الخُطُوطُ الحَمْراءُ ( بَعْدهَا ) الخُطُوبُ والدّمَاءُ .. !
إنّ الحمدَ لله تعالى ، نحْمدُه ونستعينه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإنَّ أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هدْيُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور مُحْدثاتها وكلَّ محْدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النّار .
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [ النساء:الآية 59 ]
ويقول تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبيناً } [الأحزاب : الآية 36 ]
ويقول تعالى : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [ النساء : الآية 65 ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي يرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ " [ السلسلة الصحيحة للألباني : حديث رقم 2735 ]
مما لا ريب فيه عند من رزقه الله تعالى سلامة القلب أن تحكيم الدليل من الكتاب والسنة عند الاختلاف هو المنهج الوحيد ، والملاذُ الفريد ، أياً كان ذلك الاختلاف ؛ فلا يظنَّ أحدٌ في مسألة أو حادثة عدمَ وجود بيان ٍ لها في الكتاب والسنة ، وهذا في معنى قوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل: آية 89 ] .
قال ابن القيم رحمه الله – كما في إعلام الموقعين ( 1 / 49 ) - : " ولو لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله بيانُ حكم ِ ما تنازعوا فيه ولم يكن كافياً ؛ لم يَأمر بالرد إليه ؛ إذ من الممتنع أن يأمر الله تعالى بالرد عند النزاع إلى مَن لا يوجد عنده فصل ُ النزاع " .
وإذا عرفت هذا ، وعرضت لك المسألة أو الحادثة أو النازلة ؛ وجب عليك التسليم والانقياد لحكم الشريعة الكاملة ؛ فلا تقدم عليه الآراء والأذواق ؛ ثم لا تدفعك المصالح الدنيوية وأهواء النفس إلى عدم الرضا ، وإلا كان ذلك مناقضاً للدين الذي جاء به نبينا - صلى الله عليه وسلم - ؛ قال ابن القيم رحمه الله – كما في مدارج السالكين ( 2 / 173) - : " وأما الرضا بدينه : فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى ، رضي كل الرضا ، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه ، وسلم له تسليماً ، ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها ، أو قول مقلَده وشيخه وطائفته " .
والإتباع أو التسليم لازمه العلم ،فلا يصح إلا به ، ولا يستقيم إلا معه ، فإن الإتباع خيرٌ عظيم و " من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين " كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و فقه الكتاب والسنة مضبوط ٌ بفهم السلف الصالح وعلى رأسهم أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم لقوله لنا - إذا رأينا الاختلاف - : " .. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ " ، قال الإمام الشاطبي – رحمه الله - كما في كتابه ( الاعتصام ) : " لأنهم ( أي : الخلفاء الراشدون ) رضي الله عنهم فيما سَنوا ، إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسِها، وإما متبعون لما فهموا من سنته صلى الله عليه وسلم في الجملة والتفصيل عل وجه ٍ يخفى على غيرهم مثلُه ، لا زائدة على ذلك " .
ولهذا كان علماءُ الأثر المتبعون لهذا المنهج في كل زمان ومكان هم أصحابَ الحُجّة الغالبة ، والمحبة البالغة والإتباع ، وكَتَب اللهُ تعالى لهم من التمكين والتثبيت والإبداع ما لم يكن – ولن يكون - لغيرهم من أصحاب الكلام والفلسفة والابتداع .
بلغت الأمورُ – أو قلْ : غلبت وتجاوزت – ( الخطوط الحمراء ! ) في بلدنا – حماه الله تعالى - ؛ بعد أن وُلِدت المظاهراتُ منذ نحو عامٍ ، وأطلقوا عليها اسم ( سِلْميّة ) ؛ لكنّها – بتغذية الحزبيين والحركيين – كبُرَتْ وتَرعْرعتْ حتّى سمُنَت وسَنِمَتْ ..! ويا ليتها من ( الرعاية الزائدة والمُنظَّمة ! ) سَلِمتْ .. !
شأنها في ذلك شأن ( أشباهها ) في الدول التي نراها ويرثى لها ؛ وأسأل الله – جلّ في علاه – ألا تكون من أمثالها .. !
قال شيخنا الحلبي – حفظه الله – كما في (( الدّعوة السلفيّة الهادية وموقفها من الفتن العصريّة الجارية )) ( ص 10 ،11 ) : " ولقد رأينا ،وسمعنا ، وتابعنا ، وعاينّا – ( أكثرَ ) هذه المظاهرات – الحاليّة ؛ حيث بدأت - كما قالوا ! – ( سلمّية ) ثم تحولت إلى فتنة – بل فتنٍ – كبيرة ؛ أُريقت فيها دماءٌ ، أُهلكت فيها أنفسٌ ، وضاع بسببها الأمن والأمان ..
بل إنها ( تطوّرت ) – أو قل : ( تورّطت ) – حتى في اسمها المجرّد ؛ من ( مظاهرة ) إلى ( انتفاضة ) وأخيراً قالوا : ( ثورة !! ) !
وأمّا من حيث ( الواقع ) ؛ فإن بعضها ( انتقل ) – وبسرعة مذهلة –إلى حرب طاحنة ؛ أزهَقَت أنفساً ، وأهلَكت أمماً !!
.. وكأنّ الدماءَ المسلمة رخيصة إلى هذا الحدّ !!
وكللُّ ذلك سببه – يقيناً - : انعدام الموازنة بين الشُّؤون الُّدنيويّة ، والحقوق الدِّينيّة ! " ا ه
وأقول : بعد الذي صرنا – اليوم – نراه ، ونسمعه ، ونتابعه من ( التطوُّرات ) .. لنا أن نتساءل – بإصرارٍ ولا نتساهل - : هذا الذي أنتم تفعلون ، وإليه تَدْعون ، وبه تُذيعون ..!
هل هو منهج سلفنا الصالح ؟ وهل يُقرُّكم عليه العلماء المجتهدون المتقدِّمون منهم والمتأخرون والمعاصرون ؟
أما كنتم – إخواني - تدَّعون الإصلاح بالطرق ( السّلميَّة ) ؟ فلِمَ يتجاوز بعضُكم ! ( الخطوطَ الحمراءَ ) بالعبارات السُّميَّة ؟ !
وأنتم تعلمون ، وتدركون – بفهمكم ووعيكم - أثرَها الخطير ، وشرَّها المُستطير ..
وهذا الذي أنت ( يا أخي في الله ) تُناوِشُهُ ، وتُهاوِشُهُ من ( رجال الأمن ) .. أليس هو أخاك ، ومن في الدِّين آخاك ، وابنَ عمِّكَ أو مَن همُّه مِن همِّكَ ،وجاركَ ، أو من في مصيبة جارَكَ ، أو فرح لك شارَكَ وما شانَكَ أو عابَكَ ..
فإن كان قد ( استفزَّك ) ؛ أهوَ لا يُسْتفزُّ ؟! أم هو المُذَلُّ وأنت المُعَزُّ ؟!
واسمع أيها الحرُّ المُكرَّمُ لما لهُ قلبُ أهل السّنة يَهْتزُّ .. وما ( صاحب البدعة والهوى والرأي ) له يجْتَزُّ ..
1 - قال رسول الله – صلى الله عليه وسلّم - : " مَن كرِه مِن أميره شيئاً فليصْبر عليه ؛ فإنه ليس أحدٌ من الناس خرجَ من السلطان شبراً فمات عليه إلا ماتَ ميتةً جاهلية " رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما .
2- عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: " يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي ] ويهدون بغير هديي تَعْرِفُ منهم وتُنكر [ وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطين في جثمان إنس ] " ...
قلت : [ يارسول الله ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : " تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم [ تسمع وتطيع الأمير وإن ضربَ ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ] " .
قلت : فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟ قال : " فاعْتزلْ تلك الفرقَ كلَّها ولو أن تَعضَّ بأصل شجرة حتى يدرككَ الموتُ وأنتَ على ذلك " . من السلسلة الصحيحة للألباني
3- " عن انس بن مالك – رضي الله عنه - ، قالَ : " نهانا كُبَرَاؤُنا من أَصحَابِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلّم - ، أَنْ لا تَسُبُّوا أُمراءَكُم ،ولا تَغشُّوهم ، ولا تُبغضوهُم [ وفي رواية للبيهقي : ولا تَعْصوهُم ، وفي رواية لأبي نُعيَم : ولا تَعيبوهم ] ، واصْبِرُوا ، وَاتَّقُوا اللَّهَ ، فإنَّ الأمرَ قريبٌ "
رواه ابن أبي عاصم في (( السّنة )) ، وقال الإمام الألباني : إسناده جيّد .
4- في الصحيحين من حديث ابن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إنها ستكون أثرةٌ وأمورٌ تُنكرونها قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " أدَّوا الحقَّ الذي عليكم وسَلوا الله الحقَّ الذي لكم "
5 - خَطب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - مرّةً؛ فقال : من كان يريدُ أن يتكلم في
هذا الأمر فليُطلع لنا قَرنَه ؛ فلنَحن أحقُّ به منه ومن أبيه ..
قال حبيب بن مسْلمة [ وكان يجلسُ بجانب عبد الله بن عمر ] : فهلاّ أجبتَه ؟
قال عبدُ الله : فحَللت حَبْوتي [ الثوب الذي يشتمل به ] فهمَمْتُ أن أقول : أحقُّ بهذا الأمر منك ، مَن قاتَلَك وأباك على الإسلام ، فخشيتُ أن أقول كلمةً تُفرِّق الجَمْعَ ، وتَسْفِكُ الّدّمَ ، ويُحْمل عني غيرُ ذلك ؛ فذكرتُ ما أعدَّ اللهُ في الجنان .
قال حبيب : حُفظْتَ وعُصِمتَ . ( والحديث في صحيح البخاري )
6 – واجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله [ الإمام أحمد ] ، وقالوا له : يا أبا عبد الله ! إن هذا الأمر قد تفاقم وفشا – يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك – !
فقال [ الإمام أحمد ] : فما تريدون ؟
قالوا : أن نشاورك في أنّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه ..! ، فناظرهم في ذلك ساعة ، وقال : " عليكم بالنّكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدًا من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، انظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا حتى يستريح برٌّ ، أو يُستراح من فاجر " .
7 - وقال ابن المنير - رحمه الله تعالى - : " نُقل عن بعض السلف أنه دعا لسلطان ظالم ، فقيل له : أتدعو له وهو ظالم ؟ فقال :إِي والله أدعو له ، إِن ما يَدفعُ الله ببقائه ، أعظمُ مما يندفع بزواله ".
قال ابن الُمنير : " لا سيّما إِذا ضُمِّن ذلك الدعاء بصلاحه وسداده وتوفيقه "
وكان الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى – يقول : " لو كانت لي دعوةٌ مستجابة ما جعلتها إِلا في السلطان "
قال البربهاري في ) شرح السنة ( : " وإذا رأيتَ الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا سمعتَ الرجلَ يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحبُ سنَّة إن شاء الله "
8 - قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - :" فالله الله في فهم منهج السَّلف الصالح في التعامل مع السلطان ، وأن لا يُتخذَ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس والى تنفير القلوب عن ولاة الأمور ؛ فهذا عينُ المفسدة وأحدُ الأسس التي تَحصلُ بها الفتنة بين النَّاس ؛ كما أنَّ ملء القلوب على ولاة الأمر يُحدثُ الشرَّ والفتنةَ والفوضى "
- قال الشيخُ ابن باز - رحمه الله تعالى - : " ليسَ من منهج السلف التشهيرُ بعيوب الولاة ، وذكرُ ذلك على المنابر ؛ لأن ذلك يُفضي إلى الفوضى ، وعدم السمع والطاعة في المعروف ولكنَّ الطريقة المتبعة عند السلف النصيحةُ فيما بينهم وبين السلطان ، والكتابةُ إليه .. قال عليه الصلاة والسلام : من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر فلا يُبد له علانيةً ؛ ولكن ليأخذ بيده فيخلو به ؛ فإن قبل منه فذاكَ وإلا كان قد أدى الذي عليه له "
وبعدُ ..
أليس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مُعلّمنا الخير ، و ما به نجاتنا في الدنيا والآخرة ؟ فهذا هديُه ..
فهل يجرؤ واحدٌ منا أن يقول - بعد ما تقدّم - : من كان هذا منهجُه ؛ فهو متخاذل ، وجبان ،ومُستكين ، وليس من الأحرار .. مثلما صِرنا نسمعُ من هنا ، وهناك .. وعلى التكرار ؟ !!
وأين – بارك الله فيكم – تجاوزات علماء السّلف والخلف ( للخطوط الحمراء ) ، أو أمْرُهم النّاس بذلك .. !!
إن الكلمة أثرُها عظيم ! فاحذر لنفسك – أخي – من الانجراف مع الدَّعوات ( التصعيديّة ) ، والانجرار وراءَ وسائل الإعلام ( التحريضيّة ) .. والانحدار مع رؤوس الدعاة المُبْطلينَ للسنّة والآثار ؛ المُطبّلين للفتنة والدّمار ..
فإنّ النّارَ بالعودَين تُذكى .... وإنّ الحربَ أوَّلُها الكلامُ
فإن لمْ يُطْفِها عُقلاءُ قومي .... يكون وقودُها جُثَثٌ وهامُ
وإن تَجاوزنا ( الخطوطَ الحمراءَ ) ومضَينا ؛ فليس غير الخُطوب المُدلَهمّة ( الفتن الصّماء الدَّهماء.. ) ، والدِّماء ..
وإلاّ الدّماء .. إلاّ دِماء المسلمين ! فما اشدَّ حُرْمتها عند الله .. أشدّ حُرْمةً من بيت الله الحرام !
نظَر رسولُ الله – صلى الله عليه وسلّم – إلى الكعبة فقال : مرحباً بكِ من بيتٍ ، ما اعظمكِ ، وأعظم حُرمتكِ ، وللْمُؤمنُ أعظمُ حرمةً منكِ ، إنّ الله حرّم منكِ واحدةً ، وحرّم من المؤمن ثلاثاً ؛ دمَهُ ، ومالَه ، وأن يُظنَّ به ظنّ السّوء "
" لزوال الدّنيا أهونُ عند الله من قتل رجُلٍ مُسلم "
و ..
" لو أنّ أهل السّماوات والأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكَبَّهم الله في النّار "
يا أحرار الإسلام !
انظروا أطفال المسلمين هنا ، وهناك وقد سالت دماؤهم ، ومُزِّقت أشلاؤهم ..
وحسرات أمّ ثكلى ؛ قد فُجِعت بأبٍ أو ابن ، أو زوج .. أو في وطن ..
انظروا كيف ترمّلت النساءُ وتشرّدت ( ... ) !! ، والعائلات التي تشرذمت ، وتشتت ..
ثمّ سلوهم عن ( ربيعهم العربي ) !
لمثل هذا يبكي القلب من كَمَدٍ .... إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
اللهم إنّي قد بلّغت
اللهم فاشهد ..
خاتمة ..
قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلّم - : " العبادةُ في الهَرْج كهجرةٍ إليَّ "
العبادة في الفتن وظهور الفساد والقتل ؛ كهجرة إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلّم - ..
ومن أجلِّ العبادات – اليوم - : الدّعاء والتّضرع إلى الله جلَّ ثناؤه ..
أن يجنّبنا الفتن وما يُقرِّبنا إليها من الأقوال والأعمال ، وأن يحقن دماء المسلمين في كلِّ مكان ، وان يحفظ بلادنا من دعاة السّوء – من الحزبيين والفتّانين - أن يُضلّوا العباد ، ويُفسدوا في البلاد ، ونسألُه تعالى أن يُصلحنا و ولاة أمورنا ، وأن يؤلّف بيننا ، ويُسدّد رأينا ، وأن يوفّقنا لكل خير ، ونسألُه – تبارك وتعالى – أن يأخذ بيد إخواننا أهل السّنة المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن يسدَّ جوعهم، ويقضي حوائجهم ، و يشفي مرضاهم ، ويداوي جرحاهم ، وأن يستخدمنا في طاعته ، فيجعلَنا في حاجاتهم .
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين
Saed_abbade@yahoo.com
إنّ الحمدَ لله تعالى ، نحْمدُه ونستعينه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإنَّ أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هدْيُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور مُحْدثاتها وكلَّ محْدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النّار .
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [ النساء:الآية 59 ]
ويقول تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبيناً } [الأحزاب : الآية 36 ]
ويقول تعالى : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [ النساء : الآية 65 ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي يرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ " [ السلسلة الصحيحة للألباني : حديث رقم 2735 ]
مما لا ريب فيه عند من رزقه الله تعالى سلامة القلب أن تحكيم الدليل من الكتاب والسنة عند الاختلاف هو المنهج الوحيد ، والملاذُ الفريد ، أياً كان ذلك الاختلاف ؛ فلا يظنَّ أحدٌ في مسألة أو حادثة عدمَ وجود بيان ٍ لها في الكتاب والسنة ، وهذا في معنى قوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل: آية 89 ] .
قال ابن القيم رحمه الله – كما في إعلام الموقعين ( 1 / 49 ) - : " ولو لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله بيانُ حكم ِ ما تنازعوا فيه ولم يكن كافياً ؛ لم يَأمر بالرد إليه ؛ إذ من الممتنع أن يأمر الله تعالى بالرد عند النزاع إلى مَن لا يوجد عنده فصل ُ النزاع " .
وإذا عرفت هذا ، وعرضت لك المسألة أو الحادثة أو النازلة ؛ وجب عليك التسليم والانقياد لحكم الشريعة الكاملة ؛ فلا تقدم عليه الآراء والأذواق ؛ ثم لا تدفعك المصالح الدنيوية وأهواء النفس إلى عدم الرضا ، وإلا كان ذلك مناقضاً للدين الذي جاء به نبينا - صلى الله عليه وسلم - ؛ قال ابن القيم رحمه الله – كما في مدارج السالكين ( 2 / 173) - : " وأما الرضا بدينه : فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى ، رضي كل الرضا ، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه ، وسلم له تسليماً ، ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها ، أو قول مقلَده وشيخه وطائفته " .
والإتباع أو التسليم لازمه العلم ،فلا يصح إلا به ، ولا يستقيم إلا معه ، فإن الإتباع خيرٌ عظيم و " من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين " كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و فقه الكتاب والسنة مضبوط ٌ بفهم السلف الصالح وعلى رأسهم أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم لقوله لنا - إذا رأينا الاختلاف - : " .. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ " ، قال الإمام الشاطبي – رحمه الله - كما في كتابه ( الاعتصام ) : " لأنهم ( أي : الخلفاء الراشدون ) رضي الله عنهم فيما سَنوا ، إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسِها، وإما متبعون لما فهموا من سنته صلى الله عليه وسلم في الجملة والتفصيل عل وجه ٍ يخفى على غيرهم مثلُه ، لا زائدة على ذلك " .
ولهذا كان علماءُ الأثر المتبعون لهذا المنهج في كل زمان ومكان هم أصحابَ الحُجّة الغالبة ، والمحبة البالغة والإتباع ، وكَتَب اللهُ تعالى لهم من التمكين والتثبيت والإبداع ما لم يكن – ولن يكون - لغيرهم من أصحاب الكلام والفلسفة والابتداع .
بلغت الأمورُ – أو قلْ : غلبت وتجاوزت – ( الخطوط الحمراء ! ) في بلدنا – حماه الله تعالى - ؛ بعد أن وُلِدت المظاهراتُ منذ نحو عامٍ ، وأطلقوا عليها اسم ( سِلْميّة ) ؛ لكنّها – بتغذية الحزبيين والحركيين – كبُرَتْ وتَرعْرعتْ حتّى سمُنَت وسَنِمَتْ ..! ويا ليتها من ( الرعاية الزائدة والمُنظَّمة ! ) سَلِمتْ .. !
شأنها في ذلك شأن ( أشباهها ) في الدول التي نراها ويرثى لها ؛ وأسأل الله – جلّ في علاه – ألا تكون من أمثالها .. !
قال شيخنا الحلبي – حفظه الله – كما في (( الدّعوة السلفيّة الهادية وموقفها من الفتن العصريّة الجارية )) ( ص 10 ،11 ) : " ولقد رأينا ،وسمعنا ، وتابعنا ، وعاينّا – ( أكثرَ ) هذه المظاهرات – الحاليّة ؛ حيث بدأت - كما قالوا ! – ( سلمّية ) ثم تحولت إلى فتنة – بل فتنٍ – كبيرة ؛ أُريقت فيها دماءٌ ، أُهلكت فيها أنفسٌ ، وضاع بسببها الأمن والأمان ..
بل إنها ( تطوّرت ) – أو قل : ( تورّطت ) – حتى في اسمها المجرّد ؛ من ( مظاهرة ) إلى ( انتفاضة ) وأخيراً قالوا : ( ثورة !! ) !
وأمّا من حيث ( الواقع ) ؛ فإن بعضها ( انتقل ) – وبسرعة مذهلة –إلى حرب طاحنة ؛ أزهَقَت أنفساً ، وأهلَكت أمماً !!
.. وكأنّ الدماءَ المسلمة رخيصة إلى هذا الحدّ !!
وكللُّ ذلك سببه – يقيناً - : انعدام الموازنة بين الشُّؤون الُّدنيويّة ، والحقوق الدِّينيّة ! " ا ه
وأقول : بعد الذي صرنا – اليوم – نراه ، ونسمعه ، ونتابعه من ( التطوُّرات ) .. لنا أن نتساءل – بإصرارٍ ولا نتساهل - : هذا الذي أنتم تفعلون ، وإليه تَدْعون ، وبه تُذيعون ..!
هل هو منهج سلفنا الصالح ؟ وهل يُقرُّكم عليه العلماء المجتهدون المتقدِّمون منهم والمتأخرون والمعاصرون ؟
أما كنتم – إخواني - تدَّعون الإصلاح بالطرق ( السّلميَّة ) ؟ فلِمَ يتجاوز بعضُكم ! ( الخطوطَ الحمراءَ ) بالعبارات السُّميَّة ؟ !
وأنتم تعلمون ، وتدركون – بفهمكم ووعيكم - أثرَها الخطير ، وشرَّها المُستطير ..
وهذا الذي أنت ( يا أخي في الله ) تُناوِشُهُ ، وتُهاوِشُهُ من ( رجال الأمن ) .. أليس هو أخاك ، ومن في الدِّين آخاك ، وابنَ عمِّكَ أو مَن همُّه مِن همِّكَ ،وجاركَ ، أو من في مصيبة جارَكَ ، أو فرح لك شارَكَ وما شانَكَ أو عابَكَ ..
فإن كان قد ( استفزَّك ) ؛ أهوَ لا يُسْتفزُّ ؟! أم هو المُذَلُّ وأنت المُعَزُّ ؟!
واسمع أيها الحرُّ المُكرَّمُ لما لهُ قلبُ أهل السّنة يَهْتزُّ .. وما ( صاحب البدعة والهوى والرأي ) له يجْتَزُّ ..
1 - قال رسول الله – صلى الله عليه وسلّم - : " مَن كرِه مِن أميره شيئاً فليصْبر عليه ؛ فإنه ليس أحدٌ من الناس خرجَ من السلطان شبراً فمات عليه إلا ماتَ ميتةً جاهلية " رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما .
2- عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: " يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي ] ويهدون بغير هديي تَعْرِفُ منهم وتُنكر [ وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطين في جثمان إنس ] " ...
قلت : [ يارسول الله ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : " تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم [ تسمع وتطيع الأمير وإن ضربَ ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ] " .
قلت : فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟ قال : " فاعْتزلْ تلك الفرقَ كلَّها ولو أن تَعضَّ بأصل شجرة حتى يدرككَ الموتُ وأنتَ على ذلك " . من السلسلة الصحيحة للألباني
3- " عن انس بن مالك – رضي الله عنه - ، قالَ : " نهانا كُبَرَاؤُنا من أَصحَابِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلّم - ، أَنْ لا تَسُبُّوا أُمراءَكُم ،ولا تَغشُّوهم ، ولا تُبغضوهُم [ وفي رواية للبيهقي : ولا تَعْصوهُم ، وفي رواية لأبي نُعيَم : ولا تَعيبوهم ] ، واصْبِرُوا ، وَاتَّقُوا اللَّهَ ، فإنَّ الأمرَ قريبٌ "
رواه ابن أبي عاصم في (( السّنة )) ، وقال الإمام الألباني : إسناده جيّد .
4- في الصحيحين من حديث ابن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إنها ستكون أثرةٌ وأمورٌ تُنكرونها قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " أدَّوا الحقَّ الذي عليكم وسَلوا الله الحقَّ الذي لكم "
5 - خَطب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - مرّةً؛ فقال : من كان يريدُ أن يتكلم في
هذا الأمر فليُطلع لنا قَرنَه ؛ فلنَحن أحقُّ به منه ومن أبيه ..
قال حبيب بن مسْلمة [ وكان يجلسُ بجانب عبد الله بن عمر ] : فهلاّ أجبتَه ؟
قال عبدُ الله : فحَللت حَبْوتي [ الثوب الذي يشتمل به ] فهمَمْتُ أن أقول : أحقُّ بهذا الأمر منك ، مَن قاتَلَك وأباك على الإسلام ، فخشيتُ أن أقول كلمةً تُفرِّق الجَمْعَ ، وتَسْفِكُ الّدّمَ ، ويُحْمل عني غيرُ ذلك ؛ فذكرتُ ما أعدَّ اللهُ في الجنان .
قال حبيب : حُفظْتَ وعُصِمتَ . ( والحديث في صحيح البخاري )
6 – واجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله [ الإمام أحمد ] ، وقالوا له : يا أبا عبد الله ! إن هذا الأمر قد تفاقم وفشا – يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك – !
فقال [ الإمام أحمد ] : فما تريدون ؟
قالوا : أن نشاورك في أنّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه ..! ، فناظرهم في ذلك ساعة ، وقال : " عليكم بالنّكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدًا من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، انظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا حتى يستريح برٌّ ، أو يُستراح من فاجر " .
7 - وقال ابن المنير - رحمه الله تعالى - : " نُقل عن بعض السلف أنه دعا لسلطان ظالم ، فقيل له : أتدعو له وهو ظالم ؟ فقال :إِي والله أدعو له ، إِن ما يَدفعُ الله ببقائه ، أعظمُ مما يندفع بزواله ".
قال ابن الُمنير : " لا سيّما إِذا ضُمِّن ذلك الدعاء بصلاحه وسداده وتوفيقه "
وكان الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى – يقول : " لو كانت لي دعوةٌ مستجابة ما جعلتها إِلا في السلطان "
قال البربهاري في ) شرح السنة ( : " وإذا رأيتَ الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا سمعتَ الرجلَ يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحبُ سنَّة إن شاء الله "
8 - قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - :" فالله الله في فهم منهج السَّلف الصالح في التعامل مع السلطان ، وأن لا يُتخذَ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس والى تنفير القلوب عن ولاة الأمور ؛ فهذا عينُ المفسدة وأحدُ الأسس التي تَحصلُ بها الفتنة بين النَّاس ؛ كما أنَّ ملء القلوب على ولاة الأمر يُحدثُ الشرَّ والفتنةَ والفوضى "
- قال الشيخُ ابن باز - رحمه الله تعالى - : " ليسَ من منهج السلف التشهيرُ بعيوب الولاة ، وذكرُ ذلك على المنابر ؛ لأن ذلك يُفضي إلى الفوضى ، وعدم السمع والطاعة في المعروف ولكنَّ الطريقة المتبعة عند السلف النصيحةُ فيما بينهم وبين السلطان ، والكتابةُ إليه .. قال عليه الصلاة والسلام : من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر فلا يُبد له علانيةً ؛ ولكن ليأخذ بيده فيخلو به ؛ فإن قبل منه فذاكَ وإلا كان قد أدى الذي عليه له "
وبعدُ ..
أليس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مُعلّمنا الخير ، و ما به نجاتنا في الدنيا والآخرة ؟ فهذا هديُه ..
فهل يجرؤ واحدٌ منا أن يقول - بعد ما تقدّم - : من كان هذا منهجُه ؛ فهو متخاذل ، وجبان ،ومُستكين ، وليس من الأحرار .. مثلما صِرنا نسمعُ من هنا ، وهناك .. وعلى التكرار ؟ !!
وأين – بارك الله فيكم – تجاوزات علماء السّلف والخلف ( للخطوط الحمراء ) ، أو أمْرُهم النّاس بذلك .. !!
إن الكلمة أثرُها عظيم ! فاحذر لنفسك – أخي – من الانجراف مع الدَّعوات ( التصعيديّة ) ، والانجرار وراءَ وسائل الإعلام ( التحريضيّة ) .. والانحدار مع رؤوس الدعاة المُبْطلينَ للسنّة والآثار ؛ المُطبّلين للفتنة والدّمار ..
فإنّ النّارَ بالعودَين تُذكى .... وإنّ الحربَ أوَّلُها الكلامُ
فإن لمْ يُطْفِها عُقلاءُ قومي .... يكون وقودُها جُثَثٌ وهامُ
وإن تَجاوزنا ( الخطوطَ الحمراءَ ) ومضَينا ؛ فليس غير الخُطوب المُدلَهمّة ( الفتن الصّماء الدَّهماء.. ) ، والدِّماء ..
وإلاّ الدّماء .. إلاّ دِماء المسلمين ! فما اشدَّ حُرْمتها عند الله .. أشدّ حُرْمةً من بيت الله الحرام !
نظَر رسولُ الله – صلى الله عليه وسلّم – إلى الكعبة فقال : مرحباً بكِ من بيتٍ ، ما اعظمكِ ، وأعظم حُرمتكِ ، وللْمُؤمنُ أعظمُ حرمةً منكِ ، إنّ الله حرّم منكِ واحدةً ، وحرّم من المؤمن ثلاثاً ؛ دمَهُ ، ومالَه ، وأن يُظنَّ به ظنّ السّوء "
" لزوال الدّنيا أهونُ عند الله من قتل رجُلٍ مُسلم "
و ..
" لو أنّ أهل السّماوات والأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكَبَّهم الله في النّار "
يا أحرار الإسلام !
انظروا أطفال المسلمين هنا ، وهناك وقد سالت دماؤهم ، ومُزِّقت أشلاؤهم ..
وحسرات أمّ ثكلى ؛ قد فُجِعت بأبٍ أو ابن ، أو زوج .. أو في وطن ..
انظروا كيف ترمّلت النساءُ وتشرّدت ( ... ) !! ، والعائلات التي تشرذمت ، وتشتت ..
ثمّ سلوهم عن ( ربيعهم العربي ) !
لمثل هذا يبكي القلب من كَمَدٍ .... إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
اللهم إنّي قد بلّغت
اللهم فاشهد ..
خاتمة ..
قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلّم - : " العبادةُ في الهَرْج كهجرةٍ إليَّ "
العبادة في الفتن وظهور الفساد والقتل ؛ كهجرة إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلّم - ..
ومن أجلِّ العبادات – اليوم - : الدّعاء والتّضرع إلى الله جلَّ ثناؤه ..
أن يجنّبنا الفتن وما يُقرِّبنا إليها من الأقوال والأعمال ، وأن يحقن دماء المسلمين في كلِّ مكان ، وان يحفظ بلادنا من دعاة السّوء – من الحزبيين والفتّانين - أن يُضلّوا العباد ، ويُفسدوا في البلاد ، ونسألُه تعالى أن يُصلحنا و ولاة أمورنا ، وأن يؤلّف بيننا ، ويُسدّد رأينا ، وأن يوفّقنا لكل خير ، ونسألُه – تبارك وتعالى – أن يأخذ بيد إخواننا أهل السّنة المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن يسدَّ جوعهم، ويقضي حوائجهم ، و يشفي مرضاهم ، ويداوي جرحاهم ، وأن يستخدمنا في طاعته ، فيجعلَنا في حاجاتهم .
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين
Saed_abbade@yahoo.com
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
تسلم على هالدرر والكلام الشافي الكافي
ويا ريت كتابنا كلهم يحذو حذوك
يااااا ألله ما أجمل الكلمة الطيبة الصادقة النابعة من القلب
وما أجمل النصيحة عندما تخرج من صاحب علم وحلم
هذا الكاتب بعرفش ليش برتاح لما بقرأله كلامه كله مهذب وبليغ وعقلاني
جزاك الله ألف خير يا أخ سعيد
فإن لمْ يُطْفِها عُقلاءُ قومي .... يكون وقودُها جُثَثٌ وهامُ
ــــــــــــــ
يا ريت هالناس تفهم
هناك الكثير من خفافيش الظلام يريدون قتل الوطن بحجة محاربة الفساد وهم أول الفاسدين لا دين ولا خلق ولا يعرفون من الدين إلا إسمه ومن القرآن إلا رسمه وعاملين حالهم مشايخ !!!!
شكراً لكم على هيك مقالات وفعلاً إنكم موقع رائع تتصفون بالحكمة والحنكة معاً
ولا شيء فوق كلام الله تعالى وكلام الرسول ص وكلام العلماء
بارك الله قيك وجميع الأخوة الحضور
وحفظك حرّة من حرائر الإسلام
ينبغي عند ذكرنا النبي صلى الله عليه وسلّم أن نقول بتمام العبارة: " صلى الله عليه وسلم " أو مثلها ولا نملّ من ذلك ، فوالله لهذا خير مما يجمعون .
وفقنا الله - تعالى- لكل خير وعلمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علّمنا
ونقول لهم: ما هي الضمانة التي إليها تستندون ؟!
إن لكل شيء سببا, وإن إثارتكم للفتنة من أكبر أسباب نشوبها واشتعالها, ولا بد لها من يوم تضطرم فيه اضطراما ولا يستطيع عاقل أن يقترب منها إلا لتحرقه وتحرق متاعه !!
اللهم سلم سلم !!
وجزاك الله خيرا أخي سعيد النواصره !
وكل الشكر لموقع جراسا نيوز المتميز في انتقاء أقلام راقية عاقلة مثل هذا القلم ..