خبر: الولاء والمعارضة .. للوطن والنظام
ما أن أُزيح الستار عن الربيع الأردني، وتوالت عرض فصوله على الساحة؛ حتى برزت فئتين متضادتين تؤديان أدوار هذا الربيع: فئة توصف بالمعارضة تطالب بالإصلاح، واخرى توصف بالموالاة، تتصدى للفئة الأولى، وتعلن رضاها وافتخارها بالموجود، في حين ظلت شريحة كبيرة من الشعب تقبع تحت مسمى "الأغلبية الصامتة"، تدعي كل فئة من الفئتين السابقتين تأييد هذه الشريحة لها.
و"المعارضة والموالاة" ظهرت بداية من خلال إصدار البيانات المكتوبة، التي تعبر عن كل فئة منها، والمتابع للشأن الأردني منذ بداية الربيع العربي، سيجد مئات البيانات التي صدرت ولا زالت تصدر حتى الآن ! ثم لتنتقل بعد ذلك إلى خطابات وجمل كلامية وحراك فعلي على أرض الواقع، أو باختصار: أداءات مختلفة، تعبر عن سلوك معارضة أو سلوك موالاة.
والسؤال الأبرز هنا، هو : الموالاة لمن ؟ والمعارضة لمن ؟
وبالرغم من أن الإجابة تبدو ظاهرة في سلوك أي من الفريقين، وهي (الموالاة للنظام .. والمعارضة للنظام كذلك)؛ إلا أن الأغلبية الصامتة تظل بحاجة إلى تحديد أو تأكيد نهجها وسلوكها في الأيام القادمة ؟
وعند تفحصنا وتبصرنا في هذه المسألة، في محاولتنا تحديد توجهنا؛ نجد أننا بحاجة إلى تمثل كلا السلوكين معاً (المعارضة والموالاة) ! ولكن يظل السؤال ذاته قائماً: الموالاة لمن ؟ والمعارضة لمن ؟
ويمكن الوصول إلى إجابة شافية، وتوجه سليم، عند مراجعتنا لمفهوم (الانتماء)، ومراجعة سلوك شخصيات كل من تياري الموالاة والمعارضة أيضاً، ليس في الأردن فحسب وفي هذه الفترة فقط، وإنما في أزمان سابقة ودول اخرى.
فإذا كان الانتماء مقدماً للنظام، فهذا يعني زوال الانتماء أو تغيره بمجرد زوال ذلك النظام، وهذا ما جرى في البلدان العربية التي سقطت أنظمتها في الربيع العربي، والتي قدم الموالين للنظام فيها، انتمائهم لمؤسسة النظام أساساً، وليس لأوطانهم أو شعوبهم، وكشفت وثائق جهاز أمن الدولة في مصر بعد انهياره واقتحامه، أن عشرات الآلاف الذين كانوا يعملون في هذا الجهاز، كانوا يعملون فعلا من أجل أمن حسني مبارك وأفراد نظامه، وليس من أجل أمن مصر ! واكتشف أيضاً أن الذين خرجوا للتظاهر في شوارع مصر رداً على الثورة المصرية، وكانوا موالين لنظام مبارك، كانوا من طبقة الرأسماليين والتجار الكبار وأعضاء حزب الشعب الحاكم، أي من كانوا مستفيدين من نظام مبارك، وعندما أحسوا بالخطر الذي يتهددهم ويتهدد مصالحهم اضطروا للنزول للشارع، بالرغم من برجوازيتهم. مثلما رأينا تبدل انتماء بعضهم من النظام السابق إلى الشعب والوطن أو النظام الجديد. ويظهر انتمائهم أيضاً لمصالحهم الشخصية ومكتسباتهم التي يحصلون عليها من النظام، وفي هذه الحالة، هم ينتمون حقيقة لأنفسهم وذواتهم ومصالحهم ومنافعهم وللكعكة التي يتقاسمونها، وما يعود عليهم من مردود نتيجة هذا الانتماء والولاء للنظام، وليس للوطن !
أما الانتماء للوطن، فهو الأولى والأصدق والأنبل والأشمل والأنفع، والمطلوب أساساً، فمن كان منتمياً للوطن، كان منتمياً لشعبه وأرضه ولغته ودينه وأعرافه، ونظامه أيضاً، ويظل وفيا للوطن بكل ما يحويه، مهما تبدلت الأنظمة والأزمان والظروف، ومهما قسا عليه هذا الوطن؛ لذلك بقي الصحابة رضوان الله عليهم، منتمين للأمة وللدين الإسلامي حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم لم يكونوا منتمين لمصالح شخصية أو مكتسبات واستثمارات وسيارات ومحاصصات عشائرية منحها لهم محمد، ورائينا أيضاً كيف تنازل (عبدالله غول) طواعية لـ (رجب طيب أردوغان) عن المنصب الأبرز في الدولة التركية، عندما عرف أنه الأكفاء في قيادة الدولة، فقدم مصلحة تركيا على مصلحته الشخصية.
وكذلك الحال هو أيضاً مع سلوك المعارضة، فمعارضتنا للنظام مشروعه، وموجهه لأشخاص محدودين، ما دام أنها نابعة من حب الوطن والانتماء له والخوف عليه، ويمكن التراجع عنها إذا ما أعلن النظام تغيير نهجه. لكن معارضة الوطن فهي الخيانة بحد ذاتها، وربما يصعب تراجع من كان مصابا بمرضها، إلا أن يتم منحه ما يطفي شهواته ورغباته الشخصية.
وقد ابتليت الدولة الأردنية عبر تاريخها بعدد من المعارضين للوطن، بالرغم من أنهم يظهرون ولائهم وانتمائهم، لكن ولائهم ليس للأردن ولا لشعبه، وإنما ولائهم لمناصبهم واستثماراتهم وشركاتهم ومقاعد أبنائهم الدراسية المجانية وزعاماتهم التي منحوا إياها على حساب أبناء عشائرهم ومناطقهم وأبناء الوطن ككل . في حين أنهم ظلوا معارضين للوطن من خلال معارضتهم للإصلاح والتغيير وتطبيق الأفضل، والذين لم يتراجعوا قيد أنملة ولم يبدلوا سلوكهم المعارض للوطن؛ وطبيعي جداً أن لا يتراجعوا أو يبدلوا .. ما دام أن المنفعة الشخصية هي أساس توجههم.
إننا بحاجة للموالاة والانتماء .. ولكن الموالاة والانتماء للوطن أولاً ... وإننا أيضاً بحاجه للمعارضة .. لكن المعارضة للنظام ... من أجل الوطن والشعب بل والنظام أيضاً.
f: Ahmad_Alrababah@hotmail.com
ما أن أُزيح الستار عن الربيع الأردني، وتوالت عرض فصوله على الساحة؛ حتى برزت فئتين متضادتين تؤديان أدوار هذا الربيع: فئة توصف بالمعارضة تطالب بالإصلاح، واخرى توصف بالموالاة، تتصدى للفئة الأولى، وتعلن رضاها وافتخارها بالموجود، في حين ظلت شريحة كبيرة من الشعب تقبع تحت مسمى "الأغلبية الصامتة"، تدعي كل فئة من الفئتين السابقتين تأييد هذه الشريحة لها.
و"المعارضة والموالاة" ظهرت بداية من خلال إصدار البيانات المكتوبة، التي تعبر عن كل فئة منها، والمتابع للشأن الأردني منذ بداية الربيع العربي، سيجد مئات البيانات التي صدرت ولا زالت تصدر حتى الآن ! ثم لتنتقل بعد ذلك إلى خطابات وجمل كلامية وحراك فعلي على أرض الواقع، أو باختصار: أداءات مختلفة، تعبر عن سلوك معارضة أو سلوك موالاة.
والسؤال الأبرز هنا، هو : الموالاة لمن ؟ والمعارضة لمن ؟
وبالرغم من أن الإجابة تبدو ظاهرة في سلوك أي من الفريقين، وهي (الموالاة للنظام .. والمعارضة للنظام كذلك)؛ إلا أن الأغلبية الصامتة تظل بحاجة إلى تحديد أو تأكيد نهجها وسلوكها في الأيام القادمة ؟
وعند تفحصنا وتبصرنا في هذه المسألة، في محاولتنا تحديد توجهنا؛ نجد أننا بحاجة إلى تمثل كلا السلوكين معاً (المعارضة والموالاة) ! ولكن يظل السؤال ذاته قائماً: الموالاة لمن ؟ والمعارضة لمن ؟
ويمكن الوصول إلى إجابة شافية، وتوجه سليم، عند مراجعتنا لمفهوم (الانتماء)، ومراجعة سلوك شخصيات كل من تياري الموالاة والمعارضة أيضاً، ليس في الأردن فحسب وفي هذه الفترة فقط، وإنما في أزمان سابقة ودول اخرى.
فإذا كان الانتماء مقدماً للنظام، فهذا يعني زوال الانتماء أو تغيره بمجرد زوال ذلك النظام، وهذا ما جرى في البلدان العربية التي سقطت أنظمتها في الربيع العربي، والتي قدم الموالين للنظام فيها، انتمائهم لمؤسسة النظام أساساً، وليس لأوطانهم أو شعوبهم، وكشفت وثائق جهاز أمن الدولة في مصر بعد انهياره واقتحامه، أن عشرات الآلاف الذين كانوا يعملون في هذا الجهاز، كانوا يعملون فعلا من أجل أمن حسني مبارك وأفراد نظامه، وليس من أجل أمن مصر ! واكتشف أيضاً أن الذين خرجوا للتظاهر في شوارع مصر رداً على الثورة المصرية، وكانوا موالين لنظام مبارك، كانوا من طبقة الرأسماليين والتجار الكبار وأعضاء حزب الشعب الحاكم، أي من كانوا مستفيدين من نظام مبارك، وعندما أحسوا بالخطر الذي يتهددهم ويتهدد مصالحهم اضطروا للنزول للشارع، بالرغم من برجوازيتهم. مثلما رأينا تبدل انتماء بعضهم من النظام السابق إلى الشعب والوطن أو النظام الجديد. ويظهر انتمائهم أيضاً لمصالحهم الشخصية ومكتسباتهم التي يحصلون عليها من النظام، وفي هذه الحالة، هم ينتمون حقيقة لأنفسهم وذواتهم ومصالحهم ومنافعهم وللكعكة التي يتقاسمونها، وما يعود عليهم من مردود نتيجة هذا الانتماء والولاء للنظام، وليس للوطن !
أما الانتماء للوطن، فهو الأولى والأصدق والأنبل والأشمل والأنفع، والمطلوب أساساً، فمن كان منتمياً للوطن، كان منتمياً لشعبه وأرضه ولغته ودينه وأعرافه، ونظامه أيضاً، ويظل وفيا للوطن بكل ما يحويه، مهما تبدلت الأنظمة والأزمان والظروف، ومهما قسا عليه هذا الوطن؛ لذلك بقي الصحابة رضوان الله عليهم، منتمين للأمة وللدين الإسلامي حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم لم يكونوا منتمين لمصالح شخصية أو مكتسبات واستثمارات وسيارات ومحاصصات عشائرية منحها لهم محمد، ورائينا أيضاً كيف تنازل (عبدالله غول) طواعية لـ (رجب طيب أردوغان) عن المنصب الأبرز في الدولة التركية، عندما عرف أنه الأكفاء في قيادة الدولة، فقدم مصلحة تركيا على مصلحته الشخصية.
وكذلك الحال هو أيضاً مع سلوك المعارضة، فمعارضتنا للنظام مشروعه، وموجهه لأشخاص محدودين، ما دام أنها نابعة من حب الوطن والانتماء له والخوف عليه، ويمكن التراجع عنها إذا ما أعلن النظام تغيير نهجه. لكن معارضة الوطن فهي الخيانة بحد ذاتها، وربما يصعب تراجع من كان مصابا بمرضها، إلا أن يتم منحه ما يطفي شهواته ورغباته الشخصية.
وقد ابتليت الدولة الأردنية عبر تاريخها بعدد من المعارضين للوطن، بالرغم من أنهم يظهرون ولائهم وانتمائهم، لكن ولائهم ليس للأردن ولا لشعبه، وإنما ولائهم لمناصبهم واستثماراتهم وشركاتهم ومقاعد أبنائهم الدراسية المجانية وزعاماتهم التي منحوا إياها على حساب أبناء عشائرهم ومناطقهم وأبناء الوطن ككل . في حين أنهم ظلوا معارضين للوطن من خلال معارضتهم للإصلاح والتغيير وتطبيق الأفضل، والذين لم يتراجعوا قيد أنملة ولم يبدلوا سلوكهم المعارض للوطن؛ وطبيعي جداً أن لا يتراجعوا أو يبدلوا .. ما دام أن المنفعة الشخصية هي أساس توجههم.
إننا بحاجة للموالاة والانتماء .. ولكن الموالاة والانتماء للوطن أولاً ... وإننا أيضاً بحاجه للمعارضة .. لكن المعارضة للنظام ... من أجل الوطن والشعب بل والنظام أيضاً.
f: Ahmad_Alrababah@hotmail.com
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
معارضة وموالاة مع الهاشميين لمصلحة الاردن بقيادته الحكيمة