الاسلاميون .. إصرار على الإغتراب والتفرد !!


... قد يعتقد البعض أن الحديث عن أخطاء الحركة الاسلامية ونقد سياستها وتعاطيها مع الأحداث في الأردن يصب في مصلحة المعادين للإسلام أو الحركة نفسها على أقل تقدير ، إذ أن الناس توجه انتقاداتها وسخطها على ممارسات الحكومات والنظام نفسه حيال ما تتبعه من سياسات المماطلة والتلكوء في إجراء الإصلاح المنشود وملاحقة الفاسدين ، وما تنفذه من إجراءات أمنية تطال النشطاء من الحراك الشعبي ، كذلك فأن ما لاقاه مجلس النواب من سخط وإدانة شديدين من قبل الجمهور الأردني حيال مواقف غالبية الأعضاء وخاصة في موضوع شركة الفوسفات بسبب موقفهم المتخاذل والمتناغم مع توجهات الحكومات لحماية الفاسدين وطي صفحات الفساد ونهب الثروات هو موقف طبيعي لشعب كان ينتظر أن "يفشّ " المجلس غُلّ المواطنين ويكشف حقائق وأسرار بيع ثروات الوطن ويعلن بصراحة من يقف خلفها ، وكذلك تعرضت رموز وشخصيات مقربة الى انتقادات شديدة ومطالبات بمحاكمتهم جراء ما اقترفوه بحق الوطن رغم معرفة الناس أنهم ليسوا أكثر من حجارة شطرنج ووسطاء ، فلا ضير من توجيه نقد لقيادة الحركة الأسلامية التي فشلت الى يومنا الحاضر من إثبات هويتها الوطنية ، لأنها لازالت تركز على قضايا خارجية قد لا تُعد من أولويات المواطن الأردني في ظل أزمة تعيشهاالبلاد.
تداعت قبل أيام غالبية الحراكات الشعبية إن لم تكن جّلها لمناصرة المعتقلين من نشطاء أحرار الطفيلة ، وتوجهت تلك الحراكات برموزها ومناصريها و العديد من الإعلاميين قاطبة الى المحافظة للتعبير عن رفضهم لسياسة الملاحقات الأمنية والمطالبة بفك أسر المعتقلين والتضامن مع ابناء المحافظة وعائلات المعتقلين ، بإستثناء الحركة الأسلامية التي أصرت على اللعب وحيدة في عمان لمناصرة الشعب السوري ، ورغم التمثيل" الخجل " لأحد رموز الحركة في مسيرة الطفيلة يوم الجمعه والذي جاء استجابة لضغط حراك الطفيلة والحراكات الأخرى وتهديداتهم لأعضاء الحركة الأسلامية بضرورة السير مع حراك الناس كافة في موضوع الاعتقالات وملاحقة الفساد والتوقف عن الاهتمام بالشأن الخارجي بعيدا عن الهم الوطني ، فأن ذلك لم يرض الناس وطالبوا بضرورة أن تشارك الحركة الأسلامية جموع أبناء الشعب في طرح قضاياه الوطنية الملحّة والسير بها بعيدا عن الأجندة الخارجية التي تنشغل بها الحركة ، كذلك فأن ما جرى في مسيرة عمان التي دعت اليها الحركة الإسلامية " للمضاربة " على إجماع الحراك في الطفيلة ، كان مدعاة لمزيد من الاستياء من قبل غالبية الحراكات المشاركة في المسيرة و التي اتهمت الحركة الإسلامية بتغيير خطاب المسيرة والخروج عن الأتفاق ، إذ تم الاتفاق على تناول موضوع الفوسفات والدعوة الى إسقاط مجلس النواب ووقف الملاحقات والاعتقالات ، إلا أن الحركة غيرت مجرى الأتفاق واقتصرت نشاطها ودعواتها على موضوع سوريا وقدمت بعض المجاملات الصوتيى حيال معتقلي الطفيلة ، وكأن تطورات الأسبوع الماضي حيال موضوع الفوسفات وما كشفته التحقيقات التي تسربت من المجلس حول تلك الثروة الوطنية الهائلة التي ذهبت هباء منثورا لصالح طغمة فاسدة لم يعد يهم الحركة ، مما أثار استياء المشاركين بالمسيرة ودعوا الى مقاطعة أي نشاط تنفذه الحركة مستقبلا .
يبدو أن بعض القوى السياسية والاسلامية منها خاصة قد وجدت في حراك ابناء البلد من مختلف المحافظات والمناطق فرصة تاريخية لإمتطاء الحراك من أجل توجيهه الى الأجندة التي تعمل بها الحركة بعيدا عن الهم العام ، وأن سياسة الحركة أن " تكاكي عند الشعب وتبيض عند الحكومات " لم تعد سياسة مقبولة وأحسبها نفاق كبير وظالم بحق الشعب والوطن ، وهي كذلك خديعة " واطية " تمارسها الحركة بحق الشعب الذي لازال مخدوعا بشعاراتها المجمّلة بالإسلام وتخفي من وراءها رفضا وإنكارا لحقوق ومصالح ابناء الوطن ، فموقفها من الوطن البديل ورفض التجنيس وقوننة قرار فك الأرتباط ينتظر موافقة خارجية من الأشقاء في مصر أو سوريا لم تصل بعد ! ولم يعد الهم الوطني على درجة من الإهتمام بالقدر الذي كان موضوع عودة حماس الى الأردن أو استقبال خالد مشعل يشغل الحركة بشكل كادت فيه أن تصل بالبلاد الى أزمة واسعة للضغط على الحكومات لمعالجة موضوع عودة حماس ، وخاصة بعد أحداث النخيل والداخلية التي تورطت بها الحركة تحت مسمى سمى حركة 24 أذار ذات التوجه الإخواني ، فيما تقاعست عن دعم حراك المعلمين والممرضين للمطالبة بتعديل علاواتهم ، وهاهي ترفض حتى التنديد بسياسة الملاحقات والإعتقالات الأمنية بحق النشطاء حتى لو قيل أن أحد رموزهم " هاتف " رئيس الوزراء يطالبه بوقف الإعتقالات في موقف يشكر عليه ! وكأن القضية تتعلق بالتوسط لوظيفة ! فأن كان هذا منهج عملهم، فكيف يمكن للناس أن تثق بحكمهم أو حتى مشاركتهم بالحكم، فأن كان ذلك يتفق وضرورات التقرب للحكم والحصول على بعض التنازلات لصالح الجماعة على حساب موقف الناس من النظام ، فانه لايتفق ومزاج الشارع الذي بات ينظر للحركة الإسلامية أنها تسعى " لإختطاف " " حلم الأجيال الشابة في بلاد الحراك العربي في التغيير والحرية والديمقراطيةلصالح أجندتها الخاصة .
للناس تجارب وشواهد مريرة في حكم تلك الجماعات ، فتقسيم السودان تبعا للرؤية الغربية -الصهيونية تحقق على يد الإخوان وليس في عهد النميري " الكافر " ، وتدمير افغانستان بعد الخروج السوفيتي سببه الصراع على الحكم بين تلك القوى الإسلامية المتناحرة وأتاحت المجال للولايات المتحدة الامريكية بإحتلالها ، وما يجري في الصومال من تقسيم وذبح وتناحر وفتاوي تجيز ذبح المسلمين أنفسهم شاهد أخر ، ناهيك عن حكم آيات الله في ايران ، وغدا التقسيمات قادمة في عهد حزب الدعوة في العراق ، وعهد الاخوان في مصر ، وهاهي تبدأ في ليبيا ، ولانعرف ماذا يعدّون في تونس ، وكذلك الجزائر بعد المصالحة مع الأمريكان ، ولأنها اي الحركات الإسلامية هي الأكثر هرولة وإنقيادا لأي مشروع أمريكي في المنطقة ، فمن الطبيعي ان تتنازل بعض الشيء ولو عن مبادىء أساسية مقابل حصولها على مشاركة في الحكم ، فيما حافظت قوى ثورية وليبرالية وقومية على مسافات متباعدة بين مشروعها القومي والمصالح الأمريكية ودفعت مقابل ذلك ثمنا غاليا ولا زالت حتى اللحظة .



