رسالة الأمير الحسن بن طلال بمناسبة اليوم العالمي للسلام


جراسا -

في الحادي والعشرين من أيلول / سبتمبر كل عام، نحتفل باليوم العالمي للسلام الذي أطلقته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1981، لمساعدتنا جميعاً على التفكّر في "فكرة" السلام. لكن ماذا يعني لنا هذا الأمرُ حقاً، أفراداً ومجتمعات أو على صعيد البشرية جمعاء؟

في أثناء قراءتي مقالة عن انسحاب الحكومة البنغلاديشية من ممرات شيتاغونغ هيل قرب خاغراشاري، استوقفني التعليق على اتفاق السلام المبرم مع المجموعات القبلية التي تعيش في المنطقة. كان الاتفاق قيد التنفيذ لأكثر من عقد من الزمان. وعلى ما يبدو كان فعالاً في وقف العنف بين الجماعات البوذية من السكان الأصليين والمستوطنين المسلمين الذين يشكّلون الأغلبية في المنطقة، والذين يختلفون لغوياً وثقافياً بشكل ملحوظ. لكن هل هذا وحده هو معنى السلام: غياب العنف؟

على مدى أكثر من 30 عاماً وأنا أروّج لـ "القاعدة الذهبية" في التعامل بالمثل، التي نجدها في ديانات العالم الكبرى منذ زمن سحيق. إنها تشدد على أنه يجب على الإنسان أن يتمنى للآخر ما يتمناه لنفسه. ويمكننا تفعيل هذه القاعدة الذهبية من خلال تكييف تفكيرنا، والنظر في موقف "الآخر" الذي من شأنه أن يسهم في إرساء الأساس لثقافة مجتمعية تقوم على القيم والأخلاق والآداب العامة. هذا، في اعتقادي، هو الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه الترتيبات السلمية المستدامة.

من دون رغبة أصيلة في الانفتاح وفهم الغنى الثقافي والاجتماعي للآخر، فإننا إما نعاقب بعضنا بعضاً على كوننا مختلفين (عن طريق الحرب أو جرائم الكراهية)، أو نعيش جنباً إلى جنب مع الغضب في قلوبنا؛ متسائلين لماذا لا يمكنهم هم أن يكونوا أكثر شبهاً بنا. وأعتقد أننا بحاجة إلى أن نتجاوز التسامح؛ لأننا إذا أردنا فقط أن نسامح بعضنا بعضاً، فإن كل ما نقوم به هو في الواقع "تحمّل" اختلافاتهم. أود أن أفكر أن صنع السلام يتعلق بتقبّل الناس بعضهم بعضاً. يجب أن يسود الناس أنفسُهم؛ وعلى المجتمع المدني أن يتطور؛ ولا بدّ من الاعتراف بما أسميه "ثقافة المشاركة".

في حالة أبناء القبائل والمستوطنين في شيتاغونغ هيل، فقد تصادقوا على مرّ الزمن وهم يحرثون الأرض جنباً إلى جنب ويبنون بيوتهم. لذلك، ربما في هذا المثال، لا يتعلق الأمر بمجرد وجود اتفاق سلام؛ إنما ما أوجد هذا الإحساس بالسلام هو في الحقيقة تقبّل المرء التنوع الثقافي والديني واللغوي لجيرانه.

في اليوم العالمي للسلام لعام 2009، أتمنى لجميع الناس فرصة الشعور بالأمان في بيوتهم وهم يحسّون أنهم مقبولون لشخصهم؛ بصرف النظر عن اللغة التي يتحدثونها، أو الدين الذي يعتنقونه.


* رئيس شرف منظمة المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام؛ رئيس مؤسسة البحوث والحوار بين الأديان والثقافات.



تعليقات القراء

سفير السلام (الجبور)
عندما يفكر الانسان ويحترم الاخر ويعامل الاخرين كما يحب ان يعاملوة يحترم نفسة ويحترموة ويتحقق السلام ونشكرك صاحب السمو ودمتم سندا للاردنيين بنوهاشم
24-09-2009 11:29 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات