رسالة مفتوحة إلى وزير التربية والتعليم


ابتداءً، فإنه لا خير يُرجى من الحكومة الجديدة، فالمكتوب يقرأ من عنوانه، وأول الدلائل هذه الحمولة الثقيلة للفريق الوزاري، التي خالفت التوقعات والوعود بأن تكون حكومة رشيقة. ولكن هذا لا يعني عدم وجود وزراء قد يثبتوا العكس إذا نُظر إليهم بالقطَّاعي، ومن هؤلاء وزير التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي، صاحب الخبرة التربوية الطويلة التي تؤهله للنجاح؛ كونه على معرفة بكل كواليس وخفايا الوزارة، بالإضافة إلى كل احتياجات ومتطلبات ومشاكل المدارس.
الدكتور السعودي لن تنقصه الرؤية والخبرة والمعرفة والطموح، ولكن أرجو أن لا تنقصه أيضاً القدرة على الضراوة والكفاح والحزم والشدة في وزارة يعرف هو قبل غيره أنها الوزارة المحرقة؛ بسبب ما فيها من شلل وترهل وتشتت وقوى متصارعة بحثاً عن مصالحها ومكاسبها، ولعل أهم عقبة تواجه الوزير الجديد هي بطانته، وهو أدرى بها، واللبيب من الإشارة يفهم!
والمؤمل من الدكتور السعودي أن يكون على قدر التحدي، ويثبت للجميع أنه وزير للجميع دون استثناء، وأن يفكر ويعمل بطريقة مختلفة، وأن لا يثق بأحد إلا بعد اختبار وابتلاء، وليعلم أن الزمن ليس في صالحه، فعليه أن يسابق الزمن ليثبت أن من راهنوا على فشله واهمون، وأن من يسعى لتكسير مجاديفه لن ينالهم إلا الندم والخزي والحسرة!
ومن باب النصيحة التي أُمرنا بها، فإني أضع بين يدي الوزير السعودي ستة محاور هامة وأساسية للنجاح والعمل المثمر البناء خلال المدة المحدودة المتاحة:
أولاً: لا تُضيِّع وقتك في إصلاح مركز الوزارة، فهؤلاء يراهنون على تشتيت جهدك وتضييع وقتك لإفشالك، فدعك منهم، وكن منهم على حذر، وأنت بهم عليم. ونجاحك في الميدان كفيل بعلاجهم وإسكاتهم!
ثانياً: تكثيف الزيارات الميدانية للمدارس وخاصة في الأطراف، والوقوف على مشاكلها واحتياجاتها، والعمل على حلها وتلبيتها فوراً دون إبطاء، ولتكن جولات فجائية عشوائية دون برنامج أو إخبار مسبق، بعيداً عن مديري التربية والبطانة إن أردت النجاح وكسب احترام وتقدير الميدان التربوي. ولا تثق بتقارير مديري التربية فهم يزينون الواقع المتردي، ويُعطون صورة زاهية لئلا يُلاموا ويُحاسبوا!
ثالثاً: معالجة الترهل والتسيب الإداري، ومعالجة الاختلالات في التشكيلات والتعيينات والتكليفات والتجاوزات في المديريات بتفعيل الدور الرقابي والتدقيق الإداري، وإرساء أسس العدالة والشفافية والوضوح، وضبط النفقات وتوجيهها نحو خدمة العملية التربوية بعيداً عن الشكليات والمظاهر وخدمة المصالح الشخصية.
رابعاً: التأني في إقرار المشروع المقترح للثانوية العامة، فهو على هذه الشاكلة كارثة اجتماعية وتربوية، لها آثارها السلبية التي لا تُحمدُ عقباها، وتأجيل البت فيه لأنه سيستهلك الجهد والوقت دون طائل.
خامساً: التعاون مع نقابة المعلمين لما فيه مصلحة العملية التعليمية، فقد جاءت لك معيناً جاهزاً بعيداً عن المصالح والمنافع، وفي جعبتها كل ما يبحث عنه أي وزير مخلص صادق، وأظنها لن تبخل عليه، وستمد يدها للتعاون دون حدود.
سادساً: إنصاف موظفي الفئة الثالثة، فهؤلاء من أبناء الوزارة، لهم ما لها، وعليهم ما عليها، فمن الواجب إنصافهم في الرواتب والحوافز وخاصة مكرمة أبناء المعلمين، فلهم الحق فيها، وإن لم تنصفهم وزارتهم فمن إذن؟!
وأخيراً، فإنَّ حظ وزارة التربية من الوزراء قليل، فخلال العقد الماضي لم تنعم إلا بوزير واحد من أصحاب الفكر والرؤية هو الدكتور إبراهيم بدران، ولولا هفوة عفوية، وبطانة لم تتق الله فيه لكان له شأن آخر، وكلنا أمل ورجاء أن ينجح الدكتور السعودي ويحقق للميدان التربوي ما يرجوه، وأن لا يكرر تجربة وأسلوب أسلافه فلن يحصد عندها إلا الهواء!
mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات