المضبوع


كثيرا ما كنا نسمع كلمة مضبوع أو عبارة ( غافه الضبع ) - بضم الفاء مع التشديد - ولم نكن نعي المعنى الحقيقي لهذه الكلمة أو تلك العبارة ،، وكنا كثيراً ما نسمع روايات حيه عن أشخاص افترسهم الضبع ليلاً اثناء العودة الى البيت ، ومن هنا كنا نسمع التحذيرات من آبائنا وأمهاتنا وجداتنا من عدم الخروج من البيت ليلاً أو التأخر خارج البيت بعد غياب الشمس ، فكنا في صغرنا نعتبر غياب الشمس هي لحظة بداية مرحلة النوم والسبات بعيداً عن الضبع ، فنعود الى البيت خوفا من أن (ننغف) أو (ننضبع) ، أما كيف ينضبع الشخص أو ينغف فكانت الروايات تختلف من قرية الى قرية أو من مكان الى مكان ، غير أن المتعارف عليه هو أن الضبع يغادر وكره ليلاً بحثاً عن فريسته ، وغالباً ما يقترب من الأحياء النائيه أو المطرفه على رأي جداتنا ويتجول فيها ليلاً ، وإذا ما رأى شخصا هائما على وجهه او يسير منفرداً يقوم الضبع على الفور بالتبول على ذيله ثم يرشق بها وجه ذلك الشخص المسكين ، فيفقد عقله ويسير خلف الضبع أينما ذهب ويسحبه الضبع حتى الوصول الى وكره فينقض عليه ويفترسه ، وتقول الروايات أن ذلك الانسان المسكين يظن أن الضبع أبوه فيسير خلفه ،، فيكون الضبع قد ضبعه أو غفه على رأي جداتنا .

ومن هنا راحت مثلاً يقال لكل من يسير خلف شخص او جماعة على غير هدى بحيث يكون مُسيطراً عليه تماماً من ذلك الشخص او تلك الجماعه فيكون بلا حول ولا قوة وتكون ارادته مسلوبه ، واذا حاول الاستفاقة قام الضبع برشقه مرة أخرى فعاد مضبوعاً .

هذا تماماً حال الغالبية العظمى من الشعب الاردني الذي ما زال مضبوعاً منذ عقود من الزمن يسير بغير هدى ، وكلما حاولت جماعة أو فئة منهم ان تستفيق رشقها الضبع فعادت مضبوعة ،،، وما زال الشعب الاردني مضبوعا منذ عقود مصفقا ومهللا على غير هدى ،،، فالحكومات المتعاقبة غفت الشعب الاردني فأنتجت مجالس نواب بالية هي بدورها تحملت مسؤولية ضبع المواطن الاردني أو غفه حتى يسير على غير هدى ،، ولم تقف المسأله هنا بل أن من التف حول الدولة والسلطة من بطانة فاسدة ، مارس دوره في ضبع الشعب الاردني وغفه ونهب مفقدراته وحقوقه ،، وسرقة موارده وما زال الشعب ساكناً لا يتحرك ، فقد أعجبته الغفة ، او ربما هم يسيرون على مبدأ ( حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس ) فلم يعد هناك أمل في الاستفاقة من الغفة أو الضبع.

وقد استخدمت في ضبع الشعب الاردني وغفه أساليب كثيره أكثر تطوراً وتأثيراً من بول الضبع ، فتلك طريقة بدائيه يستخدمها الضبع لإفتراس شخص أو إثنين على الاكثر في نفس الوقت ، بينما ضبع أو غف شعب بأكمله يحتاج الى طرق كثيره واساليب حديثة ومتطوره واكثر تأثيرا ، ومنها على سبيل المثال خطاب جياش عاطفي يزخر بعبارات المدح ودغدغة المشاعر الشعبية والوطنيه ، أو مكرمة بين الحين والآخر ، أو زيارة هنا ، وتفقد هناك ، مفاجآت وأعطيات ، علبة دواء ، بناء بيت ، مكالمة هاتفية مع محطة اذاعيه او قناة تلفزيونيه ، كلها أساليب أكثر فعالية في ضبع الشعب وغفه ، وأحياناً تفبرك عملية نوعية لإستعراض القوة اذا ما شعروا أن أناساً استعصوا على الغف بالعاطفه ،، .

اما الشواهد على أن الشعب مضبوع فكثيرة ، والأبرز منها أن الحكومات الرشيدة المتعاقبة ، زورت انتخابات المجالس النيابيه اربع مرات متتالية ، دون اي اعتبار لأرادة الشعب ، وأن الحكومة سطت على جيب المواطن الاردني وسرقت كل ما تبقى فيها لسد فاتورة اللصوص الذين نهبوا البلد وشاركوا مع الدولة والسلطة في غف الشعب الاردني المسكين ، فباعوا كل ما هو وطني بأبخس الأثمان ، وجيروه لحساباتهم ، وشركاتهم الوهميه ، حتى شركة الكهرباء المبيوعة حملتنا الحكومة مسؤولية نهبها وخسائرها ، كما أن ما يسمى ديوان الخدمة المدنيه هو الغفة الاكبر للشعب الاردني ، حيث خصص ل(تصفيط) ابناء الفقراء والمساكين والحراثين على الدور إنتظاراً للفرج بينما أبناء الحيتان والقطط السمان فلا صلاحية له عليهم ، فعبدالله الثاني النسور يعين في وظيفة مرموقة في وزارة الخارجية بينما كثير من ابناء الحراثين ما زالوا ينتظرون الدور من الديوان المذكور ربما منذ أن كان زهير (عزابي) ، ثم كانت ضربة رفع الضرائب على الاتصالات لتكون أحدث الادلة على أن الشعب الاردني مضبوع أو غافه الضبع ، وستظل الحكومات وأزلامها وحلفائها من اللصوص الذين استماتت وما زالت تستميت في تبرئتهم واظهارهم على أنهم رموز وطنيه ، سيظلون يفترسون الشعب الاردني وينهشون لحمه ويطحنون عظمه ما دام الشعب مضبوعاً ومغفوفاً ، يأبى الاستفاقة للحفاظ على ما تبقى وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تأتينا ضبعة أو غفة قوية لا تنفع بعدها الاستفاقة أو الندم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات