عام من التآمر على الثورة السورية


في مثل هذا اليوم من العام المنصرم كسر السوريون جدار الصمت واطلقوا هتافا زلزل اركان "دولة الخوف" فتردد صداه سريعا في انحاء الشام الشريف. ولانها دعوة حق لم تستطع "معاقل" الديكتاتور بشار الاسد مقاومة الاستجابة فانتفضت دمشق وتبعتها حلب ورددت كل سوريا: الشعب يريد اسقاط النظام.
ولان سقوط هذا الطاغية يعني عبور رياح التغيير الى المشرق العربي من اوسع الابواب، ما يجعل كثيرا من الدويلات تتحسس رأسها، ولان سقوط الاسد يعني بتر النفوذ الايراني الشيعي الصفوي وتحجيم حزب الله، ولان سقوط الاسد يقتلع آخر شوكة لروسيا من المنطقة، ولان سقوطه سيكون تهديدا كارثيا لامن اسرائيل وزعزعة لكيانها ويحمل امريكا اعباء قد لا تقدر عليها، اجمع كل هؤلاء على ضرورة وأد الثورة.
في البداية، دفع بشار بكلاب صيده ووحوشه الطائفية وزبانية والده مدعومين بأعتى آلة قمع وقتل لاخضاع المدن الثائرة، فمضوا في الناس قمعا وتنكيلا، قتلا وتشريدا، لم يرقبوا فيهم إلا ولا ذمة، لم يرحموا طفلا ولا شيخا ولا امرأة، هدموا الجوامع وعذبوا الجرحى في مستشفيات حولوها الى مراكز اعتقال.
ولانها دعوة حق، اشتد ساعد الثورة وحصد الاسد الفشل، فتصدى العرب لاطالة عمر النظام الفاشي، وبحجة ان قلوبهم تنفطر على السوريين ولا يريدون الذهاب بالبلاد والعباد الى المجهول منحوا الاسد المهلة تلو الاخرى لتنفيذ المهمة وارسلوا فريقا على رأسه مجرم من السودان ليوقف نزيف الدم، وهو في الحقيقة يراقب مدى نجاح بشار في سحق الثورة.
ولما انكشفت عورة العروبة وخيانة "الجامعة" وانفضحت "سياسة المهل"، رمى العرب بالازمة في حضن الغرب مدعومين من معارضة هزيلة ممزقة متآمرة كشفت عن زيفها عندما استدعت تدخلا عسكريا غربيا ثمنه رهن القرار السياسي سلفا للمحتلين الجدد. ولا أدل على ذلك من استقالة ثلاثة اعضاء بارزين من مجلس اسطنبول لانهم رفضوا ان يكونوا شهود زور على حساب الدم السوري.
ومن خلال مجلس الامن، انطلقت مرحلة جديدة من التآمر والتسويف ورخص القتل. فامريكا التي قتلت مليون عراقي تتصارع مع روسيا التي بحفنة دولارات تبيع مبادئها، أوليست هي من باع صدام حسين والقذافي ومن قبله الرئيس الصربي الاسبق سلوبودان ميلوسوفيتش؟.. ليقزم هذا الصراع الصوري الازمة الى أغطية وبطانيات ومواد اغاثة للمتضررين في سوريا وسط رفض لاي تدخل عسكري بحجة ان ذلك من شأنه ان يذهب بالمنطقة الى الخراب.
اسرائيل، المتضرر الاكبر من رحيل ديكتاتور سوريا، ظلت بعيدة الى حد ما عن حرب التصريحات، لانها لم ترد كشف عمالة ربييها في سوريا كما حدث لعاملها في مصر، ولكنها عندما قررت مساعدة الاسد نفذت سلسلة غارات على غزة لتخفيف الوطأة عن حكام دمشق.
أما عن تركيا فحدث ولا حرج، فجعجعة أردوغان ملأت الدنيا دون أن يرى الناس طحنا، فهي الاخرى متآمرة، ولا أدل على ذلك من اتفاقية اضنة السرية بين انقرة ودمشق في 1998 التي تنص على عدم مطالبة سوريا بلواء الاسكندرون وان تكون المنطقة من الحدود مع تركيا والى عمق 15 كيلومترا في سوريا منزوعة السلاح يتحرك فيها الجيش التركي كيفما يشاء، فكيف تنفذ كتائب الاسد عمليات عسكرية ضد المدنيين على حدود تركيا.
مجمل القول: ان فصول هذه المؤامرة قد تطول بدعم ممن يدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري أو أولئك الذين صرحوا بأنهم أعداؤه، وسيتواصل القتل على أقل تقدير حتى تجد كل هذه الاطراف ضالتها في "كرزاي" جديد يعيد أهل الشام الى كهوف الظلام. لكن قتامة المشهد لا تخفي حقيقة ما أنجزه السوريون على طريقة تحرير النصر، فالامل لا يزال معقودا برجال عقدوا العزم على ألا يتركوا ساحات الوغى ومنابع النور والنضال من أجل الحرية دون "منّة" من أحد، فقد ركن هؤلاء الرجال ظهورهم الى الله، أوليس هم من يهتفون "ما النا غيرك يا الله".



تعليقات القراء

ابراهيم
ايمكن للعالم العربي ان يمتلأ ظلما وجورا.. خزيا ومهانه اكثر من ما نحن عليه... اتفق مع ما ورد في المقال كل الاطراف العامله على حل الازمة هي عميله ومتامره واولها الجامعة العربية التي تعطي مهله بمثابة الضوء الاخضر للقتل!! حسبنا الله ونعم الوكيل
14-03-2012 09:12 PM
موسى الروسان
ليش بتسميها ثورة؟ على مين الثورة على البلد؟ حتى لو راح بشار من يتي بعده افضل منه؟؟ كفى تضليل للشعوب العربية و تسميتها ثورات هذه زعرنة و خروج على النظام العامز و يجب معاقبتهم و اللي بعطوهم شهادة تغرير و تضليل بهم
14-03-2012 10:49 PM
خليل ابو العدس
نعم اخي ابوعبدالله هناك مؤامره ولاكن اصل هذه المؤامره كان على الشعب الفلسطيني والقضيه الفلسطينيه من قبل وكم كنت اتمنى ان تنكشف هذه الوجوه وتسقط الاقنعه عمن كانوا يوهمون العالم انهم انصار فلسطين والعرب والحمدلله جاء هذااليوم
15-03-2012 11:49 PM
اردني متابع
مقال جميل وتحليل عميق واعلم ان من الله معه فلا يهمه احد
16-03-2012 02:48 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات