زمزم ، لمرة ثالثة .. ؟


-من يتابع مقالات الدكتور إرحيّل غرايبة مؤخرا ، يكتشف مدى المرارة التي يشعر بها هذا القيادي الإسلامي التنويري ، وما تتعرض له المبادرة الوطنية للبناء ""زمزم"" التي يُعتبر الغرايبة أحد أبرز رموزها ، من محاولات لعرقلتها وإجهاضها من قبل قوى الشد العكسي في الحركة الإسلامية ، هذه القوى التي تسعى إلى تحنيط الفكر الإسلامي والحجر على كل متنور ، ناسية أو متناسية ما ورد في مُحكم الذكر الحكيم من آيات تدعو إلى التفكُر ، التدبُر والتعقل وهو ما يعني تحفيز العقل وتجديد الفكر وإجتراح المناسب لتدبير أمور الناس ، الذين جاءَت الرسالة المحمدية لهم جميعا ، والتي لا يجوز إحتكارها لا من حزب أو جماعة أو فريق ، كما لا يجوز حرمان المسلم وغير المسلم أن يتوافقا في المجتمع الواحد على قواسم فكرية مشتركة ، للنهوض بمجتمعهم في شتى الميادين الحياتية ، ضمن عملية تجانس بين النواحي الأخلاقية والقيمية وبين مقتضيات العصر ، وما تشهدها البشرية عامة والإقليم الشرق أوسطي خاصة ، وما يُنبئ به الربيع العربي من متغيرات على نحو أخص ، من ضرورات التغيير في أساليب الحكم ، التي لن تسمح مجددا لأي حاكم وتحت أي مسمى إسلامي أو غير إسلامي ، أن يُنصب نفسه وأدوات حكمه أوصياء على الحقيقة ، وبمخالفة بائنة لناموس الطبيعة التي لا تتوقف عن الحركة والتغيير المستمر.

- الإسلام دين ، وهناك مذاهب وأديان يصعب حصر عددها ، وكل إنسان يسعى إلى الله القدير عبر معتقده ، وهو سعي يهدف من خلاله تمتين علاقته بالخالق عز وجل ، ولا يُعقل وقد دخلنا العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين ، وقد أصبحت حياتنا ألكترونية ، أن نبقى كمسلمين تحديدا أسرى إغلاق باب الإجتهاد ، محشورين في زاوية مغلقة يريدها لنا أعداء الإبداع ومناوئو الفكر التنويري ، من الذين توقف بهم الزمن عند نصوص تيبست وأفكار تحجرت ، وفي مغالطة واضحة للإسلام الحنيف السمح الذي يصلح لكل زمان ومكان.

- أحمد الله أني مسلم وأجهد لتمتين صلتي بربي ، ولكني أرفض وبشدة تسييس الإسلام على نحو ما يبشر به المتأسلمون في الأحزاب والجماعات ذات المسميات الإسلامية ، في الوقت الذي ياتت فيه البشرية تعيش في قرية كونية ، وقد يكون الإفريقي ، الأمريكي ، الياباني أو الأرجتيني في هذه القرية الكونية أقرب إلي من جاري في الشقة المقابلة ، إن من حيث المعاملات التجارية أو تبادل المعلومات أو صياغة الأفكار والتفاهم على قواسم مشتركة ، قد تكون أفضل وأجدى للبشرية من تلك النظريات والأفكار المعلبة التي يسوقها علينا المُتأسلمون .

- إن ما يدعو إلى المرارة وما يحز في نفس المسلم المتنور ، هذه الهجمة الممنهجة التي تشنها قيادات في الحركة الإسلامية ضد مبادرة زمزم ،كوني أرى فيها مبادرة وطنية ، تنويرية وإطار جامع يحاكي الواقع الأردني الذي هو أحوج ما يكون لإطار سياسي ، إقتصادي ، إجتماعي ، ثقافي يجاوز بين الموروث التاريخي والحضاري وبين مقتضيات العصر ويرسم لمستقبل الأجيال .
نبيل عمرو-صحفي أردني
nabil_amro@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات