هل المناورات السورية تترجم بأن هنالك انزلاق خطر من الغرب ضد روسيا والصين !


الإجابة ، على الأرجح ، نعم ، و لا شك أن عمق المأزق الذي وصلت له القوات الغربية والقوى المعادية لسوريا قد أفقد قيادة هذه القوات البوصلة العسكرية ، وجعلها ترتكب أخطاء جسيمة ، ولعل ما يفسر ذلك تلك المواقف التي تتخذها هذه القوى دون الدخول في حساب القدرة على التنفيذ ، وهذا واضح بكافة المؤتمرات المنعقدة ضد سوريا وصولاً إلى مؤتمر باريس الذي بدأ عروضه الهزلية بعبارة ( أصدقاء سوريا) وقد شاهدنا بدايات تلك العروض من تركيا وتونس للأسف الشديد .
نعود إلى توضيح فقدان البوصلة العسكرية، من الواضح لدى المراقبين أن الدول الغربية بقيادة الولايات المفككة تضغط من أجل استصدار قرارات إلزامية ضد سورية تحت الفصل السابع، والإدارة الأمريكية تعلم علم اليقين أن زمانها انتهى إلى غير رجعة ، وأن بلد أصغر من سوريا بكثير لن ولن تستطيع الولايات المفككة أن تضعها تحت البند السابع ، فكيف في بلد بحجم سوريا ؟! هنالك غباء وتغابي متعمد من أجل إرسال رسائل متعددة منها الواضح ومنها المبهم ولكن في مجموعها لم تعد تشكل أي شيء بالنسبة لسوريا التي تثبت يوماً بعد يوم أنها الأقدر على مواجهة هذا العدوان ، وربما أن وضع الإرهابيين في سوريا الصعب جداً ، والذي سيلقى أيام من الجحيم هي التي دفعت في اتجاه الانزلاق ضد روسيا والصين ، وجميعنا يعلم أن الغرب أثار مشاعر العداء ضد روسيا والصين من خلال عدة مسائل بدءاً بالدفاع المضاد للصواريخ إلى تحديث أسلحة نووية تكتيكية ، ومروراً بالتدخل العسكري في ليبيا ، وصولاًً إلى الملف السوري ، هذا عدا عن التوتر القائم بين بكين وواشنطن حول التجارة والأمن البحري ، في الوقت الذي نجد فيه أن العداء للغرب يقرب كثيراً بين روسيا والصين ، وكمراقبين لا نستطيع بأي حال أن ننكر أن الغرب يتفهم جيداً الموقفين الروسي والصيني ، وقد حاول أكثر من مرة فصلهما عن بعضهما البعض إلا أن الموقفين لو انفصلا في كل المسائل والقضايا وهذا مستحيل فلن ينقسما في دعم الدول التي تنزع بعيداً عن الهيمنة الأمريكية ، فيكف حول دعم سوريا ؟!
إذن تأتي المناورات السورية لكي تأكد لنا أن القيادة السورية قادرة ليس على قراءة المعادلات الدولية فحسب، وإنما قادرة على تشكيلها أيضاً ، وهذه هي الصفعة الأكبر في وجه أعداء سوريا ، ولكن كيف ؟ هنالك مثل أردني يقول ( ألي ما يشوف من الغربال أعمى ) ، وسوريا اليوم في حالة حرب ، والحرب إن لم تكن مبنية على ثقة من خلال فهم القوانين فإن التضليل والتزوير الإعلامي سيدمر كل شيء فيها ، ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ، وأمريكا بعد أن قصم ظهرها في العراق وأفغانستان بدأ النظام الدولي باستعادة توازنه تدريجياً مع أفول نجم الولايات المفككة اقتصادياً وانطلاقة دول البريكس "روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا"، إضافة على تفلت دول أمريكا اللاتينية من الهيمنة الأمريكية مما يزيد من ترجيح الكفة السورية والمدعومة من نصف العالم أو أكثر هذا عدا عن دعم كافة الإنسانيين لها ولنظامها المقاوم ، في وقت تشد فيه الأزمات المالية والاقتصادية الخانقة على الغرب وأمريكا تحديداً التي تعيش حالة من الانحدار الاقتصادي والسياسي والعسكري وليس لها إلا التخبط في أزماتها ، وفي تقديري أن الربيع العربي سيكون أخر الأوراق الأمريكية في المنطقة التي لن تعود بعد اليوم أمريكية ولا إسرائيلية وإنما منطقة إنسانية ذات سيادة وطنية رغم أنف قادة الغرب والشرق ، نعم ، منطقة إنسانية لها علاقات مع كافة القوى الدولية وأساسها الحفاظ على الأمن الإنساني الإقليمي والدولي ، إذاً عملياً القوى الأكثر تقدماً في العالم والقادرة على التدخل أصبحت عاجزة في ظل تسارع وتيرة الأزمات المتعددة والتي تعصف فيها من كل حدب وصوب ، لهذا أصبح هم أمريكا هو زلزلة الأرض من تحت أقدام كل منافسيها من خلال إثارة القلاقل والفتن عبر ما يسمى الربيع العربي ، والذي يأتي هدفه الأول من خلال إنتاج الفوضى الخلاقة التي بشرت فيها كوندوليزا رايس كخطة بديلة عن التدخل العسكري الأمريكي المباشر ، وإلا ما تفسيرنا للنجاحات الإسلامية المدعومة غربياً تحت عدة عناوين ؟! التفسير الوحيد هو : تطويق روسيا والصين بحزام إسلاموي يمنعهما من التمدد غرباً وجنوباً .
نستوعب مما ذكر أن هنالك مشاريع انفصالية تود أمريكا زرعها في قلب الصين وروسيا ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، الامتدادات الديموغرافية واللغوية التركية في آسيا الوسطى السوفييتية سابقاً ، وكذلك في إقليم شينجيانغ المسلم في الصين مثلاً، أقلية الإيغور هناك التي نشأت من لدنها حركات انفصالية في إقليم الصين الأساسي المنتج للنفط والغاز، ما يعني أن القصة تبدأ في سوريا ولن تنتهي إلا بإحداث انقسامات داخل روسيا والصين ، من هنا يأتي الفهم للموقفين الروسي والصيني ، والفهم الذي يرسل إشارات عبر المناورات التي تقوم فيها سوريا ، ومن ضمنها أن هؤلاء الزعران الإرهابيين لا يأخذون معنا ـ أي مع النظام السوري ـ أسبوع من التمشيط الامني لو أردنا ذلك ، ولكن هذا لا يكون إلا من خلال قرار من رئيس الجمهورية السورية سيادة الدكتور بشار الأسد ، هذا غير الرسالة الأساسية والتي تفيد أن المناورات السورية تترجم بأن هنالك انزلاق خطر من الغرب ضد روسيا والصين ! هذا الإنزلاق الذي تدركه القيادة السورية منذ أن بدأ الدور التركي كوكيل عن الناتو ، بعد وضع الدرع الصاروخي للناتو في تركيا في خريف عام 2011،والذي يفهم ومن كافة الأطراف المقاومة للمشروع الأمريكي الغربي أنه مقدمة لمشروع تفكيك روسيا والصين ، ما يعني يا عربان أن سوريا هي خط الدفاع الأول بالنسبة لروسيا والصين ، في هذا الصراع الدولي الذي ينظر إليه البعض للأسف ضمن مناظير بدائية قديمة وبالية ، هذه الحرب يا سادة تسبق ما نسميه بالتعدد القطبية القادمة لا محالة ، المشكلة أن أمريكا والغرب يجيزون لأنفسهم حق التدخل في تقرير المصير للشعوب ، وما زلت هذه الدول المعادية للإنسانية والأمن الإنساني تردي من أجل تحقيق مصالحها الخبيثة الزى الإنساني ، كيف ؟ وهذه عباءتنا التي يقوم أساسها على احترام السيادة الوطنية أولاً ، لأنه لا يمكن بأي حال التشدق بحقوق الإنسان ، وحقوق الدولة الوطنية تهان ، كيف يكون ذلك وبأي ميزان ؟ ! ومن هنا أقول ومن موقع مسؤولياتي الإنسانية على المستوى العالمي : تباً لهذه السياسات القائمة على التدخل الإنساني من زيمبابوي إلى كوريا الشمالية إلى فنزويلا إلى سوريا،وليعلم الجميع أن الإنسانيين على المستوى العلمي وبكافة المحافل والمجامع الإنسانية على المستوى العالمي بريئون من كل السلوكيات الأمريكية والغربية المعادية للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان حتى وإن رفعت هذه الشعارات واتخذتها كستارة تخفي ورائها أطماعها الشيطانية ضد الإنسانية المعذبة بسبب الانتهاكات الأمريكية ، وبسبب عدم احترام عموم الغرب وأمريكا وإسرائيل للأمن الإنساني الإقليمي والعالمي . خادم الإنسانية .



تعليقات القراء

نبيل حامد
الغرب تورط مع روسيا والصين
10-07-2012 08:11 AM
نرجس
أين الفهم العربي الرسمي يا أستاز
10-07-2012 08:13 AM
جمال سعد الدين
اللهم أنصر الحق وكن لمن يسعى نحو الحق ولياً ونصيراً اللهم أنصر هذا الرجل المؤمن بالاسلام وبعروبة الأوطان أمين يبا أرحم الراحمين
10-07-2012 08:15 AM
راجي العلي
ليس هنالك أدنى احترام لإنسانيتنا كيف ترسلون بأموالنا أموال العرب من يقتنا ويذبحنا بدم بار ؟
10-07-2012 08:16 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات