قرارات مؤتمر مكة .. أزمة تحالف


اقل ما يمكن أن يقال بحق مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي في مكة ، أنه خرج بصورة لم تأتي على رياح البعض فيما يتعلق بالأزمة السورية وتضييق الخناق على نظام الأسد ومن يسانده في المنطقة ، مؤتمرا " بروتوكوليا " لم يخرج بقرارات تقاس بوضعه الاستثنائي الذي عقد من اجله لمعالجة أوضاع المسلمين في العالم ، فقد أدان المؤتمر كما هي العادة ممارسات حكومة ميانمار بحق المسلمين، ودعا لتشكيل لجنة للتحقيق في ما يجري من مجازر وإبادة جماعية تمارس بحق المسلمين، كما دعا المؤتمر إسرائيل للامتثال للقرارات الدولية بما في ذلك عودة اللاجئين، ودعا لرفع الحصار عن قطاع غزة ، في دعوة تقليدية لم تأتي على ذكر إدانة أو استنكار حيال السلوك الإسرائيلي في الضفة ، وكخطوة استباقية لم تنجح السعودية التي قادت المؤتمر للحد من أي انجازات تتعلق بتضييق الخناق على نظام بشار الأسد و "تحجيم " الموقف الإيراني الداعم لنظام دمشق ،فإيران التي ستستضيف مؤتمر دول عدم الانحياز بعد أسبوع في طهران ، ستجعله يصب في خانة دعم النظام السوري والدعوة لحوار سياسي بين المعارضة والنظام ، وهي فرصتها كذلك للخروج من بعض عزلتها ، وتعزيز الأدوار الصينية والروسية في مواجهة المشروع الأميركي في المنطقة ، فقرار تعليق عضوية سوريا في مؤتمر مكة ، هو قرار شكلي ، لا يضير نظام الأسد في منظمة ضعيفة لاتملك من أمرها شيئا ، ولا قوة لقراراتها واجتماعاتها ، وان فشل المؤتمر ولدواع متعددة في فرض منطقة حظر جوي على سوريا كان العنوان الأبرز لفشل المؤتمر ،وذلك لأسباب غياب "إرادة سياسية " لفرض هذا الحظر كما صرح به وزير الدفاع الأمريكي قبل أيام ، أي انه مستبعد نهائيا ، وان ما كان في نية الإدارة الأمريكية من فرض حظر جوي لم يكن إلا محاولات لرفع معنويات المعارضة السورية كلما شعرت أنها تضعف وتتراجع ، وان تزويد المعارضة بأسلحة متطورة لم يعد قائما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية خشية وقوع هذه الأسلحة في أيدي تنظيمات متشددة كالقاعدة ،إذ اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية باختراق تلك التنظيمات الإرهابية للمعارضة المسلحة في سوريا وخشيتها من سيطرة تلك القوى على السلاح ، كذلك فان تردد تركيا وخشيتها من أزمة كبيرة قد تواجهها حال تدخلها المباشر في الأحداث في سوريا ،لايشجع على إقامة منطقة الحظر أو التدخل المباشر ، وخاصة بعد أن بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا البحث عن بدائل سياسية مسلحة تتجاوز من خلالها "مجلس اسطنبول " من أجل تعطيل الحلول الإصلاحية التي ينادي بها المجلس ، وإيجاد تحالفات جديدة مع مليشيات مسلحة لاتعارض سياسة تلك الدول في تعاطيها مع نظام الأسد ، وهو أمر ترفضه تركيا ، كما رفض الأردن كذلك التورط في هذه المواجهة بسبب تراجع المعارضة المسلحة وتباين المواقف والسياسات بين الدول الداعمة للمعارضة ،وخشيتها من انعكاس التغيير على وضعها الداخلي .
إيران التي تعمل بجد لإنجاح مؤتمر دول عدم الانحياز في عاصمتها بعد أسبوع ، وبعد نجاحها في تحقيق ما أتت من اجله في مؤتمر مكه الإسلامي ، والتقاطها ما آلت إليه حال التحالف ضد نظام الأسد ،تحاول ألان إقحام دول عدم الانحياز في الموقف من خلال عسكره مُبطنة لعدم الانحياز لجرها قسراً نحو المعسكر الروسي والانحياز معه خاصة في القضية السورية ، فربما فضلت إيران المناورة الأخيرة دبلوماسياً وهي في موقف المحاصر لدعم حليفها السوري باستخدام ورقة عدم الانحياز واستثمار ترأس إيران لدورته لتمرير ما يمكن أن يسعف الموقف السوري ويخفف من وطأة الحصار الدولي بحقها ،خاصة وأن السعودية الند الأكبر لإيران في المنطقة قد حشدت لمؤتمر كبير تحت مظلة التضامن الإسلامي في مكة المكرمة وفشلت في تحقيق ما عقدت عليه العزم ، بعد أن دق احمدي نجادي أكثر من إسفين في قرارات المؤتمر التي خرجت بأقل مما كان يتوقع الإيرانيون ، وستعمل إيران خلال المؤتمر القادم للانحياز في طهران على توجيه فكر الحركة قسراً للانحياز الفعلي نحو سوريا ومشاركة الروس طموحاتهم هناك، والذي سُيعد انتصارا كبيرا لمحور روسيا والصين وإيران وسوريا المتجانس مقابل فشل المحور الأمريكي – التركي الخليجي في مكة الذي تنتابه التباينات والاختلافات في طرق معالجة الأزمة والجهة التي تتعامل معها .
يبدو واضحا أنه ليس هناك حل آخر للأزمة السورية سوى ذلك الذي يستند إلى احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وسلامة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفقا لاتفاق جنيف بشأن سوريا ، وبات من الضروري أن يضغط الجميع على كل الأطراف السورية ووقف تشجيع المعارضة على الاستمرار في القتال المسلح ، وهو موقف تؤيده إيران وتسعى لتحقيقه ودعمه في مؤتمر عدم الانحياز القادم في طهران ، وهو الأمر الذي قد يدفع دولا مثل تركيا والأردن وبعض الدول العربية مثل مصر والجزائر والمغرب للدعوة إلى حوار مباشر بين المعارضة والنظام وصولا للخروج من الأزمة ووقف الدمار وسفك الدماء .




تعليقات القراء

محمود النسور
ياجماعه الهدف تدمير سوريا كما دمر العراق ، يعني معقول مش عارفين اللعبه ..اللهم عليك باعداء الامه
16-08-2012 06:36 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات