اقرأ .. واسجد واقترب


المشكل لم تكن بالبشر ... بل في عقولها التي تسيطر عليها التعاليم البالية، والافكار الرافضة لمبدا النقاش والقبول بالاخر حتى الذي يناصبها الخلاف او حتى العداء، فما يرونه حقيقة، بالنسبة لغيرهم لا اساس له من الصحة، وما يرفضونه هو بالنسبة للاخرين اساس الحقيقة.

هؤلاء، للأسف الان، هم دعاة تحرير الاوطان، ونشر الاسلام، والدفاع عنه، وعن حياضه، ضد من يعاديه، ويتربص به، لكنهم في عين الوقت يرفضون، وبشكل مطلق، تحرير عقولهم، وفتحها، فقط من أجل التفكر، والتفكير. كما يرفضون وجهات النظر المخالفة لدعواهم، وكل من يفعل ذلك، يصير عدواً يستوجب الرد والشيطنة و التشهير والتهميش، والعداء.

ألم تكن دعوة الاسلام الأولى "اقرأ " بإعتبارها طريقاً للعلم والمعرفة، توصل العبد إلى الله " أسجد واقترب" ألم تك كذلك !

لماذا قلبت المفاهيم، والمصطلحات، بحيث اضحت لا تحوي وترفض حتى الاعتراف بالأخر، والقبول به، مع أنه جزء أساس من مكون أشمل.

من قال أن الأمة الاسلامية، اسلامية صرفة، الم يكن في المدينة المنورة اليهودي إلى جانب المسلم، ألم تكن الدولة الراشدية والاموية والعباسية والاندلسية والفاطمية، والايوبية والمملوكية والعثمانية، تضم في جنباتها من اتباع كل الاديان. ألم تكن كذلك !

لماذا يصر هؤلاء على تاكيد افكار وتصورات، ومشاريع امثال فوكوياما وصموائيل هنتجتون وبرنارد لويس، وتطبيقها على أرض الواقع باعتبارها قدس الاقداس التي لا تقبل التغيير والتبديل.

لربما يأتي يوم تتغير فيه البوصلة، بحيث تعود إلى مكانها الحقيقي.

لكم نحن اليوم بحاجة الى مشروع مارشل جديد شبيه بذلك الذي أعاد بناء اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه مشروع لابد وأن يكون موجها للعقل، للإنسان. بعيداً عن الاحكام المسبقة التي لم تتغير ولم تتبدل منذ عقود خلت.

ما تراه صحيحاً بالنسبة لـ " أنا "، ليس بالضرورة صحيحاً بالنسبة له لـ " الآخر " .... وما صلح لزمن وناسبه، ليس بالضرورة أن يصلح لزمن أخر، وما قبلت به الشعوب في عصر، ليس من الضرورة بمكان أن يقبل به عصر أخر.

رحم الله الأديب السوري الراحل محمد الماغوط الذي قال: “عمرها ما كانت مشكلتنا مع الله، مشكلتنا مع الذين يعتبرون انفسهم بعد الله.”

لم يكن في يوم من الأيام المشكل منحصراً بالاسلام، كدين سماوي يدعو الى السلم والمغفرة والرحمة، بل مع بعض المسلمين، الذين باتت وجهات نظرهم مقدسة أكثر من الله والقران نفسه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات