المرأة والربيع العربي


ما زلنا نعيش لحظات تاريخية تشهدها المنطقة العربية من انتفاضات شعوبها ضد الظلم والقمع والفساد السياسي، للمطالبة بالإصلاح والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولم تغب المرأة العربية عن هذه الثورات بعد أن تقدمت تقدماً ملحوظاً في كثير من مجالات الحياة بعد عصور من التراجع والتبعية العمياء للرجل, والحركات النسوية الآن جزء أساسي من الحركات الديمقراطية من أجل الحرية والعدالة الإنسانية, والعالم العربي الآن يزخر بالنساء المثقفات الفاعلات اللواتي يتفاعلن بشكل حقيقي مع مجتمعاتهن في مختلف النواحي ومنها السياسية, فالمرأة المتعلمة المثقفة هي من تفرض شخصيتها وآراءها على المحيط والحدث السياسي, ولها دور مهم وأساسي في قلب المواقف والموازين, والمرأة دوما هي عماد وأساس كل تغيير, ونعم وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة.

إن في الثورات العربية أكبر دليل على الدور الذي لعبته وتلعبه المرأة العربية, حيث انها لم تغب عن هذه الثورات وكانت حاضرة ولها دور مؤثر, فالثورات العربية هي أيضاً ثورات قيم وإعادة الأمور إلى مكانها الصحيح حيث يكمن الصواب المطلق المنبثق من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وحيث تنتج العفة الشريفة المستبسلة في ساحات التحدي وليس في مراقص الابتذال.. وقد تحملت المرأة العربية الكثير الكثير في سوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن وأثبتت وجودها, وكثير من النساء استشهدن أو اغتصبن أو قدمن وضحين بأغلى ما عندهن للثورات العربية, وما زالت المرأة العربية في الساحات والميادين تتقدم الصفوف وتشارك في الثورات والمسيرات والاعتصامات بكل الأشكال وتزج بفلذات أكبادها للإستشهاد, فهي الثائرة والمنظرة والمحرضة والداعمة, لا بل تلعب دورا استثنائيا هو إكساب الثورات تعاطفا دوليا مما تعرضت له من عنف اثناء ثورات الربيع العربي مما دفع العالم إلى التركيز على هذه الأحداث لصالح الثورات.

ويجب أن نشير هنا إلى أنه بما ان الدول العربية ذات أغلبية مسلمة فإن دور المرأة فيها يجب أن يتوقف على ما أباحه الشرع لها، فالشريعة الإسلامية وتعاليم ديننا الحنيف وسنتنا المشرّفة لم تُتح المجال للمرأة في مواقع الإمارة أو الإمامة أو صناعة القرار. بالرغم من ان ديننا الحنيف لم يغفل دور المرأة, فالمرأة المسلمة المبجّلة هي نفسها لا تتجاوز حدّاً, ولا تقفز حاجزا وضعته الشريعة ضمن حرية الرأي والمشورة والحوار البنّاء في مثل منتديات ولقاءات الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في ظل أدب الاستماع, ووقار الحديث, وهيبة اللباس المحتشم, ونبرات الصوت المؤدبة. وتظل عباءة القول الإلهي هي المرجع والمآل. هي البداية والنهاية, هي المُدخلات والمُخرجات, هي الفروع وهي الأصول.. هي الإجراء وهي النتاج.. نظام حياتي يفضي إلى صناعة سعادة دنيوية وأخروية متمثلة بالآية الكريمة.. ﴿الرجال قوّامون على النساء﴾. ومن الأمثلة على المرأة المسلمة خولة بنت الأزور عندما كانت في أتون المعركة لإنقاذ أخيها ضرار من الأسر.. وكان الجنود المسلمون يتساءلون: من هذا الفارس الملثم الذي يصول ويجول في صفوف الكفار؟ هذه هي المرأة المسلمة المشاركة للرجال في إنجاز المهمات تحت قبة الحشمة الإسلامية, ووقار المقاصد. وقد حركت المرأة المسلمة جيوشا قديماً عندما صرخت وااا معتصماااه..

ولمن يقولون ان المرأة العربية لم يكن لها دور في الربيع العربي نقول لهم: ألم تسمعوا بالمصرية "أسماء محفوظ" ومشاركتها ودورها الفاعل في الثورة المصرية وكيف كانت تحرض على التظاهر والخروج في مظاهرات ضد الرئيس المصري المخلوع؟! ألم تسمعوا عن اليمنية "توكل كرمان" وكيف تم تكريمها لمشاركتها البناءة في الثورة اليمنية ضد الرئيس اليمنى المخلوع؟! الم تشاهدوا على شاشات التلفزة صور الساحات والميادين والشوارع وكيف كانت المرأة مشاركه وفاعله في كل أحداثها؟! ألم تشارك المرأة العربية في مجلس الثورة الوطني اليمني وأصبحت فيه الناطقة الرسمية ونالت مقاعد وزارات؟! ألم تسمع بـ "طل الملوحي" و"سهير الاتاسي" و"فداء حوراني" اللواتي لعبن ويلعبن دوراً أساسياً في الثورة ضد بشار السفاح؟ وهناك الكثير الكثير من الأمثلة الحية لنساء برزن في الثورات العربية.

وفي الختام نقول ان المرأة هي الأم وهي الأخت وهي الزوجة وكفى بالمرأة عدلاً وإنصافاً في آيات الله الكريمة الواردة في سورة النساء.. وكفى بسورة النساء علماً وإحاطةً, فالإسلام رفع مكانة المرأة لا كما يحصل في المجتمعات الغربية حيث أصبحت المرأة سلعة تباع وتشترى بعد أن امتهنت كرامتها واستخدمت أبشع استخدام. وفي الأردن المرأة قطعت شوطاً بعيداً في هذا المضمار, والمرأة الأردنية أثبتت بأنها قادرة على معاصرة الحدث وتعي كل السياسات التي تدور حولها, ولديها الجرأة الكاملة في التعبير عن رأيها, وهي ناضجة سياسياً واجتماعياً ويمكنها القيام بدورها على أكمل وجه, والمرأة في البرلمان الأردني أثبتت وجودها وبعض السيدات النواب كنَّ أفضل من كثير من النواب الرجال.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات