العيب فينا لا في النظام


استغرب واستهجن من يصرخ ويحلل ويدين وينعت الحكومة والنظام والهيئة المستقلة بسبب عملية التزوير التي رافقت الأنتخابات النيابية ،كنا نتمنى أن لا تحصل تلك العملية الانتخابية برمتها دون توافق وطني ، وكنا كذلك نتمنى لو أن العملية الانتخابية مرت بسلام دون ترهل وضعف وتشكيك وتلاعب وتزوير واعادة فرز واعادة جمع أصوات الصناديق ، كون أن جميع من شارك لابد انه يقبع في مقعد قريب من النظام ولا يبتعد عنه او تم التغرير بغيرهم للمشاركة مقابل مقعد اومقعدين ومن أجل زيادة نسبة المشاركين ،ولكنها مرحلة كما غيرها ستمر ، وسينعقد المجلس ، وستجري انتخابات الرئاسة واللجان وتهدأ الأوضاع كما هي العادة ، ونعود لنمارس نفس السياسة في النقد والدعوة لاسقاط المجلس والتهكم على الأعضاء وقد يسمى ببرلمان ال 144.
انا اخالف الكثير من أبناء وطني في توجيه اللوم على النظام وحده فيما وصلت اليه حال الانتخابات الأخيرة ، فالشعب يتحمل معظم نتائج ما آل اليه الحال لجهة من شارك فيها ، ويقع العبء ألأكبر على من شارك في هذه الأنتخابات الاخيرة سوا اكانوا مرشحين ، توهموا أن العملية ستسير وفق أرقى درجات النزاهة والشفافية لوجود هيئة قيل أنها مستقلة ، بدا واضحا ضعفها وقلة حيلة قادتها ، و لم تنجو من اصابع خارجية وخفية أدارت العملية برمتها ، وبدأت الهيئة وكأنها دمى تحركها خيوط غير منظورة يمسك بها الكبار الفاسدين وفلول التيار النيوليبرالي والمقربين من القصر او من قبل الأجهزة الأمنية نفسها ، فشاركوا بحرارة وتفاؤل وأمل الوصول الى المجلس بعد وعود تلقوها بالدعم الكامل وترسيخ مبدأ النزاهة في اول برلمان ياتي بعد تشكيل الهيئة ، لكن السحر انقلب على رأس المغرر بهم من رموز وشخصيات واحزاب اعتقدت للحظة أنها ستساهم بجعل الأردن أقوى وان هناك تحالفا جديدا على انقاض التحالف مع الاسلاميين ،فخرجوا من العملية يلعنون ويشتمون ويتهمون ،وكان الخيار الوطني والواجب الوطني وحتى الشرعي للحفاظ على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره ومنعته حينها أن يمتنعوا عن المشاركة في ظل خلل كبير أصاب الجسد الوطني جراء هذه العملية ، لكنهم آثروا المشاركة سعيا وراء تحقيق مصالحهم ، فنجا منهم من نجا وسقط منهم من سقط ،ولكنه درس كان عليهم استذكاره لا تعلمه ...
المواطن الأردني شارك في الانتخابات، فقامت" القرعه على أم قرون" حسب المثل الشعبي ، صدامات بين ابناء العشيرة الواحده سعيا وراء المقعد ،أسلحة وحرق وقتل ومصادمات لم نعهدها من قبل ، خيانة وتلاعب وحجز بطاقات وحرق واخفاء ، وارتفعت فيه حمى شراء الأصوات في كافة مناطق الوطن ، والبعض يقول أنه سيبيع الصوت لأن المجلس لن يفعل شيئا إلا ما يتعلق بمصالح اعضائه ، وهو بالتالي يبحث عن مصلحته ورزق أولاده ، الأثرياء من أصحاب القوائم استطاعوا شراء ذمم مرشحي الدوائر وحجز الصوت الثاني مقابل مبلغ مالي وحجبه عن ابن الدائرة او حتى أبن العشيرة في قائمة أخرى ، غالبية من اعتقلوا لجرائم وفساد مالي واستثمار وظائفهم نجحوا وبمستوى عال من الأصوات ،وحتى الذين كانوا في السجون تجاوزوا " المحنة " بفعل "وعي " الشعب وانتمائه لهم لا للوطن ، لما يمكن أن يسفر عنه فوز اولئك المرشحين من مكارم وعطايا ، وفاز كذلك كل من يطالب الناس بمحاكمتهم ومحاسبتهم ... فهل دفع النظام والأجهزة كل تلك الحشود البشرية كي تنتخب كل اولئك الفاسدين والسماسرة والملاحقين بقضايا فساد واعتداء على المال العام واستغلال وظائفهم !! وهل تدخلت الأجهزة والنظام بشراء الذمم وبيع الأصوات ! أم أن الناس وحدها قررت أن " تسكر " مثل غيرها من الكبار وتشارك في تلك العملية متحدية كل تاريخ وارث من تنتخبه في قضايا فساد !!
الشعب قرر أن يسكر ، مقولة قالها احد نواب محافظة الطفيلة ذات مساء بعد نتائج انتخابات أفرزت فوز بعض الطالحين وخسارة الصالحين ، وهاهو الشعب يقرر مرة أخرى أن يسكر ، وأن يخرج للمشاركة في الانتخابات لاسباب تتعلق بالانتماء العشائري بغض النظر عن تاريخ وارث وسلوك المرشح ، والبعض ألاخر خرج ليعرض بطاقاته في المساء بثمن يؤهله كي يشتري بها جرة غاز كما قال أحد الناخبين في الدائرة الثانية ! وبالتالي لم يخرج أحد للمشاركة من أجل الوطن ، فالجرح نازف ، والمقاطعون للانتخابات وليس جّلهم كانوا هم القلة التي تنقسم بين من يبحث عن مصالحه الحزبية الضيقة وبين من سايرهم ،وبين من حزم أمره أن الانتخابات في ظل تعطل الاصلاح لن تفيد الوطن وستوسع مساحة النزف وهكذا كان الحال ..
العيب فينا لا في النظام وحده ، وعلينا أن نجلد أنفسنا قليلا لعلنا نصحو ، فغالبية من شاركوا الانتخابات أعلنوا لنا رسميا وحتى بعد اغلاق باب التسجيل واستلام البطاقات أنهم لن يشاركوا ، لنفاجأ بقوائم وترشيحات من قبلهم ، وهاهم " يبكون " أنفسهم لا الوطن ويطلقون تصريحات الادانة والشتائم بحق الدولة ، ولو فعلها جاهل لم نلمه ، ولكن يفعلها عاقل ! فليتحمل ، ونقول له تعيش وتأكل غيرها ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات