طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

إلى الطيّارين العرب


يطالع الطفل روحه وهي إلى السماء صاعدة ، و روحه تطالع من السماء طائرات على المدارج راقدة ، وحسيس جناحيّه أعلى من صهيل الحديد على إسفلت القاعدة ، يلوّح الطفل بكفّه الخفيفة للثقيلات الواقدة ، لعل عين الطيّار تبصره أو حتّى عين الطائرة ، لعل عين العروبة تبصر شاهده ، كما ابصرته عين الله الشاهدة.

يقول الطفل : بالأمس كنّا نلوّح لكم في الطابور الصباحي ، ويختلط صهيل طائراتكم بفاتحة الله ونشيدنا الوطني ، كنّا نظن أن أكفّنا النحيلة تحميكم ، كنّا نظن أن دعاء أمهاتنا يحميكم ، كنّا نظن أن صوركم في دفاتر رسمنا تحميكم ، كنّا نظن أن وسائد القطن المحشوّة بقصص الجدّات عنكم تحميكم ، كنّا نظن أن بطون طائراتكم ستحمينا ، كما كان النسر المعلّق على صدورنا صبيحة العيد يحميكم.

في الطابور الصباحي يبصر الطفل طائرات لا تشبه طائراتكم ، وأعلاماً لا تشبه أعلامكم ، ونوافذ لا يقبع خلفها رفاق الحلم العربي ، تسقط الخرائط المعلّقة على جدار الفصل الدراسي ، ويبتلع الفسفور الأسود كتاب التاريخ للصف الابتدائي ، وتُشنق سمّاعة الصوت وهي ترتّل 'موطني' ، والطفل ما زال يصرخ 'موطني' ، والطفل ما زال يلوّح 'موطني' ، تخترق شظايا الموت حقيبة ظهره ولباسه المدرسي ، ارتقى الطفل ، وكفّه بقيت هناك تلوّح لم ترتقِ.


يُستدعى الطفل كشاهد في السماء ، يُسأل عن أسمائهم و رُتبهم وأرقامهم العسكرية ، يُسأل عن طائراتهم و دبابتهم وجيوشهم العربية ، هو لا يعرفهم فقد كان يظن أنه يعرفهم ، هو بالكاد يذكر غرفته و دُميته ، وحديقة في الحيّ بجوارها مقبرة جماعية.

المحامي
حمزة الفقهاء


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/483504