في تفسير الصمت الوطني إزاء أحداث معان


يمكن تفسير السكوت الشعبي والرسمي الواسع إزاء عمليات الدرك الجارية للقبض على المطلوبين في مدينة معان ،على انه استفتاء عفوي عام يعبر عن رضا الغالبية الصامتة من سكان المدينة خصوصا ،والشعب الأردني بشكل عام ،وإقرارهم بقبول العمليات الأمنية المتواصلة هناك لاستعادة الأمن ،قبل ان تتطور المشكلة وتمتد لمدن أخرى وتغرقنا في بحر الدم العربي لا قدر الله .

ما يفعله الدرك الآن جاء استجابة لنداء الأغلبية الصامتة التي خرجت عن صمتها ،ووجهت بداية هذا العام نداءا للدولة بضرورة عودة قوات الأمن ، مهددين بأن المدينة ستبدأ بالعصيان المدني ،ومن ثم إنشاء مجموعات حماية شعبية متطوعة في الأحياء والأسواق ليقوم الناس بحماية أنفسهم نيابة عن الدولة .

جاء النداء عقب الاجتماع الحاشد الذي عقد ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺑﻠﺪﻳﺔ ﻣﻌﺎن ،ﺑﺤﻀﻮر رﺋﯿﺲ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ و أعضاء اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﻣﺴﻮدة اﻟﻮﺛﯿﻘﺔ ﺣﻮل ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﻣﻦ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﺎن ،نظرا للانفلات الأمني غير المسبوق في المدينة ، وفي ظل التباطؤ الحكومي في ملاحقة المجرمين والخارجين عن القانون والمارقين ،الذين استباحوا الدماء والأموال والحرمات وبطريقة استفزازية وابتزازية ،وبما يوحي بمخطط خبيث يراد له إشغال الناس بعضهم ببعض ،وضرب النسيج العشائري على مستوى الوطن والمدينة ، وتشهد المدينة أمواج جنائية متتابعة وأكد الأهالي وجود عصابة بالمحافظة متخصصة بسرقة السيارات الحكومية الخاصة ذات الثمن المرتفع ،وبيعها بطرق احتيالية، بعد تغيير ملامحها، أو تفكيكها وبيعها على شكل قطع ،وقيام ملثمين في ساعة متأخرة من الليل بسرقة مركبه تحت تهديد السلاح من مديرية إشغال محافظة معان ،وتعرض مركبة حكومية للحرق من قبل مجهولين عقب فشل تشغيلها بهدف السرقة في جامعة الحسين بن طلال ،إلى جانب تعرض عضو هيئة تدريسية لسلب مبالغ نقدية وهاتفه الخلوي خلال محاولته الحيلولة دون تنفيذ سرقة المركبة وتبليغ الأجهزة الأمنية . وسرقة مركبتين تابعتين لشركة الكهرباء ،و احتجاز مسلحون ملثمون اثنين من حرس قسم الحركة في مركز صحي معان فجرا بدافع السرقة تحت تهديد السلاح ،وسرقة مركبة جيب شيروكي ، وسرقة سيارة حكومية أخرى تعود لوزارة السياحة والآثار،والسطو على قاصة في مبني مديرية شباب معان ،كما أقدم مجهولين على سرقة حوالي 60 ألف دينار من إحدى الشركات في المدينة الصناعية مدينة معان.وفي ذات السياق فضت قوات الدرك مجموعة من الشبان حاولوا إغلاق الطرق في مدينة معان ،والاعتداء على البنوك والمحلات التجارية.و إحراق مديرية تربية معان بالكامل ،ومدرسة الإسكان للذكور ،ومبنى مديرية الزراعة ،تحت ذريعة الاحتجاج على نتائج انتخابية ،ومحاولة عدد منهم إحراق محكمة بداية معان.هذا إضافة لإقدام مجهولين على إضرام النار في منزل محافظ معان، وإحراق سيارته في حادث منفصل أثناء وقوفها أمام منزله ،وإصابة مدير شرطة معان آنذاك العميد عارف الوشاح بعيارين ناريين من قبل احد المطلوبين في مدينة معان أثناء محاولة نصب كمين لإلقاء القبض عليه ،والاعتداء بالضرب على مدعي عام معان سمير الرواشدة من قبل ملثمين ،وسرقة سيارة قاضي آخر، واقتحام منزل النائب العام وغرز خنجر في وسادة نومه.

باستثناء المقالات القليلة المتفرقة، والأصوات الخفيضة المتقطعة هنا وهناك ،يعم الصمت في أرجاء المدينة التي طالما عانت من حالة عدم الاستقرار، ويتحمل الخارجون عن القانون المسؤولية عن ظاهرة الوفيات المؤسفة التي ذهب ضحيتها أبرياء وعابري سبيل برصاص طائش، أثناء تبادل إطلاق النار بين القوة الأمنية والمطلوبين في الأزقة والشوارع داخل الأحياء السكنية المكتظة ،وهي ظاهرة حتمية شائعة ترافق المعارك المسلحة ،ومن مخلفات المواجهات مع المجرمين وآثارها الجانبية التي يستحيل ضبطها والسيطرة عليها في مسرح العمليات الميدانية مهما بلغت درجات الوقاية والحذر والاحتياط .

لا يمكن تبرير الخروج عن القانون بتفشي ظاهرتي الفقر والبطالة كما يحلو للبعض الربط بين الحالتين ،فمعان ليست المدينة الأفقر ولا الأكثر بطالة لتكون ذريعة للفتن او استخدامها عذرا لإضفاء صفة الشرعية على الممارسات الجنائية المستفحلة ،والضغط باتجاه تأجيل عمليات معالجة الانفلات الأمني لحين حل مشكلتي الفقر والبطالة التي تعاني العالم ،وكثير من مكونات المجتمع الأردني في كل المدن والمحافظات .

على أي حال تبدو البصمة السياسية واضحة في قرار المعالجة الأمنية ،ويبدو القرار حازم لحسم مشكلة التمرد ولا رجعة فيه ،خاصة بعد التأييد الصامت والارتياح الوطني لتوجه الدولة لتثبيت الطمأنينة والاستقرار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات