جدل في دولة الكيان .. هل وُلِد "نتن ياهو " في السودان؟


جراسا -

راجتب الشائعات في السودان حول أصول رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نتنياهو، وفق ادعاءات جزء من سكان شمالي السودان في التسعينيات أثناء ولاية نتنياهو رئيسا للحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى. إلا أن هذه الشائعات ما زالت منتشرة وتظهر مجددا كل بضع سنوات في السودان، مصر، وحتى في دولة الكيان، إذ نُشر بشأنها مؤخرا فيلم يتطرق إلى الموضوع.

وفق الادعاءات في السودان، لم يُولد نتنياهو في "إسرائيل" في عام 1949، بل في قرية صغيرة شمال السودان، لعائلة يهودية محلية. كذلك، تشير الشائعات إلى أنه كان اسمه "عطا لله عبد الرحمن" شاؤول وليس بنيامين نتنياهو.

"اليهود عاشوا في السودان وما زال يعيش جزء منهم فيها مما يشهد على أن أصل هذه الجاليات يهودية. وصل اليهود أثناء العصر العثماني إلى السودان للمتاجرة وبقي جزء منهم فيها"

هناك عدة صيغ مختلفة لهذه الشائعات كما هي الحال مع الشائعات الأخرى. فعند البحث في محرك جوجل يمكن أن نلاحظ أن جزءا من الادعاءات يقول إن نتنياهو وُلِد في مدينة نوري الواقعة على الضفة الشمالية من النيل شمال السودان، وترعرع في منطقة مروي. بالمقابل، هناك ادعاءات أخرى تشير إلى أن نتنياهو وُلِد في وادي حلفا وهو يتقن اللغة النوبية. وفي ادعاء آخر ورد أن نتنياهو وُلِد في قرية "حالوف" الواقعة في منطقة نوبا أو أنه من أبناء قبيلة الشايقية السودانية.

وفق ناشري الشائعات، فإن عائلة نتنياهو كانت تحمل المواطَنة السودانية، وعملت مثل الكثير من يهود السودان في تصدير منتجات الكحول والزراعة واستيرادها. إلا أن العائلة غادرت السودان عندما كان نتنياهو في سن عشر سنوات، هذا وفق الادعاءات، وذلك بعد أن أعلن جعفر النميري أن تجارة الكحول تعتبر عملا خارجا عن القانون.

وحققت الشائعات رقما قياسيا في العقد الأخير، بعد أن نُشِرت في عدة صحف عربية لا سيّما في منطقة السودان ومصر، وفي النهاية تطرقت القناة الثانية الإسرائيلية إلى التقارير الإخبارية العربية أيضا.

ضجة في الإعلام العبري ...

أشار بعض التقارير إلى أن القناة العبرية قد تأكدت من صحة الخبر.وذُكر في المقال الخاص بالقناة العبرية الثانية بوضوح أن مصدر التقارير يعود إلى "خبر إخباري غريب نُشِر في شبكة "الوطن" السودانية". أي أن الإعلام الإسرائيلي قد اقتبس الشائعات التي نُشرت في وقت سابق في الإعلام العربي ولكنه لم يتأكد من صحتها.

 "من هو عطا الله عبد الرحمن شاؤول؟"

عُرِضت مؤخرا في متحف "تل أبيب" سلسلة من ثلاثة أفلام قصيرة بعد تأليفها بإلهام من الأسطورة حول عبد الرحمن شاؤول، المعروف كبنيامين نتنياهو وفق اعتقاد جزء من السودانيين. تحدثت مُخرجة الفيلم الإسرائيلية، لوسيانا كبلون، مع مراسلة موقع "المصدر" واصفة كيف وصلت إليها الشعائعات.

"أرادت أمينة معرض تل أبيب أن أحضر فيلما للمعرض ذي الصلة بإفريقيا. لقد عرِفَت أنني ناشطة في جاليات المُهاجرين إلى إسرائيل، ومن بينهم المُهاجرون الإفريقيون. لذا تحدثت مع شاب من إقليم دارفور وأخبرني حول الشائعات ذات الصلة بنتنياهو" أوضحت كبلون مضيفة "كان الشاب مقتنعا أن الخبر صحيح. في البداية، ضحكت عند سماعه، ولكن عندها بدأت بالتفكير في معنى هذه القصة فيما يتعلق بطالبي اللجوء السودانيين الذين يعيشون في إسرائيل، وعرفت أنهم يؤمنون حقا أن نتنياهو قد وُلِد في السودان أيضا. ربما يمنحهم هذا الخبر أملا في أن تكون سياسته تجهاهم متسامحة أكثر".

لم تستطع كبلون أن تصوّر فيلما في السودان، فسافرت إلى نيجيريا لتصويره. دمجت فيه نسخة سمعتها إضافة إلى نسختين إضافيتين ابتكرتهما حول أصول نتنياهو. "فكرت أنه إذا استغللت إلهاما من شائعة، فلا بد أن أستغله حتى النهاية. فدمجت في الفيلم قصصا تاريخية حول تدخل إسرائيل في إفريقيا في الخمسينيات والستينيات.

الخلفية التاريخية... كيف نشأت الشائعات؟

رغم أنه لا تعيش اليوم أية جالية يهودية في السودان، فقد كان الوضع مختلفا تماما قبل خمسين عاما. كانت الجالية اليهودية في السودان صغيرة جدا، وكان تعدادها في ذروة عصرها نحو ألف نسمة. وصل معظم يهود السودان من مصر، وعاشوا في مدينتي الخرطوم وأم درمان، وعملوا في التجارة. رغم ذلك، عاشت عائلات يهودية قليلة في مناطق نائية أكثر، مثل شمال السودان.

من المعتاد أن يقول أبناء نسل الجالية اليهودية السودانية إنه في الفترة التي عاشت فيها الجالية اليهودية في السودان، كانت السودان منطقة متنوعة وليبرالية، حيث كانت المجموعات العرقية، الدينية، والثقافية المختلفة فيها قادرة على الاحتفاظ بهويتها المميّزة، وبالمقابل الاختلاط مع بعضها البعض.

ولكن بعد أن حقق السودان استقلاليّته وأصبح جزءا من الجامعة العربية أصبح يتدهور وضع الجالية اليهودية فيه. فعانى اليهود من مضايقات وتهديدات، شكلت خطرا على حياتهم. لذا ترك أبناء الجالية السودان تدريجيا، ولم يعد يسكن فيها أحد في الستينيات من القرن العشرين.
زواج عائلة يهودية في الخرطوم عام 1930

زواج عائلة يهودية في الخرطوم عام 1930

وتصادق المخرجة كبلون التي استقصت في إطار التحضير للفيلم ذي الصلة التاريخية حول العلاقة بين السودان واليهود، على أن "اليهود عاشوا في السودان وما زال يعيش جزء منهم فيها مما يشهد على أن أصل هذه الجاليات يهودية. وصل اليهود أثناء العصر العثماني إلى السودان للمتاجرة وبقي جزء منهم فيها. هذه هي الخلفية التاريخية للشائعات".

وتجدر الإشارة إلى أنه إضافة إلى النشر في المواقع والمنتديات على الإنترنت، ليست هناك أدلة إضافية تدعم الادعاءات أن أصل نتنياهو من السودان. وفق السيرة الذاتية الخاصة بنتنياهو، فقد وُلِد عام 1949 في تل أبيب وترعرع في القدس في صغره. ولكن في سن عشر سنوات انتقلت عائلته للعيش في أمريكا وعادت إلى إسرائيل عندما كان عمره 18 عاما ليخدم في الجيش الإسرائيلي. بعد تسريحه من الجيش تعلم في معهد ماساتشوستس للتقنية الأمريكي، وبعد ذلك عاد إلى إسرائيل ثانية وانخرط في السلك الدبلوماسي والسياسي في الدولة، حتى وصل إلى منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية إذ يشغله للمرة الرابعة على التوالي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات