مَن سيحرق مَن ,النواب أم الحكومة؟


قبل ان تتشكل الحكومة الجديدة وترى للنور, فقد قام على ما يبدو رئيس وزراء حكومة تسيير الاعمال عبد الله النسور بقبض ثمن اعادة تكليفه بشكيلها من جديد برفعه لأسعار المحروقات , في قرار جريء جداً ليس في المضمون بل وفي التوقيت ايضاً, ذلك القرار الذي يحمل معه اكثر من علامة استفهام ومحاولة اجتهاد وتفسير كلها تدل على القوة التي استند عليها هذا الرجل باتخاذه لهذا القرار .
فغالبية الشعب الاردني يشك في المصداقية التي رافقت سيناريوهات صناعة الحكومة الجديبدة وتأمين خلطتها السرية والسحرية , والتي يمثل تأخير اعلانها سابقة لم يعتد عليها في تشكيل الحكومات الاردنية , الامر الذي دفعه للتساؤل : هل يحمل هذا التأخير والتعتيم والتكتيم في طياته محاولات جديدة ستفرز رئيس حكومة وطاقم وزاري ينقذ الاردن من مديونيته ويعمل على تحسين الوضع المالي للدولة؟؟.
ففي اعتقادي بأن هذا التأخير ما هو إلا سيناريو أُعد بمهارة فائقة لاحدى غايتين:
*الاولى : ليكون بالون اختبار لقياس مستوى الوعي عند الشعب الاردني وجس نبضه لمعرفة مدى ادراكه لما يحوم في سمائه ويدور من حوله ليتم بناء على نتائجه اتخاذ قرارات اصعب في الايام القادمة.
*والثانية: لالهاء الشعب وتسليته بأمور اخرى لصرف نظره عما يدور من تنفيذ مخططات على ارضه تحت مسميات الانسانية وخاصة فيما يتعلق بقضية اللاجئين السوريين وهو ما على الشعب الاردني التيقظ له لما له من تأثير ليس على نسبة السكان , بل وعلى الاقتصاد والصحة والتعليم والجوانب الاخلاقية والتي ستدمر الناحية الاجتماعية اذا ما اتستمر الوضع عليه .
الغريب في الامر ليس رفع اسعار المحروقات فلقد قام النسور بخطوة مماثلة اقنع الناس بجدواها ولاقت خطوته رغم قسوتها على الظروف المعيشية الترحاب , ولكن الغريب هو هذا التوقيت القاتل باتخاذه للقرار , فهو إن دل فانما يدل الى عدم اكتراثه بنواب الامة وهو بامس الحاجة لثقتهم اذا ما تم تكليفه بالحكومة من جديد. ليحمل ذلك القرار على اجنحته تساؤلاً في غاية الخطورة : هل حصل عبدالله النسور على وعد قاطع بالعودة الى الدوار الرابع ,يمكنه من الحصول على ثقة النواب المطلقة رغم استفزازه لهم ووضعهم بموقف محرج امام قواعدهم الانتخابية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
فلقد تابعنا بالامس في جلسة النواب لمناقشة تداعيات قرار رفع الاسعار فسمعنا من السادة النواب طخاً عنيفاً بمختلف الاسلحة على رئيس الحكومة وقراره , والذي رغم ما قيل بحقه من انتقادات لاذعة بدأ واثقاً بصورة ليست خافية على المحللين, مما يعني ان ما سمعناه من طخ وتقريع وتهديد تحت القبة ما هو الا بمثابة الاستعراض الاعلامي امام شاشات التلفاز لتسلية القواعد الشعبية فقط.
وعلى العموم سيضع قرار رفع الاسعار نواب الامة في دائرة ضيقة امام قواعدهم الانتخابية, فمنهم من بالاستقالة قبل وصوله للبرلمان اذا قامت الحكومة برفع الاسعار واعتقد ان هولاء غير صادقين في طرحهم, وهناك من وعد بالاستقالة تحت قبة البرلمان اذا ما تم رفع الاسعار وهولاء غير صادقين في مسعاهم كذلك , وهناك من يتابع المشهد عن كثب تمهيداً لاتخاذ الخطوة القادمة , وحتى ذلك الحين ستراه يحاول الحصول على مكتسبات شخصية لنفسه وللدوائر المحيطة به , وسيحصل داخل اروقة المجلس تقلبات سريعة يتم فيها تبديل القناعات تجاه مسعى الحكومة من قرار رفع الاسعار والتي ستحظى بثقة 80 نائباً على اقل تقدير .
واعتقد بأن فوز الحكومة بثقة النواب قد يؤدي الى حدوث صراعات ومشاحنات ومشاجرات بين اعضاء المجلس قد تتطور لتفضي الى قيام جلالة الملك باتخاذ قرار حل المجلس واجراء انتخايبات نيابية جديدة تمهد الطريق الى عودة الاخوان المسلمين للواجهة من جديدة بعد انتهاء الاجهزة المختصة من ترويضهم .
وقد يمثل قرار رفع الاسعار بهذا التوقيت الضربة القاضية لحياة عبدالله النسور السياسية والتي ستحرقه وتمحيه من الذاكرة الاردنية , وخاصة بعد ان نال شهرة واسعة في الشارع الاردني خلال الاشهر السابقة ذكّرت الناس بانه يسير وفق منهج وصفي التل يرحمه الله , وهو ما لا يجب ان يكون في الساحة الاردنية تحت أي ظرف وعنوان .
فصناعة الوطنية في الاردن من الامور المحرمة شرعاً بعد طيب الذكر وصفي التل الذي امتدت شعبيته ووصلت الى مستوى ارهق صّناع القرار السياسي في الاردن والعالم العربي.
ويبقى القول بأن كل شيء في الاردن قابل للتغييرفي اخر لحظة , فقد نرى النسور مرة اخرى وقد نرى شخصية بديلة للدوار الرابع لا تخطر على بال , فالسياسة في الاردن لا يستطيع أحد أن يفهمها مهما ادعى قوة التفكير والقرب من دوائر صّناعة القرار, فحاولنا جاهدين الاستعانة بقصيدة الشاعر العراقي الكبير احمد مطر والتي يصف فيها بدقة متناهية كيف تتم صناعة السياسيين في الوطن العربي:
في البلاد العربية , عندما ترفض ان تُولد عبداً
يسحب الجرّاح رجليك
فتأتي مرغماً بالقيصرية
حاملاً حرية في يدك اليمنى وفي اليسرى وصية
فاذا عشت تموت حسب قانون السكوت
وكما جئت توافيك المنية
فيسحب الجّراح رجليك القبر
فتمضي مرغماً بالقيصرية
وقفة للتأمل: "اقول لنواب الامة اذا كنتم تخدعون الشعب الذي اوصلكم الى قبة البرلمان في مناقشاتكم لقرار الحكومة الاخير برفع الاسعار, فتذكروا معي قول العزيز الجبار:(( كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون))" صدق الله العظيم.



تعليقات القراء

متابع
...................
رد من المحرر:
نعتذر عن نشر التعليق
05-03-2013 01:51 PM
متابع محب شرق الحرف
في البلاد العربية , عندما ترفض ان تُولد عبداً

يسحب الجرّاح رجليك

فتأتي مرغماً بالقيصرية

حاملاً حرية في يدك اليمنى وفي اليسرى وصية

فاذا عشت تموت حسب قانون السكوت

وكما جئت توافيك المنية

فيسحب الجّراح رجليك القبر

فتمضي مرغماً بالقيصرية



شكراااا للكاتب
05-03-2013 02:46 PM
وحداتي محب للكاتب
أخي الكاتب.مع احترامي لتحليلك إلا ان السبب الاساسي في هذا التوقيت هو ان دولة عبدالله النسور يتخذ القرار خاصة وانه مغادر ثم يأتي رئيس وزراء اخر يقول مو انا الذي اتخذ القرار ويشرب الشعب الزيادة الجديدة على اسعار النفط.هذا هو السيناريو بكل بساطة
05-03-2013 05:24 PM
فواد
الوضع الصعب يحتاج الى قرار صعب ,ما كان لرئيس الوزراء ان يتخذ قر ارا برفع الاسعار وهو يعلم علم اليقين ان الرفع سيوثر على شعبيته وانه سيهاجم بكل شراسة من نواب الامة ومن معظم الشعب الاردنى ولكن الرجل قالها بصراحة ويجب احترام صراحته لانها حقيقة .الوضع المالى صعب وقرارى لمصلحة البلد ولامنة واقتصادة واستقراة فاثرت الصعب على السهل وليكن ما يكون ,لان المرض الخطير لا يزول الا بالجراحة الذى ياتى الشفاء بعدها باذن الله , اكتب هذا واقول اننى لا اكاد املك قوت يومى لكن الوطن اهم من كل شى لانه ان ضاع لا سمح الله ضاع الجميع
05-03-2013 10:38 PM
سيــــــف العـــــزام
من سيحرق من ؟؟؟ الشعب أم النواب والحكومة ؟؟؟
06-03-2013 08:43 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات