دخل اضراب عمال شركة البوتاس العربية يومه السادس، في كافة مواقع الشركة ، في غور الصافي حيث المصانع ، وفي العقبة حيث ميناء التصدير ، وفي عمان حيث الادارة الرئيسية ، وتوقف الانتاج بشكل تام ، وتقدر خسائر الشركة يوميا نتيجة هذا الاضراب ، بحوالي ثلاثة ملايين دولار يوميا ، وتبع ذلك توقف مصنع البرومين المجاور ، الذي يعتمد في انتاجه على ما توفره له شركة البوتاس ، من املاح البحر الميت .
ومما يحز في النفس ، وكان موضع استياء عمال البوتاس ، هو تجاهل معظم المواقع الالكترونية لهذا الاضراب ، وهي التي اصبحت وسيلة الاعلام الجماهيرية الاولى ، مما دفع بعض العاملين ، الى اتهام هذه المواقع بشتى الاتهامات والتشكيك بنزاهتها .
لم يكن اضراب عمال البوتاس وليدة ساعته ، بل جاء بعد تراكمات سنين طويلة ، من انعدام العدالة ، تعمق بعد قدوم المستثمر الكندي اواخر عام 2003 ، وهذا لا يعني اننا كنا نعيش العدالة المطلقة في العهد العربي ، بل كان هناك عدالة نسبية افضل ، حيث كان بامكان اي موظف يعاني الانتقاص من حقوقه ، ان يطالب المسؤولين بكافة مواقعهم بانصافه ، متجاوزا مسؤوله المباشر ان لم ينصفه ، وهذا ما يشبه الاستئناف والتمييز في القضاء ، وهو امر من صلب العدالة ، وجميع عمال البوتاس يستذكرون اداراتهم العربية السابقة ، التي كانت تنصف اي مظلوم ان اقنعها بعدالة مطلبه ، لقد كان بامكان اي منا ، ان يذهب الى مكتب نائب المدير العام للشؤون الفنية ، المهندس ناصر السعدون ، في النهار والليل ، حيث كان يعمل بهاتين الفترتين ، ويطرح قضيته ، فان اقتنع بها ياخذ حقه ، ويخرج الجميع راضون عن حكمه ، دون ان يغضب مسؤوله المباشر من تجاوزه اداريا ، خاصة انه كان يتمتع بشخصية محببة للجميع ، وان لم يحصل على حقه فانه لن ييأس من تحقيق ذلك لاحقا .
اما في عهد المستثمر الكندي ، فان المظالم تجذرت وترسخت ، بعد اقرار هيكلة الرواتب عام 2008 ، التي لم تبنى على اسس واضحة ، بل على اسس المحسوبية والشللية والاقليمية والطائفية ، وهنا نلوم الادارات العربية وليس الادارة الكندية ، حيث كان رفع الرواتب بعد تآكلها في السنوات السابقة الى مستوى مقبول ، هو من انجازات الادارة الكندية ، لكن توزيع هذه الزيادة قد غاب عنه العدالة .
اما لماذا استمر غياب العدالة حتى الان ، فهو مسؤولية الادارة الكندية ، لان ممارستها قد ساهمت بهذا التغييب للاسباب التالية :
1 – منحت الادارة الكندية المدراء العرب ، اضافة الى الرواتب الخيالية ، والامتيازات الاخرى ، الصلاحيات المطلقة ، الغير قابلة للاستئناف والتمييز كما في القضاء في كل ارجاء الدنيا ، واغلقت الابواب امام العاملين ، وترفض الاستماع لاي شكوى ، فتردها مئات الشكاوي عبر البريد الالكتروني ، دون ان تستجيب لاي منها ، اي ان مدير الدائرة العربي ، الذي تضاعف راتبه بعد التعديل الى خمسة اضعاف ، اصبح الحاكم بامر الله ، يمارس كل اشكال التمييز دون محاسبة ، فهو الخصم والقاضي ، اي ان الادارة الكندية تطلب من الموظف ، الخضوع التام لمشيئة مدير الدائرة ، حتى ينال الرضى ان استطاع ذلك ، لكن هيهات لابن الاردن ان يتنازل عن كرامته .
2 – بعد تعديل الرواتب عام 2008 الذي غاب عنه العدالة ، نتيجة عشوائية توزيع الزيادة ، وتذمر العاملين ، اعترفت الادارة الكندية ونقابة عمال المناجم والتعدين بوجود هذه المظالم ، وفتح ملف المطالبات بالعدالة ، لكنه عانى المماطلات والتسويف ، مراهنة على عامل الوقت ، كي ينسى العمال حقوقهم ، وها قد مضى اربع سنوات على التعديل ، وعمال البوتاس مستمرون بالمطالبة بالعدالة ، لقد كان عدد المتظلمين حوالي 700 موظف من اصل 2400 موظف ، ثم قلصت الادارة العدد الى 160 ثم الى 48 واخيرا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، فجاء تعديل الرواتب لمدراء الدوائر العرب ، وكانهم هم اصحاب الحقوق المنقوصة ، فمنحوا زيادة على الراتب من 250 الى 400 دينار ، اما اصحاب الحق من العاملين ، فلم يحصلوا على حقوقهم ، وهنا كانت غضبة العاملين ، الذين اعتصموا جزئيا لمدة اربعة ايام ، للمطالبة بحقوقهم ، وهذه الممارسات تذكرنا بالانتداب البريطاني ، عندما كان يحاول استمالة زعماء القبائل والعشائر ، وبروابط القرى في الضفة الغربية ، وكان في اليوم الرابع ، ان اهان المدير العام الكندي ، احد النقابيين المنتخبين من قبل العمال ، فكان الغضب الاكبر للكرامة ، وتحول الاعتصام الى اضراب شامل ،.
3 – لقد تم في عهد الادارة الكندية الانتقاص من مكاسب العمال ، فقد تم قبل شهر الغاء بوليصة التامين الجماعية ، وهي التي تمنح العامل تعويضا ماليا عن اي عجز او امراض دائمة اثناء عمله ، ولهذه القضية جذور فساد تمتد من ايام الادارة العربية ، حيث لم يكن اغلب العمال على علم بها ، فكان التعويض المالي فقط للمدراء والمتنفذين ، وعندما افتضح امرها وطالب بها العمال ، تم الالتفاف على حقوقهم ، بمنحهم نسبة عجز متدنية ، ثم تاجيل المطالبة بها الى نهاية الخدمة ، فاضطر العاملون المتضررون الى رفع قضايا امام المحاكم وحصلوا على حقوقهم ، فاثار ذلك غضب الادارة العليا ، وحرمت من رفعوا قضايا من حقوقهم الطبيعية بالترقية والدورات وغيرها ، واصبح هناك ملف رديف لملف المظالم ، اسمه ملف التامين الصحي ، واصبحنا نعيش قضية كقضية فلسطين في البوتاس ، تحرير الارض وحق العودة ، فلم نحصل على حقوقنا في ملف التظلمات ، ولا بملف التامين الصحي ، الى ان تم الغاء بوليصة التامين ومنح العاملين الذين لم يرفعوا قضايا ، نسبة معينة من الراتب ، مضروبة في عدد سنوات الخدمة ، ومن خلال ذلك حصل المدراء العرب ، اصحاب الرواتب العالية على اكبر نسبة من هذا البديل ، وصل لبعضهم الى 120 الف دينار ، بينما العامل الذي حصل على عشرين الف دينار في احسن الاحوال ، ودفع خمسهم للمحامي الذي رفع القضية ، وتعرض للعقوبات الجائرة وحرمانه من الترقية والدورات والامتيازات الوظيفية ، وهو يعاني المرض والعجز ، هو الخاسر الاكبر ، بينما المدير العربي الذي ليس لديه امراض او عجز ، فقد جاءه هذا المبلغ الضخم على طبق من فضة ، ليضاف الى رواتبه العالية وسلسلة امتيازاته ، فتضاعف القهر للعامل ثلاث مرات .
4 – نعيش في البوتاس ومنذ عام 1986 وضعا شاذا لا مثيل له في الاردن ، وربما في العالم الثالث ، فمنذ ذلك التاريخ اصبح عمال البوتاس فئتين ، فئة ترث وفئة لا ترث ، لقد كانت هناك قبل هذا التاريخ مكافاة نهاية الخدمة ، تمنح العامل في نهاية خدمته تعويضا ماليا متدرجا ، يصل بعد عشرين عاما الى ثلاثة اضعاف الراتب الشهري الاجمالي عن كل سنة خدمة ، توقف العمل به عام 1986 للعاملين الجدد ، واستمر للعاملين القدامى حتى اليوم ، وقد خلق ذلك غضب العاملين ، حيث يحصل احد العمال في نهاية خدمته بعد عشرين عاما مثلا على اكثر من خمسين الف دينار ، بينما زميله الذي يقوم بنفس عمله لا يحصل على شيء ، وزاد هذا التفاوت بعد تعديل الرواتي عام 2008 فقد تضاعفت الرواتب للمدراء الى خمسة اضعاف ، اي ان الثلاثة اشهر عن كل سنة خدمة اصبحت فعليا 15 شهرا ، واصبح بعضهم يتقاضى بعد انتهاء عمله ثلاثة ارباع المليون دينار ، واقلهم اكثر من مئتي الف دينار ، وتضاعف الراتب لبقية المنتفعين من هذه الميزة وتضاعفت مكافاتهم ، اما اغلب العاملين فلا شيء لهم بعد التقاعد ، ونود ان نذطر ان موظفي الضمان الاجتماعي ، التي الغيت المكافاة بسبب تاسيسه ، وموظفي جامعة مؤته ، التي تقدم لها البوتاس المساعدات ، يتقاضون هذه المكافاة ، والعديد من الشركات والمؤسسات في الاردن كذلك ، وهنا نود ان نذكر ان الموظفين في البوتاس قد اصبحوا ثلاث فئات هي :
1.4 – فئة الذي التحقوا بالشركة قبل عام 1986 ، ويقدر عددهم بحوالي 300 موظف ، يتقاضون مكافاة نهاية خدمة ما بين 200 الف دينار وثلاثة ارباع المليون دينار لكل منهم .
2.4 – فئة الموظفين الجدد من الشباب ، حيث اقلهم راتبا يتقاضى 900 دينار شهريا وهولاء ياملون بالمزيد مستقبلا ، والحصول على مكافاة نهاية الخدمة ، ولا يبدون قلقا لذلك ، خاصة ان بعضهم يعمل عملا اضافيا يقارب راتبه .
3.4 – اما الفئة المسحوقة في شركة البوتاس ، فهي فئة العاملين الذين تم تعيينهم بعد عام 1986 وتوقف مكافاة نهاية الخدمة ، وخدمة اقلهم عشرون عاما ، عملوا باصعب الظروف واقل الرواتب ، فقد اصبحوا كخيل الانجليز ، لم يحصلوا على حقهم بتعديل الرواتب الذي كانت احدى تبريراته المسمى الوظيفي ، اي ان رئيس القسم منذ 15 سنة ياخذ نفس راتب رئيس قسم منذ سنة واحدة ، وهنا نود ان نشير الى التلاعب في المسميات التي منحت للمحاسيب قبل هيكلة الرواتب باشهر واسابيع ، كي يمنحوا على اساسها الزيادة الاكبر .
لقد طال الحديث رغم الكثير المتبقي ، لكنني اود التوقف عند هذا الحد ، لتسجيل خيبة املنا من ادارتنا الكندية التي كنا نتوسم فيها احترام الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان ، االتي اصبحت عنوان الحياة في الغرب ، واصبحت شعارات ساسة الغرب ، فمن اجل الديمقراطية وحقوق الانسان تشن الحروب ، وتشجع الاضطرابات في منطقتنا ، لكن هذه الديمقراطية والعدالة لا تنسحب علينا في شركة البوتاس ، ونحن في ظل الادارة الكندية ، فمن يفسر لنا هذا التناقض ؟
مالك نصراوين
m_nasrawin@yahoo.com
دخل اضراب عمال شركة البوتاس العربية يومه السادس، في كافة مواقع الشركة ، في غور الصافي حيث المصانع ، وفي العقبة حيث ميناء التصدير ، وفي عمان حيث الادارة الرئيسية ، وتوقف الانتاج بشكل تام ، وتقدر خسائر الشركة يوميا نتيجة هذا الاضراب ، بحوالي ثلاثة ملايين دولار يوميا ، وتبع ذلك توقف مصنع البرومين المجاور ، الذي يعتمد في انتاجه على ما توفره له شركة البوتاس ، من املاح البحر الميت .
ومما يحز في النفس ، وكان موضع استياء عمال البوتاس ، هو تجاهل معظم المواقع الالكترونية لهذا الاضراب ، وهي التي اصبحت وسيلة الاعلام الجماهيرية الاولى ، مما دفع بعض العاملين ، الى اتهام هذه المواقع بشتى الاتهامات والتشكيك بنزاهتها .
لم يكن اضراب عمال البوتاس وليدة ساعته ، بل جاء بعد تراكمات سنين طويلة ، من انعدام العدالة ، تعمق بعد قدوم المستثمر الكندي اواخر عام 2003 ، وهذا لا يعني اننا كنا نعيش العدالة المطلقة في العهد العربي ، بل كان هناك عدالة نسبية افضل ، حيث كان بامكان اي موظف يعاني الانتقاص من حقوقه ، ان يطالب المسؤولين بكافة مواقعهم بانصافه ، متجاوزا مسؤوله المباشر ان لم ينصفه ، وهذا ما يشبه الاستئناف والتمييز في القضاء ، وهو امر من صلب العدالة ، وجميع عمال البوتاس يستذكرون اداراتهم العربية السابقة ، التي كانت تنصف اي مظلوم ان اقنعها بعدالة مطلبه ، لقد كان بامكان اي منا ، ان يذهب الى مكتب نائب المدير العام للشؤون الفنية ، المهندس ناصر السعدون ، في النهار والليل ، حيث كان يعمل بهاتين الفترتين ، ويطرح قضيته ، فان اقتنع بها ياخذ حقه ، ويخرج الجميع راضون عن حكمه ، دون ان يغضب مسؤوله المباشر من تجاوزه اداريا ، خاصة انه كان يتمتع بشخصية محببة للجميع ، وان لم يحصل على حقه فانه لن ييأس من تحقيق ذلك لاحقا .
اما في عهد المستثمر الكندي ، فان المظالم تجذرت وترسخت ، بعد اقرار هيكلة الرواتب عام 2008 ، التي لم تبنى على اسس واضحة ، بل على اسس المحسوبية والشللية والاقليمية والطائفية ، وهنا نلوم الادارات العربية وليس الادارة الكندية ، حيث كان رفع الرواتب بعد تآكلها في السنوات السابقة الى مستوى مقبول ، هو من انجازات الادارة الكندية ، لكن توزيع هذه الزيادة قد غاب عنه العدالة .
اما لماذا استمر غياب العدالة حتى الان ، فهو مسؤولية الادارة الكندية ، لان ممارستها قد ساهمت بهذا التغييب للاسباب التالية :
1 – منحت الادارة الكندية المدراء العرب ، اضافة الى الرواتب الخيالية ، والامتيازات الاخرى ، الصلاحيات المطلقة ، الغير قابلة للاستئناف والتمييز كما في القضاء في كل ارجاء الدنيا ، واغلقت الابواب امام العاملين ، وترفض الاستماع لاي شكوى ، فتردها مئات الشكاوي عبر البريد الالكتروني ، دون ان تستجيب لاي منها ، اي ان مدير الدائرة العربي ، الذي تضاعف راتبه بعد التعديل الى خمسة اضعاف ، اصبح الحاكم بامر الله ، يمارس كل اشكال التمييز دون محاسبة ، فهو الخصم والقاضي ، اي ان الادارة الكندية تطلب من الموظف ، الخضوع التام لمشيئة مدير الدائرة ، حتى ينال الرضى ان استطاع ذلك ، لكن هيهات لابن الاردن ان يتنازل عن كرامته .
2 – بعد تعديل الرواتب عام 2008 الذي غاب عنه العدالة ، نتيجة عشوائية توزيع الزيادة ، وتذمر العاملين ، اعترفت الادارة الكندية ونقابة عمال المناجم والتعدين بوجود هذه المظالم ، وفتح ملف المطالبات بالعدالة ، لكنه عانى المماطلات والتسويف ، مراهنة على عامل الوقت ، كي ينسى العمال حقوقهم ، وها قد مضى اربع سنوات على التعديل ، وعمال البوتاس مستمرون بالمطالبة بالعدالة ، لقد كان عدد المتظلمين حوالي 700 موظف من اصل 2400 موظف ، ثم قلصت الادارة العدد الى 160 ثم الى 48 واخيرا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، فجاء تعديل الرواتب لمدراء الدوائر العرب ، وكانهم هم اصحاب الحقوق المنقوصة ، فمنحوا زيادة على الراتب من 250 الى 400 دينار ، اما اصحاب الحق من العاملين ، فلم يحصلوا على حقوقهم ، وهنا كانت غضبة العاملين ، الذين اعتصموا جزئيا لمدة اربعة ايام ، للمطالبة بحقوقهم ، وهذه الممارسات تذكرنا بالانتداب البريطاني ، عندما كان يحاول استمالة زعماء القبائل والعشائر ، وبروابط القرى في الضفة الغربية ، وكان في اليوم الرابع ، ان اهان المدير العام الكندي ، احد النقابيين المنتخبين من قبل العمال ، فكان الغضب الاكبر للكرامة ، وتحول الاعتصام الى اضراب شامل ،.
3 – لقد تم في عهد الادارة الكندية الانتقاص من مكاسب العمال ، فقد تم قبل شهر الغاء بوليصة التامين الجماعية ، وهي التي تمنح العامل تعويضا ماليا عن اي عجز او امراض دائمة اثناء عمله ، ولهذه القضية جذور فساد تمتد من ايام الادارة العربية ، حيث لم يكن اغلب العمال على علم بها ، فكان التعويض المالي فقط للمدراء والمتنفذين ، وعندما افتضح امرها وطالب بها العمال ، تم الالتفاف على حقوقهم ، بمنحهم نسبة عجز متدنية ، ثم تاجيل المطالبة بها الى نهاية الخدمة ، فاضطر العاملون المتضررون الى رفع قضايا امام المحاكم وحصلوا على حقوقهم ، فاثار ذلك غضب الادارة العليا ، وحرمت من رفعوا قضايا من حقوقهم الطبيعية بالترقية والدورات وغيرها ، واصبح هناك ملف رديف لملف المظالم ، اسمه ملف التامين الصحي ، واصبحنا نعيش قضية كقضية فلسطين في البوتاس ، تحرير الارض وحق العودة ، فلم نحصل على حقوقنا في ملف التظلمات ، ولا بملف التامين الصحي ، الى ان تم الغاء بوليصة التامين ومنح العاملين الذين لم يرفعوا قضايا ، نسبة معينة من الراتب ، مضروبة في عدد سنوات الخدمة ، ومن خلال ذلك حصل المدراء العرب ، اصحاب الرواتب العالية على اكبر نسبة من هذا البديل ، وصل لبعضهم الى 120 الف دينار ، بينما العامل الذي حصل على عشرين الف دينار في احسن الاحوال ، ودفع خمسهم للمحامي الذي رفع القضية ، وتعرض للعقوبات الجائرة وحرمانه من الترقية والدورات والامتيازات الوظيفية ، وهو يعاني المرض والعجز ، هو الخاسر الاكبر ، بينما المدير العربي الذي ليس لديه امراض او عجز ، فقد جاءه هذا المبلغ الضخم على طبق من فضة ، ليضاف الى رواتبه العالية وسلسلة امتيازاته ، فتضاعف القهر للعامل ثلاث مرات .
4 – نعيش في البوتاس ومنذ عام 1986 وضعا شاذا لا مثيل له في الاردن ، وربما في العالم الثالث ، فمنذ ذلك التاريخ اصبح عمال البوتاس فئتين ، فئة ترث وفئة لا ترث ، لقد كانت هناك قبل هذا التاريخ مكافاة نهاية الخدمة ، تمنح العامل في نهاية خدمته تعويضا ماليا متدرجا ، يصل بعد عشرين عاما الى ثلاثة اضعاف الراتب الشهري الاجمالي عن كل سنة خدمة ، توقف العمل به عام 1986 للعاملين الجدد ، واستمر للعاملين القدامى حتى اليوم ، وقد خلق ذلك غضب العاملين ، حيث يحصل احد العمال في نهاية خدمته بعد عشرين عاما مثلا على اكثر من خمسين الف دينار ، بينما زميله الذي يقوم بنفس عمله لا يحصل على شيء ، وزاد هذا التفاوت بعد تعديل الرواتي عام 2008 فقد تضاعفت الرواتب للمدراء الى خمسة اضعاف ، اي ان الثلاثة اشهر عن كل سنة خدمة اصبحت فعليا 15 شهرا ، واصبح بعضهم يتقاضى بعد انتهاء عمله ثلاثة ارباع المليون دينار ، واقلهم اكثر من مئتي الف دينار ، وتضاعف الراتب لبقية المنتفعين من هذه الميزة وتضاعفت مكافاتهم ، اما اغلب العاملين فلا شيء لهم بعد التقاعد ، ونود ان نذطر ان موظفي الضمان الاجتماعي ، التي الغيت المكافاة بسبب تاسيسه ، وموظفي جامعة مؤته ، التي تقدم لها البوتاس المساعدات ، يتقاضون هذه المكافاة ، والعديد من الشركات والمؤسسات في الاردن كذلك ، وهنا نود ان نذكر ان الموظفين في البوتاس قد اصبحوا ثلاث فئات هي :
1.4 – فئة الذي التحقوا بالشركة قبل عام 1986 ، ويقدر عددهم بحوالي 300 موظف ، يتقاضون مكافاة نهاية خدمة ما بين 200 الف دينار وثلاثة ارباع المليون دينار لكل منهم .
2.4 – فئة الموظفين الجدد من الشباب ، حيث اقلهم راتبا يتقاضى 900 دينار شهريا وهولاء ياملون بالمزيد مستقبلا ، والحصول على مكافاة نهاية الخدمة ، ولا يبدون قلقا لذلك ، خاصة ان بعضهم يعمل عملا اضافيا يقارب راتبه .
3.4 – اما الفئة المسحوقة في شركة البوتاس ، فهي فئة العاملين الذين تم تعيينهم بعد عام 1986 وتوقف مكافاة نهاية الخدمة ، وخدمة اقلهم عشرون عاما ، عملوا باصعب الظروف واقل الرواتب ، فقد اصبحوا كخيل الانجليز ، لم يحصلوا على حقهم بتعديل الرواتب الذي كانت احدى تبريراته المسمى الوظيفي ، اي ان رئيس القسم منذ 15 سنة ياخذ نفس راتب رئيس قسم منذ سنة واحدة ، وهنا نود ان نشير الى التلاعب في المسميات التي منحت للمحاسيب قبل هيكلة الرواتب باشهر واسابيع ، كي يمنحوا على اساسها الزيادة الاكبر .
لقد طال الحديث رغم الكثير المتبقي ، لكنني اود التوقف عند هذا الحد ، لتسجيل خيبة املنا من ادارتنا الكندية التي كنا نتوسم فيها احترام الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان ، االتي اصبحت عنوان الحياة في الغرب ، واصبحت شعارات ساسة الغرب ، فمن اجل الديمقراطية وحقوق الانسان تشن الحروب ، وتشجع الاضطرابات في منطقتنا ، لكن هذه الديمقراطية والعدالة لا تنسحب علينا في شركة البوتاس ، ونحن في ظل الادارة الكندية ، فمن يفسر لنا هذا التناقض ؟
مالك نصراوين
m_nasrawin@yahoo.com
دخل اضراب عمال شركة البوتاس العربية يومه السادس، في كافة مواقع الشركة ، في غور الصافي حيث المصانع ، وفي العقبة حيث ميناء التصدير ، وفي عمان حيث الادارة الرئيسية ، وتوقف الانتاج بشكل تام ، وتقدر خسائر الشركة يوميا نتيجة هذا الاضراب ، بحوالي ثلاثة ملايين دولار يوميا ، وتبع ذلك توقف مصنع البرومين المجاور ، الذي يعتمد في انتاجه على ما توفره له شركة البوتاس ، من املاح البحر الميت .
ومما يحز في النفس ، وكان موضع استياء عمال البوتاس ، هو تجاهل معظم المواقع الالكترونية لهذا الاضراب ، وهي التي اصبحت وسيلة الاعلام الجماهيرية الاولى ، مما دفع بعض العاملين ، الى اتهام هذه المواقع بشتى الاتهامات والتشكيك بنزاهتها .
لم يكن اضراب عمال البوتاس وليدة ساعته ، بل جاء بعد تراكمات سنين طويلة ، من انعدام العدالة ، تعمق بعد قدوم المستثمر الكندي اواخر عام 2003 ، وهذا لا يعني اننا كنا نعيش العدالة المطلقة في العهد العربي ، بل كان هناك عدالة نسبية افضل ، حيث كان بامكان اي موظف يعاني الانتقاص من حقوقه ، ان يطالب المسؤولين بكافة مواقعهم بانصافه ، متجاوزا مسؤوله المباشر ان لم ينصفه ، وهذا ما يشبه الاستئناف والتمييز في القضاء ، وهو امر من صلب العدالة ، وجميع عمال البوتاس يستذكرون اداراتهم العربية السابقة ، التي كانت تنصف اي مظلوم ان اقنعها بعدالة مطلبه ، لقد كان بامكان اي منا ، ان يذهب الى مكتب نائب المدير العام للشؤون الفنية ، المهندس ناصر السعدون ، في النهار والليل ، حيث كان يعمل بهاتين الفترتين ، ويطرح قضيته ، فان اقتنع بها ياخذ حقه ، ويخرج الجميع راضون عن حكمه ، دون ان يغضب مسؤوله المباشر من تجاوزه اداريا ، خاصة انه كان يتمتع بشخصية محببة للجميع ، وان لم يحصل على حقه فانه لن ييأس من تحقيق ذلك لاحقا .
اما في عهد المستثمر الكندي ، فان المظالم تجذرت وترسخت ، بعد اقرار هيكلة الرواتب عام 2008 ، التي لم تبنى على اسس واضحة ، بل على اسس المحسوبية والشللية والاقليمية والطائفية ، وهنا نلوم الادارات العربية وليس الادارة الكندية ، حيث كان رفع الرواتب بعد تآكلها في السنوات السابقة الى مستوى مقبول ، هو من انجازات الادارة الكندية ، لكن توزيع هذه الزيادة قد غاب عنه العدالة .
اما لماذا استمر غياب العدالة حتى الان ، فهو مسؤولية الادارة الكندية ، لان ممارستها قد ساهمت بهذا التغييب للاسباب التالية :
1 – منحت الادارة الكندية المدراء العرب ، اضافة الى الرواتب الخيالية ، والامتيازات الاخرى ، الصلاحيات المطلقة ، الغير قابلة للاستئناف والتمييز كما في القضاء في كل ارجاء الدنيا ، واغلقت الابواب امام العاملين ، وترفض الاستماع لاي شكوى ، فتردها مئات الشكاوي عبر البريد الالكتروني ، دون ان تستجيب لاي منها ، اي ان مدير الدائرة العربي ، الذي تضاعف راتبه بعد التعديل الى خمسة اضعاف ، اصبح الحاكم بامر الله ، يمارس كل اشكال التمييز دون محاسبة ، فهو الخصم والقاضي ، اي ان الادارة الكندية تطلب من الموظف ، الخضوع التام لمشيئة مدير الدائرة ، حتى ينال الرضى ان استطاع ذلك ، لكن هيهات لابن الاردن ان يتنازل عن كرامته .
2 – بعد تعديل الرواتب عام 2008 الذي غاب عنه العدالة ، نتيجة عشوائية توزيع الزيادة ، وتذمر العاملين ، اعترفت الادارة الكندية ونقابة عمال المناجم والتعدين بوجود هذه المظالم ، وفتح ملف المطالبات بالعدالة ، لكنه عانى المماطلات والتسويف ، مراهنة على عامل الوقت ، كي ينسى العمال حقوقهم ، وها قد مضى اربع سنوات على التعديل ، وعمال البوتاس مستمرون بالمطالبة بالعدالة ، لقد كان عدد المتظلمين حوالي 700 موظف من اصل 2400 موظف ، ثم قلصت الادارة العدد الى 160 ثم الى 48 واخيرا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، فجاء تعديل الرواتب لمدراء الدوائر العرب ، وكانهم هم اصحاب الحقوق المنقوصة ، فمنحوا زيادة على الراتب من 250 الى 400 دينار ، اما اصحاب الحق من العاملين ، فلم يحصلوا على حقوقهم ، وهنا كانت غضبة العاملين ، الذين اعتصموا جزئيا لمدة اربعة ايام ، للمطالبة بحقوقهم ، وهذه الممارسات تذكرنا بالانتداب البريطاني ، عندما كان يحاول استمالة زعماء القبائل والعشائر ، وبروابط القرى في الضفة الغربية ، وكان في اليوم الرابع ، ان اهان المدير العام الكندي ، احد النقابيين المنتخبين من قبل العمال ، فكان الغضب الاكبر للكرامة ، وتحول الاعتصام الى اضراب شامل ،.
3 – لقد تم في عهد الادارة الكندية الانتقاص من مكاسب العمال ، فقد تم قبل شهر الغاء بوليصة التامين الجماعية ، وهي التي تمنح العامل تعويضا ماليا عن اي عجز او امراض دائمة اثناء عمله ، ولهذه القضية جذور فساد تمتد من ايام الادارة العربية ، حيث لم يكن اغلب العمال على علم بها ، فكان التعويض المالي فقط للمدراء والمتنفذين ، وعندما افتضح امرها وطالب بها العمال ، تم الالتفاف على حقوقهم ، بمنحهم نسبة عجز متدنية ، ثم تاجيل المطالبة بها الى نهاية الخدمة ، فاضطر العاملون المتضررون الى رفع قضايا امام المحاكم وحصلوا على حقوقهم ، فاثار ذلك غضب الادارة العليا ، وحرمت من رفعوا قضايا من حقوقهم الطبيعية بالترقية والدورات وغيرها ، واصبح هناك ملف رديف لملف المظالم ، اسمه ملف التامين الصحي ، واصبحنا نعيش قضية كقضية فلسطين في البوتاس ، تحرير الارض وحق العودة ، فلم نحصل على حقوقنا في ملف التظلمات ، ولا بملف التامين الصحي ، الى ان تم الغاء بوليصة التامين ومنح العاملين الذين لم يرفعوا قضايا ، نسبة معينة من الراتب ، مضروبة في عدد سنوات الخدمة ، ومن خلال ذلك حصل المدراء العرب ، اصحاب الرواتب العالية على اكبر نسبة من هذا البديل ، وصل لبعضهم الى 120 الف دينار ، بينما العامل الذي حصل على عشرين الف دينار في احسن الاحوال ، ودفع خمسهم للمحامي الذي رفع القضية ، وتعرض للعقوبات الجائرة وحرمانه من الترقية والدورات والامتيازات الوظيفية ، وهو يعاني المرض والعجز ، هو الخاسر الاكبر ، بينما المدير العربي الذي ليس لديه امراض او عجز ، فقد جاءه هذا المبلغ الضخم على طبق من فضة ، ليضاف الى رواتبه العالية وسلسلة امتيازاته ، فتضاعف القهر للعامل ثلاث مرات .
4 – نعيش في البوتاس ومنذ عام 1986 وضعا شاذا لا مثيل له في الاردن ، وربما في العالم الثالث ، فمنذ ذلك التاريخ اصبح عمال البوتاس فئتين ، فئة ترث وفئة لا ترث ، لقد كانت هناك قبل هذا التاريخ مكافاة نهاية الخدمة ، تمنح العامل في نهاية خدمته تعويضا ماليا متدرجا ، يصل بعد عشرين عاما الى ثلاثة اضعاف الراتب الشهري الاجمالي عن كل سنة خدمة ، توقف العمل به عام 1986 للعاملين الجدد ، واستمر للعاملين القدامى حتى اليوم ، وقد خلق ذلك غضب العاملين ، حيث يحصل احد العمال في نهاية خدمته بعد عشرين عاما مثلا على اكثر من خمسين الف دينار ، بينما زميله الذي يقوم بنفس عمله لا يحصل على شيء ، وزاد هذا التفاوت بعد تعديل الرواتي عام 2008 فقد تضاعفت الرواتب للمدراء الى خمسة اضعاف ، اي ان الثلاثة اشهر عن كل سنة خدمة اصبحت فعليا 15 شهرا ، واصبح بعضهم يتقاضى بعد انتهاء عمله ثلاثة ارباع المليون دينار ، واقلهم اكثر من مئتي الف دينار ، وتضاعف الراتب لبقية المنتفعين من هذه الميزة وتضاعفت مكافاتهم ، اما اغلب العاملين فلا شيء لهم بعد التقاعد ، ونود ان نذطر ان موظفي الضمان الاجتماعي ، التي الغيت المكافاة بسبب تاسيسه ، وموظفي جامعة مؤته ، التي تقدم لها البوتاس المساعدات ، يتقاضون هذه المكافاة ، والعديد من الشركات والمؤسسات في الاردن كذلك ، وهنا نود ان نذكر ان الموظفين في البوتاس قد اصبحوا ثلاث فئات هي :
1.4 – فئة الذي التحقوا بالشركة قبل عام 1986 ، ويقدر عددهم بحوالي 300 موظف ، يتقاضون مكافاة نهاية خدمة ما بين 200 الف دينار وثلاثة ارباع المليون دينار لكل منهم .
2.4 – فئة الموظفين الجدد من الشباب ، حيث اقلهم راتبا يتقاضى 900 دينار شهريا وهولاء ياملون بالمزيد مستقبلا ، والحصول على مكافاة نهاية الخدمة ، ولا يبدون قلقا لذلك ، خاصة ان بعضهم يعمل عملا اضافيا يقارب راتبه .
3.4 – اما الفئة المسحوقة في شركة البوتاس ، فهي فئة العاملين الذين تم تعيينهم بعد عام 1986 وتوقف مكافاة نهاية الخدمة ، وخدمة اقلهم عشرون عاما ، عملوا باصعب الظروف واقل الرواتب ، فقد اصبحوا كخيل الانجليز ، لم يحصلوا على حقهم بتعديل الرواتب الذي كانت احدى تبريراته المسمى الوظيفي ، اي ان رئيس القسم منذ 15 سنة ياخذ نفس راتب رئيس قسم منذ سنة واحدة ، وهنا نود ان نشير الى التلاعب في المسميات التي منحت للمحاسيب قبل هيكلة الرواتب باشهر واسابيع ، كي يمنحوا على اساسها الزيادة الاكبر .
لقد طال الحديث رغم الكثير المتبقي ، لكنني اود التوقف عند هذا الحد ، لتسجيل خيبة املنا من ادارتنا الكندية التي كنا نتوسم فيها احترام الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان ، االتي اصبحت عنوان الحياة في الغرب ، واصبحت شعارات ساسة الغرب ، فمن اجل الديمقراطية وحقوق الانسان تشن الحروب ، وتشجع الاضطرابات في منطقتنا ، لكن هذه الديمقراطية والعدالة لا تنسحب علينا في شركة البوتاس ، ونحن في ظل الادارة الكندية ، فمن يفسر لنا هذا التناقض ؟
مالك نصراوين
m_nasrawin@yahoo.com
التعليقات