"أوبزيرفر": "إسرائيل" ستكون الخاسر الأكبر في حرب الظل بين أمريكا وإيران


جراسا -

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” مقالا للكاتب سايمون تيسدال حذر فيه إسرائيل من تداعيات “حرب الظل” التي يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع إيران. وقال إن عرض ترامب إجراء محادثات مع إيران أرسل رجفة داخل المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل، خصوصا أن بنيامين نتنياهو يعول في الانتخابات التي ستجري في 17 أيلول/ سبتمبر على التحالف المعادي لإيران مع واشنطن لكي يفوز فيها.

ولاحظ محلل أن سيناريو يلتقي فيه ترامب مع الرئيس الإيراني حسن روحاني كالذي جرى بين ترامب ورئيس كوريا الشمالية هو “سيناريو الرعب النهائي”.

وقد يفكر الناخب الإسرائيلي، بعد سلسلة التصعيد من سوريا إلى لبنان والعراق، أن سيناريو الحرب مع إيران هو أسوأ من سيناريو السلام معها. فإستراتيجية ترامب “أقصى ضغط” التي يدعمها نتنياهو والصقور معه في تل أبيب وضعت إسرائيل في مرمى النيران الإيرانية. كما أن توسيع التصعيد جر عددا من دول المنطقة إلى المواجهة، خصوصا العراق.

ويعلق تيسدال أن نتنياهو عادة ما يتباهى بعلاقته القريبة مع ترامب، ويقول إنه هو الذي دفع الرئيس الأمريكي لكي يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان والقدس كعاصمة، وهو الذي شجع ترامب لكي يتخلى عن المعاهدة النووية الموقعة عام 2015 مع إيران، وهو القرار الذي أدى للتصعيد بما في ذلك محاصرة النفط الإيراني بشكل أدى للمواجهات في الخليج.

ويرى تيسدال أن التحالفات الباذخة تأتي عادة بثمن باهظ، فالمواجهة الأمريكية- الإيرانية باتت تهدد الأمن الإسرائيلي، وسط ظهور أدلة عن تركيز طهران التي تريد تجنب حرب مباشرة مع الولايات المتحدة على حملة استنزاف تقوم بها الجماعات الوكيلة عنها ضد الدولة اليهودية. وفي هذا السياق، يشترك ترامب مع قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في شيء واحد: “لا أحد منهما يريد الحرب. ولهذا يفضلان حربا تخوضها أطراف أخرى نيابة عنهما”.

فالهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد أهداف مرتبطة بإيران والتي أمر بها نتنياهو بدعم تكتيكي من الولايات المتحدة، كانت تهدف لمنع إيران من تزويد حزب الله والجماعات الشيعية في العراق بالصواريخ الدقيقة والأسلحة المتقدمة الأخرى. ولا يعرف إن تركت الغارات الإسرائيلية آثارا مدمرة على قدرات هذه الجماعات، ولكنها بالتأكيد استفزتها للرد وتمثل معا تصعيدا.

وفي هذا المنعطف الحرج، فالثقة بترامب ليست جيدة. فتحوله الطائش في قمة الدول السبع الكبار عندما عرض السلام على إيران لم يثر إعجاب روحاني الذي أكد أن لا حوار معه قبل رفع العقوبات المفروضة على بلاده.

ويقول تيسدال إن لا أحد يعرف ماذا كان يريد ترامب بعرضه، وحتى ترامب نفسه، لكن ما هو واضح أن الوضع الأمني يتدهور، ومع إسرائيل بقيادة نتنياهو ستكون الحصان الخاسر في “حرب الظل” الواسعة وغير المعلنة مع إيران، وهي الحرب التي يمقت ترامب خوضها بنفسه.

ويرى الكاتب أن سياسة ترامب نحو إيران تتغير بشكل مستمر مثل معول هدم، مخلفة وراءها شرق أوسط هشّا، تاركة أثرها الضار على العراق الذي يتجاذب طرفا الصراع حكومته.

فمن ناحية، تضغط واشنطن على العراق للتوقف عن شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران وتقوية علاقاته مع الولايات المتحدة والدول العربية المتحالفة معها. ولكن إيران تواصل التأثير على سكان العراق الشيعة منذ الغزو الأمريكي عام 2003.

وفي تقرير أعدته منظمة الأزمات الدولية، جاء أن الهجمات الأخيرة على العراق تمثل تحذيرا واضحا حول ما سيحدث لاستقرار العراق حالة استمر التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران. فمحاولات عادل عبد المهدي، رئيس وزراء العراق، للحد من نشاطات وقوة ميليشيات الحشد الشعبي التي تدعمها إيران، كما طلبت منه أمريكا، لم تنجح وكشفت عن هشاشة الدولة العراقية.

ويرفض قادة الجماعات المسلحة التي شاركت في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية القبول بسلطة بغداد عليهم، فيما يطالب القادة السياسيون لها بخروج 5.000 جندي أمريكي من العراق.

وقالت مبعوثة الأمم المتحدة في العراق، جانين هينتس بالاتشارت، إن التنافس الأمريكي- الإيراني يهدد جهود إعادة بناء البلاد بعد هزيمة تنظيم “الدولة”، وسط تقارير عن حالة إحياء جديدة لخلايا التنظيم في غرب العراق وسوريا، بعدما أعلن ترامب عن هزيمة التنظيم وخفف من الوجود الأمريكي هناك.

وفي الوقت الذي يعود فيه تنظيم “الدولة” إلى العمل سرا في ظل هوس ترامب بإيران، فإن الكارثة باليمن تجري أيضا، فلم يكن التحالف العاجز الذي تقوده السعودية قادرا على هزيمة أنصار إيران في اليمن، بشكل تسبب بأكبر كارثة إنسانية في العالم.

ودعمت الولايات المتحدة الرياض رغم حملة الشجب الدولية لها، إلا أن السعوديين والإماراتيين باتوا على طرفي النقيض، في وقت لم يستسلم فيه الحوثيون بعد. وهذه الحرب الفوضوية الناجمة عن حرب الظل التي يخوضها ترامب مع إيران جلبت معها مزيدا من عدم الاستقرار إلى المنطقة.

ومن بين الكوارث التي ارتكبها ترامب لإرضاء هوسه بإيران، كان فشله في التدخل لوقف الحرب الأهلية في سوريا مثارا للدهشة، وقاد إلى الوضع الذي نواجهه اليوم من استمرار قتل المدنيين في مدينة إدلب. فهو على ما يبدو ليس مهتما بهذا، كما أن صمت أمريكا على جرائم الأسد كان وراء تعزيز إيران جهودها لبناء قواعد دائمة قرب إسرائيل.

ولو كان ترامب ذلك الصديق العظيم لإسرائيل، فلماذا تسامح مع هذه التطورات؟ ولماذا ترك إسرائيل تتعامل معها بنفسها؟ هذان سؤالان وأسئلة أخرى على الناخب الإسرائيلي التفكير فيها عندما يأتي نتنياهو المطبل لسياسة أقصى ضغط على إيران ليطلب أصواتهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات