الا القوت .. الا الخبز


منذ زمن بعيد كنا وكأي اردني نشأ في القرى والارياف البعيدة عن كل مظاهر الترف ووسائل العيش الكريم نذهب الى المدارس وقد وضعنا في ماتسمى حقائبنا قطعا من خبز الطابون الذي تفوح منه رائحة الارض وعبير الكد والتعب النقي الذي زرع وحصد وخبز بايدي الطاهرين والطاهرات، فنتناول هذه الشطيرة الحافة ونتلذذ بطعمها واريج عبيرها دون ادام او شراب غير عابئين بارتفاع الاسعار ولهيب نارها وحرارة لظاها، قانعين هانئين بما يسره الله واعطى.
واليوم وبعد ان عطلنا الزرع والحرث واعتمدنا على غير الارض وخيراتها فقد بتنا اسيرين لما يأتينا من ماوراء البحار لنطحن ونخبز من غير مما زرعنا وويل للامة التي لاتاكل مما لاتزرع، فاصبحنا ندفع ثمن كسلنا وتخاذلنا ورفاهيتنا الزائفة فعدنا كالغراب الذي لا عرف مشية الحمامة ولا مشيته الاصيلة، فتمرجحت عادتنا واخلاقنا على شجرة الحياة وبتنا في مهب الريح وتحت رحمة الغير في قوتنا وخبزنا.
اما وقد اصبح هذا واقعا نعيشه في كل ارجاء الوطن فلم تعد القرية هي القرية ولا الريف هو الريف، وبات ابناؤنا وبناتنا اسيرين كما نحن لكل جاهز ومجهز، واعتمدنا على خبز الافران بدل التنور وعصائر السموم بدل الماء الزلال، فتشوشت عقول الابناء واضطربت موازيين التفكير لديهم وقتلت ابداعاتهم النقية وحتى انتمائهم الذي كان يشدمن عزمه ويقويه ارتباطه بما يخرج مباركا نقيا من ارضه.
وبعد رفع اسعار النفط الملعون ماتت في قلوبنا الرحمة، وقست قلوبنا على بعضنا البعض، فبات اكبر هم تجارنا واصحاب الاعمال في وطننا نهب البقية الباقية من لحم هذا المواطن المغلوب على امره، ناسين او متناسين انهم كانوا وربما سيكونوا في يوم من الايام بحاله او حال من يدانيه او يماثله.
يوم امس فقط وكغيري من الابناء الوطن الصابرين والعاضين على جمر الغلاء والبلاء، ذهبت وكعادتي اشترى خبز الحمام لمجوعة العصافير التي تفتح افواهها وتمد مناقيرها لليوم التالي وقد وجدت ان المحظور وقع وقد تضاعف سعره واسود لونه وقل حُبه، فهل هذا من الرفاهية ايضا الذي ربما قد تجاوزه اصحاب القرار حين فكروا برفع الاسعار؟؟؟.
اقول ويقول معي كل الاردنيون: الا القوت الا الخبز فلا تعبثوا بعمود حياتنا وسر بقائنا فقد رفعتم كل شيء وانكشفت عوراتنا وتبددت بقية كرامتنا فلا تحشرونا في زاوية المصير ولتنظروا الى مابعد القرار لان قواتنا وخبزنا هو ما بقي لنا ان نستجدي للحصول عليه. فاتقوا الله فينا وخافوه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات