ألو خلف ضياع حقوقنا ..


إن البحث عن بداية الإصلاح قد يصيبك الدوار، فمنذ عشرات السنين والنظام الرسمي وحسب خطابه يعلن البدء في الإصلاحات فتنهمر عاصفة من الأقلام في كل مرة لتهيئة الرأي العام لهضم هذه الإصلاحات التي لا يمكن أن تهضم أو تُبتلع إلا بمزيد من التطبيل والتزمير ثم تذهب أدراج الرياح كعاصفة رملية تأتي على بعض ما لدى القوم من كفاف المعيشة وما أن تختفي تلك الأصوات حتى يعج المكان بها مرة أخرى موهمة الشعب الأردني أن حدثا وتقدما قد يحدث ولكن وفي عقب كل مرة من تسيير النظام لجيشه الإعلامي يزداد الشعب الأردني جوعا وفقرا وتهميشا، ليكتشف الأردنيون أن التجييش الإعلامي والجلبة والضجيج ما هي إلا وسيلة لإثارة الفوضى في المكان وإدخال الشعب الأردني إلى هذه الجوقة الاحتفالية ليسهّل في غمرة الحالة العاطفية للواقفين خلف تلك الأقلام والوسائل الإعلامية إدخال أيديهم إلى جيوب هؤلاء الفقراء الثملين بحب الوطن.
غير ان مثل هذه الاحتفاليات قد تهاوت وعصفت بها الحناجر والصدور العارية في بعض أقطار الوطن العربي ليتكشّف المشهد عن جرائم ترتكب في أماكن أخرى فيصمت من يصمت خوفا‘ وترتفع أصواتٌ مطالبةً بالقصاص ممن ارتكب تلك الجرائم.
وفي المشهد الأردني كان الحَكم هو مجلس النواب المشكوك في شرعيته وتمثيله، والذي وصفه شاهد من بينهم في جلسة حضرها الكثير من القامات الوطنية المخلصة أنهم مجلس أو على حد تعبيره( نواب ألو)، وعلى حد تعبير رئيس جهاز امني إن معظمهم تم تعيينه ومن المؤكد أن الموضوع كان لا يحتاج إلى أكثر من (ألو)، فهل (بألو) أيضا خذلوا الأمة في أول الشكاوي المقدمة إليهم وهي قضية الكازينو التي لو اكتملت لأطاحت بمقدرات الشعب وأصبحت أم القضايا والنهاية منذ البداية وقضية شركة الفوسفات التي أبكت أصحاب الضمائر الحية وهم يراقبون من تسللوا( بألو) إلى مجلس الأمة خلسة في غمرة انشغال الشعب في احتفالاته الوهمية وقد ماتت ضمائرهم المترنحة أصلا وتكرشت بطونهم وهكذا قضية سكن كريم وتهريب خالد شاهين.
ولكن إذا كان معظم هؤلاء النواب والذين لم يحملهم الشعب إلى المجلس تنقصهم الشرعية والعوز الواضح في الانتماء للشعب يحتاجون إلى نوع من التوجيه لإتقان فن تقديم الخدمة إلى من يقفون خلف سماعة الهاتف فان الحكومة الجديدة مدرسة بالتفرد لا تحتاج إلا إلى مكالمة تكليفها، فالشعب بمفهومها أفراد لا مواطنين يتمتعون بالحقوق السياسية والسيادية فكانت من أولى تصريحات رئيس الحكومة الجديد السيد الطراونة "ان إنجاز قانون الانتخاب بالصيغة التوافقية التي ستلقى الاستحسان المعقول لدى أطراف المعادلة الانتخابية من مؤسسة الدولة والبرلمان والشارع الأردني مقرونة بما يريده الأردنيون عبر ممثليهم وان الكرة بملعبهم", فمثل هذا التصريح الغامض الفضفاض المبهم والمرسل يوشي أن النية مبيتة لجعل الباب مشرعا لكل الاحتمالات وكأننا بصدد صفقة تجارية يسعى أحد طرفيها لتحقيق مكاسب على حساب الطرف الأخر، متجاهلاً أن الحقوق السياسية جزء من الحريات العامة التي لا تحتاج إلى استفتاء أو تأييد وليس من حق مؤسسات الدولة او البرلمان المفتقر للشرعية التنازل عنها فهي حق ثابت للشعب لا يمنح ولا يمنع ويلقي على عاتق السلطة واجب تمكين الشعب من اقتضائه بما يرسخ مبادئ الديمقراطية.

وفي معرض رده على مطالب النواب بإقرار قانون من أين لك هذا, أجاب الرئيس المكلف "بأنه يجب أن يفهم أولا ماذا يعني من أين لك هذا, متسائلاً هل تقصد إذا سألتك من أين لك هذا وأجبتني انه من والدك سأعود لأسألك من أين لوالدك هذا؟؟" فما هي المصلحة الوطنية التي ينطلق عنها دولة الرئيس في التضييق من أوجه المحاسبة وعرقلة الجهود الساعية للتخلص من تركة التوريث السياسي التي أجهزت على حقوق وجيوب الأردنيين، وفي رده على النائب حمد الحجايا حول موقفه من توقيع 'وادي عربة' قال "لو عاد بي الزمان سأشارك مجددا بوادي عربة"، مسقطا من حساباته الرأي العام المناهض لتلك المؤامرة، وان الأردنيين هم مواطنون يجب أن يمارسوا أعلى وظيفة في الدولة وهي وظيفة مواطن لا أفراد غاية وجودهم إشباع رغبة الحاكم في ممارسة التفرد والتسلط عليهم.
وبعد هذا فان الأمر واضح بأنه يُراد للشعب الأردني أن يتذوق الأمر ليستعذب المر وان الحكمة اليوم لدى السلطة ضالة لا تسعى لإيجادها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات