المواطنة بين الهوية والتبعية


يدور الحديث بين الفينة والاخرى عن الهويّة الوطنيّة والمواطنة والتجنيس وسحب الجنسية وما يسمى احيانا بالحقوق المنقوصة وكلّها تدور حول الحقوق والواجبات لفئة ومجموعة من الناس في المجتمع الاردني وغالبا ما تكون حول الاردنيين من اصول فلسطينية وهؤلاء قدموا للاردن في فترات مختلفة لتغيير في اماكن سكناهم او اماكن عملهم او عمل والديهم او لأواصر المصاهرة والنسب او بحكم اللجوء الفلسطيني صونا لعرضهم من انتهاكات العصابات الصهيونية خاصّة بعد احتلال الجزء الاكبر من فلسطين عام 1948 واندماج الضفّة الغربية لنهر الاردن مع الضفة الشرقية لنفس النهر واعتبار المقيمين غرب النهر اردنيين بهويّة وجواز سفر اردني وكان اللجوء الى المدن والقرى الاردنية وقسم كبير الى مخيمات اللجوء في الضفّتين الغربية و الشرقية للنهر والموجة الاخرى بعد نزوح الأردنيون من الضفّة الغربية الى الضفة الشرقية للنهر عام 1967 وسكن النازحون في المدن والقرى الاردنية وفي مخيمات النزوح ومخيمات اللاجئين الموجودة سابقا كما ان هناك موجة ثالثة من العودة والهروب الى الاردن من الكويت والعراق بعد حرب الخليج واحتلال الكويت والعراق عامي 1990و2003.
ذلك تاريخ اللجوء والنزوح الفلسطيني الى الاردن وكانت الاردن من اكرم الدول التي تعاملت مع تلك النزوحات الى اراضيها بالرغم من الضغط المتزايد على مواردها الشحيحة اصلا وقد صرفت الحكومات الاردنية الكثير من الاموال غلى توفير عيشة كريمة لقاطني المخيمات إضافة لما كان يرد من مساعدات مالية وعينية مباشرة او عن طريق الوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ودول اخرى .
ولكن وحيث ان الشعب الفلسطيني كان موجودا عند تقسيم منطقة الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الاولى وكان تحت الانتداب البريطاني الدولة العظمى والتي قامت بتقسيم المنطقة مع فرنسا بل وكانت قد منحت مسبقا اليهود وعدا بموافقتها على انشاء وطن قومي لهم على الارض الفلسطينية بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط (وعد بلفور 2/11/1917 )
حيث دخل الجيش العربي الأردني فلسطين في 19/5/1948ليحارب العصابات الصهيونية، واعلنت الاحكام العرفيه في المناطق الفلسطينيه التي وقعت تحت سيطرة الجيش وتم تعيين عمر مطر حاكماً عسكرياً للمنطقه، واصبحت تدار بقانون الدفاع الصادر في العام 1935، وبتاريخ 20/12/1949، صدر عن مجلس الوزراء قانون اضافي لقانون الجنسيه الاردني الصادر في العام 1928. نص التعديل في الماده الثانيه منه على ان ‘جميع المقيمين عادة عند نفاذ هذا القانون في شرق الاردن او في المنطقه الغربيه التي تدار من قبل المملكه الاردنيه الهاشميه ممن يحملون الجنسيه الفلسطينيه يعتبرون انهم حازوا الجنسيه الاردنيه ويتمتعون بجميع ما للاردنيين من حقوق ويتحملون ما عليهم من واجبات’.
هكذا خضع الاردنيون من اصول فلسطينيه للقرارت التي تصدر عن الحكومة الاردنيه أو غيرها دون التشاور او التنسيق معهم باعتبارهم اردنيون لهم حكومتهم ونوابا يمثلونهم مهما كانت ابعاد ومخاطر هذه القرارات على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم. ففي 20/12/1949، افاق الفلسطينيون فإذا هم اردنيون، وفي 20/8/1988 أفاق الاردنيون من اصل فلسطيني فإذا هم بجنسيه تتقاذفها الاهواء والسياسة والقرارات الوزارية بل وبجنسية مشكوك بدستوريتها عند البعض وكانها حيازة وهمية ظرفية.
وقد التزم الاردنيون من اصل فلسطيني وما زالوا بمواطنتهم الصالحة وانتمائهم المخلص لوطنهم الاردن وقيادته الحكيمة على مر السنين رغم جميع الظروف التي مرت على الاردن والاقليم والعالم متمسكين بهويتهم ومواطنتهم الاردنية الهاشمية يشاركون جموع الشعب الاردني تنمية الوطن وحماية حدوده وسيادته من كل عدوان .
فالمواطنة وهي منظومة من القيم والاتجاهات التي تجعل الفرد يتحمل المسؤولية بقدر قيمة العمل لخدمة المجتمع ، وتمثل قيم الولاء والانتماء للمجتمع والاعتزاز به ، وممارسة السلوك الديمقراطي داخل المؤسسات المعنية بتنشئة الفرد ، وغرس روح التطوع والمشاركة والمغامرة المحسوبة والممارسة الفعلية التي تمكن الأفراد والجماعات في الفعل القائم على الإقناع ، والاستهلاك ، والعمل السياسي، والعمل التشريعي، والإدارة البيئية .
وتساهم في اتخاذ قرارات مناسبة بشأن استراتيجيات الممارسة المتعلقة بقضايا معينة ومتطلبات معالجتها .
و تبرز اليوم أهمية المواطنة ، من أجل الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع في ظل ما يتهددها من أخطار العولمة ،ومؤسساتها ، وهذا لا يعني أن الحل يكمن في الانكفاء على الذات ، والابتعاد عن العالم الذي أصبح قرية صغيرة ، إنما إكساب المناعة لكل فرد من خلال تربيته تربية وطنية تركز على تزويده بالمعارف ، والقيم ،والمبادئ والمهارات التي يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر دون أن يؤثر ذلك على شخصيته الوطنية .وتعتبر مرحلة الطفولة من أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف والقيم ، وخاصة المتعلقة بالوطن من وطنية ومواطنة ، وذلك لأن ترسيخها في مرحلة الطفولة وتنشئة الطفل عليها يجعلها عنصرا مكونا في بناء شخصيته .
وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن المواطنة " علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة متضمنة مرتبة من الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات وتسبغ عليه حقوقاً سياسية مثل حقوق الانتخاب وتولي المناصب العامة . وميزت الدائرة بين المواطنة والجنسية التي غالباً ما تستخدم في إطار الترادف إذ أن الجنسية تضمن بالإضافة إلى المواطنة حقوقاً أخرى مثل الحماية في الخارج . في حين لم تميز الموسوعة الدولية وموسوعة كولير الأمريكية بين الجنسية والمواطنة فالمواطنة في (الموسوعة الدولية) هي عضوية كاملة في دولة أو بعض وحدات الحكم، وتؤكد الموسوعة أن المواطنين لديهم بعض الحقوق مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة وكذلك عليهم بعض الواجبات مثل واجب دفع الضرائب والدفاع عن بلدهم . وفي موسوعة (كولير) الأمريكية المواطنة هي " أكثر أشكال العضوية اكتمالا في جماعة سياسية ما " .
أما في الاصطلاح فالوطنية تأتي بمعنى حب الوطن في إشارة واضحة إلى مشاعر الحب والارتباط بالوطن وما ينبثق عنها من استجابات عاطفية ، أما المواطنة فهي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية ويعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية ، وتتميز المواطنة بنوع خاص من ولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات السلم والحرب والتعاون مع المواطنين الآخرين عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي والتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع وتوحد من أجلها الجهود وترسم الخطط وتوضع الموازنات .
أمّا الهويّة فهي تلك الوثيقة التي تمنحها الدولة للمواطن لتثبت بها جنسيته وانتمائه الوطني بالمعنى المادّي وهويّة المواطن الوطنيه هي ارتباطه الروحي والوجداني والعاطفي بقطعة الارض وما عليها من تراب وهواء وممتلكات وقوانين وانظمة ونظام حكم وخلافه .
وأما التبعيّة او التابعيّة كما يُسميها البعض فهي درجة اقل من الهويّة الوطنية وقد تكون كجنسيّة مقيّدة بعض الشيئ او ان لحاملها حقوقا منقوصة عن حقوق المواطنين وقد تكون بواجبات اقل أو ان يكون مربوطا بكفالة مواطن ذو هويّة واصبحت الدول تميز بين هؤلاء واؤلئك بما يُعرف بدفتر الاحوال المدنيّة والذي يعتمد على سجلات الاحصاء الرسمي وفد يتميز الفرق بارقام ورموز على جواز السفر .
ولكل دولة شروط جنسية خاصّة بها تبعا لظروفها والتركيبة الديموغرافيّة للسكان والاخطار المحيطة بها ولمستوى الحياة الديموقراطيّة ومستوى التعليم والثقافة فيها وانتشار العدالة والمساواة فيها .
لا احد يُنكر انّ هتاك خططا اسرائيليّة تهدد الاردن وسيادته كخطة الوطن البديل للكيان الفلسطيني على حساب الارض والسيادة الاردنية وقد كرر الاردنيون جميعا والفلسطينيون في الضفة وقطاع غزّة وحيثما هم رفضهم للمخطط الصهيوني ملتزمين بالدفاع عن الاردن وسيادته مطالبين بقيام الدولة الفلسطينية المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية .
أمّا المساواة والعدالة والشفافيّة والنزاهة فهي مطالب تحددها منظومة القيم الاخلاقيّة والدينيّة ويطالب بها بشكل سلمي جميع فئات المواطنين في المدن والقرى والارياف والبوادي والمخيمات كذلك هي حراكات المطالبة بمكافحة الفساد واجتثاثه ورفض رفع الاسعار خاصّة اسعار المواد الاساسية لعيش المواطن وكذلك هو التمثيل العادل لمختلف فئات الشعب واماكن تواجده ليكون المجلس النيابي القادم مجلسا نزيها يستطيع من خلال تشكيل الكتل اولا ومن ثم تشكيل اربعة او خمسة احزاب تمثّل اليمين والوسط واليسار والجماعات التي توصف بالاسلامية والتي وخلال المستقبل القريب تستطيع ان تشكل حكومة الاغلبيّة وتحوز على رضى الشعب وجلالة الملك رئيس السلطات الثلاث .
وبذلك يكون لدينا مجلسا مُختارا بنزاهة دون اي إقصاء او تهميش لأي مكون من مكونات المجتمع الاردني وتكون لدينا حكومة قويّة تعمل للتخفيف عن المواطن وتحرس الوطن من خلال جيش قوي حديث وجبهة داخلية متماسكة موحّدة من كافة اصول وشرائح المجتمع ويكون لدينا سلطة قضائيّة نزيهة لا تخشى إلاّ الله ولا تخشى في الله لومة لائم وفوق تلك السلطات جميعا ملكا هاشميا يؤمن ان العدل ومخافة الله هما اساس الحكم .
وعندها فقط نستطيع ان نقول اننا هزمنا الجهل والظلم وتمسّكنا بالعلم والعدل لنبني اجيال المستقبل دون خوف من المجهول .
وعندها فقط سوف لا نسمع تلك التحليلات والتوجّهات والتبريرات والمناشدات حول حقوق منقوصة او تهميش مقصود او إقصاء ظالم أو إجحاف والغلو في البعد عن العدالة والمساواة والتي تأتي في الغالب من مسؤولين سابقين كانوا كبارا وما زالوا بحيث يكونون رسل سلام ومحبّة للشعب الاردني الواحد بكل الوانه واطيافه ويكون الاردن كما كان وما زال بلد الاحرار وبلد الانصار ولكل باحث عن حق بعدالة وإصرار .
ونحن على ابواب عيد الفطر السعيد مودّعين لشهر رمضان المبارك صاحب الفضل في تهذيب النفوس اقول لكل اردني واردنيّة كل عام وانتم بخير وبأحسن حالا مما نحن فيه ولجلالة الملك المفدّى كل عام وانت وجلالة الملكة المعظّمة والاسرة الهاشميّة بكل خير وعزّ وسموّْ .





تعليقات القراء

عبدالله
يا مهندس أحمد ألموضوع معقٌد ولا ينبغي تبسيطه بهذا الشكل هناك خصوصيه للوضع الفلسطيني في الأردن فألوحدة نفسها قرار أداري فوقي تم تجاوزة ولم يعد ساريا من زمن طويل وكان نتيجه ضغوط خارجيه .
سبب التواجد الفلسطيني في الأردن محدد وبشكل فاصل باللجوء نتيجه الأحتلال الأسرائيلي وهذا ما يجعل القرار الأممي بحق العودة 194 منطبقاُ على الشعب الفلسطيني ومنظمه التحرير هي الممثل الوحيد لكافه الفلسطينيين في الداخل والشتات .
لا بد من دعم الشعب الفلسطيني بشكل كامل ولكن لا بد لنا من نظرة موحدة تجاة الحق العربي والفلسطيني خارج الأتهاميه بالعنصريه والأقليميه وكافه القوالب ألتي رددت على مسامعنا ليل نهار لأستساغه التوطين والوطن البديل .
18-08-2012 04:34 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات