لماذا تصرف الإسلاميون على هذا النحو؟!


جراسا -

 كتب فهد الخيطان - يأخذ الإسلاميون على الوساطات الأخيرة لثنيهم عن مقاطعة الانتخابات، بأنها غير حقيقية. ويقول القيادي في الحركة زكي بني أرشيد، لـ"الغد"، إنه "لم تطرح علينا أي مبادرة متكاملة تلبي مطالب الحركة الإسلامية". ويضيف "كل المبادرات التي جرى الحديث عنها ليست كافية".

هذا صحيح إلى حد ما؛ فرئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز لم يدّع أنه مكلف من جهة رسمية. وجواد العناني قال الشيء نفسه تقريبا. الوسيط الوحيد الذي كلف رسميا بالتفاوض مع الإسلاميين هو العين بسام العموش، وبعد سلسلة من الاتصالات صرح العموش بأن وساطته انتهت دون التوصل إلى نتيجة.

لكن تلك الحوارات لم تكن بلا معنى. فعند الطرفين تبلورت تصورات مشتركة كان يمكن البناء عليها لمراجعة قرار المقاطعة. في حوارات الغرف المغلقة "غير الرسمية"، أبدى قادة في الحركة الإسلامية مرونة في مواقفهم، واستعدادا لجدولة مطالبهم، بحيث يتنازلون عن تعديلات الدستور كشرط مسبق للمشاركة في الانتخابات، مقابل تعديل على قانون الانتخاب يمنح الناخب بموجبه ثلاثة أصوات، وضمانات تجسر الثقة المفقودة بين الدولة والحركة.
مع بدء العد التنازلي للانتخابات، كان على الإسلاميين أن يملكوا الجرأة، ويعلنوا استعدادهم لمراجعة موقفهم في حال وافقت الحكومة على هذه الاقتراحات. لكنهم آثروا الصمت، ولم يقدموا أي تنازل يدعم موقف الوسطاء والتيار الإصلاحي في الدولة.
وعوضا عن إحراج القوى الداعية إلى إقصاء الإسلاميين من اللعبة السياسية، تبنت قيادة الحركة أول من أمس موقفا متشددا وغير واقعي، يخدم بشكل كبير دعاة الإقصاء.
التمسك بتعديل الدستور كشرط للمشاركة، يعني ببساطة إغلاق الباب نهائيا في وجه كل المبادرات الهادفة إلى تجاوز عقدة المقاطعة.
إن الإصرار على تجريد الملك من صلاحياته في مرحلة انتقالية حساسة لم تتضح معالمها بعد، يعني بالنسبة لقطاع واسع من الأردنيين المخاطرة بمصير الدولة.
والتشبث بهذا الموقف من طرف الإسلاميين يدعم الاتهامات بأنهم يسعون إلى الفوز بالسلطة، وليس تحقيق الإصلاح المتدرج كما تقول أدبياتهم.
لا أحد يجادل في الحاجة إلى وجبة ثانية من التعديلات الدستورية، تشمل المواد المتعلقة بصلاحيات الملك بشأن تشكيل الحكومات، وتكريس مبدأ "الشعب مصدر السلطات". لكن في ظل تجربة حزبية متعثرة، ستكون خطوة كهذه، وفي هذا الوقت، "جائزة ترضية" لحزب واحد لينفرد بالحكم. يملك الإسلاميون من رجاحة العقل ما يجعلهم على قناعة بأن شروطا كهذه ترتقي في توقيتها وطريقتها إلى مستوى المطالبة بإسقاط النظام، وتسليم السلطة طوعا!
من حق الإسلاميين أن ينظموا "خمسينيات" للتعبير عن موقفهم. لكن التفاهم كان ممكنا بحضور بضعة أشخاص فقط للحوار، وبمبادرة جريئة منهم تحرج أعداء الإصلاح.

الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات