وطني


الوطن بقعة جغرافية وارض حباها الله لنا كبشر نعيش فوق ارضه نستظل بظله ، ونأكل مما نزرع من اشجار وثمار فيه،الوطن ما نبني فوق ارضه بيوتا وقصورا ومصانع ومدارس وجامعات ومستشفيات ، ونشيد فوقه كل نافع ومفيد للفرد وللعامة ، لأن الأسهام ببناء الوطن يتطلب من الفرد والحكومة الأسهام بهذه المنجزات حتى تبقى خالدة صامدة نفاخر بها الكون ونباهي بها العا لم.
وطني انت الماء العذب الذي نشربه ، انت الهواء العليل الذي نتنفسه ، انت الروح التي بها نعيش ونحيا، انت العادات والتقاليد التي تتجذر في الذات حتى تكون لنا مسار الحياة، انت كيانها وذاتها ، التي تتجسد في أعماقي حيث نفرح معا ونحزن معا ونأمل معا ونتطلع الى غد تبزغ فيه شمس الأنوار.
انت يا وطني الأمل والرجاء والسعادة ،وانت الجلد الأصلي لي و لست كثوب اوجلد ثان البسك حين القدوم واخلعك حين الإرتحال عنك الى اوطان اخرى .
وليس كحال الكثيرين من المنتفعين والمتنفذين فيك والفاسدين والمفسدين الذين جعلوا منك عباءة يلتفون بها الآن ويغيرون جلودهم كالثعابين ليتلونوا حسب المكان كحرباءة متغيرة الألوان .
هؤلاء الذين لا هم لهم إلا بأكثر ما يأخذون منك ولا يعطونك حتى اقل القليل بل لا يبقون لك وفيك ما يستر عورة الشرفاء الأنقياء الأتقياء الأطهار، لأن بطونهم جرباء لا تشبع ، وجيوبهم لا تمتلئ .
وطني انت الإنتماء والشرف الذي اعطيتني ما تميزني به عن الغير ، فهل أعطيك ام انتظر لتعطيني ، فأنت التاريخ والمجد الذي عاش فيك الأباء والأجداد الذين ساهموا وصنعوا كل جميل وبنوا فيك من كل شموخ وإباء ما نتباهى به امام العالم والناس ، وهم اليوم في جوف ثراك مدفونين ، فعليهم الرحمة ولهم منا اجمل سلام .
وطني هل انت ظالم ؟وطني هل انت قاس ؟ لا والله لا اخالك ظالما قاسيا كظلمة ابنائك معك ، الذين جعلوا منك محطة للسفر والإرتحال بل جعلوا منك متكئا ليبنوا ثرواتهم وسرقاتهم ومجدهم المهزوز، من خيرك وعطائك ويغادرون غير عابئين بأنات الضعفاء والآم والمساكين .
بل تعاملوا معك بكل انانية و قسوة ، بلهفهم بشفطهم بلهطهم مقدراتك وما تقع تحت ايديهم من اموال ، فلم يتعاملوا معك من اجل الخير والصالح العام انما من اجل نفوسهم المريضة والأنا المسيطرة بحب الشهوة عندهم والإنتقام منك يا وطني لتبقى تسترحم العالم والبنك الدولي لسد العجز الهائل الكبير مما اوقعوك فيه ، فهم تعاملوا لذواتهم وانفسهم والمحسوبين عليهم بأنك الكنز الذي لا ينضب في لحظة استرخاءهم في المنصب.
حتى تخيلناك ظالما قاسيا يا ايها الوطن المثقل بهموم عظيمة . من فساد الفاسد والمفسد وذوي الإفساد ممن ولوا السلطة والمنصب وومن جعلوا من كراسي المنصب واحة للسلطة والنفوذ للنهب والإبتزاز ، فكان السبب لهذا الظلم والإجحاف الذي لحق بنا وبسببهم لا بسببك انت ايها الوطن .
فمهما يدفع المرء من هؤلاء السارقين و المارقين بارصدة لهم خارج حدودك فلن يجدوا عنك بديلا ، وان تجبر هؤلاء الظلمة وطغوا ، وطال غيهم وفسادهم ، فلا بد من ان يرعوا ويرتدعوا إما بالقانون اوبغيره ولا بد لجادة الصواب من عودة ولابد لهم اليك من رجعة .
وطني انت الإنسان انت انت الأغاني الشعبية ، انت باقة ورد ربيعية تنثر شذا عطرها في ربوعك ، انت َ الروح الذي نبتنا في ارضك ، واستنشقنا عبيرك، واظلتنا سماؤك ، واكتوينا بنارك. وطني انت الكيان انت البيت والمزرعة والمتجر والوظيفة والعمل والأمل ، وانت المنجرة والجبل والتل والصحراء البكر، والوادي والسفح والجبل انت الكل وانت انت الرحمة انت الصدق انت الوفاء انت الإنتماء .
انت الصيف اللأهب ، وانت الشتاء القارص انت الخريف الممزوج بالصفرة ، انت الربيع الجميل المزوج بابهى صوره .وطني انت الحب انت العشق ، وفيك ننام بأحلام كبيرة ، وعليك نعلق ونبني فيك الكثيرمن الآمال وكبير الأمجاد .
وطني انت الذي اعطيتني من خيرك الوافر وعطائك اللأمنتهي ،وانا اعطيتك بعض ما عندي من عملي من همي من حبي من دفق دمي لتبقى شامخا سامقا ابيا ، انت الذي من اجلك نضحي بالغالي والنفيس ونعطر ارضك بدم الشهداء الصادقين دفاعا عن ثرى ارضك الطهور ، فالأرواح من اجلك ترخص ولا تغلوا عليك ياوطني.
وطني انت الأب الذي ربانا وسهر على راحتنا وَ الذي عمل بالنهار و الليل ليؤمّنَ لنا لقمة العيش الأب الذي صارع الليالي والأيام لنبقى سعداء هوَ من أنجبنا وأغرقنا بحنانه وأبوته وَ من دللنا وصبر على أذانا وَ من حمانا من الجيران وتحمّل سخطهم عليه بسبب شقاوتنا ومسحها بوجهه. وطني انت العطاء الذي ليس له حدود، ولانهاية لأمتداده عبر الكون والآفاق .
وطني انت الشعور الذي يغمرنا بالعاطفة والمحبة والوداد نحوَ بعضنا إلا نحوك "" فكلنا يلعن ويسخط ويسب ويشتم فيك وعليك وينهب ويبتز ويسرق ولا يتوقف عند حد ويقول البلد خربانه ؟؟.
وطني انت من أشعلَ فينا لهيب الحب ثم راح يستر خيانتنا له، فانت يا وطني الحضن الدافئ في عتم الليل القارص حين نأوي الى آسرتنا الباردة .
وانت يا وطني هذه الأم الرؤوم التي نوسعها ضرباً ونوجعها شتماً وسباّ وبأقذع الكلمات والعبارات ونعقها عقوقاً يندر مثيله ، وننكرعليها عظيم جميلها ، وكبير احسانها ، وسعة صدرها وقدرة تحملها ، ووافر عطائها نتنكر لها ونشيح الوجوه ونبتعد مييمين الطريق للغير والآخرين "؟ متناسين كل فضل وعطاء.
وطني انت َ ذلك الأب العجوز الذي يمشي على عكاز السنين بعد أن أفنى عمره إيماناً بنا وبقضيتنا ثم كفرنا به حتى انكرنا عليه اسمه .
انت ياايها الوطن من جعلتنا أسياداً ثم رميناك بعقوق في السجن مكبل اليدين والقدمين، وانت َ من أسدى إلينا الجزيل وقابلناه بالنكران ""؟؟
ولكل فاسد وعاق في هذا الوطن العظيم ، اين حب الوطن منك وفيك ؟؟ وهل له بين جنبيك مكان ومتسع"؟؟؟



تعليقات القراء

سميح علوان الطويفح
لقد شدني هذا المقال الجميل جداً والأروع من رائع بكلماته الجميلة والتي أحسست وأنا أسترسل بقراءتها بكل نشوة لتقبيل تراب وطني الغالي وبكل رغبة وطواعية .

لذا ، فإنني لا أجد ما أستطيع أن أُعبر عن مدى حبي وإمتناني وشكري وتقديري لكاتب هذا المقال العذب بروعته وسخاء عطاءه وجمال رونقه في حب الوطن والإنتماء له والنابع من قلب مفعم بالصدق والحب والإخلاص والعرفان بالجميل من إبنه البار السيد محمد الخصاونة المحترم مكرراً إحترامي وتقديري مرات ومرات لشخصه الكريم على إنعاش روحي وفتح شهيتي وتقوية عزيمتي وتوطيد حسي الوطني من أجل وطني الأردن الجميل بأرضه وسماءه ومائه وبقيادته الحكيمة وبشعبه الطيب ...

عاشق تراب الأردن
سميح الطويفح / الفوسفات
27-08-2012 02:11 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات