هل الاردن في خطر؟


الحالة العراقية وزيادة نفوذ وتغلغل التنظيمات الارهابية في العراق وسوريا وما تشكله من تهديدات للسلم والامن العالميين يتصدران اليوم ابرز المباحثات واللقاءات الاقليمية والدولية ، فالدوائر الغربية كما في اشنطن منشعلة اليوم اكثر من اي وقت مضى بدراسة التبعات التي قد تترتب على هذه الازمة وانعكاساتها السلبية وخروجها وتمددها خارج العراق وسوريا لتطال بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة الاميركية في المنطقة ومنها بالطبع الاردن. المعلومات الوارده من الحدود الاردنية العراقية تؤكد هروب القوات العراقية من هناك وسيطرة مسلحي دولة العراق والشام على المعبر الحدودي بين الاردن والعراق في طريبيل اضافة الى سيطرة المسلحين على مناطق اخرى متاخمة للحدود الاردنية ، كما يتضح ايضا من تصريحات وزير الدولة للاتصال والاعلام الدكتور محمد المومني ان الاوضاع على الحدود الاردنية العراقية غير طبيعية وهو ما يثير الخوف لدى المواطنين ، اضافة الى استنفار القوات المسلحة على الحدود وحشد عشرات الوحدات العسكرية الاردنية على حدودنا مع العراق الامر الذي يشير بوضوح الى خطر يهدد الاردن وامنه واستقراره وهو ما يثير حالة الهلع والخوف والارتباك لدى المواطنين ، حيث اصبح المواطن يتنقل بين فضائية واخرى وصحيفة واخرى بحثا عن الحقيقة والوقوف على حقيقة ما يجري على حدودنا الشرقية وسط انباء عن بدء تدفق عشرات اللاجئين العراقيين الى الاردن يوميا وهو ما يشكل عبئا اضافيا لعبء اللاجئين السوريين الذي نرزخ تحته منذ اكثر من ثلاث سنوات .

المشهد اليوم ضبابي وخطير بنفس الوقت ويحتاج الى مكاشفة رسمية جريئة وصريحة ووضع النقاط على الحروف لازالة الالتباس والتخفيف من الخوف من خطر التنظيمات المسلحة في العراق وعلى اراض سوريا من الشمال ، نعم ان الوضع خطير جدا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار المنهجية والاستراتيجية لتنظيم دولة الاسلام في العراق والشام التي تقضي باقامة دولتهم على شبه جزيرة العرب والعراق وسوريا ولبنان ولا شك الاردن وفلسطين وهم الذين يعلنون بصراحة عن انهاء سايكس بيكو واعادة الخلافة الى ارض العرب المسلمين .

ونسأل هنا ماذا اعددنا نحن في الاردن لمواجهة هذا التحدي الكبير ؟ واقصد هنا على صعيد الجبهة الداخلية التي نراها منقسمة وهشة فبالامس وفي معان شاهدنا مسيرة ترفع اعلام القاعدة وتؤكد بان معان هي فلوجة الاردن وفي العاصمة وعلى مدى سنوات ثلاث نشهد مسيرات اخوانية ويسارية وقومية تندد بالفساد والمفسدين وتطالب باصلاحات دستورية لم تستجب لها الحكومة واستشرى الفساد وطغى حتى اصبح له مؤسسات متخصصة بمكافحته دون جدوى؟ وفي الجنوب المستعر غير معان لنأخذ الطفيلة والكرك وما تشهده هذه المحافظات بالرغم من دأب الحكومة واجهزتها الامنية من التقليل من شأن هذه المظاهر الاحتجاجية الا انها تتنامى وتتزايد يوما بعد يوم وما بالكم اذا ما وجدت فرصة الفوضى التي تشكلها التنظيمات الخارجية في حال تسللها الى العمق الاردني ؟ وفي الشمال فالحال ليس بافضل فهناك تذمر وقهر واحتقان سواء فيما يتعلق باستئثار فئة قليلة بخيرات الوطن او بالاعتداءات على اشجار برقش والاستهتار الرسمي برأي المواطنين في عجلون .

باختصار يمكن القول بان جبهتنا الداخلية رضينا او اختلفنا غير مستقرة وضعيفة ينهشها الفساد من طرف وغلاء الاسعار والضرائب من طرف اخر ليجد المواطن نفسه مستعد للتحالف مع الشيطان لا سمح الله للتخلص من الواقع المرير الذي يعيشه لانه سئم من غياب العدالة الاجتماعية ليفتح عينيه على مظاهر الترف من قصور واستئثار بالمناصب بالتوريث الى قصور وسيارات حكومية فارهة يقودها ابناء المسؤولين وترقيات وظيفية ما انزل الله بها من سلطان واقصاء للكفاءات والخبرات وتهجير للعقول والمفكرين وتفريغ البلد للابقاء على طبقة الفاسدين وبارونات البزنس الى اقتتال حكومي برلماني على حجر في مسرح مهرجان جرش للرقص والطرب على انغام اليسا ومحمد عساف وغيرهم في الوقت الذي يواجه فيه الوطن اخطارا تهدد كيانه بالكامل.

اكتفي بهذا الجانب من الضعف الداخلي ولا اريد الخوض في الجانب الاقتصادي الهزيل للدولة الاردنية من مديونية وعجز في الميزانية رغم المنح والقروض السخية التي نتلقاها ولا ندري اين تذهب ، هذه العوامل مجتمعة اضافة الى تنامي قوة دولة الاسلام وتخلي الولايات المتحدة الواضح عن حليفها المالكي في العراق والمعارضة في سوريا وعدم تدخلها لمحاربة تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام بعكس ما فعلت عام 2003 عندما غزت واحتلت العراق بحجة التهديد النووي العراقي تجعل الاردن في دائرة الخطر القادم من الشرق والشمال ، الامر الذي يحتم علينا رص الصفوف وتكاتف الجهود في هذه المرحلة للخروج من الازمة بأقل الخسائر ولا نبقى نتصارع على مقعد في الصف الاول او الثاني وان تشرع الدولة بتحقيق العدالة والاصلاحات لتعزيز الجبهة الداخلية المتزعزعة لانها الحلقة الاهم في مواجهة القادم من الايام مع الايمان بقدرة قواتنا المسلحة درع الوطن وحامي الحدود على التصدي لاي خطر في حال استقرت جبهتنا الداخلية واخير لا بد من القول والاعتراف بأن الاردن مستهدف من قبل " داعش " شرقا و "النصرة " شمالا ومن الداخل ايضا ولا بد والحالة هذه من شد الاحزمة والترفع على الخلافات الداخلية لمواجهة التحديات والاخطار الخارجية وقبل كل شيء يتطلب من الدولة الجلوس مع ممثلي اهالي معان والجنوب والشمال والوسط لمراجعة الاوراق والاتفاق والتوافق على خطة وطنية شاملة لتعزيز البناء الاردني وتقوية الجبهة الداخلية وغير ذلك سنظل نغني كل على ليلاه ونعرض الوطن للبيع او الايجار او لا سمح الله سيطرة الارهاب على الموقف كما هو الحال اليوم في العراق وسوريا وليبيا واليمن



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات