ما الذي تريده القوى الاجنبية في ليبيا؟


جراسا -

بلومبيرغ - ترجمة جراسا - بعد فشل محادثات السلام بين الفرقاء الليبيين في موسكو، انتقلت هذه المحادثات إلى برلين. دعونا نلقي نظرة فيما يلي على كل طرف قادم للمشاركة في هذه المحادثات وما هي أسبابه ومصالحه؟

منذ عام 2011 وهو العام الذي تم فيه إسقاط نظام القذافي وليبيا تشهد اشتباكات واقتتال بين فصائل الثوار الليبيين نتيجة التنافس الشديد فيما بين هذه الفصائل للسيطرة على الحكم، الأمر الذي أدى إلى انشقاقات متتالية بين الثوار أنفسهم، فيما القوى الاجنبية تمارس لعبة "صناعة الملوك" على الأرض الليبية.

كل من روسيا، تركيا، مصر، الولايات المتحدة الأمريكية، الإمارات العربية المتحدة، إيطاليا وفرنسا انخرطت في المواجهات الدائرة بين الحكومة المعترف بها والمدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس العاصمة ويرأسها فايز السراج وبين القائد العسكري خليفة حفتر الذي اتخذ المناطق الشرقية قاعدة له وتسيطر قواته على الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس منذ شهر أبريل 2019.

بعد التوسط لعمل هدنة، حاولت كل من روسيا وتركيا يوم الاثنين عقد محادثات سلام في موسكو، لكن المحادثات باءت بالفشل؛ لرفض خليفة حفتر التوقيع على اتفاقية السلام المقترحة التي وقعها السراج.

حفتر رفع سقف مطالبه، حيث طالب بنصف عوائد النفط الليبي مع قيام قواته بمحاصرة ميناء سرت النفطي أثناء انعقاد محادثات برلين لإنهاء تسعة أشهر من الاقتتال.

مخاوف الدول الأجنبية من فشل المفاوضات له علاقة بمخاطر وقوع أكبر احتياطي نفطي أفريقي في وسط أتون لحريق ضخم نتيجة اقتتال الفرقاء الليبيين، وآخر تحركات لقوات حفتر قد تغير و تبدل جميع حسابات الدول الأجنبية ذات الإهتمام بالأزمة الليبية.

السراج قال يوم السبت، يبدو أن منافسه حفتر ليس مستعدا للسلام بعد. هذا عن الفرقاء الليبيين، فماذا عن المشاركين الآخرين في محادثات برلين؟

تركيا

تركيا التي يقودها أردوغان وامتدادا لحنين تركي للماضي المتعلق بالامبراطورية العثمانية له حضور عند الحديث عن ليبيا، حتى ان مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ذو الخلفية العلمانية ساعد في تنظيم صفوف الثورة الليبية ضد الإيطاليين قبل حوالي مئة عام.

أردوغان يرى أن أعظم صفقة حدود بحرية تحقق التطلعات التركية وتسمح للنفوذ التركي بالتمدد في أغنى مياه في البحر المتوسط هي في ليبيا مع حكومة معترف بها و مدعومة من قبل الأمم المتحدة، وهذا الأمر طبعا يزعج بعض الشيء عضو الحلف الأطلسي.. اليونان.

المقاولون الأتراك يترتب لهم ديون مستحقة على ليبيا بمليارات الدولارات، فقد كانوا أكثر المقاولين الأجانب استحواذا على العقود حتى زمن القذافي.

روسيا

أردوغان و بوتين دفعا الثوار المتناحرين إلى محادثات السلام في موسكو كراعيين لهم في ليبيا تماما كما هو حالهما في سوريا. فبوتين يستخدم ثقله لانتزاع إمتيازات من أردوغان في مسرحية المواجهة.. سوريا وليبيا.

ألمانيا

ألمانيا من جهتها تجد ان تسوية شاملة للصراع الليبي قد تجلب بعض المجد لألمانيا والإتحاد الأوروبي الذي تقوده، لكن الألمان موقنون ان الجائزة الكبرى ستكون من نصيب روسيا التي ستؤمن لها مدخلا لصفقات النفط الليبي. ألمانيا لم تكن متورطة في إسقاط نظام القذافي لهذا يقدم الألمان أنفسهم كوسيط محايد بين الفرقاء الليبيين.

اهتمام المستشارة انجيلا ميركل الرئيسي هو إعادة تشكيل حكومة مستقرة في ليبيا تكون قادرة على وقف تدفق آلاف المهاجرين من أفريقيا. كذلك يرى الألمان ان وقف الصراعات العسكرية في ليبيا قد يفرز حكومة تلعب دورا حيويا في محاربة الجهاديين الاسلاميين المتشددين.

إيطاليا

كانت ليبيا مستعمرة إيطالية سابقة منذ مطلع القرن العشرين وحتى إلى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

شركة ENI SPA الإيطالية تعتبر اللاعب الأكبر في قطاع صناعة النفط الليبي وما زال الساسة الطليان يلومون رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني على عدم مساهمة إيطاليا في إسقاط نظام القذافي ويرددون عبارة (قلنا له افعلها و شارك)، والمقصود هنا الحملة الاطلسية التي شنتها قوات الناتو بقيادة فرنسا وبريطانيا.

في مجالسهم الخاصة يعبر الساسة الطليان عن شعورهم بالضيق من تدخل الفرنسيين في ليبيا فيما بلادهم هي خط المواجهة الأول لآلاف اللاجئين الذين يقطعون البحر المتوسط نحو أوروبا.

فرنسا

فرنسا التي قادت قوات الناتو في إسقاط نظام القذافي تلعب الان دورا مزدوجا في الصراع الليبي. حتى عام 2015 على الأقل كانت فرنسا تدعم الوساطة الاممية لاحلال السلام في ليبيا وهو الأمر الذي ساعد خليفة حفتر.

سبب آخر هو أن الفرنسيين يرون في حفتر انه الشخص الذي يقدر على وقف امدادات السلاح والمال للجماعات الجهادية المتطرفة في الساحل حيث تتصيد قواتهم قادة تلك الجماعات.

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عمل على تلميع صورة حفتر سياسيا وقد دعاه مع السراج إلى باريس عام 2017 للتوسط بينهما من أجل إتمام صفقة تقاسم السلطة في ليبيا.

مصر

ترى الحكومة المصرية في حفتر الحصن المنيع الوحيد في وجه المتشددين الاسلاميين الذين لديهم اهتمام شديد في جعل الحدود الشرقية لليبيا مع مصر ملاذا و ممرا آمنين لمقاتليهم والأسلحة التي يريدون إرسالها إلى شبه جزيرة سيناء.

إن حادثة خطف و ذبح 21 شرطيا مصريا في نقطة حدودية مع ليبيا على أيدي إرهابيين مرتبطين بخلايا الدولة الإسلامية في ليبيا، ما زال يتفاعل ويلقى اهتماما كبيرا لدى الحكومة المصرية. و قد اعترف حفتر بتعاونه الوثيق مع القاهرة في مجال تشارك المعلومات الاستخباراتية والمساعدات العسكرية.

الإمارات العربية المتحدة

الإمارات العربية المتحدة مثلها مثل مصر.. ترى في حفتر الرجل القوي القادر على سحق التهديد الذي يمثله المقاتلون الاسلاميون، وقد زودت الدولة الخليجية الجنرال حفتر بالمعدات العسكرية والدعم اللوجستي وهجمات الطائرات المسيرة لصالح قواته.

بريطانيا

بريطانيا التي انسحبت بشكل واسع من لعب اي دور في الشرق الأوسط خصوصاً اذا ما تعلق الأمر بإسقاط أنظمة سياسية على خلفية ما جره قرار رئيس وزرائها الأسبق طوني بلير بالانضمام للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش في إسقاط نظام الرئيس صدام حسين عليها من حرج.

في نقطة واحده تبدو بريطانيا في منافسة مع فرنسا على مسألة من يقود التدخل في ليبيا، لكن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون انتقد وبشدة من قبل المشرعين الانجليز على مساهمته في خلق دولة فاشلة في ليبيا.

وعند الحديث عن سوريا بعد عامين خسر كاميرون في تصويت البرلمان الانجليزي على مسألة دعم الضربات الجوية البريطانية في سوريا. كل هذا و البلاد قد استهلكت في موضوع خروجها المتعثر من الإتحاد الأوروبي.

الولايات المتحدة الأمريكية

أما الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ مقتل سفيرها كريس ستيفنز في بنغازي عام 2012 فقد حددت دورها بتوجيه ضربات جوية محدودة لاستهداف أعضاء وقادة الجماعات الإسلامية وقد أرسلت الولايات المتحدة عدة رسائل مختلطة لقيادات الثوار الليبيين بهذا التوجه حتى تأكد لها بوضوح ما الذي يفعله فلاديمير بوتين هناك.

مسؤولون امريكيون افادوا لبلومبيرغ ان روسيا ارسلت مئات المرتزقة في شهر سبتمبر الماضي لدعم قوات حفتر وهو ما ينكره بوتين.

بعد اسبوعين تم إسقاط طائرة مسيرة أمريكية عندها بدأ الامريكيون بالضغط على حفتر لوقف إطلاق النار من أجل عقد اتفاقية سلام قد تخرج روسيا خارج الملعب.

الصين

الصين دعت جميع الأطراف الليبيين إلى العودة إلى طاولة المفاوضات وإنهاء العنف. فمن جهة خدمة للشركات المملوكة للدولة الصينية وتمكينها من عقد صفقات ومن جهة أخرى تأمين معادن ومصادر لشركاتها الصناعية.

وبينما تبدي الصين اهتماما اقل بحصتها السياسية من الكعكة الليبية، فإنها تريد ضمان مصالحها والاطمئنان إلى أن تلك المصالح مصانة ولهذا ارسلت الحكومة الصينية وفدا دبلوماسيا رفيعا الى محادثات برلين.

وللعلم فقد وقعت شركة بترو شاينا اتفاقية في شهر أيار عام 2015 لشراء الخام الليبي وهو ما يعطيها فرصة مميزة في المساهمة بإعادة اعمار ليبيا وربط شركاتها بالكثير من مشاريع البنية التحتية هناك كجزء من لحن اهتمامها بحوض البحر المتوسط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات