مخاوف "التجنيس السياسي" تضع أبناء 4 آلاف أسرة في مواجهة المجهول


جراسا -

غدير السعدي – لم يشفع حصول الشابة أمل خندقي على معدل مرتفع في الثانوية العامة، لها في الحصول على مقعد جامعي، إذ وقفت التحفظات الرسمية على بنود في اتفاقية "سيداو" سدا منيعا أمام تمتع أمل بجنسية أمها الأردنية أثارها حتى طالت دراستها الجامعيةن وحقها في مواصلة تعليمها العالي.
ويتحفظ الأردن على الفقرة الثانية من المادة التاسعة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المعروفة اختصارا بـ"سيداو"، التي تعنى بالحقوق المدنية والسياسية للمرآة وتنبذ التمييز ضدها، والتي تجيز للمرأة الأردنية منح جنسيتها لأبنائها.
وتضع المخاوف الرسمية من أن "موجة تجنيس سياسي" في حال رفع التحفظ عن "سيداو"، أبناء زهاء 4 آلاف أسرة في مواجهة مصير مجهول، جراء حرمانهم من الحصول على جنسية أمهاتهم الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين.
وخندقجي، الحاصلة على معدل 96 بالمائة في "التوجيهي"، تعاني كغيرها من أبناء الأردنيات المتزوجات غير أردنيين في الحصول على حقها في التعليم والصحة لأن والدها يحمل الجنسية الفلسطينية، وهو ما دفعها إلى اللجوء لمنظمة التحرير الفلسطينية لتحمل جزء من تكاليف دراستها الهندسة في جامعة البلقاء التطبيقية الأردنية.
وتقول والدتها هنادي ناصر خندقجي إنها تعاني منذ عشرين عاماً من عدم الحصول على تعليم وعلاج لأبنائها؛ لأن زوجها لا يحمل الجنسية الأردنية ويحمل وثيقة فلسطينية. وتتمنى أن تمنح جنسيتها لأبنائها لتضمن لهم حقهم في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي وفرصة الحصول على عمل حكومي في المستقبل.
وتتشابه معاناة هديل محمد بدر، المتزوجة من لبناني يحمل الجنسية السورية، إلى حد التطابق مع خندقجي، بينما تكتفي سيدات متزوجات من آخرين يتمتعون بجنسيات أجنبية، بامتيازات حملة تلك الجنسيات. ومن بين هؤلاء السيدات نور أبو طنطور، المتزوجة من أمريكي الجنسية، والتي تقول إنها لا ترغب في الحصول على الجنسية الأردنية لزوجها وأبنائها.
وتضيف أبو طنطور: "حصل ابني ايمن على الجنسية الأمريكية لأنه ولد فيها ووالده أمريكي الأصل والمولد وهذا ما يمنح ابني امتيازات المواطن الأمريكي في التعليم والصحة والعمل وأنا لا أفكر يوماً بمنحه الجنسية الأردنية".
وبحسب دائرة الإحصاءات العامة؛ بلغ عدد الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين 3928 حالة خلال العام 2010.
وارجع مصدر في وزارة الخارجية الأردنية، طالبا عدم نشر اسمه لأنه غير مخول له بالتصريح، التحفظ الرسمي على جزء من اتفاقية "سيداو"، إلى "أوضاع سياسية ترتبط بالوطن البديل وحق العودة للفلسطينيين".
وأوضح أن نسبة الأردنيات المتزوجات من مواطنين فلسطينيين، من المجوع الكلي للأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، تصل إلى نحو 90 %.
ورغم التحفظ الرسمي، أكد المصدر أن من حق الأردنيات منح جنسيتهن لأبنائهن، انطلاقا من مبدأ المساواة، وأسوة بالرجال، بيد أنه أوضح في الوقت نفسه أن "الأطراف الدولية تفهمت موقف الأردن من التحفظ".
ورأى أن "هناك بدائل" عن رفع التحفظ كتسهيل الحصول على فرص التعليم والحصول على اقامات دائمة أو جواز سفر مؤقت.
وفي المقابل، فإن ناشطون حقوقيين، ينتقدون التحفظات الرسمية على "سيداو"، ومن بينهم الناشط في مجال حقوق الإنسان المحامي كمال المشرقي الذي يرى أن "التحفظات معيق رئيسي امام تطبيق الاتفاقية".
ويذهب المشرقي إلى اعتبار أن التحفظات الرسمية "تفرغ" الاتفاقية من مضمونها، وتؤثر بشكل جوهري على تمتع المرأة الأردنية بحقوقها وحريتها السياسية، وهو ما يعتبره "مخالفا" لأحكام اتفاقية فيينا.
ويشدد المشرقي على عدم جواز التستر وراء إشكالات سياسية، لتبرير انتهاك حقوق الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين.
ويضيف المشرقي "إن مفهوم التجنيس السياسي كمصطلح مستخدم في الآونة الأخيرة مرفوض أصلا لعدم تحققه في قضية إعطاء المرآة الأردنية جنسيتها لأطفالها وهذا حق مقدس لا يجوز المساس به بأي شكل من الأشكال".
ويقول إن تمتع المرآة بحقوقها يستند لأهم المبادئ الأساسية التي تقوم عليها مبادئ حقوق الإنسان وقد ضمنتها الشرائع السماوية والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، وبالتالي لا يجوز تقيدها بمصطلحات سياسة مثل التوطين والتجنيس.
ويرى أن التحفظات الرسمية "تخالف التشريعات القائمة على احترام حقوق المرأة وتمتعها بحقوقها بشكل يحقق العدالة والمساواة ونبذ جميع أشكال التمييز القائم على أساس الجنس".
وتضم رئيسة وحدة حقوق المرأة بالوكالة في المركز الوطني لحقوق الإنسان بثينة فريحات صوتها إلى صوت المحامي المشرقي. وتضيف أن "المركز أوصى في تقاريره السنوية إلى ضرورة رفع التحفظ".
وتوضح فريحات أن المركز يستند في توصياته إلى المادة السادسة من الدستور الأردني التي تنص على إن "الأردنيون أمام القانون سواء". وتقول إن هذا النص يشمل الذكور والإناث، موضحة أن الدستور يعتبر أعلى من الاتفاقيات، وبالتالي ليس هناك داع للتحفظ لأنه "هنا مخالفة للدستور".
ولفتت فريحات إلى إن "ما يساعدنا قانونيا أن الدولة التي تتحفظ على أي مادة يحق لها بأي وقت إزالة التحفظ، فلدينا آمل في المستقبل، بالإضافة إلى أنه بسبب الضغط الذي تمارسه الاعتصامات والمركز ومؤسسات المجتمع المدني، أصبح هناك تدرجا في إعطاء حقوق لأبناء الأردنيات مثل التعليم الأساسي في المدارس الحكومية مجانا، وأصبح هناك العلاج مجانا حتى سن 6 سنوات، فلا يوجد تشدد على موضوع الإقامة كالسابق".
ورغم مطالبة المستشارة القانونية في اللجنة الوطنية لشؤون المرأة المحامية آمال حدادين برفع التحفظ الرسمي عن المادة 9 / 2 من اتفاقية "سيداو"، إلا أنها تضيف: "لكن يجب أن نراعي سيادة الدول ومصالحها، وكانت الدول العربية اتفقت كنوع من الحفاظ على الهوية الفلسطينية إن لا تمنح أبناء المتزوجات من فلسطينيين الجنسية حتى تحافظ عليها، ويحافظ الفلسطينيون على هويتهم وجنسيتهم، لكننا نطالب بان يتم منح كافة الحقوق المدنية للأبناء عدا الحقوق السياسية .
ويتيح قانون الجنسية الأردني للمرآة الأردنية ازدواجية الجنسية والاحتفاظ بجنسيتها الأردنية إلى جانب أخرى سواء كانت عربية أو أجنبية حفاظاً على مصالحها وحقوقها.
وكان الأردن صادق على اتفاقية "سيداو" عام 1992 ونشرت في الجريدة الرسمية 2007 وهي اتفاقية تعنى بالحقوق المدنية والسياسية للمرآة ونبذ التمييز ضدها، وأثارت الاتفاقية جدلا واسعا لما تحتله الاتفاقية من موقعا هاما بين المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتحدد الاتفاقية في أربعة عشر مادة متتالية منها برنامج المساواة مع الرجل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات