مواجهة بين الإسلام والعلمانيّة


لقد صُدم الكثيرون بنتائج انتخابات الرئاسة المصريّة وكانت اكبر الصدمات هو هذا الفرق الهزيل البالغ حوالي مائتي الف صوت بين مرشّح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي ومرشّح من جماعة النظام السابق احمد شفيق.
والذي يبعث على الذهول وإنْ صحّت اراء المراقبين والمشاركين في العمليّة الإنتخابيّة من عدم وجود تزوير في إجراءات الإنتخاب والفرز هو كيف للشعب الذي قام بثورة الخامس والعشرون من كانون ثاني من اجل إسقاط النظام برجاله وفساده وآثاره وحتّى تشريعاته وقوانينه ودستوره وأمنه المركزي والقومي وجميع ما يمتّ له بصلة يقبل على نفسه أن يكون بينه حوالي اربعة ملايين ونصف من منتخبيه البالغين الراشدين ما زالت لديهم ثقة بالنظام المندثر بل والبعض على محطات تلفزيونيّة كانوا مدافعين عنه ومبرّرين له التوبة والبراءة ولا نقول ان الصدمة بسبب حب جامح لجماعة الاخوان وانما بسبب الغبن والظلم والمآسي التي ذاقها الشعب واكتوى بها من النظام السابق.
لكننا لا يمكن ان نقول ان دماء الشهداء ذهبت هدرا لأنّ الثورة التي دحرت نظاما مُستبدّا نجحت عندما نزعت خوفا مُزمنا من صدور المصرييّن رجالا ونساءا واطفالا وزرعت مكان الخوف شجاعة وجرأة في صدور الكثير من المصريين ويستطيع هؤلاء الشرفاء ان يقفوا في وجه اي رئيس مستبد لا يضع مخافة الله امام عينيه وحتّى إن تجاوز حدود حب الوطن والخوف عليه او سكت عن فاسد وحاقد فالميدان جاهز ليضم الملايين على ساحاته وليكون مصير كل من يعبث بأمن مصر ومقدّراتها وكذلك مصير اعوانه كمصير من سبقوهم الى ابو زعبل وطرّه وليمان .
من سرقوا مصر لن يموتوا مرتاحين ومن سرقوا البسمة من عيون اطفالها والنكتة من بين شفاه رجالها لن يعرفوا الفرحة في قلوبهم ومن ينوون سرقة ما بقي من كرامتها وآثار فراعنتها لن يهنئوا بحياتهم بعد الآن لانّ لها ربّا يحميها كما يحميها نيلها العظيم وطهارة يوسف وتيه موسى حرز يرقيها وشعب يفتدي المحروسة.
والصدمة كانت لأنّ النتائج لا تعبّر عن الشعب الذي نام الليالي في الميادين والساحات حتّى اسقط المستبدْ ومع هذا نقرُّ انه في كل شعب يوجدالمستكين والمستفيد والمندمج مع خوف ابدي كل اولئك متوقع انهم سائرون للخلف لأنهم نسوا الأمام والإمام وباتوا لا يدركون ولا يُدركون ولكنّهم اقلّة لا يُحسبون كنسبة عدديّة فكيف اصبحوا نسبة عُظمى تُنافس على مستحيل لها لضبط عقارب الساعة للوراء .
فتلك جماعة علمانية جرّبناها واكتوينا بنارها اما الجماعة الاخرى فلم نجربها لأنهم لم يكونا قادة لأكثر من ثمانين مليون نسمة على مساحة اكبر من مليون كيلومتر مربّع وكيف تدار تلك الجموع والموارد لمصلحة الوطن ونحن ندرك ان إدارة الوعظ والإرشاد والمساجد تختلف عن إدارة الدول والمجتمعات خاصّة تلك الدول التي نفضت عنها غبار الغبن والفساد حديثا .
والخوف كل الخوف ان يكون هناك تدخلات اجنبية عابرة للحدود ادركت اهمية استرداد الشعب العربي المصري لعافيته وسيادته على نفسه وأن ذلك يُشكّل خطرا على مصالحها فخطّطت ورتّبت وصرفت الملايين لإبعاد اي تغيير محتمل وعملت على تحسين صورة احمد شفيق بين الغلابى والمحتاجين حتّى انتخبوه .
وفي حال نجاح التيّار العلماني ذو الارتباطات السابقه بالنظام السابق يكون اوّل مسمار وُضع في نعش الربيع العربي ولا اخالني أقول وفي ظلّ الظروف العربيّة البائسة إلاّ ان أرثي حال هذه الأمّة ثقافة وحضارة ومقدّسات وسيبقى الإسلام رسالة المحبّة والسلام بإنتظار اجيال قادمة لترفع راية الاسلام بشكل يستطيع الآخرون ان يفهموه مهما اختلفت لغة التخاطب.
كم نتمنّى السلامة لمصر العظيمة ولشعبها العربي العظيم وأن يرزقها رئيسا وقيادة تحفظها من كلّ سوء وتكون قادرة على الوفاء بالمبادئ التي قامت عليها الثورة واستشهد من اجلها الابطال .
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَال َيَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( صدق الله العظيم
أحمد محمود سعيد
27/5/2012



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات