غرايبة يكتب: إعدامات مفرحة !


خاص - كتب ادهم غرايبة - أثارت حملة الإعدامات التي نفذت صباح اليوم في أحد سجون عمان فرحة لدى عامة الناس في الاردن . هناك إعتقاد سائد بين الناس أن تجميد العمل بأحكام الإعدام تعطي إنطباعات خاطئة من " الدولة " قد لا تردع الناس عن إرتكاب جرائم كبرى و تدعو , بشكل ضمني , لعدم التورع عن إرتكاب مجازر بالمعنى التام للكلمة .

قانون العقوبات برمته يحتاج لمراجعات حقيقة و عاجلة . فبعض العقوبات أصبحت تبدوا و كأنها مكفآت !

كانت الجريمة في مجتمعنا الوادع " هجنه " , لا بل أن أحدى الصحف الأسبوعية القديمة كانت تسرد من نسج الخيال الواسع لطاقمها قصصا ما كنا نتخيل اننا سنعيشها هذه الايام .

كان المجتمع وادعا , مسالما , لأن الدولة كانت تقوم بواجبها الرعوي تجاه ابنائها في الحدود المعقولة , فتوفر لهم تعليما لائقا و خدمات صحية مميزة و دعما للسلع الأساسية و مراقبة صارمة للأسعار بحيث يكفي متوسط الدخل لحياة كريمة . فيرتد ذلك على السلوك العام و يجعل الناس أكثر سكينة و أقل عصبية ينجم عن ذلك " مشحانات " إجتماعية محدودة و مقبولة لا ينجم عنها ضحايا و تنتهي بصلح قد يقود لمصاهرة ! .

بعد أن استولت " شلل الليبراليين الجدد " على مفاصل الدولة الاردنية و عربدت بمقدراتها , تراجع منسوب منظومة قيم المجتمع الاردني لحساب ملاحقة حزمة الأمان الاجتماعي التي كانت متوفرة بشكل بديهي . و لم يكن أحدا يظن ان الحال المعيشي سينهار للحد الذي نشهده . فيما انتشرت قيم " الفهلوة " و " الشطارة " و تدبير الذات لتتحول بلدنا الى غابة ! منذ اوائل ربيع العام 2006 لم ينفذ أي حكم إعدام , ترافق ذلك مع فوضى معيشية تحت مسوغات خادعة و شعارات ليبرالية وهمية بالأساس تقوم عمليا على معاداة التركيبة الاجتماعية و تتثاقل من المواطنيين و تتعامل معهم كزبائن ! من المفيد ان نذكر هنا سؤال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص حين ولاه مصر: اذا جاءك سارق ماذا ستفعل به؟ قال: اقطع يده..فقال عمر: وان جاءنى جائع قطعت يدك !

هذا و ذاك هو بالذات ما اوصل عدد المحكومين اليوم الى 86 شخصا لم يكتفوا بالقتل فحسب لا بل أنهم إرتكبوه بأشنع ما كانت تتخيلة الصحيفة الاسبوعية إياها ! تنفيذ أحكام الأعدام يبرد نفوس أهل القتيل , و يمتص سخطهم على دولتهم , و يمنع أية إنفعالات , و أعمال إنتقامية تضر المجتمع ويحيل أخذ " الثأر " للسلطات الرسمية بشكل قانوني . لهذا يجب أن تتواصل الحملة بحق كل من صدر بحقه حكما قطعيا بالإعدام .

لكن هذا وحده لا يكفي ! فأولا ,هناك جرائم لا تصل عقوباتها لحد الإعدام و لا المؤبد و لا حتى اقل من ذلك بكثير من عقوبات مع أنها تشكل خطرا كبيرا على سلم المجتمع , و من الواجب مراجعة قانون العقوبات ليصبح رادعا فعلا . من هذه الجرائم سرقة السيارات , و السطو المسلح , اقتناء الاسلحة و حملها بشكل غير مبرر , و جرائم المخدرات .

و ثانيا , لا بد من عدم الإستناد لقانون العقوبات كرادع وحيد للجرائم , هناك إجراءات وقائية لا بد منها و أساسها اجراء محاكمة اخلاقية و قانونية للنهج الاقتصادي السائد و الطارئ على بلدنا . فضلا عن فتح أفاق سياسية جديدة تخلص الحكم من عقلية تقديم الولاء على الكفاءات لأن " الولاءات " التي نشهدها تضر الحكم أساسا , و تشوه صورته , سيما اننا في ظل " ثورات " عربية من الواجب التمعن في اسبابها و مخرجاتها و حيثياتها حتى لو تم تشويهها منعا لأي حالة " عدوى " ! . في نهاية المطاف , كأردنيين , نريد اصلاحات جدية لا تضليل فيها , نريد اصلاحات وطنية خالصة هدفها ارضاء الاردنيين و انقاذ الاردن لنكون بحق حالة مختلفة عن محيطنا الملتهب لتنجوكل مكونات الدولة معا دون دم.

العلم عند الله و " الدائرة " أن التقرير اليومي الذي سيرفع لجلالة الملك سيذكر شيئا عن الإبتهاج الشعبي و ردة الفعل الإيجابية التي لقيها قرار الاستئناف بتطبيق الحكم بعقوبة الإعدام , و كيف أن هذا الأمر سيحسب لرصيد الحكم , فما بالكم لو نفذت حملة محاكمات لبضع عشرات من المجرمين الذي هددوا أمن المجتمع برمته و ارتكبوا جرائم سطو على مقدرات الدولة و لوثوا الحياة السياسية فيه و جعلوا الاردني غريبا في بلده ؟!

تخيلوا فقط !



تعليقات القراء

ابوعون
بصراحة انا ما بحب مقالاتك
لكن لاول مرة اعجب بمقال الك
مقال يستحق ان يدرس في الجامعات
رد بواسطة ئي !
يعني ما بتحب مقالاته بس بتقرأها ؟!!
21-12-2014 12:37 PM
خليل هزاع
فقال يستحق الاحترام لصاحبه وفعلا انت تكلمت عن عدد كبير من الشعب الاردني الذي اصابنه مرارة القهر والضغط والسكوت على السفاحين والمجرمين والسراقين و من يدافعون عنهم ويحاولو تبرئتهم من اجل دراهم معدوده
21-12-2014 02:14 PM
أحمد رمضان
كلام جميل ولكن قد اسمعت لو ناديت حيأ
21-12-2014 03:38 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات