صباح بارد


دق جرس المنبه دقات متسارعة طويلة مزعجة ، فخرجت يده متثاقلة من تحت غطائه وأوقفت المنبه ليعود مستغرقا في نومه ، وما هي الا خمس دقائق حتى عاد المنبه الى عادته في الازعاج ، وعاود هو فعل ايقافه للمنبه ، وتكررت هذه الحاله كثيرا لينهض بعدها متثاقلا يعلوه اعياء ليلة سابقة ، يتنفس ببطء شديد، يقترب من النافذه ، يلسعه الصقيع ويهرب الى الداخل ليحاول اشعال المدفاءة لكنها تأبى ان تشتعل ، حينها فقط تذكر أنها نفذت من الأسبوع الماضي وأن خللا فنيا في الميزانية البيتية منعه من شراء الوقود لها ، يطرق بحزن إلى الارض ويذهب ليمحو بؤس ليله بالماء ، يفتح الحنفية تلذعه برودتها لكنه يقاومها حتى يكمل عملية غسل يديه ووجهه ، يركض مرتعدا بإتجاه المنشفة لكي يمسح البرودة التي علقت به ، يخرج ملابسه على تعجل ومن غير تنسيق او اهتمام برتديها ويصفف شعره بطريقة عشوائية وينتعل حذائه ثم يبخ بخة أو بختين من عطره ويطلق ساقيه للزمن.
في الشارع المقابل لبيته المليء بالإزدحام من كثافة السيارات بأبواقها الصاخبة ، وكثرة تزاحم المارة ووقوفهم منتظرين سيارة اجرة تخلصهم من برودة الجو ،يقف هو منتظرا ان يستقل سيارة اجرة كمثلهم جميعا ، يحرك يديه يمنة ويسرى ويلوح في الافق كالشارد يلوح للسيارات في كل إتجاه والغريب في الامر ان سيارات الاجرة فب اوقات الازدحام الخانق تتحول الى حلم ، كلهم يقفون ويسئلون سؤالهم الدائم إلى أين ..؟؟ ثم بعد ذلك يلوحون بأيديهم علامة للرفض وينطلقون ، يركب الجميع ويبقى وحيدا يغازل سيارة اجرى او تاكسي او حتى باص كيا ..!! تتسمر قدامه في الارض ، يقف في مكانه من دون حراك وكأن حالة إعياء عامة قد إجتاحت كيانه ، وكأن إنفعالاته تقاسمت وجهه المعفر المصفر وعيناه عادتا إلى النعاس على حين غفلة من كل الضجيج المستشري في المكان .
عندها تذكرت الكم الهائل من السيارات التي تعدو مسرعة في الشوارع ذهابا وإيابا، بأصواتها وقوة محركاتها وتوفيرها وشدة بذخها .. وكيف انه ومع كل ذلك لم يستطع أن يحجز مقعدا فارغا يملؤه دفئا بدل ذلك البرد الملتصق به من كل مكان وإتجاه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات