحرمان والتهميش بسبب أخطاء لم يرتكبوها. سيادة الرئيس، نيابة عنهم نرجو سعيكم لضمان أن تكون النتيجة الأساسية والنهائية لمبادرتكم الطموحة للسلام الوصول لسلام عادل ودائم وشامل، حتى لا تضطر الأجيال القادمة إلى العيش في ظل تهديدات تتعلق بوجودها. أن التزاماتكم الثابتة وتعهداتكم بهذا الصدد والتي لا تتزعزع سوف تضيء الأمل في آفاقهم. ولا يمكن نسيان سعي إسرائيل للاحتفاظ بقدراتها النووية والذي يتنافى وإمكانية تحقيق السلام والتعايش بالمنطقة، ويحدوني الأمل أن تقوموا بأفضل ما لديكم لجعل منطقتنا خالية من السلاح النووي‏.

لقد عبرتم بحق عن ثقافة الإسلام ومبادئه الشاملة في خطابكم بالقاهرة، ولا أملك إلا أن أعبر عن خالص تقديري لفهمكم العميق وبصيرتكم النافذة، فإنكم بذلك قد وضعتم قيم ومبادئ الإسلام في سياقها الطبيعي، وهي تمثل بالفعل حقيقة الإسلام بمعناه العام والشامل، كدين يحض على التعايش ويدعو إلى المحبة والتسامح والرحمة. ان الحركات الراديكالية التي ظهرت حديثا في العالم الإسلامي، والتي تنبثق أساسا من الجدل العقيم داخل وخارج حدود الدين وقابليتها للتطبيق في المجالات اليومية وبما يتناسب مع الرؤى الواقعية للحياة الاجتماعية في عالم واسع. السيد الرئيس، إن الإسلام علمننا أن نكون أحرار ودعانا للدفاع عن حرياتنا، وهذا ما حصل  منذ احتلت أرضنا واغتصبت من عقود من الزمن خاصة بعد عام 1948، وحدثت انتهاكات جسيمة للحقوق والحريات والعدالة لشعوبنا، الأمر الذي غرس في نفوس شبابنا إحساسا كبير بالخسارة والإحباط والألم، مما اضطر البعض للجوء إلى مزيد من التطرف الخطير. إن إشراك الشباب في الجهود الرامية إلى إحلال السلام واستقراره في المنطقة يمكن أن يكون خطوة طيبة للغاية، وبدون مشاركتهم لا أعتقد أن الجهود سوف تسفر عن نتائج مثمرة. فالشباب هم الركائز المستقبلية للأمم والشعوب، والذين يمثلون المفتاح لأي تغيرا مستدامة وبالتالي المساهمة نحو رقي الإنسانية جمعاء. إن تحفيز الشباب من ذلك عن طريق منحهم دور ينظموا من خلاله أنفسهم ليدركوا أنهم جزء من مجتمع عالمي متكافل سيكون بلا شك أمرا رائعا ومشرقا مستقبل الأجيال القادمة. ينبغي أن نضعهم على الطريق الصحيح ليساهموا في تقرير مصيرهم نحو التقدم والازدهار، وبعد ذلك يمكننا بسهولة أن نطلب منهم تحقيق الانتصارات التي نطمح لها الآن. إن توجيهكم الذي يتسم بالشباب والحيوية نحو هذا الالتزام أمام الشباب هو الشرط الأكثر ضرورة لمسارنا المستقبلي نحو التنمية، وبعكس ما وضعه أسلافك من بصمات رجعية على مستقبل شعوبنا، فإننا  كما هو الحال دائما، نأمل أن تكون لكلماتكم بعض ما يقابلها من الإجراءات العملية.

الممارسات غير البناءة، التي ميزت الإسلام الراديكالي والعروض الأصولية كظواهر إسلامية أكبر، كانت حرجة جدا بسبب مواقفها التحفظية على الخطاب الإسلامي تجاه الحداثة. وعلى الرغم من المنافسات الجارية من حيث التوافق والتعارض مع المبادئ الحديثة للمجتمع، فقد حاول الفكر الإسلامي، في جميع الأوقات، التفاوض والتكيف وحتى محاولة الوصول إلى حل وسط مع الحداثة لمساعدة المسلمين على الاختلاط مع بقية دول العالم. لقد انخفضت مشاعر الاغتراب بالتأكيد بين المسلمين، والتي سوف تصبح شيئا من الماضي في الأيام المقبلة مع جدول أعمالكم العالمي الشامل، وأنا على يقين من ذلك. هل بإمكان المسلمون استيعاب مزايا وايجابيات الرأسمالية الغربية والديمقراطية مع كل قيمها بعد مناقشتها ضمن حدودهم الخاصة؟ بالطبع يستطيعون ذلك، وبفضل قيادتكم السليمة للعالم، فأن ذلك أكيد. ومن ينسى رجال عظماء من القرن الماضي خلدهم التاريخ وخلدتهم الأيام أمثال مارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي! والذين كانوا مصدر وحي للأجيال في العالم، وغرسوا الإيمان بأن الشمولية في السلوك تولد عالمية الأخوة، والذي من شأنه تبديد العداء وسوء النية بين البشر.

أتفق معكم سيدي الرئيس على أهمية ترسيخ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في منطقتنا والعالم أجمع، ولكن لتأسيس ديمقراطية كاملة، لابد من توعية شاملة وعملية مدروسة ومتكاملة، لإقامة هذا الصرح الديمقراطي الذي نادى به أبراهام لنكولن في خطاب جيتيسبيرغ.

 سيادة الرئيس، بدون تأمين وضمان الحقوق الرئيسية للحريات الفردية والتعليم والاستقلال الاقتصادي وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، فإن دعوتنا للديمقراطية ستكون بلا معنى ومن دون جدوى. أنني أتفق تماما مع حقيقة أننا لن نكون قادرين على تقبل مبادئ الديمقراطية تماما إلا إذا تخلينا عن الموقف المتناقض في هذا الصدد. لهذا، فإن صياغة هذه السياسات والبرامج التي يمكن أن تستفيد منها شعوبنا هو أمر بالغ الأهمية، وهذا فقط ما يمكن أن يخلق الثقة والطمأنينة في ظل المتغيرات الكبيرة التي يطمح إليها المجتمع الحديث. وبهذا السياق مثلا، إن تنفيذ ميثاق الأمم المتحدة في جوهره بمنطقتنا يمكن أن يكون إشارة ايجابية. ويمكن أن تتحقق أهداف "التنمية" و"الأمن الإنساني" بحق وستكون الحقوق واقعا ملموسا بقدر احترام حرية الأمم. لذا، فإن الخطوة الأكثر أهمية هي مساعدة المنطقة على دفع عجلة التنمية الخاصة بها بعد المسارات العديدة والأخطاء في رسم معالم مستقبلها. وأتمنى ذلك، ولا شيء مستحيلا إذا دعم بالإصرار والثبات على المبادئ، وأنت رجل مبادئ.

سيادة الرئيس، إن عدم إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين - جوهر الأزمة في المنطقة- ستبقى العقبات قائمة في طريق التقدم والتنمية، ولا زالت المفاوضات متوقفة على أكثر من مسار.

والنتيجة هي معاناة لا تنتهي، وملايين من وفيات الأبرياء، والمنازل المهدمة، وفقدان الطفولة، والألم والعذاب والمرارة. وأصبح لزاما حل هذا النزاع الذي طال أمده، حلا قائما على احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية ذات الصلة وبعيدا عن ازدواجية المعايير والانتقائية في الفهم والتطبيق للقانون الدولي. وبسبب التعقيدات المتشابكة لهذا الصراع فعلى الدول المتقدمة تحمل مسؤولياتها للتوصل إلى نهاية سلمية لهذا الصراع الذي انعكس على تطور المؤسسات السياسية والاقتصادية لشعوبنا.

ورغم الحرب الباردة، فإن هذا الصراع كان له أثرا مدمرا على نفسية العالم العربي والعالم الإسلامي الأوسع. لقد انتهت الحرب الباردة ولكن هذا الصراع ما زال باق. إن شعوب منطقتنا تعلق آمالا كبيرة عليكم، وما نطلبه سيدي الرئيس ليس كثيرا وليس فوق قدرات إدارتك. ما نطلبه وننتظره منكم، هو لصالح شعوبنا وشعبكم، بل لصالح التفاهم والتعايش والسلام العالمي، ويمكن ملاحظة ذلك في قراركم بالخروج من العراق. ونود اتخاذ القرارات نفسها بالنسبة لأفغانستان، حيث تقترف الكثير من الانتهاكات الجسيمة للإنسانية باسم الحرب على الإرهاب.

كما أود سيدي الرئيس، التركيز على مساهمة المجتمع المدني، ولاسيما المنظمات غير الحكومية في إحداث التغيير والتنمية. إن دور الحكومات في العالم دورا أساسيا، ولكن يتعين على الحكومات أن تنظر بجدية في دور المنظمات غير الحكومية، وتوفر لهم الدعم والموارد اللازمة لتعزيز قدرتها على العمل.

 فالمنظمات غير الحكومية تنشط في جميع المجالات في المجتمع بدءا من المجال الصحي، وحماية البيئة، والتعليم، وإيصال المساعدات الإنسانية، وحتى تأمين وحماية الحقوق المدنية والسياسية. وهذه المنظمات قد لعبت دورا رئيسيا في التغييرات السياسية والاجتماعية في العقود الأخيرة، واستمرت في ممارسة التأثير الهائل. ومع ذلك، فإن المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية وممارساتها تؤلف جزءا صغيرا من مجتمع المنظمات غير الحكومية، رغم إن مساهمة هذه المنظمات أمرا بالغ الأهمية في التصدي للتحديات الداخلية والدولية، ذلك لأن تلك المنظمات تدافع بقوة عن حرية وكرامة وحقوق الإنسان وتنمية الديمقراطية في كثير من البلدان.

 كما لا يمكن أن يحدث التغيير دون إشراك الجماهير، وهو ما تفعله المنظمات غير الحكومية، لذا، يتوجب علينا وضع خطة لإشراك أكبر عدد ممكن من المنظمات غير الحكومية لخدمة الأهداف الأساسية لجدول أعمالنا الإنمائي بما يتفق مع أهداف الأمم المتحدة للألفية. وأود هنا أن أسجل إعجابي وتقديري لتشجيعكم ودعمكم للمنظمات غير الحكومية وغيرها من منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي يجعلني متفائلا جدا ويحدوني الأمل تجاه اهتمامكم المتواصل بتعزيز قضية السلام والاستقرار والديمقراطية والتنمية. وكانت المنظمات غير الحكومية مصدر إلهام للملايين بالعالم، وساعدت على تغيير حياة الملايين في شتى أرجاء العالم، ونظرا لقدرتها على التفاعل مع الجماهير دون أي مصلحة ذاتية، نطلب منكم توسيع مساعدتكم ودعمكم لهذه المنظمات التي يمكن من خلالها تحقيق نطاق واسع جدا من التقدم. هذه الرؤى والمنجزات تجعلنا نطلب منكم المزيد من الصلاحيات والدعم، وكذلك من الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية للمنظمات غير الحكومية، ولإنشاء المزيد من مثل هذه المنظمات من أجل تنفيذ المهام المطلوبة في هذا الصدد.

إن ترسيخ التعايش يتطلب بذل الجهود من أجل حفظ وبناء السلام، والتنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز وتعميق الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومكافحة الفقر والجوع والبطالة ومشاركة النساء والشباب، وهنا يأتي دور المنظمات غير الحكومية. وفي هذا المسعى الإنساني النبيل لخدمة الشعوب، فإننا نقترح تأسيس منظمة غير حكومية يطلق على اسم "مؤسسة أوباما للتنمية والثقافة والتعايش". للوهلة الأولى قد يبدو هذا للآخرين من قبيل المبالغة، ولكن حسن النية والاحترام الذي اكتسبه اسمكم والذي لا يزال ساطعا في منطقتنا، هو شيء نستطيع الاستفادة منه معا في السعي لتحقيق أهدافنا وأحلامنا وتطلعاتنا. إن إشراك الشعوب في مشاريع التنمية والسلام المتشعبة سيكون الهدف الوحيد لهذه المنظمة، التي يمكن أن تكون تحت السيطرة المباشرة لفريق العمل الذي تختاره، والذي على ما أعتقد، من المؤكد أن يضيف إلى جهودنا لصنع سلام في المنطقة. منظمة تحمل وتمثل أحلام وآمال أطفالنا وأمهاتنا وشبابنا وتنهي عقودا من انعدام الثقة والإحباط، وتحفزهم على إدراك أنهم جزء من مجتمع عالمي متكافل، مكرس للعدالة والإرادة الطيبة والكرامة الإنسانية. منظمة تمثل مصالح جميع الطبقات الاقتصادية والاجتماعية وعلى وجه الخصوص النساء والشباب الذين يمثلون المفتاح لأي تغييرات مستدامة، وتحفز الشعوب للمشاركة وتحمل مسئولياتها. وسوف تحاول مؤسسة أوباما تبني البرامج المحلية والدولية في جميع المجالات وتساهم في تعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومشاركة المرأة والشباب لتطوير مجتمعاتهم، والتعاون بين الشعوب والثقافات في أنحاء العالم كافة. وسوف تحمل قيم التسامح والتعايش الموروثة منذ عهد بعيد، وتتعهد بمواصلة الجهود في مجال بناء السلام وتعزيز الثقة والتعايش السلمي في عالم مزقت أطرافه الصراعات ودمرت بنياته الأساسية، وتجمدت برامج التنمية هناك حيث شردت مئات الآلاف من الأبرياء وأزهقت مثلهم من الأرواح. وأخيرا سوف تعمل على مواجهة التحديات التي يواجهها العالم والعمل ببرامج التنمية المستدامة للقضاء على الفقر والجوع وبقية الأهداف الإنمائية للألفية.

وأود أن أؤكد لكم سيدي الرئيس إذا أذنتم لي، أن العناصر الأولية للنمو والتنمية والتعايش، والاستقرار - سواء من ناحية المفاهيم أو التطبيق - لا يمكن تحقيقها من دون أجهزتها الشمولية العالمية، وهو ما يتطلب وجود الجهة الساعية لضمان توزيع هذه المظاهر على جميع المستويات والجهات التي نقوم فيها نحن البشر بأداء أنشطتنا اليومية.
ليس لنا إلا طلب واحد وهو أن تجعل شعار "نعم يمكننا ذلك" والذي ابتكرته بخطابك بولاية ايوا في بداية الحملة الانتخابية تجعله شعاراً لكل العالم، وليس لأميركا وحدها. وبخطاب الفوز في حديقة "غرانت بارك" في شيكاغو والذي قلتم فيه "إن كل شيء ممكن في اميركا". فلتجعله إن كل شيء ممكن في العالم. وإذا كانت أميركا تقدر على كل شيء، فينبغي أن يكون واضحا للعالم أنه قادرا أيضا.

أنا شخصيا سيدي الرئيس، لا أشكك في نواياكم إطلاقا وعلى يقين أنه بإمكانكم تحقيق ذلك، ولكنني أعلم أنك غير قادر على أن تفعل كل ذلك لوحدك، فإذا نظرنا إلى أنفسنا كشركاء متساويين في الإنسانية على هذا الكوكب "فنعم يمكننا ذلك"، وفي عبارة مارتن لوثر كينغ -مثلك الأعلى-، الشهيرة "لدي حلم" فخر لا يضاهى من إعمال لحقوق الإنسان، والمساواة الإنسانية، وتحرير الإرادة الاقتصادية. وتتطلب هذه المهمة، سيدي الرئيس أن نكون متحدون ليمكننا بالتأكيد أن نكون قادرين. وأخيرا وليس آخرا، أتمنى لكم كل التوفيق والنجاح، وأجدد شكري لكم على تهنئتكم لنا بمناسبة شهر رمضان المبارك.
 

د. نصير شاهر الحمود
المدير الأقليمي لمنظمة "أمسام" المراقب الدائم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وسفير النوايا الحسنة



تعليقات القراء

الشيخ محمد عايد الهدبان
بالتوفيق اخي د. نصير حمود لجهودك الرائعة

كما اشكرك على رسالتك يا طيب
24-09-2009 02:30 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات