طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

السياسةُ فـن ، والتطنيش سـياسة وفـن معـا


لمَّا كنَّا لانعيش وحدنا في هذه الحياة ، ويشاركنا فيها الكثير من الناس من مختلف الأجناس والملل والعقائد والألوان فإنه من الطبيعي جداً أن نجد أمامنا اختلافات كثيرة في السلوك والتصرفات والأقوال البشرية عند هذا الكم الهائل من الناس .

ولما كانت حياتنا لايمكن لها أن تسير إلا بتعاملنا مع كل شرائح المجتمع شئنا أم أبينا ؛ ؛ فإنه من الإستحالة بمكان أن نبقى معزولين عن غيرنا ، ومن الإستحالة أيضا أن نبقى بعيدين عن الآخرين ، ومن الإستحالة كذلك أن نبقى نتعامل مع شريحة واحدة فقط دون غيرها ؛ وعلى هذا فعلينا إذاً أن نتوقع وجود ؛ الصالح و الطالح ، و الذكي والغبي ، و العاقل والمجنون ، والحكيم و الأحمق ؛ بين كل هذا الجمع الكبير من الناس .أليس كذلك؟؟

ولهذا السبب فإني أرى ضرورة أن نكون واعين لطريقة تصرّفاتنا وردود أفعالنا مع غيرنا؛ وخاصة إذا كانت تصرفاتهم نحونا ليست على الشكل الذي نكون نُحبُّ ونرضى .

ولما كنت أنا أحبُّ وأتمنى أن يعيش الجميع في هدوء نفسي ، وفي راحة بال وسلام، وفي أمن وأمان واطمئنان ؛ فقد وجدت من خلال تجربتي الشخصية المتواضعة ؛ أنه لكي نحقق ذلك ؛ فعلينا أن نتعلم ( فن التطنيش ) الى حد ما !! وذلك حتى نحمي أنفسنا على الأقل من اجهاد أعصابنا ، وحتى لا نُتعب لساننا ؛ لاسيّما أنهم قديماً قالوا : ' طنِّش تَعشْ تَنْتعش ' ، وهذا يعني : ألا نبالي بما يقوله لنا التافهون والتافهات.

فأنا ومن خلال تعاملي مع الآخرين وجدت أن أكثر شرائح المجتمع التي يمكن لها أن تكدِّر وتنغَّص علينا حياتنا ، وتصدَّع لنا رؤوسنا ، وتقلق لنا راحتنا ، وتعكَّر لنا صفو مزاجنا ، وتُخرجنا عن طورنا ؛ هم من يُطلق عليهم مجازاً ( الحمقى أو الساذجون أو التافهون ) ؛ والذين لكم أن تُسمُّوهم ماشئتم ، والذين أنصحكم في نفس الوقت أن تقوموا دائما بمعاملتهم معاملةً خاصة ، وذلك حرصاً منّي على هدوء أعصابكم ومنعاً لفوران دمائكم .

فالإنسان الذي يغضب مثلاً ويقوم بالتدقيق خلف كل جملة قالها له أحمق ، أو يقوم بالجري وراء كل كلمة نطق بها ساذج ، أو يقوم بملاحقة من شتمه ، أو يقوم بمحاسبة من أساء إليه لفظاً ، أويقوم بالإنتقام من كل من عاداه كلاماً ؛ أو يقوم بالتحاور مع مختلٍّ عقلياً ؛ فإنه و بلا أدنى شك سيُعرِّض نفسه لكثير من الضغوطات النفسية والعصبية ؛ التي ستجعله حتماً يعيش طول الوقت منزعجاً متضايقاً متوتر الأعصاب ، فاقداً السيطرة على لسانه وأقواله ، مفتقداً رزانة العقل وحكمةالعقلاء.

لهذا وبناءً على ماتقدّم فقد وجدت أن أفضل مايمكن أن أنصح به هو مايلي : ـ

ـ إذا طرقت مسامع أي منّا كلمة نابية من انسان وقح ؛ فعلينا حينها أن نضبط أعصابنا جيدا ونُطنِّشْ1ـ .

وإذا أساء مسيء لأي منّا فعلينا أيضا أن نمسك أعصابنا جيداً و نطنش 2 ــ .

لأن الحياة ياأخوان ؛ مهما طالت بنا ومهما امتدت؛ فهي قصيرة الأجل جداً ، و لا تحتمل أبداًالتنقير والتدقيق ، ولاتحتمل كذلك المناكشات والمهاوشات والمناكفات ، ولاتحتمل أيضا الهوشات ولا القيام بالطوشات مع هذا الجاهل أو ذاك .

ولهذا ماأجدر بنا أن نأخذ جميعا بمنهج كلام الله سبحانه وتعالى القائل في كتابه الحكيم : ' خُذْ العفوَ وأْمر بالعُرف ، وأَعْرِض عن الجاهلين ' . صدق الله العظيم ؛ فهذه ستكون أسلم الطرق لنا في رأيي لكي نتجنب فيها حدوث الكثير من الإشكاليَّات مع غير العاقلين من الناس.

أخوتي في الله !!

أنا أعلم بأنني لست أكثر علماً منكم ، وأعلم أيضا بأنني لست أكثر وعياً منكم ، لأني ومقياساً مع خبرتي المتواضعة في هذه الحياة لحد الآن أظل نقطة ماء صغيرة في بحار خبرتكم ؛ إلا أنني ومع هذا وبفضل من الله ، وبالرغم من سنين عمري الغض ؛ فقد استطعت أن أتعلم من هذه الحياة الشيء الكثير من الأمور ، ولهذا رغبت في أن أنقل لكم ماأستطيع قوله منها ، وذلك لكي تعم الفائدة على الجميع إن شاء الله .

ولعل من بين هذه الفوائد والخبرات التي تعلمتها على سبيل المثال لا الحصر مايلي : ـ

1ـ تعلمت من الحياة أن أفضل حل في رأيي لأي مشكلة كبيرة ( عويصة ) هو أن ننهيها من بدايتها بأسلم الطرق ، وألا نقم بالتصعيد فيها مع من أراد التصعيد .

2ـ وتعلمت أيضاً أن أبادر على الفور الى القيام بنزع الفتيل الذي يوشك على الإشتعال ، لأن نزعنا الفتيل بداية اشتعاله سيخمد نار الفتنة في مهدها .

3ـ وتعلمت كذلك أنه من الخطأ الفادح أن أقوم بصب الزيت على النار المشتعلة ؛ لأن القيام بذلك ؛سيزيدها اشتعالاً ولهيباً وانتشاراً ، وخيرٌ من ذلك هو التعوُّذ من الشيطان أولاً وصبُّ الماء عليها ثانياً ، لأن الماء سيعمل على تبريدها وسيعمل لاحقاً على اطفائها .

ولمّا كان الشَّيطان الرجيم هو مخلوق من نار، لذا أرجو منكم أن تعلموا أن الغضب كله آتٍ منه هو ، وعلى هذا تكون أفضل وسيلة لإطفاء نار الغضب هذه في نفوسنا هي الماء وذلك من خلال الوضوء ، لأن الوضوء الصحيح سيطفىء نار الشيطان فينا بدون أي شك ، وهذه وصفة مجربة منّي شخصيّاً أرجو أن تجرِّبوها أنتم أيضاً .

أخوتي الأحبة في الله !!

ياحبذا لو تعلموا بأن الكلام السيئ الذي يُمكن أن يُقال لكم ؛بأنه كلام سوف لن يضُرُّكم ، وسوف لن يلتصق بكم ، وسوف لن يقلّل من شأنكم !! وذلك لأنه مجرَّد كلام في الهواء ؛ قاله سفيه أو ساذج ، مؤكدة لكم ؛ إن سبَّب هذا الكلام ضرراً ؛ فهو ضرر سوف لن يضُّر سوى قائله فقط ؛ لذا فإنه من الحكمة ومن رجاحة العقل أن تأخذوا الأمور بكل بساطة ، وبهدوء ، وبدون نرفزة ، ومن غير توتُّر وبلا عصبية .

علماً أن هذه الأمور سوف لن تتمكنوا من تعلُّمها كما يجب؛ إلا بعد أن تتقنوا فن ضبط النفس أوَّلاً ؛ فضبطكم لأنفسكم سيجعلكم تتحكمون جيداً في أعصابكم ، وسيجعلكم تعرفون كيف تتمكنون من لجم ألسنتكم ، وحينها سوف لن تضطرون الى القيام بشن حرب كلامية على كل من أساء لكم !! لأن شنَّكم هذه الحرب الضَّروس الشَّعواء سوف يضُرَّكم أنتم وحدكم قبل أن تضَّروا بها غيركم .

أي أنه وبإختصار شديد ؛ عليكم استخدام ( مبدأ التطنيش ) منهجاً ؛ لاسيّما أن تجاهل هؤلاء الحمقى من القوم هو خير وقاية لكم من الإصابة بأمراض العصر المختلفة كالضغط والسكري وقرحة المعدة والجلطة والسكتة والروماتيزم وغيرها ، أبعدها الله عنّا وعنكم جميعاً .

وعلى هذا ومن مبدأ باب السَّلامة العامة للجميع ؛ أقول : إذا تعرّضَتم لأي من هؤلاء الحمقى من الناس ، فعلى كل شخص منكم أن يدفع بالتي هي أحسن ، وأن يتصرف بما هو أجمل ، وأن يحرص على التصرف بوعي وعقلانية ؛ فمثلاً : إن نبــح عليكم وضيع ؛فقولوا له : سلاماً ، وإذا رماكم جاهل بحجر فالقوا أنتم عليه حبة تمـر ، وإن شتمكم سفيه فلا تشتموه بل أُشكروه ، وإن قال لكم تافهٌ شـراًّ فقولوا له : خـيراً !!، وإذا قال لكم احمقٌ كلاماً غبيا ً فتظاهروا بأنكم لم تسمعوه ، ويُفضَّل لكم أن تُطنِّشـوه والأفضل لكم وله أن تتجاهلوه وتتركوه .تطبيقاً للمثل القائل :' إذا أردت أن تفريه وتهريه ، أتْرُكْه وخلّيهْ '

أخوتي الأحبة في الله !!

لقد علَّمنا ديننا الإسلامي الحنيف أنه لاتوجد هناك وسيلةً مثالية لكي نواجه بها الساذجين والجاهلين من الناس أفضل من العفو عنهم ، والتَّسامح معهم ، والصَّبرعليهم ، ومعاملتهم على قدر عقولهم الصَّغيرة، ومقابلتهم بالهجر الجميل الذي لا أذى فيه، والصَّفح عنهم بالصفح الأجمل الذي لا عتب فيه ؛ حتى وإن كانوا بالفعل سيئين ولايستحقون منكم هذه المعاملة الطيبة !!ليس خوفاً منهم ، بل لعلَّ الله يهدهم ، ويُرشدهم الى الحق ، ويعيدهم الى صوابهم يوماً .

مؤكدة لكم أنكم بإتباع هذا المنهج الحكيم في التعامل مع بعض الناس ؛ فإنكم ستجدون في النهاية أن النتيجة بإذن الله تعالى سوف تكون محسومة لصالحكم من غير نقاش ( ومن غير وجع رأس ، ومن غير أسبيرين ، ولا بنادول ، ولا هايبوتين ،ولا كابوتين ، ولا كورتيزون ) , لأن الله مع الصَّابرين وهو يحبُّ العافين عن الناس .

راجيةً منكم عدم تفسير طلبي هذا منكم على أنه ضعْف أو خوْف أو جُبْن ؛ ، بل اعلموا أنه قوة وثقة متناهية في النفس ، مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ' ليس الشَّديد بالصّرعة ، وإنما الشَّديد ؛ الذي يملك نفسه عند الغضب ' صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،

دانا جهاد ـ طالبة جامعية

dana.jehad@hotmail.com


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/64121