بدى واضحا للجميع ، بأننا في حالة لا سمح الله تعرضنا إلى ما يمكن أن يحدث بشكل مفاجئ من كوارث الطبيعة ، سنكون وفي غضون ساعات مشردين من بيوتنا ، لا ماء ، ولا خبز ، ولا كهرباء . وإنصافا ، بارك الله بكل الجهود التي بذلت ، وبكل الجنود الذين تحركوا ، وبكل من فتح طريقا ، ونقل مريضا ، وأعان محتاجا ، ولكن نحن لا نتحدث عن فريق من الشباب المتطوعين ، الذين هبوا لمساعدة عائلة محتاجة ، ولا نتحدث عن فزعة ولا نخوة ولا شهامة عرف بها الأردني ، فساهم كل بما ملكت يمينه ، إننا نتحدث عن دولة تهاوت أمام منخفض ثلجي عابر لمدة أيام ، ورحل ليكشف لنا عن كثير من المشاكل التي يجب علينا أن نلتفت اليها بعين الجد ، مشاكل دفعت بالملك إلى الشارع ، وهذا إن أردنا أن نضعه على الميزان ، فهو دليل واضح على عدم ثقة الملك بمن حوله ، قبل أن أن يُحسب بأنه رغبة من الملك بمساعدة المواطنين بنفسه ، فإما أن نجد الحل الناجع وإما أننا سنكون في يوم من الأيام ، أمام مجابهة أخرى ربما تكون أطول عمرا ، وأكبر أثرا ، وبالتالي أصعب في التعامل معها .
لن نستطيع أن نحصل على الدواء ، قبل أن نشخص الداء ، والداء كل الداء في أننا أصحاب نظرة سطحية في كثير من أمورنا ، ثوريين للحظات ، نغضب على تصرفات هذه الحكومة اللامبالية غضبنا على أحد أبنائنا إن ارتكب خطأ ، غضبا يكون من خارج القلب ، وبعد غضبتنا التي لا تطول ، تعود المياه إلى مجاريها وكأن شيئا لم يكن ، وهذا ما حصل معنا في المنخفض الجوي الأخير ، فأربعة أيام من انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المنازل ، يتم نسيانها في لحظات ، وبمجرد إعادة التيار الكهربائي ، ربما بل وأنه من المؤكد ، أن صاحب المشكلة ، يحمد ربه ، ويتقدم بالشكر للمسؤول عن إعادة التيار الكهربائي إلى منزله – بعد أربعة أيام – ناسيا أو متناسيا أربعة أيام مرت ، عاشها الرجل ومن معه في ظلام حالك . وحدث ولا حرج قياسا على ذلك .
دعونا نعود إلى أساس المشكلة ، إنه الفشل الذريع في إدارة الأزمات ، وعن أية أزمة نتحدث ، منخفض جوي لأربعة أيام !! ، شكرا لله على هذا المنخفض الذي كشف لنا أننا أمام أزمة حقيقية تعيش معنا لفترة طويلة ، إنها بالفعل أزمة إدارة تجثم على صدر الوطن ، فيستلمون مواقعهم على أسس لا تمت للمطلوب بصلة ، ويفشلون في أول إختبار لهم ، ومن حسن الحظ أو من سوءه فإن الإختبارات قليلة ، ولكنها بالنسبة لنا ، كافية لتثبت أننا نسير في الطريق الخطأ ، عندما يتخرج الطالب من جامعته بتخصص معين ، ويذهب إلى سوق العمل ، يتفاجئ بأنه بعيد كل البعد عن الواقع ، وأن ما تناولته تلك المواد الجامعية ، لا يشكل إلا أساسا لا يعتمد عليه إلا كنقطة بداية ، ومع مزيد من الممارسة والعمل الجاد ، يصل إلى الخبرة التي تسعفه في حياته العملية ، قياسا أقول : إن من تولى أمر إدارة البلاد اليوم قد تلقى الكثير من الدورات النظرية على إدارة الأزمات ، ولكنه للأسف لم يتلق التدريب العملي المناسب للتعامل مع أبسط أزمة ، إنه قد تلقى التدريب وهو يرتدي بدلته الرسمية ، ومعه من يحمل فوق رأسه مظلة تحميه من ماء المطر ، هو معتاد على ركوب السيارات الفارهة ، ولم يعتد ولا يريد أن يعتاد على ركوب سيارة 'البكب' إن كانت هي الحل الأمثل في ظرف ما ، ف 'برستيج' معاليه لا يسمح له بذلك ، وبعضهم من ولد في منزل مجهز بالتدفئة المركزية ، وبكل تأكيد هو لا يعلم شيئا عن أحوال من لا يجدون الحطب الكافي لإشعال مواقدهم ، هو يجد من يحضر له الخبز الطازج إلى منزله ، فبكل تأكيد لم يحسب حسابا لمن لم يعد لديهم طحينا يخبزون منه رغيفا يقتاتون منه في ذلك اليوم ، هذا وذاك وأمثالهم لا يملكون من الدموع ، ما يذرفونه على طفلة ماتت عندما علقت السيارة التي أسعفتها بين الثلوج ، فهم وأبناؤهم يعيشون بسعادة وهناء ، وهذه أقصى اهتماماتهم .
الناطق الرسمي والوحيد باسم الطبقة الكادحة من الشعب ، من الذين يحتاجون إلى ' الحطب ' ، والطحين ، والماء ، والكهرباء ، والدواء ، والطرق المفتوحة ، في أصعب الظروف ، هو مجلس النواب ، الذي يفترض أنه يفرز ثلة من الناطقين باسمنا ، من الذي يعيشون معنا ، يعرفون همومنا ، ولكن التزوير والتلاعب الذي يحدث ، يفرز لهذا المجلس ، من يعانون من فائض في الرفاهية ، أصحاب الملايين ، الذين يدفعون على حملاتهم الانتخابية ، ما يزيد في كثير من الأحيان ، عن مجموع رواتبهم كنواب لأربعة سنوات ، وهل يؤلم الجرح إلا من به الألم ؟!! ، فأغلقت علينا الدولة بابا من الأبواب التي كانت ستكون ملجأ لنا بعد الله لو أنها أتت بطريقة سليمة ، ولكنه الإذلال والتهميش المقصود لهذا الشعب ، حتى يبقى تحت السيطرة والنفوذ ، قانعا بأقل القليل ، فرحا بكل ما هو جديد ، حتى لو كان عشرة دنانير تأتي كزيادة على الراتب بعد خدمة ما يزيد عن نصف عمر من استحقها !
هناك مشكلة كبيرة عندما تكون شركة الكهرباء شركة خاصة لا بديل لها ، وأننا سنضطر بعد أيام من انقطاع الكهرباء عن الكثيرين في أول اختبار حقيقي إلى انتظار نتيجة القضايا التي سترفعها الحكومة على هذه الشركة ، في ظل وجود قوانين تجعل تحصيل شيك بقيمة ألف دينار عن طريق المحاكم أمرا يحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاث سنوات في كثير من الأحيان ، وهناك مشكلة عندما يكون المحافظ وهو الحاكم الإداري الممثل لجلالة الملك في المحافظة أو رئيس البلدية لا يستطيع إجبار سائق جرافة للتحرك بطريقة تساعد في تقديم الخدمة بالطريقة الصحيحة ، وهناك مشكلة عندما يستخدم أحد المسؤولين ' الهايجين ' بعد أن يصافح أحد الفقراء والمساكين ، أو أن يصف معاليه الشعب الأردني بأنه بارد وجه ، وهناك مشكلة عندما يصبح ثمن اسطوانة الغاز خمسة وعشرين دينارا ، أو كيلو الخبز بدينارين (كما ذكرت قناة الحقيقة الدولية وذلك تحديدا في السلط) ، وهناك مشكلة أكبر عندما يحذر الدفاع المدني من الخروج من المنازل قبل الساعة الحادية عشر صباحا ، بينما يطالب رئيس الوزراء الموظفين بالالتحاق بأعمالهم في تمام الحادية عشر صباحا ، مما يدل على أننا لا نعيش في دولة مؤسسات – كما يدعون – بل أننا والله أعلم نعيش في حارة 'كل من ايده اله ' .وهناك طامة كبرى عندما نفكر بانشاء مفاعل نووي في بلد ترفع الراية البيضاء أمام منخفض ثلجي يستمر لأيام قليلة .
ما حدث أثناء ' إليكسا ' هو كارثة ، لا تتوقف على التقصير الذي غمرنا به البعض ، بل تكمن الطامة في غياب القرار الصارم ، مما يدل على عدم قدرة البعض على إدارة البلاد ، في حال لا سمح الله ، تعرضت لحدث طارئ بدون سابق إنذار ، أزمة إدارة حقيقة تعيشها الأردن ، والمخرج من هذه الأزمة ، يتطلب إدارة حكيمة حريصة على حفظ ما تبقى من هذه البلاد للأجيال القادمة .
بدى واضحا للجميع ، بأننا في حالة لا سمح الله تعرضنا إلى ما يمكن أن يحدث بشكل مفاجئ من كوارث الطبيعة ، سنكون وفي غضون ساعات مشردين من بيوتنا ، لا ماء ، ولا خبز ، ولا كهرباء . وإنصافا ، بارك الله بكل الجهود التي بذلت ، وبكل الجنود الذين تحركوا ، وبكل من فتح طريقا ، ونقل مريضا ، وأعان محتاجا ، ولكن نحن لا نتحدث عن فريق من الشباب المتطوعين ، الذين هبوا لمساعدة عائلة محتاجة ، ولا نتحدث عن فزعة ولا نخوة ولا شهامة عرف بها الأردني ، فساهم كل بما ملكت يمينه ، إننا نتحدث عن دولة تهاوت أمام منخفض ثلجي عابر لمدة أيام ، ورحل ليكشف لنا عن كثير من المشاكل التي يجب علينا أن نلتفت اليها بعين الجد ، مشاكل دفعت بالملك إلى الشارع ، وهذا إن أردنا أن نضعه على الميزان ، فهو دليل واضح على عدم ثقة الملك بمن حوله ، قبل أن أن يُحسب بأنه رغبة من الملك بمساعدة المواطنين بنفسه ، فإما أن نجد الحل الناجع وإما أننا سنكون في يوم من الأيام ، أمام مجابهة أخرى ربما تكون أطول عمرا ، وأكبر أثرا ، وبالتالي أصعب في التعامل معها .
لن نستطيع أن نحصل على الدواء ، قبل أن نشخص الداء ، والداء كل الداء في أننا أصحاب نظرة سطحية في كثير من أمورنا ، ثوريين للحظات ، نغضب على تصرفات هذه الحكومة اللامبالية غضبنا على أحد أبنائنا إن ارتكب خطأ ، غضبا يكون من خارج القلب ، وبعد غضبتنا التي لا تطول ، تعود المياه إلى مجاريها وكأن شيئا لم يكن ، وهذا ما حصل معنا في المنخفض الجوي الأخير ، فأربعة أيام من انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المنازل ، يتم نسيانها في لحظات ، وبمجرد إعادة التيار الكهربائي ، ربما بل وأنه من المؤكد ، أن صاحب المشكلة ، يحمد ربه ، ويتقدم بالشكر للمسؤول عن إعادة التيار الكهربائي إلى منزله – بعد أربعة أيام – ناسيا أو متناسيا أربعة أيام مرت ، عاشها الرجل ومن معه في ظلام حالك . وحدث ولا حرج قياسا على ذلك .
دعونا نعود إلى أساس المشكلة ، إنه الفشل الذريع في إدارة الأزمات ، وعن أية أزمة نتحدث ، منخفض جوي لأربعة أيام !! ، شكرا لله على هذا المنخفض الذي كشف لنا أننا أمام أزمة حقيقية تعيش معنا لفترة طويلة ، إنها بالفعل أزمة إدارة تجثم على صدر الوطن ، فيستلمون مواقعهم على أسس لا تمت للمطلوب بصلة ، ويفشلون في أول إختبار لهم ، ومن حسن الحظ أو من سوءه فإن الإختبارات قليلة ، ولكنها بالنسبة لنا ، كافية لتثبت أننا نسير في الطريق الخطأ ، عندما يتخرج الطالب من جامعته بتخصص معين ، ويذهب إلى سوق العمل ، يتفاجئ بأنه بعيد كل البعد عن الواقع ، وأن ما تناولته تلك المواد الجامعية ، لا يشكل إلا أساسا لا يعتمد عليه إلا كنقطة بداية ، ومع مزيد من الممارسة والعمل الجاد ، يصل إلى الخبرة التي تسعفه في حياته العملية ، قياسا أقول : إن من تولى أمر إدارة البلاد اليوم قد تلقى الكثير من الدورات النظرية على إدارة الأزمات ، ولكنه للأسف لم يتلق التدريب العملي المناسب للتعامل مع أبسط أزمة ، إنه قد تلقى التدريب وهو يرتدي بدلته الرسمية ، ومعه من يحمل فوق رأسه مظلة تحميه من ماء المطر ، هو معتاد على ركوب السيارات الفارهة ، ولم يعتد ولا يريد أن يعتاد على ركوب سيارة 'البكب' إن كانت هي الحل الأمثل في ظرف ما ، ف 'برستيج' معاليه لا يسمح له بذلك ، وبعضهم من ولد في منزل مجهز بالتدفئة المركزية ، وبكل تأكيد هو لا يعلم شيئا عن أحوال من لا يجدون الحطب الكافي لإشعال مواقدهم ، هو يجد من يحضر له الخبز الطازج إلى منزله ، فبكل تأكيد لم يحسب حسابا لمن لم يعد لديهم طحينا يخبزون منه رغيفا يقتاتون منه في ذلك اليوم ، هذا وذاك وأمثالهم لا يملكون من الدموع ، ما يذرفونه على طفلة ماتت عندما علقت السيارة التي أسعفتها بين الثلوج ، فهم وأبناؤهم يعيشون بسعادة وهناء ، وهذه أقصى اهتماماتهم .
الناطق الرسمي والوحيد باسم الطبقة الكادحة من الشعب ، من الذين يحتاجون إلى ' الحطب ' ، والطحين ، والماء ، والكهرباء ، والدواء ، والطرق المفتوحة ، في أصعب الظروف ، هو مجلس النواب ، الذي يفترض أنه يفرز ثلة من الناطقين باسمنا ، من الذي يعيشون معنا ، يعرفون همومنا ، ولكن التزوير والتلاعب الذي يحدث ، يفرز لهذا المجلس ، من يعانون من فائض في الرفاهية ، أصحاب الملايين ، الذين يدفعون على حملاتهم الانتخابية ، ما يزيد في كثير من الأحيان ، عن مجموع رواتبهم كنواب لأربعة سنوات ، وهل يؤلم الجرح إلا من به الألم ؟!! ، فأغلقت علينا الدولة بابا من الأبواب التي كانت ستكون ملجأ لنا بعد الله لو أنها أتت بطريقة سليمة ، ولكنه الإذلال والتهميش المقصود لهذا الشعب ، حتى يبقى تحت السيطرة والنفوذ ، قانعا بأقل القليل ، فرحا بكل ما هو جديد ، حتى لو كان عشرة دنانير تأتي كزيادة على الراتب بعد خدمة ما يزيد عن نصف عمر من استحقها !
هناك مشكلة كبيرة عندما تكون شركة الكهرباء شركة خاصة لا بديل لها ، وأننا سنضطر بعد أيام من انقطاع الكهرباء عن الكثيرين في أول اختبار حقيقي إلى انتظار نتيجة القضايا التي سترفعها الحكومة على هذه الشركة ، في ظل وجود قوانين تجعل تحصيل شيك بقيمة ألف دينار عن طريق المحاكم أمرا يحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاث سنوات في كثير من الأحيان ، وهناك مشكلة عندما يكون المحافظ وهو الحاكم الإداري الممثل لجلالة الملك في المحافظة أو رئيس البلدية لا يستطيع إجبار سائق جرافة للتحرك بطريقة تساعد في تقديم الخدمة بالطريقة الصحيحة ، وهناك مشكلة عندما يستخدم أحد المسؤولين ' الهايجين ' بعد أن يصافح أحد الفقراء والمساكين ، أو أن يصف معاليه الشعب الأردني بأنه بارد وجه ، وهناك مشكلة عندما يصبح ثمن اسطوانة الغاز خمسة وعشرين دينارا ، أو كيلو الخبز بدينارين (كما ذكرت قناة الحقيقة الدولية وذلك تحديدا في السلط) ، وهناك مشكلة أكبر عندما يحذر الدفاع المدني من الخروج من المنازل قبل الساعة الحادية عشر صباحا ، بينما يطالب رئيس الوزراء الموظفين بالالتحاق بأعمالهم في تمام الحادية عشر صباحا ، مما يدل على أننا لا نعيش في دولة مؤسسات – كما يدعون – بل أننا والله أعلم نعيش في حارة 'كل من ايده اله ' .وهناك طامة كبرى عندما نفكر بانشاء مفاعل نووي في بلد ترفع الراية البيضاء أمام منخفض ثلجي يستمر لأيام قليلة .
ما حدث أثناء ' إليكسا ' هو كارثة ، لا تتوقف على التقصير الذي غمرنا به البعض ، بل تكمن الطامة في غياب القرار الصارم ، مما يدل على عدم قدرة البعض على إدارة البلاد ، في حال لا سمح الله ، تعرضت لحدث طارئ بدون سابق إنذار ، أزمة إدارة حقيقة تعيشها الأردن ، والمخرج من هذه الأزمة ، يتطلب إدارة حكيمة حريصة على حفظ ما تبقى من هذه البلاد للأجيال القادمة .
بدى واضحا للجميع ، بأننا في حالة لا سمح الله تعرضنا إلى ما يمكن أن يحدث بشكل مفاجئ من كوارث الطبيعة ، سنكون وفي غضون ساعات مشردين من بيوتنا ، لا ماء ، ولا خبز ، ولا كهرباء . وإنصافا ، بارك الله بكل الجهود التي بذلت ، وبكل الجنود الذين تحركوا ، وبكل من فتح طريقا ، ونقل مريضا ، وأعان محتاجا ، ولكن نحن لا نتحدث عن فريق من الشباب المتطوعين ، الذين هبوا لمساعدة عائلة محتاجة ، ولا نتحدث عن فزعة ولا نخوة ولا شهامة عرف بها الأردني ، فساهم كل بما ملكت يمينه ، إننا نتحدث عن دولة تهاوت أمام منخفض ثلجي عابر لمدة أيام ، ورحل ليكشف لنا عن كثير من المشاكل التي يجب علينا أن نلتفت اليها بعين الجد ، مشاكل دفعت بالملك إلى الشارع ، وهذا إن أردنا أن نضعه على الميزان ، فهو دليل واضح على عدم ثقة الملك بمن حوله ، قبل أن أن يُحسب بأنه رغبة من الملك بمساعدة المواطنين بنفسه ، فإما أن نجد الحل الناجع وإما أننا سنكون في يوم من الأيام ، أمام مجابهة أخرى ربما تكون أطول عمرا ، وأكبر أثرا ، وبالتالي أصعب في التعامل معها .
لن نستطيع أن نحصل على الدواء ، قبل أن نشخص الداء ، والداء كل الداء في أننا أصحاب نظرة سطحية في كثير من أمورنا ، ثوريين للحظات ، نغضب على تصرفات هذه الحكومة اللامبالية غضبنا على أحد أبنائنا إن ارتكب خطأ ، غضبا يكون من خارج القلب ، وبعد غضبتنا التي لا تطول ، تعود المياه إلى مجاريها وكأن شيئا لم يكن ، وهذا ما حصل معنا في المنخفض الجوي الأخير ، فأربعة أيام من انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المنازل ، يتم نسيانها في لحظات ، وبمجرد إعادة التيار الكهربائي ، ربما بل وأنه من المؤكد ، أن صاحب المشكلة ، يحمد ربه ، ويتقدم بالشكر للمسؤول عن إعادة التيار الكهربائي إلى منزله – بعد أربعة أيام – ناسيا أو متناسيا أربعة أيام مرت ، عاشها الرجل ومن معه في ظلام حالك . وحدث ولا حرج قياسا على ذلك .
دعونا نعود إلى أساس المشكلة ، إنه الفشل الذريع في إدارة الأزمات ، وعن أية أزمة نتحدث ، منخفض جوي لأربعة أيام !! ، شكرا لله على هذا المنخفض الذي كشف لنا أننا أمام أزمة حقيقية تعيش معنا لفترة طويلة ، إنها بالفعل أزمة إدارة تجثم على صدر الوطن ، فيستلمون مواقعهم على أسس لا تمت للمطلوب بصلة ، ويفشلون في أول إختبار لهم ، ومن حسن الحظ أو من سوءه فإن الإختبارات قليلة ، ولكنها بالنسبة لنا ، كافية لتثبت أننا نسير في الطريق الخطأ ، عندما يتخرج الطالب من جامعته بتخصص معين ، ويذهب إلى سوق العمل ، يتفاجئ بأنه بعيد كل البعد عن الواقع ، وأن ما تناولته تلك المواد الجامعية ، لا يشكل إلا أساسا لا يعتمد عليه إلا كنقطة بداية ، ومع مزيد من الممارسة والعمل الجاد ، يصل إلى الخبرة التي تسعفه في حياته العملية ، قياسا أقول : إن من تولى أمر إدارة البلاد اليوم قد تلقى الكثير من الدورات النظرية على إدارة الأزمات ، ولكنه للأسف لم يتلق التدريب العملي المناسب للتعامل مع أبسط أزمة ، إنه قد تلقى التدريب وهو يرتدي بدلته الرسمية ، ومعه من يحمل فوق رأسه مظلة تحميه من ماء المطر ، هو معتاد على ركوب السيارات الفارهة ، ولم يعتد ولا يريد أن يعتاد على ركوب سيارة 'البكب' إن كانت هي الحل الأمثل في ظرف ما ، ف 'برستيج' معاليه لا يسمح له بذلك ، وبعضهم من ولد في منزل مجهز بالتدفئة المركزية ، وبكل تأكيد هو لا يعلم شيئا عن أحوال من لا يجدون الحطب الكافي لإشعال مواقدهم ، هو يجد من يحضر له الخبز الطازج إلى منزله ، فبكل تأكيد لم يحسب حسابا لمن لم يعد لديهم طحينا يخبزون منه رغيفا يقتاتون منه في ذلك اليوم ، هذا وذاك وأمثالهم لا يملكون من الدموع ، ما يذرفونه على طفلة ماتت عندما علقت السيارة التي أسعفتها بين الثلوج ، فهم وأبناؤهم يعيشون بسعادة وهناء ، وهذه أقصى اهتماماتهم .
الناطق الرسمي والوحيد باسم الطبقة الكادحة من الشعب ، من الذين يحتاجون إلى ' الحطب ' ، والطحين ، والماء ، والكهرباء ، والدواء ، والطرق المفتوحة ، في أصعب الظروف ، هو مجلس النواب ، الذي يفترض أنه يفرز ثلة من الناطقين باسمنا ، من الذي يعيشون معنا ، يعرفون همومنا ، ولكن التزوير والتلاعب الذي يحدث ، يفرز لهذا المجلس ، من يعانون من فائض في الرفاهية ، أصحاب الملايين ، الذين يدفعون على حملاتهم الانتخابية ، ما يزيد في كثير من الأحيان ، عن مجموع رواتبهم كنواب لأربعة سنوات ، وهل يؤلم الجرح إلا من به الألم ؟!! ، فأغلقت علينا الدولة بابا من الأبواب التي كانت ستكون ملجأ لنا بعد الله لو أنها أتت بطريقة سليمة ، ولكنه الإذلال والتهميش المقصود لهذا الشعب ، حتى يبقى تحت السيطرة والنفوذ ، قانعا بأقل القليل ، فرحا بكل ما هو جديد ، حتى لو كان عشرة دنانير تأتي كزيادة على الراتب بعد خدمة ما يزيد عن نصف عمر من استحقها !
هناك مشكلة كبيرة عندما تكون شركة الكهرباء شركة خاصة لا بديل لها ، وأننا سنضطر بعد أيام من انقطاع الكهرباء عن الكثيرين في أول اختبار حقيقي إلى انتظار نتيجة القضايا التي سترفعها الحكومة على هذه الشركة ، في ظل وجود قوانين تجعل تحصيل شيك بقيمة ألف دينار عن طريق المحاكم أمرا يحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاث سنوات في كثير من الأحيان ، وهناك مشكلة عندما يكون المحافظ وهو الحاكم الإداري الممثل لجلالة الملك في المحافظة أو رئيس البلدية لا يستطيع إجبار سائق جرافة للتحرك بطريقة تساعد في تقديم الخدمة بالطريقة الصحيحة ، وهناك مشكلة عندما يستخدم أحد المسؤولين ' الهايجين ' بعد أن يصافح أحد الفقراء والمساكين ، أو أن يصف معاليه الشعب الأردني بأنه بارد وجه ، وهناك مشكلة عندما يصبح ثمن اسطوانة الغاز خمسة وعشرين دينارا ، أو كيلو الخبز بدينارين (كما ذكرت قناة الحقيقة الدولية وذلك تحديدا في السلط) ، وهناك مشكلة أكبر عندما يحذر الدفاع المدني من الخروج من المنازل قبل الساعة الحادية عشر صباحا ، بينما يطالب رئيس الوزراء الموظفين بالالتحاق بأعمالهم في تمام الحادية عشر صباحا ، مما يدل على أننا لا نعيش في دولة مؤسسات – كما يدعون – بل أننا والله أعلم نعيش في حارة 'كل من ايده اله ' .وهناك طامة كبرى عندما نفكر بانشاء مفاعل نووي في بلد ترفع الراية البيضاء أمام منخفض ثلجي يستمر لأيام قليلة .
ما حدث أثناء ' إليكسا ' هو كارثة ، لا تتوقف على التقصير الذي غمرنا به البعض ، بل تكمن الطامة في غياب القرار الصارم ، مما يدل على عدم قدرة البعض على إدارة البلاد ، في حال لا سمح الله ، تعرضت لحدث طارئ بدون سابق إنذار ، أزمة إدارة حقيقة تعيشها الأردن ، والمخرج من هذه الأزمة ، يتطلب إدارة حكيمة حريصة على حفظ ما تبقى من هذه البلاد للأجيال القادمة .
التعليقات