"أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مّنّا مِن بَعْدِ ضَرّآءَ مَسّتْهُ لَيَقُولَنّ هَـَذَا لِي"
يقول تعالى لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك فإن مسه الشر وهو البلاء أو الفقر {فيئوس قنوط} أي يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي} أي إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن هذا لي إني كنت أستحقه عند ربي {وما أظن الساعة قائمة} أي يكفر بقيام الساعة أي لأجل أنه خول نعمة يبطر ويفخر ويكفر كما قال تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى} {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} أي ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلي ربي كما أحسن إلي في هذه الدار, يتمنى على الله عز وجل مع إساءته العمل وعدم اليقين قال الله تبارك وتعالى: {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ} يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال ثم قال تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه} أي أعرض عن الطاعة واستكبر عن الانقياد لأوامر الله عز وجل كقوله جل جلاله: {فتولى بركنه} {وإذا مسه الشر} أي الشدة {فذو دعاء عريض} أي يطيل المسألة في الشيء الواحد فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه والوجيز عكسه وهو ما قل ودل وقد قال تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} الاَية.
** قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللّهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلّ مِمّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلاَ إِنّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مّن لّقَآءِ رَبّهِمْ أَلاَ إِنّهُ بِكُلّ شَيْءٍ مّحِيطُ
يقول تعالى: {قل} يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن {أرأيتم إن كان} هذا القرآن {من عند الله ثم كفرتم به ؟} أي كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله ؟ ولهذا قال عز وجل: {من أضل ممن هو في شقاق بعيد ؟} أي في كفر و عناد ومشاقة للحق و مسلك بعيد من الهدى ثم قال جل جلاله: {سنريهم آياتنا في الاَفاق وفي أنفسهم} أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية {في الاَفاق} من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان قال مجاهد والحسن والسدي: ودلائل في أنفسهم قالوا: وقعة بدر وفتح مكة ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم نصر الله فيها محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه وخذل فيها الباطل وحزبه ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة من حسن وقبح وغير ذلك وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيله وحذره أن يجوزها ولا يتعداها كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه التفكر والاعتبار عن شيخه أبي جعفر القرشي حيث قال وأحسن المقال:
وإذا نظرت تريد معتبرافانظر إليك ففيك معتبرأنت الذي تمسي وتصبح فيالدنيا وكل أموره عبرأنت المصرف كان في صغرثم استقل بشخصك الكبرأنت الذي تنعاه خلقتهينعاه منه الشعر والبشرأنت الذي تعطي وتسلب لاينجيه من أن يسلب الحذرأنت الذي لا شيء منه لهوأحق منه بماله القدر
وقوله تعالى: {حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} أي كفى بالله شهيداً على أفعال عباده وأقوالهم وهو يشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق فيما أخبر به عنه كما قال: {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} الاَية. وقوله تعالى: {ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم} أي في شك من قيام الساعة ولهذا لا يتفكرون فيه ولا يعملون له ولا يحذرون منه بل هو عندهم هدر لا يعبأون به وهو كائن لا محالة وواقع لا ريب فيه قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا خلف بن تميم حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سعيد الأنصاري قال: إن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم, ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق والمكذب به هالك, ثم نزل. ومعنى قوله رضي الله عنه إن المصدق به أحمق أي لأنه لا يعمل له عمل مثله ولا يحذر منه ولا يخالف من هوله وهو ذلك مصدق به موقن بوقوعه وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه فهو أحمق بهذا الاعتبار والأحمق في اللغة ضعيف العقل, وقوله والمكذب به هالك هذا واضح, والله أعلم. ثم قال تعالى مقرراً أنه على كل شيء قدير وبكل شيء محيط وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى: {ألا إنه بكل شيء محيط} أي المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته وتحت طي علمه وهو المتصرف فيها كلها بحكمه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا إله إلا هو.
يقول تعالى لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك فإن مسه الشر وهو البلاء أو الفقر {فيئوس قنوط} أي يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي} أي إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن هذا لي إني كنت أستحقه عند ربي {وما أظن الساعة قائمة} أي يكفر بقيام الساعة أي لأجل أنه خول نعمة يبطر ويفخر ويكفر كما قال تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى} {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} أي ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلي ربي كما أحسن إلي في هذه الدار, يتمنى على الله عز وجل مع إساءته العمل وعدم اليقين قال الله تبارك وتعالى: {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ} يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال ثم قال تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه} أي أعرض عن الطاعة واستكبر عن الانقياد لأوامر الله عز وجل كقوله جل جلاله: {فتولى بركنه} {وإذا مسه الشر} أي الشدة {فذو دعاء عريض} أي يطيل المسألة في الشيء الواحد فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه والوجيز عكسه وهو ما قل ودل وقد قال تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} الاَية.
** قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللّهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلّ مِمّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلاَ إِنّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مّن لّقَآءِ رَبّهِمْ أَلاَ إِنّهُ بِكُلّ شَيْءٍ مّحِيطُ
يقول تعالى: {قل} يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن {أرأيتم إن كان} هذا القرآن {من عند الله ثم كفرتم به ؟} أي كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله ؟ ولهذا قال عز وجل: {من أضل ممن هو في شقاق بعيد ؟} أي في كفر و عناد ومشاقة للحق و مسلك بعيد من الهدى ثم قال جل جلاله: {سنريهم آياتنا في الاَفاق وفي أنفسهم} أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية {في الاَفاق} من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان قال مجاهد والحسن والسدي: ودلائل في أنفسهم قالوا: وقعة بدر وفتح مكة ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم نصر الله فيها محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه وخذل فيها الباطل وحزبه ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة من حسن وقبح وغير ذلك وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيله وحذره أن يجوزها ولا يتعداها كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه التفكر والاعتبار عن شيخه أبي جعفر القرشي حيث قال وأحسن المقال:
وإذا نظرت تريد معتبرافانظر إليك ففيك معتبرأنت الذي تمسي وتصبح فيالدنيا وكل أموره عبرأنت المصرف كان في صغرثم استقل بشخصك الكبرأنت الذي تنعاه خلقتهينعاه منه الشعر والبشرأنت الذي تعطي وتسلب لاينجيه من أن يسلب الحذرأنت الذي لا شيء منه لهوأحق منه بماله القدر
وقوله تعالى: {حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} أي كفى بالله شهيداً على أفعال عباده وأقوالهم وهو يشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق فيما أخبر به عنه كما قال: {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} الاَية. وقوله تعالى: {ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم} أي في شك من قيام الساعة ولهذا لا يتفكرون فيه ولا يعملون له ولا يحذرون منه بل هو عندهم هدر لا يعبأون به وهو كائن لا محالة وواقع لا ريب فيه قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا خلف بن تميم حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سعيد الأنصاري قال: إن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم, ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق والمكذب به هالك, ثم نزل. ومعنى قوله رضي الله عنه إن المصدق به أحمق أي لأنه لا يعمل له عمل مثله ولا يحذر منه ولا يخالف من هوله وهو ذلك مصدق به موقن بوقوعه وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه فهو أحمق بهذا الاعتبار والأحمق في اللغة ضعيف العقل, وقوله والمكذب به هالك هذا واضح, والله أعلم. ثم قال تعالى مقرراً أنه على كل شيء قدير وبكل شيء محيط وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى: {ألا إنه بكل شيء محيط} أي المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته وتحت طي علمه وهو المتصرف فيها كلها بحكمه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا إله إلا هو.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |