قلْتُ لزوْجَتِي : اسْكُتِي .
وَقُلْتُ لأبنائِي : انكتموا، فصوتُكُم يَجْعَلُنِي مُشَوَّشَ التفكيرِ . لا تَنْبَسُّوا بكلمةٍ ، أريدُ أنْ أكتبَ لِملِيكِي عبدِ اللهِ الثاني : حريِّةُ التعبيرِ في خطر!
سيِّدي وَمَوْلايَ المَلِكُ عبدُ اللهِ الثَانِي أعزَّ اللهُ مُلْكَهُ وَرَعَاهُ:
إنَّ الحياةَ البشريَّةَ بِنَاؤُهَا على الكلمةِ، فإنَّ الكلمةَ هي عنوانُ العقلِ وتُرجُمَانُ النفسِ وبٌرهَان الفؤادِ، فالكلمةُ لها مكانتُها، بل لها أثرُها وخطرُها. ومن أجلِ هذا فيجبُ أنْ تكونَ لها حرّيّتُها .
بلْ الإنسانُ ، هو المخلوقُ الوحيدُ الذي يُطلِقُ الحرّيّاتِ ، ويَكبِتُها بِعدلٍ وبظلم ، (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟) بل إنَّ ديَن الإسلامِ الذي جاءَ به جَدُّكَ الأعظمُ محمّدٌ - صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسلَّم - قامَ على الكلمةِ وأسِّس عليها .
قال الله تعالى :{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5]،
وقال : [ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1]. الإسلام استَقبَلَ الكلِمةَ من السماء بأمانة، وأرسَلها إلى الناس بالحقّ . الرسالة والدعوةُ والتبليغُ كلُّ ذلك بالكلِمة .
وللكلمةِ قوّةُ السيفِ في البناءِ والتغييرِ والإصلاحِ ، والعاقلُ من الناسِ لا يتكلّمُ إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضُه أو علمٍ ينشُرُه نقولُ هذا : وأملُنا في اللهِ وحْدِه، ثمَّ بِشخْصِكَ يا مَلِيْكِنَا المُفدَّى ، وشعبُنِا لا يأخذُ عزْمَهُ من موقفٍ غيرِ موقِفِكَ ، ولا يُثْنِيهِ عنْ حقِّه تَنَكُّرٌ مِن أحدٍ أيًّاً كان ما دُمْتَ نَصِيرُهُ .
سيَّدي ومَوْلاي المعظَّم :
نحنُ ما زلنا أمام حكومةٍ ترفضُ الإصلاحَ ، تواصل العنف ، تزيد في التضييق ، وتقولُ باللغة العملية القاسيةِ الفصيحةِ الواضحةِ وغيرِ المسؤولةِ : أنّ الشعبَ غيرَ مُحقٍ في مُطالبهِ الحقوقيةِ والسياسيةِ، وأنَّه شعبٌ نشازٌ منْ بين كلِ شعوبِ الأرض ، وأنَّه ليس أهلاً لشيءٍ من الحقوقِ بصراحة ، ولهذا فإنَّ الحكومةَ تدعو لمزيدٍ مِنْ التنكيلِ بهذا الشَّعبِ وإلغائهِ . يريدون أنْ تستمرَ سياسيةُ النفاقِ بانَّ كلَّ شيءٍ تمام ، و حريَّةُ الرأيِّ مصانةٌ ، وحقُّ التعبيرِ مكفول ، كذلك المسيرات ، والمظاهرات ، والاعتصامات ، مكفولة ولكن على حد قولهم بالقانون ، أيُّ قانون هذا ؟ أهو ذلك الذي ينتهكونه ليل نهار ؟ ماذا بقي من شيء لم تنْتَهِكْه سياسةُ الحكومةُ في هذا البلد الكريم ؟ لا شيءَ مِنْ حُرْمَةٍ لهذا الشعبِ ، المقاومِ للفسادِ ، للاستئثار، للتهميش ، لنَهب الثروة .
ثمَّ ما هذا التركيزُ ، والتسلطُ المحمومُ على الصحفيين ، ووسائلِ الإعلامِ ؟ مرآتُنا إلى العالم ، أيريدون علاوة على تكميم الأفواه ، حجبَ الحقيقةِ ؟ التي لا يريدون لأحد أن يراها ، ويتحدثَ عنها ، ويبقى قولُهم المزعومُ عن استتبابِ الأمنِ هو السائد ، ولكنْ هيهاتَ ، لقدْ أضحى العالمُ كلُه قريةً صغيرةً، ولا يمكنُ أنْ تُحْجَبَ الشمسُ بغربالٍ ، أنَّ الأمنَ الموهومَ الذي يتشدقون بهِ قائمٌ على القسوة .
سيدي ومولاي المفدَّى :
إنَّ الحريَّةَ بمفهومها الشامل تعتبر من ضروراتِ الحياةِ عند الإنسان ، بصفته فردًا داخل مجتمعٍ متحركٍ غيرِ ساكنٍ وميت ، فحريّةُ التعبيرِ وإبداءِ الرأيِّ ، هي الأساسُ القويُّ لحصول الحرية بتجلياتها العامة والخاصة . بمعنى أن حريّة التعبير داخل المجتمع من ضروريات البقاء ، والاستمرارية.
فحريةُ التعبير تتجلى في عدم إبداءِ الصمتِ ، والبحث عن منطقةٍ يَدفنُ فيها المرءُ نفسَه حيًا، فالتعبيرُ مادةُ الحياةِ والبقاءِ ، مادام المرءُ موجودًا في هذه الدنيا الفانية . وأشهدُ أنَّ الصحفَ الالكترونية التي وُشِىَ لك بها ، قامت بهذا الواجب ، فحيث دخلنا في الشقوق لسبب أو لآخر ، وجدنا في الصحفِ الالكترونية ميدانا ينافحُ عن الوطن ومقدراته .
وإنني أدعو الله - عز وجل - أن يبقيَها لتظلَ نبراسًا على مدى الأيام للمصلحين والمجاهدين ، وكيف و كلمةٌ الحق لم تعْدَمْكَ نصيرًا لها ، يتحدَّى الطاغية في ذروةِ جبروتِه غيرَ هيَّابٍ ولا وجِل .
ولم أدرِ أنَّ اللهَ - سبحانه وتعالى - قد أذِن بتحقيق أمنيتي ، بوجود صحافةٍ جريئةٍ ، تنقل الحق لا تأخذها في الله لومة لائم ، بعد أن كنا أسرى الصحفِ الورقيةِ الصفراءِ القائمةِ أساسٍا على تكريس الرؤيةِ السياسيةِ الواحدةِ بالقوة ، والسيطرة ، والتي لم تصمدْ في وجهِ الصحافةِ الالكترونيةِ التي تبدو أكثرَ قدرةٍ على التعبيرِ عن متطلباتِ المستقبلِ وإمكانياتهِ ، فكلُ ما نعيشُه في وطننا اليومَ من كوارثَ سياسيةٍ ، واقتصاديةٍ ، واجتماعيةٍ مدمرةٍ ، سبَبُهُ التفكيرُ، والرؤيةُ السياسيةُ الأحاديةُ التي تمنحُ القويَّ السيطرةَ على وسائلِ التعبيرِ وأشكالهِ ، وبالتالي فرضُ النموذجِ الأوحدِ للموقفِ ، والفكرةِ ، والتنفيذِ .
في هذا الوقتِ بالذاتِ فتحتْ الصحفُ الالكترونيةُ صدرَها للمجاهدين ، والمُصلِحين من أبناءِ هذا الوطنِ ، لكي يتعقَّبوا كلَّ ما كان الشعبُ يراهُ ضارًا بكيانِه ومُقدراتِه .
وقادتْ الصحفُ الالكترونيةُ الحملةَ ، وكتبتْ كتاباتٍ مِنْ نارٍ ، أحرقتْ الفاسِدين ، والعابثين والمُستهترين ، والخونةِ فلمْ تجامل ، ولم تُلاين أحدًا على حسابِ الوطنِ ، والمواطن .
ومما لا شكَّ فيهِ أننا جميعًا مطالبون اليومَ كأردنيين أكثرَ مِنْ أيِّ وقتٍ مضى ، بالإسهام بالرأيِّ في وضعِ الأسسِ الكفيلةِ بوضعِ وطنِنَا العزيزِ في المكانِ الذي نحبُه ونرجوه ، إزاء المتغيرات الجذريِّة التي شملت الكثيرَ مِن الدُّول .
إنَّ مِن حقِّ الفردِ في مُجْتمَعِنَا إبداءِ الرأيِّ ، والتعبيرِ عن مواقفِهِ ، وقناعاتِه الفكريِّةِ ، والسياسيِّةِ ، والدينيَة ، وهو حقّ عينيّ ماديّ محسوسٌ ، وليسَ حقًا غائبًا متجاوزًا ، ذلك أنَّ علاقةَ الفردَّ بالمجتمعِ ،علاقةً مباشرةً محسوسةً ، تفرضُ فيهِ المساهمةُ بالرأيِّ ، والنصيحةِ لكلِ الأفرادِ الآخرين حاكمين ومحكومين ، وهذا ما يعكسُ تلكَ النظرةِ الإيجابيِّة لهذا الفردِ داخلِ مجتمعِه.
إنَّ محاولةَ استبعادِ مفهومِ حريةِّ التعبيرِ، والحظرِ على كلِّ الوسائلِ المتاحةِ ، وأخصُّ الصحفَ الالكترونيةَ لتمريرِ الرأيِّ ، والموقفِ ، هي محاولة فاشلة ، ولنا في الذي حدثَ ويحدثُ في عالمنا العربيِّ عظةً وعبرةً ، نظرًا لتعددِ الوسائلِ المتاحةِ وسلاسةِ الاتصالِ بين أفرادِ المجتمعِ الواحدِ ، وبالتالي أصبحَ اليومَ بإمكانِ أيِّ فردٍ أينما كانَ في العالمِ أنْ يُبدِيَ رأيَهُ ، ويعلنَ موقفَهُ السياسيِّ والفكريِّ والدينيِّ ، في العديدِ من القضايا الوطنيةِ والعالميةِ .
إنَّ قولَ الحقِّ مبدأٌ من مبادئ الإصلاحِ ، والتقويمِ ، وركنٌ من أركانِ الهدايةِ ، والخلُقِ الكريمِ الذي يأبى الضيمَ ، ويرفضُ الذلَّ والتسيبَ .
فدينُنا وَفَّرَ لنا معانيَ الكرامةِ والحريَّةِ ،ِ وقد ربَّى أتبَاعَهُ على الجرأةِ ، والصراحة ، والشجاعة الأدبيةِ ، التي هي قولُ الحقِّ لوجهِ الحقِّ بلا خوف .
عنْ سيدِنا عُبادةَ بن الصامتِ – رضي اللهُ عنه قال : ( بايَعْنَا رسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – على أنْ نقولَ الحقَّ أينما كنَّا ، لا نَخَافُ فِيْ اللهِ لَوْمَةَ لائمٍ ) .
وهنا يَطيبُ لِيَ أنْ أقفَ معكَ يا مولايَ المفدَّى وَقْفَةً قصيرةً ، ومن حقِّي أنْ أقفَ معك ، فأنتَ الإنسانُ وأنتَ ألآبُ ، وأنتَ الآخُ ، وأنتَ الصديقُ ، وأنتَ الراعي ، فقد حدَّثَنَا التاريخُ أنَّ امرأةً استوقفتْ سيدنَا عمرَ بنَ الخطابِ – رضي الله عنه – الذي كان الرسولُ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يقولُ فيه : ( إنَّهُ ما لقَيهُ شيطانٌ قطُّ سالكًا فجًّا – أي طريقًا – إلا سلكَ فجًّا غيرَ فَجِّهِ ) وأطالت المرأةُ الحديثَ معه ، وكان مما قالتْ : ( لقد كنت من قبلُ عُميرًا ، ثم صِرتَ عمرَ ، ثمَّ أصبحتَ أميرَ المؤمنين فاتق اللهَ ، وانهجْ سبيلَ الحقِّ ) فبكى عُمَرُ – رضي الله عنْه – حتى اخضلَّتْ لحيتُه فقالَ رفيقه : كفى يا أمةَ اللهِ ، فقدْ أبكيتِ أميرَ المؤمنين ، فنهرَه عمرُ وقالَ : ( لا خيرَ فِيكُمْ إنْ لَمْ تَقُولُوها ولا خيرَ فينا إذا لمْ نَتَقَبَّلَهَا )
فأنتَ وحدكَ يا مولاي ، الذي تتلمسُ همومَ شعبِكَ ، وأنتَ الضَّامنُ لأصحابِ الآراءِ الحرةِ ، والوقوفِ بوجهِ الإرهابِ الفكريِّ الذي يرمي لإخافةِ الناس عن إبداء آرائهم بحرية .
دمتَ يا مولايَ عزاً وفخرًا ونصيرًا، تَحفُّكَ عِنَايةُ الرَّحمنِ ، والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
Montaser1956@hotmail.com
قلْتُ لزوْجَتِي : اسْكُتِي .
وَقُلْتُ لأبنائِي : انكتموا، فصوتُكُم يَجْعَلُنِي مُشَوَّشَ التفكيرِ . لا تَنْبَسُّوا بكلمةٍ ، أريدُ أنْ أكتبَ لِملِيكِي عبدِ اللهِ الثاني : حريِّةُ التعبيرِ في خطر!
سيِّدي وَمَوْلايَ المَلِكُ عبدُ اللهِ الثَانِي أعزَّ اللهُ مُلْكَهُ وَرَعَاهُ:
إنَّ الحياةَ البشريَّةَ بِنَاؤُهَا على الكلمةِ، فإنَّ الكلمةَ هي عنوانُ العقلِ وتُرجُمَانُ النفسِ وبٌرهَان الفؤادِ، فالكلمةُ لها مكانتُها، بل لها أثرُها وخطرُها. ومن أجلِ هذا فيجبُ أنْ تكونَ لها حرّيّتُها .
بلْ الإنسانُ ، هو المخلوقُ الوحيدُ الذي يُطلِقُ الحرّيّاتِ ، ويَكبِتُها بِعدلٍ وبظلم ، (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟) بل إنَّ ديَن الإسلامِ الذي جاءَ به جَدُّكَ الأعظمُ محمّدٌ - صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسلَّم - قامَ على الكلمةِ وأسِّس عليها .
قال الله تعالى :{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5]،
وقال : [ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1]. الإسلام استَقبَلَ الكلِمةَ من السماء بأمانة، وأرسَلها إلى الناس بالحقّ . الرسالة والدعوةُ والتبليغُ كلُّ ذلك بالكلِمة .
وللكلمةِ قوّةُ السيفِ في البناءِ والتغييرِ والإصلاحِ ، والعاقلُ من الناسِ لا يتكلّمُ إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضُه أو علمٍ ينشُرُه نقولُ هذا : وأملُنا في اللهِ وحْدِه، ثمَّ بِشخْصِكَ يا مَلِيْكِنَا المُفدَّى ، وشعبُنِا لا يأخذُ عزْمَهُ من موقفٍ غيرِ موقِفِكَ ، ولا يُثْنِيهِ عنْ حقِّه تَنَكُّرٌ مِن أحدٍ أيًّاً كان ما دُمْتَ نَصِيرُهُ .
سيَّدي ومَوْلاي المعظَّم :
نحنُ ما زلنا أمام حكومةٍ ترفضُ الإصلاحَ ، تواصل العنف ، تزيد في التضييق ، وتقولُ باللغة العملية القاسيةِ الفصيحةِ الواضحةِ وغيرِ المسؤولةِ : أنّ الشعبَ غيرَ مُحقٍ في مُطالبهِ الحقوقيةِ والسياسيةِ، وأنَّه شعبٌ نشازٌ منْ بين كلِ شعوبِ الأرض ، وأنَّه ليس أهلاً لشيءٍ من الحقوقِ بصراحة ، ولهذا فإنَّ الحكومةَ تدعو لمزيدٍ مِنْ التنكيلِ بهذا الشَّعبِ وإلغائهِ . يريدون أنْ تستمرَ سياسيةُ النفاقِ بانَّ كلَّ شيءٍ تمام ، و حريَّةُ الرأيِّ مصانةٌ ، وحقُّ التعبيرِ مكفول ، كذلك المسيرات ، والمظاهرات ، والاعتصامات ، مكفولة ولكن على حد قولهم بالقانون ، أيُّ قانون هذا ؟ أهو ذلك الذي ينتهكونه ليل نهار ؟ ماذا بقي من شيء لم تنْتَهِكْه سياسةُ الحكومةُ في هذا البلد الكريم ؟ لا شيءَ مِنْ حُرْمَةٍ لهذا الشعبِ ، المقاومِ للفسادِ ، للاستئثار، للتهميش ، لنَهب الثروة .
ثمَّ ما هذا التركيزُ ، والتسلطُ المحمومُ على الصحفيين ، ووسائلِ الإعلامِ ؟ مرآتُنا إلى العالم ، أيريدون علاوة على تكميم الأفواه ، حجبَ الحقيقةِ ؟ التي لا يريدون لأحد أن يراها ، ويتحدثَ عنها ، ويبقى قولُهم المزعومُ عن استتبابِ الأمنِ هو السائد ، ولكنْ هيهاتَ ، لقدْ أضحى العالمُ كلُه قريةً صغيرةً، ولا يمكنُ أنْ تُحْجَبَ الشمسُ بغربالٍ ، أنَّ الأمنَ الموهومَ الذي يتشدقون بهِ قائمٌ على القسوة .
سيدي ومولاي المفدَّى :
إنَّ الحريَّةَ بمفهومها الشامل تعتبر من ضروراتِ الحياةِ عند الإنسان ، بصفته فردًا داخل مجتمعٍ متحركٍ غيرِ ساكنٍ وميت ، فحريّةُ التعبيرِ وإبداءِ الرأيِّ ، هي الأساسُ القويُّ لحصول الحرية بتجلياتها العامة والخاصة . بمعنى أن حريّة التعبير داخل المجتمع من ضروريات البقاء ، والاستمرارية.
فحريةُ التعبير تتجلى في عدم إبداءِ الصمتِ ، والبحث عن منطقةٍ يَدفنُ فيها المرءُ نفسَه حيًا، فالتعبيرُ مادةُ الحياةِ والبقاءِ ، مادام المرءُ موجودًا في هذه الدنيا الفانية . وأشهدُ أنَّ الصحفَ الالكترونية التي وُشِىَ لك بها ، قامت بهذا الواجب ، فحيث دخلنا في الشقوق لسبب أو لآخر ، وجدنا في الصحفِ الالكترونية ميدانا ينافحُ عن الوطن ومقدراته .
وإنني أدعو الله - عز وجل - أن يبقيَها لتظلَ نبراسًا على مدى الأيام للمصلحين والمجاهدين ، وكيف و كلمةٌ الحق لم تعْدَمْكَ نصيرًا لها ، يتحدَّى الطاغية في ذروةِ جبروتِه غيرَ هيَّابٍ ولا وجِل .
ولم أدرِ أنَّ اللهَ - سبحانه وتعالى - قد أذِن بتحقيق أمنيتي ، بوجود صحافةٍ جريئةٍ ، تنقل الحق لا تأخذها في الله لومة لائم ، بعد أن كنا أسرى الصحفِ الورقيةِ الصفراءِ القائمةِ أساسٍا على تكريس الرؤيةِ السياسيةِ الواحدةِ بالقوة ، والسيطرة ، والتي لم تصمدْ في وجهِ الصحافةِ الالكترونيةِ التي تبدو أكثرَ قدرةٍ على التعبيرِ عن متطلباتِ المستقبلِ وإمكانياتهِ ، فكلُ ما نعيشُه في وطننا اليومَ من كوارثَ سياسيةٍ ، واقتصاديةٍ ، واجتماعيةٍ مدمرةٍ ، سبَبُهُ التفكيرُ، والرؤيةُ السياسيةُ الأحاديةُ التي تمنحُ القويَّ السيطرةَ على وسائلِ التعبيرِ وأشكالهِ ، وبالتالي فرضُ النموذجِ الأوحدِ للموقفِ ، والفكرةِ ، والتنفيذِ .
في هذا الوقتِ بالذاتِ فتحتْ الصحفُ الالكترونيةُ صدرَها للمجاهدين ، والمُصلِحين من أبناءِ هذا الوطنِ ، لكي يتعقَّبوا كلَّ ما كان الشعبُ يراهُ ضارًا بكيانِه ومُقدراتِه .
وقادتْ الصحفُ الالكترونيةُ الحملةَ ، وكتبتْ كتاباتٍ مِنْ نارٍ ، أحرقتْ الفاسِدين ، والعابثين والمُستهترين ، والخونةِ فلمْ تجامل ، ولم تُلاين أحدًا على حسابِ الوطنِ ، والمواطن .
ومما لا شكَّ فيهِ أننا جميعًا مطالبون اليومَ كأردنيين أكثرَ مِنْ أيِّ وقتٍ مضى ، بالإسهام بالرأيِّ في وضعِ الأسسِ الكفيلةِ بوضعِ وطنِنَا العزيزِ في المكانِ الذي نحبُه ونرجوه ، إزاء المتغيرات الجذريِّة التي شملت الكثيرَ مِن الدُّول .
إنَّ مِن حقِّ الفردِ في مُجْتمَعِنَا إبداءِ الرأيِّ ، والتعبيرِ عن مواقفِهِ ، وقناعاتِه الفكريِّةِ ، والسياسيِّةِ ، والدينيَة ، وهو حقّ عينيّ ماديّ محسوسٌ ، وليسَ حقًا غائبًا متجاوزًا ، ذلك أنَّ علاقةَ الفردَّ بالمجتمعِ ،علاقةً مباشرةً محسوسةً ، تفرضُ فيهِ المساهمةُ بالرأيِّ ، والنصيحةِ لكلِ الأفرادِ الآخرين حاكمين ومحكومين ، وهذا ما يعكسُ تلكَ النظرةِ الإيجابيِّة لهذا الفردِ داخلِ مجتمعِه.
إنَّ محاولةَ استبعادِ مفهومِ حريةِّ التعبيرِ، والحظرِ على كلِّ الوسائلِ المتاحةِ ، وأخصُّ الصحفَ الالكترونيةَ لتمريرِ الرأيِّ ، والموقفِ ، هي محاولة فاشلة ، ولنا في الذي حدثَ ويحدثُ في عالمنا العربيِّ عظةً وعبرةً ، نظرًا لتعددِ الوسائلِ المتاحةِ وسلاسةِ الاتصالِ بين أفرادِ المجتمعِ الواحدِ ، وبالتالي أصبحَ اليومَ بإمكانِ أيِّ فردٍ أينما كانَ في العالمِ أنْ يُبدِيَ رأيَهُ ، ويعلنَ موقفَهُ السياسيِّ والفكريِّ والدينيِّ ، في العديدِ من القضايا الوطنيةِ والعالميةِ .
إنَّ قولَ الحقِّ مبدأٌ من مبادئ الإصلاحِ ، والتقويمِ ، وركنٌ من أركانِ الهدايةِ ، والخلُقِ الكريمِ الذي يأبى الضيمَ ، ويرفضُ الذلَّ والتسيبَ .
فدينُنا وَفَّرَ لنا معانيَ الكرامةِ والحريَّةِ ،ِ وقد ربَّى أتبَاعَهُ على الجرأةِ ، والصراحة ، والشجاعة الأدبيةِ ، التي هي قولُ الحقِّ لوجهِ الحقِّ بلا خوف .
عنْ سيدِنا عُبادةَ بن الصامتِ – رضي اللهُ عنه قال : ( بايَعْنَا رسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – على أنْ نقولَ الحقَّ أينما كنَّا ، لا نَخَافُ فِيْ اللهِ لَوْمَةَ لائمٍ ) .
وهنا يَطيبُ لِيَ أنْ أقفَ معكَ يا مولايَ المفدَّى وَقْفَةً قصيرةً ، ومن حقِّي أنْ أقفَ معك ، فأنتَ الإنسانُ وأنتَ ألآبُ ، وأنتَ الآخُ ، وأنتَ الصديقُ ، وأنتَ الراعي ، فقد حدَّثَنَا التاريخُ أنَّ امرأةً استوقفتْ سيدنَا عمرَ بنَ الخطابِ – رضي الله عنه – الذي كان الرسولُ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يقولُ فيه : ( إنَّهُ ما لقَيهُ شيطانٌ قطُّ سالكًا فجًّا – أي طريقًا – إلا سلكَ فجًّا غيرَ فَجِّهِ ) وأطالت المرأةُ الحديثَ معه ، وكان مما قالتْ : ( لقد كنت من قبلُ عُميرًا ، ثم صِرتَ عمرَ ، ثمَّ أصبحتَ أميرَ المؤمنين فاتق اللهَ ، وانهجْ سبيلَ الحقِّ ) فبكى عُمَرُ – رضي الله عنْه – حتى اخضلَّتْ لحيتُه فقالَ رفيقه : كفى يا أمةَ اللهِ ، فقدْ أبكيتِ أميرَ المؤمنين ، فنهرَه عمرُ وقالَ : ( لا خيرَ فِيكُمْ إنْ لَمْ تَقُولُوها ولا خيرَ فينا إذا لمْ نَتَقَبَّلَهَا )
فأنتَ وحدكَ يا مولاي ، الذي تتلمسُ همومَ شعبِكَ ، وأنتَ الضَّامنُ لأصحابِ الآراءِ الحرةِ ، والوقوفِ بوجهِ الإرهابِ الفكريِّ الذي يرمي لإخافةِ الناس عن إبداء آرائهم بحرية .
دمتَ يا مولايَ عزاً وفخرًا ونصيرًا، تَحفُّكَ عِنَايةُ الرَّحمنِ ، والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
Montaser1956@hotmail.com
قلْتُ لزوْجَتِي : اسْكُتِي .
وَقُلْتُ لأبنائِي : انكتموا، فصوتُكُم يَجْعَلُنِي مُشَوَّشَ التفكيرِ . لا تَنْبَسُّوا بكلمةٍ ، أريدُ أنْ أكتبَ لِملِيكِي عبدِ اللهِ الثاني : حريِّةُ التعبيرِ في خطر!
سيِّدي وَمَوْلايَ المَلِكُ عبدُ اللهِ الثَانِي أعزَّ اللهُ مُلْكَهُ وَرَعَاهُ:
إنَّ الحياةَ البشريَّةَ بِنَاؤُهَا على الكلمةِ، فإنَّ الكلمةَ هي عنوانُ العقلِ وتُرجُمَانُ النفسِ وبٌرهَان الفؤادِ، فالكلمةُ لها مكانتُها، بل لها أثرُها وخطرُها. ومن أجلِ هذا فيجبُ أنْ تكونَ لها حرّيّتُها .
بلْ الإنسانُ ، هو المخلوقُ الوحيدُ الذي يُطلِقُ الحرّيّاتِ ، ويَكبِتُها بِعدلٍ وبظلم ، (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟) بل إنَّ ديَن الإسلامِ الذي جاءَ به جَدُّكَ الأعظمُ محمّدٌ - صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسلَّم - قامَ على الكلمةِ وأسِّس عليها .
قال الله تعالى :{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5]،
وقال : [ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1]. الإسلام استَقبَلَ الكلِمةَ من السماء بأمانة، وأرسَلها إلى الناس بالحقّ . الرسالة والدعوةُ والتبليغُ كلُّ ذلك بالكلِمة .
وللكلمةِ قوّةُ السيفِ في البناءِ والتغييرِ والإصلاحِ ، والعاقلُ من الناسِ لا يتكلّمُ إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضُه أو علمٍ ينشُرُه نقولُ هذا : وأملُنا في اللهِ وحْدِه، ثمَّ بِشخْصِكَ يا مَلِيْكِنَا المُفدَّى ، وشعبُنِا لا يأخذُ عزْمَهُ من موقفٍ غيرِ موقِفِكَ ، ولا يُثْنِيهِ عنْ حقِّه تَنَكُّرٌ مِن أحدٍ أيًّاً كان ما دُمْتَ نَصِيرُهُ .
سيَّدي ومَوْلاي المعظَّم :
نحنُ ما زلنا أمام حكومةٍ ترفضُ الإصلاحَ ، تواصل العنف ، تزيد في التضييق ، وتقولُ باللغة العملية القاسيةِ الفصيحةِ الواضحةِ وغيرِ المسؤولةِ : أنّ الشعبَ غيرَ مُحقٍ في مُطالبهِ الحقوقيةِ والسياسيةِ، وأنَّه شعبٌ نشازٌ منْ بين كلِ شعوبِ الأرض ، وأنَّه ليس أهلاً لشيءٍ من الحقوقِ بصراحة ، ولهذا فإنَّ الحكومةَ تدعو لمزيدٍ مِنْ التنكيلِ بهذا الشَّعبِ وإلغائهِ . يريدون أنْ تستمرَ سياسيةُ النفاقِ بانَّ كلَّ شيءٍ تمام ، و حريَّةُ الرأيِّ مصانةٌ ، وحقُّ التعبيرِ مكفول ، كذلك المسيرات ، والمظاهرات ، والاعتصامات ، مكفولة ولكن على حد قولهم بالقانون ، أيُّ قانون هذا ؟ أهو ذلك الذي ينتهكونه ليل نهار ؟ ماذا بقي من شيء لم تنْتَهِكْه سياسةُ الحكومةُ في هذا البلد الكريم ؟ لا شيءَ مِنْ حُرْمَةٍ لهذا الشعبِ ، المقاومِ للفسادِ ، للاستئثار، للتهميش ، لنَهب الثروة .
ثمَّ ما هذا التركيزُ ، والتسلطُ المحمومُ على الصحفيين ، ووسائلِ الإعلامِ ؟ مرآتُنا إلى العالم ، أيريدون علاوة على تكميم الأفواه ، حجبَ الحقيقةِ ؟ التي لا يريدون لأحد أن يراها ، ويتحدثَ عنها ، ويبقى قولُهم المزعومُ عن استتبابِ الأمنِ هو السائد ، ولكنْ هيهاتَ ، لقدْ أضحى العالمُ كلُه قريةً صغيرةً، ولا يمكنُ أنْ تُحْجَبَ الشمسُ بغربالٍ ، أنَّ الأمنَ الموهومَ الذي يتشدقون بهِ قائمٌ على القسوة .
سيدي ومولاي المفدَّى :
إنَّ الحريَّةَ بمفهومها الشامل تعتبر من ضروراتِ الحياةِ عند الإنسان ، بصفته فردًا داخل مجتمعٍ متحركٍ غيرِ ساكنٍ وميت ، فحريّةُ التعبيرِ وإبداءِ الرأيِّ ، هي الأساسُ القويُّ لحصول الحرية بتجلياتها العامة والخاصة . بمعنى أن حريّة التعبير داخل المجتمع من ضروريات البقاء ، والاستمرارية.
فحريةُ التعبير تتجلى في عدم إبداءِ الصمتِ ، والبحث عن منطقةٍ يَدفنُ فيها المرءُ نفسَه حيًا، فالتعبيرُ مادةُ الحياةِ والبقاءِ ، مادام المرءُ موجودًا في هذه الدنيا الفانية . وأشهدُ أنَّ الصحفَ الالكترونية التي وُشِىَ لك بها ، قامت بهذا الواجب ، فحيث دخلنا في الشقوق لسبب أو لآخر ، وجدنا في الصحفِ الالكترونية ميدانا ينافحُ عن الوطن ومقدراته .
وإنني أدعو الله - عز وجل - أن يبقيَها لتظلَ نبراسًا على مدى الأيام للمصلحين والمجاهدين ، وكيف و كلمةٌ الحق لم تعْدَمْكَ نصيرًا لها ، يتحدَّى الطاغية في ذروةِ جبروتِه غيرَ هيَّابٍ ولا وجِل .
ولم أدرِ أنَّ اللهَ - سبحانه وتعالى - قد أذِن بتحقيق أمنيتي ، بوجود صحافةٍ جريئةٍ ، تنقل الحق لا تأخذها في الله لومة لائم ، بعد أن كنا أسرى الصحفِ الورقيةِ الصفراءِ القائمةِ أساسٍا على تكريس الرؤيةِ السياسيةِ الواحدةِ بالقوة ، والسيطرة ، والتي لم تصمدْ في وجهِ الصحافةِ الالكترونيةِ التي تبدو أكثرَ قدرةٍ على التعبيرِ عن متطلباتِ المستقبلِ وإمكانياتهِ ، فكلُ ما نعيشُه في وطننا اليومَ من كوارثَ سياسيةٍ ، واقتصاديةٍ ، واجتماعيةٍ مدمرةٍ ، سبَبُهُ التفكيرُ، والرؤيةُ السياسيةُ الأحاديةُ التي تمنحُ القويَّ السيطرةَ على وسائلِ التعبيرِ وأشكالهِ ، وبالتالي فرضُ النموذجِ الأوحدِ للموقفِ ، والفكرةِ ، والتنفيذِ .
في هذا الوقتِ بالذاتِ فتحتْ الصحفُ الالكترونيةُ صدرَها للمجاهدين ، والمُصلِحين من أبناءِ هذا الوطنِ ، لكي يتعقَّبوا كلَّ ما كان الشعبُ يراهُ ضارًا بكيانِه ومُقدراتِه .
وقادتْ الصحفُ الالكترونيةُ الحملةَ ، وكتبتْ كتاباتٍ مِنْ نارٍ ، أحرقتْ الفاسِدين ، والعابثين والمُستهترين ، والخونةِ فلمْ تجامل ، ولم تُلاين أحدًا على حسابِ الوطنِ ، والمواطن .
ومما لا شكَّ فيهِ أننا جميعًا مطالبون اليومَ كأردنيين أكثرَ مِنْ أيِّ وقتٍ مضى ، بالإسهام بالرأيِّ في وضعِ الأسسِ الكفيلةِ بوضعِ وطنِنَا العزيزِ في المكانِ الذي نحبُه ونرجوه ، إزاء المتغيرات الجذريِّة التي شملت الكثيرَ مِن الدُّول .
إنَّ مِن حقِّ الفردِ في مُجْتمَعِنَا إبداءِ الرأيِّ ، والتعبيرِ عن مواقفِهِ ، وقناعاتِه الفكريِّةِ ، والسياسيِّةِ ، والدينيَة ، وهو حقّ عينيّ ماديّ محسوسٌ ، وليسَ حقًا غائبًا متجاوزًا ، ذلك أنَّ علاقةَ الفردَّ بالمجتمعِ ،علاقةً مباشرةً محسوسةً ، تفرضُ فيهِ المساهمةُ بالرأيِّ ، والنصيحةِ لكلِ الأفرادِ الآخرين حاكمين ومحكومين ، وهذا ما يعكسُ تلكَ النظرةِ الإيجابيِّة لهذا الفردِ داخلِ مجتمعِه.
إنَّ محاولةَ استبعادِ مفهومِ حريةِّ التعبيرِ، والحظرِ على كلِّ الوسائلِ المتاحةِ ، وأخصُّ الصحفَ الالكترونيةَ لتمريرِ الرأيِّ ، والموقفِ ، هي محاولة فاشلة ، ولنا في الذي حدثَ ويحدثُ في عالمنا العربيِّ عظةً وعبرةً ، نظرًا لتعددِ الوسائلِ المتاحةِ وسلاسةِ الاتصالِ بين أفرادِ المجتمعِ الواحدِ ، وبالتالي أصبحَ اليومَ بإمكانِ أيِّ فردٍ أينما كانَ في العالمِ أنْ يُبدِيَ رأيَهُ ، ويعلنَ موقفَهُ السياسيِّ والفكريِّ والدينيِّ ، في العديدِ من القضايا الوطنيةِ والعالميةِ .
إنَّ قولَ الحقِّ مبدأٌ من مبادئ الإصلاحِ ، والتقويمِ ، وركنٌ من أركانِ الهدايةِ ، والخلُقِ الكريمِ الذي يأبى الضيمَ ، ويرفضُ الذلَّ والتسيبَ .
فدينُنا وَفَّرَ لنا معانيَ الكرامةِ والحريَّةِ ،ِ وقد ربَّى أتبَاعَهُ على الجرأةِ ، والصراحة ، والشجاعة الأدبيةِ ، التي هي قولُ الحقِّ لوجهِ الحقِّ بلا خوف .
عنْ سيدِنا عُبادةَ بن الصامتِ – رضي اللهُ عنه قال : ( بايَعْنَا رسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – على أنْ نقولَ الحقَّ أينما كنَّا ، لا نَخَافُ فِيْ اللهِ لَوْمَةَ لائمٍ ) .
وهنا يَطيبُ لِيَ أنْ أقفَ معكَ يا مولايَ المفدَّى وَقْفَةً قصيرةً ، ومن حقِّي أنْ أقفَ معك ، فأنتَ الإنسانُ وأنتَ ألآبُ ، وأنتَ الآخُ ، وأنتَ الصديقُ ، وأنتَ الراعي ، فقد حدَّثَنَا التاريخُ أنَّ امرأةً استوقفتْ سيدنَا عمرَ بنَ الخطابِ – رضي الله عنه – الذي كان الرسولُ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يقولُ فيه : ( إنَّهُ ما لقَيهُ شيطانٌ قطُّ سالكًا فجًّا – أي طريقًا – إلا سلكَ فجًّا غيرَ فَجِّهِ ) وأطالت المرأةُ الحديثَ معه ، وكان مما قالتْ : ( لقد كنت من قبلُ عُميرًا ، ثم صِرتَ عمرَ ، ثمَّ أصبحتَ أميرَ المؤمنين فاتق اللهَ ، وانهجْ سبيلَ الحقِّ ) فبكى عُمَرُ – رضي الله عنْه – حتى اخضلَّتْ لحيتُه فقالَ رفيقه : كفى يا أمةَ اللهِ ، فقدْ أبكيتِ أميرَ المؤمنين ، فنهرَه عمرُ وقالَ : ( لا خيرَ فِيكُمْ إنْ لَمْ تَقُولُوها ولا خيرَ فينا إذا لمْ نَتَقَبَّلَهَا )
فأنتَ وحدكَ يا مولاي ، الذي تتلمسُ همومَ شعبِكَ ، وأنتَ الضَّامنُ لأصحابِ الآراءِ الحرةِ ، والوقوفِ بوجهِ الإرهابِ الفكريِّ الذي يرمي لإخافةِ الناس عن إبداء آرائهم بحرية .
دمتَ يا مولايَ عزاً وفخرًا ونصيرًا، تَحفُّكَ عِنَايةُ الرَّحمنِ ، والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
Montaser1956@hotmail.com
التعليقات
( لقدْ أضحى العالمُ كلُه قريةً صغيرةً، )
جراسا العزيزه على قلبي
ارجو النشر
حفاظا على حريه الرأي الاخر
لماذا لا تدعون بالهدايه و البركه و طول العمر لمن جعل لكم العالم قريه صغيره و قد افنيتم عمركم بالدعوة لاناس اخر لم يعملوا نصف ما انجزوا
مع عظيم مودتي و احترامي
ملاحظه
اذا قررتم التواصل و الاجابه
ارجوا التقيد بمضمون السؤال
( بالدعوة لاناس )
المقصود:(بالدعاء لاناس)
مع الشكر
هي كلمة"اقرأ"