تعليقات القراء

عبدالله كريشان
صدقت ، ...بالنسبة الهم ، عمرك سمعتهم بطالبوا لمحاكمة

....
11-03-2012 10:49 PM
احمد الرواجفه
حراك حي الطفايله هدد .. علنا ان لم ينظموا لحراك الطفيله فلن يكون هناك تنسيق معهم .. هكذا نقل على لسان احد نشطاء الحراك في حي الطفايله ، فأضطر ..للحضور والمشاركه يعني مجامله ..
11-03-2012 10:54 PM
محمد السعودي
حراك الطفيله في تصاعد طالما ان الاحرار في السجن والفاسدين في نعيم .
11-03-2012 11:04 PM
عوض شمايله
الاخوان بقولوا أن ضرورات الحكم والسياسه تقتضي التنازل كما فعل البشير في السودان وقسم السودان ، والضرورات هي تنازل وتساوق مع المشروع الامريكي والاعتراف باتفاقيات كامب ديفيد والمعاهدات مع العدو مثل اخوان مصر , وفي الاردن الضرورات يعني التنازل عن حق العوده وتقرير المصير وتجنيس حملة البطاقات الخضراء مقابل الوزارة ..يا سلام .. ولسه الناس تثق فيهم
11-03-2012 11:18 PM
جميل البدور
في السودان انقلب الترابي على البشير / وانقلب المهدي على الجميع ، واباح الترابي مقاتلة البشير وحرب الشعب السوداني بعد تحالفه مع الجنوب المسيحي .. هذا فعل الاسلاميين في السودان ، هناك 14 تنظيم مسلح في الصومال جميعها اسلامية متحاربة قتلت حتى الأن 4000 مسلم . وفي تونس اعادوا الفرنسيين من جديد والجزائر أحل الاسلاميون قتل كل من يعمل في النظام والشرطه . وفي لا برامج ولا اجندة وطنية .
12-03-2012 06:51 AM
عادل خمايسه
والله يا استاذي مو بس الاخوان خربانين ، البلد كلها خربانه ... ويقول مدير امن دبي ان الاخوان هم أدوات امريكا في خلق الفوضى في العالم العربي مقابل حفنة مواقع .
12-03-2012 09:47 AM
أبو فارس
مقالة تفوح منها رائحة الفتنة كالعادة
12-03-2012 09:54 AM
جميل بشابشه
الانتخابات القادمه وبعد تجربة الحراك ستشهد هزيمة ان شاء الله لكل اصحاب الاجندات الخارجية ومنهم الاخوان ، فلا يعقل أن يتوج الحراك بتسلم الأسلاميين الحكم او الحكومات ,و نحن لسنا مصر ولا تونس ، وعلى الاخوان اعادة قراءة ما يجري
12-03-2012 11:40 AM
عبدالخالق الرواحنه
يعتقد الاخوان انهم يملكون الشارع ، ويعتقد .. بنفس اعتقادهم وكاد ان يقع ضحية مطالبهم . لكن ..واتلعشائر قالت لهم .. لا . انهم لا يملكون من الشارع الا بعض الرموز والمساندين .
12-03-2012 11:45 AM
جمانه
انا لست مع التجني كثيرا على الاخوان ، واعتقد أنهم أخطأوا حين خالفوا بقية الحراك في موضوع الحراك الجماعي والحشد في الطفيله ،وةكنت احبذ مشاركتهم هناك ولكنهم بقيوا في الساحة في عمان ولهم منتدبين ومشاركة في الطفيلة لاينكرها ...، ولا احبذ استمرار مهاجمتهم لأن ذلك قد يثير فتنة بين الحراكات ويضعف الحراك عامه . نعم ، انفردوا في عمان ، ولكنها ليست نهاية العالم . والخطأ يصلح . والاسابيع كثيرة لأن الاصلاح طويييييييييييل , والله من وراء القصد
12-03-2012 12:07 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات