د. سنان شقديح - سواء نفذت الضربة الأميركية لسوريا الليلة او بعد اسبوع او بعد عام من الأن فأن الأكيد ان من سيخرج منتصرا منها هو النظام السوري بقيادته الحالية المتمثلة ببشار الأسد استنادا لأربعة عوامل هي محدودية الضربة وخلافات الأطراف المنفذة والتسريبات الأعلامية التي حددت شدتها والأماكن المسهدفة عدا عن ان تنظيم “القاعدة” على رأس المستفيدين من حدوثها.

وتحالفت العوامل الأربعة السابقة على اضعاف مفعول الضربة على الصعيد العسكري بل انها قدمت على طبق من ذهب نصر معنوي استباقي لسوريا “الأسد” التي ستخرج منها بمما يعزز روايتها الممجوجة حول استهدافها غربيا لممانعتها. وساهمت خلافات اعضاء التحالف الغربي, التركي-العربي بشأن المستهدف من الضربة بأضعاف مسبق لمفعولها فبينما ترى فيها الأدارة الأميركية اجراءا عقابيا لأستخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد شعبه وبما يحول دون مجرد تفكيره مستقبلا بأستخامها ضد اسرائيل فأن التحالف العربي التركي يسعى ويأمل بأسقاط النظام السوري من خلالها وذهب ابعد من ذلك بتسليح المعارضة السورية بأطنان من المعدات العسكرية لأقتحام دمشق وأسقاط النظام فيها خلال الضربة.وبين الموقفين الأميركي والتركي العربي يتنقل الموقف البريطاني-الفرنسي تائها ضمن حيز مناورة ضيق يرتبط بأسباب داخلية انتخابية لا تعطيه المجال للأنحياز لأي من الموقفين. فالأدارة الأميركية ومصلحة اسرائيل التي تضعها فوق أي اعتبار تسعى لأستدامة توازن القوى الراهن في سوريا دون غالب او مغلوب كونه سرطان داخلي يستهلك الشعب والجيش السوري المعادي بطبيعته للمرامي الأميركية في المنطقة, كما ان الصراع يتطور ضمن مفهوم الفوضى الخلاقة الأميركي وسينهي قوة او ما تبقى من قوة للجيش السوري دون الحاجة لخوض حروب معه.
وفوق ما سبق فأن لا مصلحة للأدارة الأميركية بحسم الصراع السوري الأن لصالح المعارضة السورية خاصة وأن القوة الكبرى للمعارضة المحيطة بدمشق هي للتنظيمات المتحالفة مع القاعدة وعلى رأسها جبهة النصرة وأمارة العراق والشام الأسلاميتين.
وخلافا للموقف الأميركي فأن التحالف التركي العربي بدء عمليا بتنفيذ اجندته القاضية بأسقاط نظام الأسد وساعد المعارضة السورية على التخطيط لأجتياح دمشق خلال الضربة على ضوء تحليل بقدرة الجيش الحر على تحييد القاعدة واستبعادها في مرحلة لاحقة وهو استنتاج لا يتفق معه باقي حلفاء الأعتداء المزمع على سوريا فيما يبقى قرار قوة الضربة بيد الأدارة الأميركية التي يبدو انها عزمت على ضربة عقابية محدودة ذات الوقت الذي تعمل به على تقليص طموحات حلفائها العرب الأتراك.
وكما ساهمت خلافات اطراف التحالف وقوة “القاعدة” في اطراف دمشق في دفع الأدارة الأميركية لتقليص الضربة المزمعة فأن التردد الغربي والتسريبات الأعلامية من داخل البيت الأبيض بمحدودية الضربة عززت موقف نظام الأسد الذي بات يظهر تحديا اكبر خاصة ان الضربة لن تنهيه بل سيخرج منتصرا منها وسيحوز تعاطفا اوسع مؤكدا بذلك روايته المكررة والتي لم يصدقها احد حول تحالف بين الغرب والقاعدة لأسقاط محور المقاومة العربي-الأيراني.
سوريا “الأسد” ستخرج منتصرة من الضربة لكنها ستبقى مهزومة بصراعها الداخلي الذي فتح ابواب التدخل بشؤونها لكل من هب ودب من متأمري الشرق والغرب واسوء ما في الموضوع هي اضطرارنا للأستماع لأسطوانة “الممانعة” المشروخة لفترة طويلة قادمة تصاحبها اغاني نصر مؤزر تؤديه فرق تقف فوق الدم السوري المسفوح بأستمرار..
موقع طله www.talah.com